|
إجراءات تقشفية
إبراهيم رمزي
الحوار المتمدن-العدد: 8176 - 2024 / 11 / 29 - 00:11
المحور:
كتابات ساخرة
إشعار قَبْلي: شخوص هذه الأقصوصة وأحداثها .. خيالية، ووجود أي تشابه بينها وبين أشخاص في واقعٍ حقيقي .. سيكون من الصدف الغريبة ..
إجراءات تقشفية كان القط متمددا في وسط القبو كمبطونٍ بَشِمٍ .. مغمض العينين، لا يتحرك من مكانه، غير مبال بالفئران من حوله .. وهي تتقافز في نشوة ونشاط .. وعيونها على "عدوها"، تحاذر ألا يباغثها بوثبة ينشب خلالها أظافره ونواجذه بالجسم الطري لأحد منها .. اقترب فأر جريء أكثر فأكثر من القط .. وكأنه ـ بتحدّيه ـ يستثير إعجَاب حبيبتُه بشجاعته،.. ناور حوله ذهابا وإيابا .. يمينا وشمالا .. ثم وقف قُبالة وجهه .. صائحا ساخرا: أكُنتَ تعاني من الأرَقِ خلال أيام متواصلة متوالية .. وتحاول الآن تدارُك ما فاتَك من النوم ؟!.. أو لعلك هرمت وعلاك الوهَن والكسل .. أو نزلت عليك سوْرة من الأمن والسكينة والجنوح إلى السلم؟ .. وحين لم يتلقّ جوابا استشاط غضبا .. ثم رفع صوته واصفا القط بكل النعوت الجارحة .. ساخرا من قواه المنهارة .. انتفض القط واقفا .. فهربت الفئران .. قال القط: اسمعوا .. إنني مزكوم ومحموم، وأُشفِق أن أُعْدِيكم، .. ثم إنه لا حاجة بي إلى تعقّبكم واحدا بعد الآخر .. بسببكم نزلت علي شآبيب التقريع والتوبيخ بداعي التقصير والتهاون في التنكيل بكم .. لن أتعب نفسي بترصُّدكم .. فنهايتكم الجماعية تقترب شيئا فشيئا .. صاح الفأر الجريء من مَكْمَنه: قلْ إن ماضيك الإجرامي في الاعتداء على "النبهاء والزعماء" والضعفاء والتعساء والصغار قد أشرف على "الاحتفال" بنهاية العصر المأساوي لمعاناتنا .. تمَطّى القط كسلا .. تتثاءب طويلا .. حاول تجاهل "تشنيعات" الفأر .. ولكنه قال: الماضي .. لست فخورا به !! .. لكن، لولا أنتم لكنت استمتعت بالطبيعة .. بأشعة الشمش، وتغريد العصافير، والهواء الطلْق .. غير أن "طلَب القُوت" رمى بي إلى هذا السرداب، لأتنفس هواء عَطِناً "مضمَّخا" بالرطوبة والعفن .. (سكت قليلا، كأنّ حشرجة أو غصة خنقت أنفاسه .. ثم تابع) .. ولكن، عما قريب "سأتحرر".. أنتم تتناسلون باطراد .. ولن أفلح في القضاء عليكم .. حتى ولو كان معي عدد آخر من "الإخوان" .. بأعدادكم التي تتضاعف بسرعة، قد عِثْتم فسادا بالسلع المخزونة هنا .. وصار صاحب المحل يعاني من توالي الخسائر .. وتراوده فكرة التخلي عن تجارته .. وحينها سيرتاح منكم هذا المكان .. وستنتشر بينكم مجاعة قاتلة .. فاستعدوا لأشنع موتة .. يا طائفة التعساء .. أو .. قطع كلامه .. سكت طويلا .. فصاح به الجريء: أو ماذا؟ فقال دون مبالاة: أو الهجرة. قفز القط ـ برشاقة ـ إلى أعلى دولاب .. حيث استرخى، ليستأنف نومه .. وأُسقِط في أيدي الفئران .. رئيسُهم دعا لاجتماع عاجل لتدارس خطورة الحالة التي ستعقب الإغلاق .. وترتيبات ما بعدها .. قال حكيمهم: الوضع ينذِر بمَحْق داهِم، ولا بد من معالجة فورية للتدهور، وتخَطّيه واجتثاته .. بدْءاً بإعادة "تقنين" الممارسات والسلوك .. وفي غياب العدالة والمساواة، أقترح اتخاذ إجراءات تقشفية قسرية، تسري على الجميع: 1 ـ الاستغناء عن الاستيراد والاحتكار والاسترزاق إلى أبعد مَدى، والحدّ من المبالغة في إهدار السلع و"الْتِهام" الطعام. مع اعتماد الرياضة لكسب الرشاقة ومحاربة الترهل. 2 ـ إلغاء: الامتيازات، والإسراف، والبذخ، .. وكل المظاهر الدّالّة عليها. والتقشف الصارم عند الشح والنضوب. وترشيد الاستهلاك. 3 ـ إعادة النظر في سن الزواج، وتحديد النسل بأسلوب رَهْباني صارم، حتى ولو تحقّقت "التضحيات" بوسائل مؤلمة. 4 ـ التعجيل بالتنفيذ فورا ودون إبطاء، ومعاقبة المُخِلّ والمتخاذل بالموتة العجيبة *، دون شفقة أو تردُّد. من أعلى الدولاب .. غمغم القط ـ وأنفاسُه متقطعة ـ بما أَمْلاه عليه هوَسُ الحمّى: ربما يكون بين "الفئران" صنف من العقلاء، أو عدد من أشباه العقلاء، ويستحقون عيشا "أرقى" وأنْقَى من الحياة في قبو، أو في المجاري. !! ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ * كان الرومان يعذبون الشخص بالدغدغة، فكانوا يمددونه ويوثقونه بإحكام، ثم يطلون جسمه ـ وخاصة رجليه وإبطيه بالعسل ـ ويتركون الماعز يلحسه، فيضحك مرغما، حتى يقتله الضحك. وأسوأ من هذا، ما عرف بالتقييد قرب قرية نمل، فيتولى النمل "نهش" الشخص حتى يموت.
#إبراهيم_رمزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بدر السعود
-
العلامة -المتبصر-
-
المحترَم، مقيما وغائبا
-
جذور
-
مزج -المقدس- -بالمدنس-
-
ذباب ابن حُريْرة
-
رباعيات (10/10)
-
رباعيات (9/10)
-
رباعيات (8/10)
-
رباعيات (7/10)
-
رباعيات (6/10)
-
رباعيات (5/10)
-
رباعيات (4/10)
-
رباعيات (3/10)
-
رباعيات (2/10)
-
رباعيات
-
السيد صَهْ صَهْ
-
اعتقال الموتى
-
باب البغاء
-
تعليل
المزيد.....
-
في اليابان.. الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان يعزز جسور التباد
...
-
“سجل الآن“ اعلان توظيف وزارة الثقافة والفنون 2024 بالجزائر و
...
-
الحب كحلم بعيد المنال.. رواية -ثلاثية- لأديب نوبل يون فوسه
-
المسرح الروسي يزين مهرجان قرطاج
-
الممثل اللبناني نيقولا معوض يتحدث بالتركية.. ما القصة؟
-
فنانة كازاخية تهدي بوتين لوحة بعنوان -جسر الصداقة-
-
تطورات في قضية اتهام المخرج المصري عمر زهران بسرقة مجوهرات
-
RT Arabic توقع مذكرة تعاون مع مركز الاتحاد للأخبار في الإمار
...
-
فيلم رعب لمبابي وإيجابية وحيدة.. كواليس ليلة سقوط ريال مدريد
...
-
حذاء فيلم -ساحر أوز- الشهير يُطرح للبيع بعد 20 عاما من السرق
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|