رحمة يوسف يونس
الحوار المتمدن-العدد: 8175 - 2024 / 11 / 28 - 23:53
المحور:
الادب والفن
في آخر أيام حياة جدتي، كانت تهذي ببعض كلمات وهي غائبة عن الوعي، تنادي أسماء أشخاص لا نعرفهم كلهم، وأكثر من مرة سمعتها تنادي للاطمئنان على العجين: هل اختمر؟
ليس عبثًا أن يريد الإنسان أن يطمئن قبل موته على أهم ما شغله في حياته كلها، العجين كان قضية جدتي التي أنفقت أيامها من أجلها، ولكنه لم يكن مجرد عجين فحسب، أو طعام يضمن به الإنسان بقاءه البيولوجي، عجين جدتي كان نضالًا ضد الظروف الاقتصادية، وبه شاركت في دورة الحياة الأساسية، وحققت رغبتها في الخلق والإبداع حين تنتظره يختمر بعدما تخلط الدقيق بالماء، ثم تقدمه خبزًا للجياع. أن تطمئن على العجين، يعني أن تطمئن على دورة الحياة، فلاح يزرع، وزرع يُحصَد، وقمح يُطحَن، ودقيق في الأسواق، وأفراد في البيت ينتظرون أن يأكلوا الخبز.
قبل أن تموت جدتي كانت تطمئن على مرحلة مهمة من مراحل دورة الحياة، ألا ينبغي أن يكون لنا قضية مهمة نقضي حياتنا من أجلها، ونطمئن عليها آخر أيامنا، ألا ينبغي لنا أن نطمئن على الحياة قبل أن نموت.
#رحمة_يوسف_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟