أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الفراك .














المزيد.....

مقامة الفراك .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8174 - 2024 / 11 / 27 - 11:14
المحور: الادب والفن
    


مقامة الفراك :

صبحنا صديقنا الثمانيني هذا اليوم على صفحته الفيسبوكية بهذه العبارة : ((حالة : اريد الموت انا ومااريد فركاهم )) , من الطبيعي أن يستوقفني هكذا نص , ولابد لي من محاكاته ضمن قراءة بسيطة , فما عسى ان أقول له ؟ غير عبارة جبران الخالدة : ((بين منطوق لم يُقصَد , ومقصود لم يُنطَق , تضيع الكثير من المحبة )) .

نقف عند رماد الحكاية , نقف عند حدود الحكاية , لنرقب الآتي قبل ان تهددنا موجة تسونامي الإزالة والموت , عند ذاك الحد بين شروقنا ومغيبنا تولد الحكايات , حيث تحاكي الموجودات خالقها , فحينما تموت قصة حب , تبكي السماء , وحينما يفترق حبيبان , تتجهم الأشجار , وحينما يتخاصم عاشقان , يختفي الوجه المضي للقمر , ليس عندى أدنى شك أننا حين نمشي في جنازة حكاية عشق , تمشي معنا الزهور والبلابل وأمواج البحر, وقبور العشاق ليست قبوراً , هي حدائـق تغني بالذكريات , حولها الورود , وتغريد الطيور ينشد : هنا يرقد رجل ذاق الحب حتى الموت , وهنا بقايا امرأة عشقت دون أمل .

هوّن عليك عزيزي , فقبلك قال المتنبي : ((كَفى بِكَ داءً أَن تَرى المَوتَ شافِيا وَحَسبُ المَنايا أَن يَكُنَّ أَمانِيا )) , وكأنك مثله مخاطبًا النفس وتقول لها : كفاكِ أيتها النفس إذا وصلت بكِ الحال إلى تمني الموت فذلك هو غاية الشدة , وإن كان هنالك داءٌ لا شفاء منه سوى الموت فذلك غاية الشدة والبلاء , فهون عليك , ولا تنسى ان الموت وسط الأحبة نعاس .

لم يعد المعنى الوحيد للموت هو الرحيل عن هذه الحياة , فهناك من يمارس الموت بطرق مختلفة , ويعيش كل تفاصيل وتضاريس الموت , وهو ما زال على قيد الحياة , ولنأخذ درسا من دون كيشوت :
دون كيشوت: هل يجوزُ التّحَكّم بالقلوبِ عن بُعْدٍ يا سانشو؟
سانشو: ليسَ لديّ أدنى فِكْرة ولكن قد تكون الطائراتُ المُسيَّرة هي الحَلّ.
دون كيشوت : تعني أن يُطيّرَ العاشقُ قلبهُ فوق من يحبُ مثل كاميرة بهدف مراقبة مشاعره؟
سانشو: لا يا سيدي الدون , ما قَصدتهُ أن يدخلَ العاشقُ والمعشوقُ مرحلة القَصِف.
دون كيشوت : وماذا يبقى من الحبّ بعد القَصِف أيها الأَحْمَقُ ؟
سانشو: يبقى العدمُ الجميلُ يا سيدي الدون , ففي مراتبهِ تتجلّى الأرواحُ بالآثام اللَّذَّيذة العظيمة , وترتاحُ الأجسادُ من الكَساد وتَراكُم الثُلُوج.
دون كيشوت : أهذه هي الرومانسية العدمية التي وصلت سقفَها يا سانشو؟
سانشو: أجل يا سيدي الدون , فغياب بعض النساءات قد يصبح بفعل التجلّد مثل حضورهن عدمٌ بعدم .

جاء في الأخبار أن أمير المؤمنين (المأمون) في أحد مجالسه سأل القاضي يحيى بن أكثم ما العشق؟ فقال يحيى : سوانح تسنح للمرء , فيهيم بها قلبه , وتتواتر بها نفسه , فقال له : ثمامة: أمسك أيها القاضي رحمك الله إنما عليك أن تجيب في مسألة طلاق , أو محرم صاد صيداً , وأما هذا فمن مسائلنا نحن , وللمعلومية فثمامة هذا كان سليط اللسان ومناظراً قوياً وأديباً بارعاً , وكان يمثل لوناً مميزاً من ألوان الاعتزال , فهو كثير التردد على قصور الخلفاء , يزين مجالسهم بالكلام العذب في أدب الأدب والمناظرة في مسائل معتزلة الاعتزال وغير الاعتزال , وقد مُلئت كتب الأدب بأحاديثه الممتعة ونوادره الطريفة , وصفه الشريف المرتضى فقال (كان واحد دهره في العلم وأدب الأدب , وكان جدلاً حاذقاً) , وقد تأثر الجاحظ به كثيراً في أسلوبه ومعانيه , عندها التفت المأمون إلى ثمامة قائلاً: هات ما لديك , فقال: العشق جليس ممتع , وأليف مؤنس , وصاحب مالك , ومالك قاهر, مسالكه لطيفة , ومذاهبه متضادة , وأحكامه جائرة , مالك الأبدان وأرواحها , والقلوب وخواطرها , والعيون ونواظرها , والنفوس وآراءها , وأعطي زمام طاعتها وقياد مملكتها توارى عن الأبصار مدخله , وغميض عن القلوب مسلكه, وأردف قائلاً: لم أرَ حقاً أشبه بباطل ولا باطلاً أشبه بحق من العشق , هزله جد وجده هزل , وأوله لعب وآخره عطب.

روى أهل السير أن الذين علق الحب قلوبهم فماتوا , أو جنوا , هم الذين لا يزيل صاحبه أبداً حتى يموت أو يهيم على وجهه , ويشهد بذلك قول المجنون : (( وعلقت ليلى وهي ذات موصد ولم يبد للأتراب من ثديها حجم , صغيرين نرعى البهم يا ليت أننا صغيران لم نكبر ولم تكبر البهم )) , ومن قول جميل : (( علقت الهوى منها وليداً ولم يزل إلى الآن ينمو حبها ويزيد , وأفنيت عمري في انتظار نوالها وأفنيت بذاك العمر وهو جديد )) ,
وقد قال بعض الأطباء في صفة الحب : امتزاج الروح بالروح , ولو امتزج الماء بالماء لامتنع تخليص بعضه من بعض فكيف والروح ألطف امتزاجاً , وأرق مسلكاً ؟ وعندما سئل أعرابي عن الهوى قال : هو أغمض مسلكاً في القلب من الروح في الجسد , وأملك من النفس بالنفس , بطن وظهر, لطف وكشف , فامتنع عن وصفه المسلك والكمون .

صباح الزهيري .



#صباح_حزمي_الزهيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة الغلطة .
- مقامة خطار .
- مقامة المعروف والمنكر .
- مقامة غمار الأشواق .
- مقامة السلح .
- مقامة الربا في الحب .
- مقامة الزوجات .
- مقامة لا تضيعوه .
- مقامة الغراب .
- مقامة الشتاء .
- مقامة ياحسافة .
- مقامة المكتوب والعنوان .
- مقامة واها .
- مقامة الحساد .
- مقامة رهان الواثقين .
- مقامة وجع بغداد .
- مقامة ذاكرة الخشب .
- مقامة امنيات مظفر الثلاث .
- المقامة المتشائمة .
- مقامة الخيبة ونسيانها .


المزيد.....




- كي لا يكون مصيرها سلة المهملات.. فنان يحوّل حبال الصيد إلى ل ...
- هل يكتب الذكاء الاصطناعي نهاية صناعة النشر؟
- -بوشكين-.. كلمة العام 2024
- ممثلة سورية تروي قصة اعتداء عليها في مطار بيروت (فيديو)
- RT Arabic توقع مذكرة تعاون مع مركز تريندز الإماراتي للبحوث و ...
- فيلم -هير-.. إعلان موت الحلم الأميركي على يد توم هانكس
- الخميس ندوة ثقافية هامة بعنوان -الأدب العربي ومعايير العالمي ...
- قبل إيطاليا بقرون.. الفوكاتشا تقليد خبز قديم يعود لبلاد الهل ...
- ميركل: بوتين يجيد اللغة الألمانية أكثر مما أجيد أنا الروسية ...
- حفل توقيع جماعي لكتاب بصريين


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الفراك .