عمر قنديل
كاتب وباحث
(Omar Kandil)
الحوار المتمدن-العدد: 8175 - 2024 / 11 / 28 - 16:13
المحور:
كتابات ساخرة
يُقال في قصةٍ لم تؤكد صحتها أن راعياً في أحد الأودية وشى بالثائر الأرجنتيني تشي غيفارا وعند سؤاله عن سبب الوشاية رغم أن غيفارا كان يحارب لأجله قال: كانت حروبة مع الجنود تروع أغنامي!.
إن هذه القصّة حتّى وإن كانت غير صحيحة فلها من المعاني الكثير فبرغم نبولة الهدف الذي عاش لأجله غيفارا وخاض لأجله الصعوبات فإن أحداً ما لم يرى قيمةً في عمله سوى السعي لعدم الاستقرار. هذا الراعي يمثل غالبية السكان في كل الدول، السكان الساعون للاستقرار الكارهون للحرب وبذلك فإنّه ليس من العدل تضيع هذا الاستقرار من قبل شخص واحد لأجل هدفٍ يراه هو نبيلاً.
إذا أسقطنا حروب اليوم على قصتنا هذه فإننّا وبسهولة بالغة نلاحظ أن غالبية السكان يميلون للاستقرار ويبتعدون عن الحرب مقابل أقليةٍ تقود البلاد للحرب لأجل أسباب لا يُلام أحد عند القول أنّها لا تستحق هذا العناء. لا يمكن الجزم أبداً بأن شعباً ما سيُرحب بالحرب لأجل اسقاط نظامٍ يراه البعض دكتاتورياً لا بل حتّى لو رآه الجميع دكتاتورياً فإن الشعب سيرى الاستقرار وفق ما هو موجود أفضل من حربٍ ستُنتج الجوع والفقر والعوز بأشكالٍ مأساوية، لكننّا نلاحظ أيضاً بوضوح أن أقلية بالكاد تُشكل عشرين بالمئة لشعبٍ ما تقود البلاد لحروبٍ طاحنة تخسر فيها الأغلبية المُحبة للاستقرار استقرارها ومواردها وحياتها، وبما أن ما حدث ليس عدلاً أصلاً حيث تقود الأقلية المجرمة الأغلبية المسالمة فإنّه وبالمنطق ذاته لا يمكننا أن نتعامل بعدلٍ أو نبالة مع الحرب ومآسيها.
في الحرب يُلام الجانب الأضعف لأنّه يعرف مسبقاً أن فاتورة الحرب ستكون أعلى من عنائها ويعرف مسبقاً أن الغالبية تفضل السلام على حربٍ حتّى النصر فيها سيكون مليئاً بالدمار والفقر، إن معرفة أحدٍ ما لفاتورة الحرب ومع ذلك المساهمة في إشعالها هو كارثة كبيرة أمّا إن كان يجهل النتائج وليس قادراً على تخيلها فعلى الفقمة أن تتحمل مسؤولية ايقاظ الدب في موسم السبات!
#عمر_قنديل (هاشتاغ)
Omar_Kandil#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟