كريم عبدالله
الحوار المتمدن-العدد: 8174 - 2024 / 11 / 27 - 12:23
المحور:
الادب والفن
أحتاج إلى جسرٍ من نور، وخطواتٍ تضيء دروباً غامضة لا تلمحها العين ولا تدركها الأنامل. أحتاج إلى رياحٍ تعصف بي وتحملني عبر بحرٍ من الأشواق، تسافر بي في سماءٍ من الأحلام، حيث لا حدود، ولا قيود، حيث أنتِ، وحدكِ، سيدة الزمان والمكان. أحتاج إلى لحنٍ من الشوق ينساب في الأفق، يهمس في أذني، "إليكِ، إليكِ وحدكِ". فهل من يدٍ تطوقني، وتأخذني إلى عيونكِ حيث يذوب الكون، ويبدأ فيه الفناء والجمال معاً؟
إلى حيث لا تلتقي الخطوط ولا تلتوي الأزمان، إلى حيث تنساب الكلمات كأطياف من ضوء، إلى حيث يختلط الصمت بالكلمات، ويغني الفؤاد دون صوت. أحتاج إلى قلبٍ ينبض في ضلوعكِ، إلى يديكِ التي تمتد لتأخذني بعيداً عن كل هذا الفراغ، إلى ذلك المكان الذي تختفي فيه الدنيا وتظلين أنتِ فقط، نغمة في عيوني، همسة في روحي، لمسة في مسامات الوجود.
من يأخذني إليكِ؟
إلى تلك البقعة المباركة التي لا أرى فيها سواكِ، حيث الضوء ينعكس في عينيكِ، وحيث الزمان يتوقف كي يسلم روحي إليكِ. أحتاج أن أكون هناك، أحتاج أن أكون أنتِ، حيث لا لغة، ولا مسافة، فقط أنتِ، وأنا، وفي هذا الصمت أعيش.
إلى حيث لا تَغُرُّنا مسارات الزمن، إلى تلك النقطة التي تلتقي فيها الأبعاد ويصبح الزمان مجرد فكرةٍ عابرة، والمكان بلا حدودٍ أو قيود. إلى هناك، حيث لا تَسكن الأنانية، وتنصهر الذات في الذات، وتفقد الأشياء معانيها لأنكِ، أنتِ، المعنى في ذاته. أحتاج إلى من يأخذني إلى جوهر الوجود، إلى قلبكِ الذي هو ليس مجرد نبض، بل هو مفتاح للكون، حيث لا تُسأل الأسئلة لأن الإجابات قد أُعلنت في سكون نظراتكِ.
إلى تلك اللحظة التي يصبح فيها اللقاء إدراكاً، لا مجرد حدث، حيث يتلاشَى الزمان والمكان، وتندمج الروح في الروح كما تندمج الأنهار في البحر. أحتاج إلى من يرشدني إلى سرٍّ يفوق كل تفسير، إلى حيث تلتقي الحروف وتنقلب إلى معنى واحد مكتوبٍ في دماء قلبي، وتصبحين أنتِ لا مكاناً ولا زماناً، بل الوجود بأسره.
#كريم_عبدالله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟