أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود كلّم - ذَاكِرَةُ الغِيابِ!














المزيد.....

ذَاكِرَةُ الغِيابِ!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8174 - 2024 / 11 / 27 - 04:47
المحور: الادب والفن
    


يا طائرَ السنونو، سلاماً!
يا رفيقَ الأحلامِ التي تحطَّمتْ على صخورِ الواقع،
اجلسْ معي، وشاركني هذا الليلَ الذي يرفضُ أن ينقضي،
نقتسمُ أوجاعَنا كما يتقاسمُ الخائبون خيبةَ الأملِ.

علَّني أجدُ في حزنكَ عزاءً،
وفي انكساركَ مرآةً تعكسُ أحلامي التي ضاعتْ،
فالعينُ، يا صديقي، أثقلتها الخيباتُ،
والقلبُ صارَ مقبرةً لأحلامٍ دفنتها الرياحُ الهوجاءُ.
أما الليلُ، فقد باتَ صديقاً خائناً،
يُحيي في صدري جراحاً كنتُ أتوهمُ أنها اندثرتْ.

يا طائرَ السنونو،
كيف تحلّقُ بعيداً؟
كيف لا تخذلكَ أجنحتكَ وهي تحملك نحوَ المجهولِ؟
أما أنا،
فقد تحطمتْ سفني على شواطئَ لا أعرفها،
وأشرعتي مزَّقتها الرياحُ الهوجُ.

أمدُّ يدي بحثاً عن صدرٍ يحتويني،
لكن الصدورَ أغلقتْ أبوابها،
والمسافاتُ، يا طائري، أصبحت بعيدةً كالأحلامِ المستحيلةِ.

يا طائرَ السنونو،
من يفتحُ لي نافذةً على ضوءٍ تائهٍ؟
من يعيدُ لي ليالي كنتُ أحلمُ بها وأنا غارقٌ في الذكرياتِ؟

أينَ المواويلُ التي كانت تعزفُها الأيامُ على أوتارِ الليلِ؟

أينَ الترابُ الذي كنتُ أضمهُ إلى صدري،
وهو يحملُ عبقَ الماضي وأصواتَ الطفولةِ؟

كلها أحلامٌ، كلها أماني ضاعت،
كما يضيعُ الدمعُ في بحرٍ مالحٍ،
كما تضيعُ الخطى في صحراءٍ بلا ملامحِ.

يا طائرَ السنونو،
أثقلتني الدروبُ، وتقاذفتني أمواجُ التيهِ،
حتى أدركتُ أنني مجردُ سرابٍ يركضُ خلفَ وهمٍ بعيدٍ.
حتى الترابُ الذي أقبضُ عليه،
لم يعد يحملُ دفءَ الوطنِ،
ولا عطرَ الذاكرةِ التي كانت ملاذي.
إنه ترابٌ باردٌ،
غريبٌ عني، كما أنا غريبٌ عنه.

يا طائرَ السنونو،
أحملُ في قلبي خذلاناً لم أختَرْه،
وخيبةً أثقلُ من أجنحتكَ التي تتنقلُ بين الأفقِ والمجهولِ.
لكن، رغمَ هذا الظلامِ الذي يعمُّ الأفقَ،
ما زلتُ أبحثُ عن بصيصِ أملٍ يتوارى خلفَ الغيومِ،
عن صوتٍ خافتٍ يقولُ لي:
إن الشتاءَ لا بدَّ أن ينقضي،
وأنَّ الحزنَ الذي يسكنني ليسَ إلا جسرَ عبورٍ نحوَ نورٍ بعيدٍ.
لكنني، يا طائري، أخشى أنني لا أملكُ القوةَ،
لا أملكُ جناحينِ يواجهانِ الريحَ العاتيةَ،
ولا قلباً يحتملُ المزيدَ من الخيباتِ.

احملني معك،
إن كنتَ تعرفُ طريقاً إلى سماءٍ لا تمطرُ خذلاناً،
أو دعني هنا،
كظلٍ منسيّ،
ينتظرُ الفناءَ كما ينتظرُ الغريقُ أن تبتلعهُ أعماقُ البحرِ.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حِينَ تُعَانِقُ الظُّلْمَةُ بَرِيقَ الأَمَلِ !
- منير زيدان: الطبيب الذي جعل الإنسانية مهنته الأولى
- خضر محمد الأحول: وحلم العودة الذي لم يتحقق!
- أوراقٌ ضائعةٌ في صمت الذاكرة !
- طفلُ الشّتات: حكايات وطنٍ وحلمٌ لا يموت!
- رسائل الحنين إلى طائر الغياب!
- الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي: سلاح خفي في عالم ال ...
- محمد نايف المحمود (أبو عماد): أيقونة الوفاء والانتماء في تار ...
- الرياضيات في التشفير والاتصالات: درع الأمان للمقاومة الفلسطي ...
- الرياضيات في مواجهة الإعلام المضاد: استراتيجيات فعّالة لمكاف ...
- أهمية تعلم الرياضيات: بناء العقل وتعزيز المهارات الحياتية
- الرياضيات في تصنيع الأسلحة والمعدات: قوة الابتكار لدى المقاو ...
- الذكاء الاصطناعي: ثورة التكنولوجيا وتغيير مستقبل الإنسان
- الذكاء الاصطناعي في خدمة الاغتيالات: استهداف المقاومين في فل ...
- نور الأمل
- مرارة الخيبة والأمل المستحيل !
- مرارة الخيبة وألم الخذلان !
- مرارة الخيبة وطعم الخذلان !
- علي كلّم (أبو لافي)-2/2: مرارة الخيبة وطعم الخذلان!
- علي كلّم (أبو لافي) : مرارة الخيبة وطعم الخذلان !


المزيد.....




- ميركل: بوتين يجيد اللغة الألمانية أكثر مما أجيد أنا الروسية ...
- حفل توقيع جماعي لكتاب بصريين
- عبجي : ألبوم -كارنيه دي فوياج- رحلة موسيقية مستوحاة من أسفار ...
- قصص البطولة والمقاومة: شعراء ومحاربون من برقة في مواجهة الاح ...
- الخبز في كشمير.. إرث طهوي يُعيد صياغة هوية منطقة متنازع عليه ...
- تعرف على مصطلحات السينما المختلفة في -مراجعات ريتا-
- مكتبة متنقلة تجوب شوارع الموصل العراقية للتشجيع على القراءة ...
- دونيتسك تحتضن مسابقة -جمال دونباس-2024- (صور)
- وفاة الروائية البريطانية باربرا تايلور برادفورد عن 91 عاما
- وفاة صاحبة إحدى أشهر الصور في تاريخ الحرب العالمية الثانية


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود كلّم - ذَاكِرَةُ الغِيابِ!