|
المرأة العجوز في الغابة
رامي الابراهيم
كاتب، صحفي، مترجم، لغوي، سينمائي
(Rami Ibrahim)
الحوار المتمدن-العدد: 8174 - 2024 / 11 / 27 - 02:41
المحور:
الادب والفن
(حكاية من حكايات الأخوين غريم ترجمها عن النسخة الإنكليزية إلى العربية القياسية المعاصرة رامي الإبراهيم)
كان هناك فتاةٌ فقيرة تعمل بالخدمة لدى إحدى العائلات وحدث ذات يوم أن سافر أفراد هذه العائلة ومعهم الخادمة ومرّوا خلال سفرهم بغابةٍ ضخمة؛ وعندما صاروا في منتصف الغابة خرج عليهم من بين الأحراش جماعةٌ من اللصوص وقتلوا كلَّ من وجدوه. مات الجميع باستثناء الخادمة التي قفزت لشدة رعبها من العربة واختبأت خلف إحدى الأشجار. خرجت الفتاة من مخبئها بعد ذهاب اللصوص بمسروقاتهم وشاهدت الكارثة التي خلَّفوها وراءهم فأخذت تبكي بحُرقة وتقول: "ماذا بوسع فتاةٍ مسكينةٍ مثلي أن تفعل الآن! فأنا لا أعرف طريقاً للخروج من هذه الغابة وليس هناك من يعيش في هذه الأنحاء..لذلك فإنني سأموت ولا شك من الجوع والعطش". أخذت الفتاة تمشي بحثاً عن طريق لكنها لم تجد شيئاً وعندما حلَّ المساء جلست الفتاة تحت إحدى الأشجار وسلمت أمرها لرحمة السماء إذ قررت أن تجلس هناك تنتظر خلاصها وقالت في نفسها: "ليحدث ما يحدث فأنا لا أستطيع أن أغيّر مشيئة السماء". وهكذا وبعد أن جلست الفتاة لبرهة من الوقت طارت صوبها يمامةٌ بيضاء وهي تحمل في منقارها مفتاحاً ذهبياً صغيراً. وضعت اليمامة المفتاح في راحة كف الصبية ثمَّ قالت: "هل ترين تلك الشّجرة الكبيرة؟ ستجدين هناك قفلاً صغيراً، افتحيه بالمفتاح الصغير الذي في يدك وستجدين طعاماً كافياً ولن تعاني من الجوع بعد ذلك". ذهبت الفتاة إلى الشجرة وفتحتها لتجد صحناً صغيراً من الحليب وخبزاً أبيض ليتم تفتيته فيه فأكلت من ذلك الطعام حتى شبعت. قالت الفتاة في نفسها بعد ذلك: " إنه الوقت الذي تذهب فيه الدجاجات في البيت كي تنام، وأنا متعبةٌ جداً وقد أجد مكاناً أنام فيه". طارت اليمامة عند ذلك نحوها من جديد وهي تحمل في منقارها مفتاحاً ذهبياً آخر وقالت: " افتحي تلك الشجرة هناك وستجدين سريراً تنامين فيه". وبالفعل قامت الفتاة بفتح الشجرة ووجدت سريراً جميلاً أبيض اللون فصلَّت إلى الرَّب كي يحميها خلال نومها واستلقت على السرير ونامت. جاءتها اليمامة للمرّة الثالثة عند الصباح وكالعادة أحضرت في منقارها مفتاحاً صغيراً وقالت: "افتحي تلك الشجرة هناك وستجدين بعض الملابس لترتديها". وبالفعل عندما فتحت الشجرة وجدت ثياباً يزينها الذهب والجواهر. كانت هذه الثياب أكثر جمالاً وبهاءً من تلك التي ترتديها أيُّ أميرةٍ من بنات الملوك. وهكذا عاشت الفتاة فترةً من الزمن في تلك المنطقة وكانت تأتيها اليمامة في كل يوم لتزودها بكلِّ ما تحتاج وكانت بالفعل حياةً جيدة تلك التي تحياها. جاءت اليمامة في أحد الأيام إلى الفتاة وقالت:" هللا أسديتِ لي خدمةً أيتها الفتاة؟" "نعم وبكل سرور..إني راغبةٌ بذلك من أعماق قلبي" أجابت الفتاة. قالت اليمامة: "سأدلَّك إذاً إلى بيتٍ صغير، عليكِ أن تدخليه. ستجدين هناك امرأةً عجوز تجلس بقرب النار ستخاطبك قائلةً (طاب يومك أيتها الفتاة) لا تجيبيها بشيء ودعيها تفعل ما تشاء فكل ما عليك تجاوزها من جهة اليمين. ستجدين بعد ذلك باباً يفضي إلى غرفةٍ تحوي على العديد من الخواتم من جميع الأشكال والأنواع وستجدين بينها خواتماً آيةً في الجمال والسحر مزينةً بأكثر الأحجار لمعاناً وبريقاً؛ دعي تلك الخواتم مكانها وابحثي بينها عن خاتم بسيط غير مزيَّن وأحضريه إلى هنا بأقصى ما تستطيعين من سرعة". ذهبت الفتاة إلى ذلك البيت ووجدت هناك المرأة العجوز التي حدَّقت فيها حالما رأتها وقالت:" طاب يومك يا فتاتي" لم تجبها الفتاة بشيء وإنَّما تابعت طريقها وفتحت الباب. صاحت العجوز: " فلتخرجي من هنا" وأمسكت بحركة سريعةٍ منها طرف ثوب الفتاة في محاولةٍ للإمساك بها وهي تقول:"إن هذا بيتي ولا يستطيع أحد دخوله إن لم أسمح له بذلك" لكن الفتاة بقيت صامتة وتمكنت من تحرير ردائها من قبضة العجوز ثم تابعت طريقها باتجاه غرفة الخواتم. وجدت الفتاة كميةً كبيرةً من الخواتم فوق الطاولة وكانت تلمع أمام عينيها بأبهى بريق. بحثت الفتاة بينها عن خاتمٍ بسيط لكنَّها لم تجد شيئاً، وبينما كانت تبحث بين الخواتم رأت المرأة العجوز وهي تتسلل خارجاً وفي يدها قفصُ طائر فاندفعت في أثرها وأخذت القفص من يدها. رفعت الفتاة القفص أمام عينيها ورأت بداخله طائراً يحمل في منقاره الخاتم الذي تبحث عنه. أخذت الفتاة الخاتم وعادت تعدو به فرحة إلى مسكنها. ظنَّت الفتاة أن اليمامة ستأتي لأخذ الخاتم، لكنها لم تفعل. قررت الفتاة انتظار اليمامة حتى تأتي وحالما اتكأت وهي واقفةٌ على إحدى الأشجار أحسَّت بأن الشجرة لينةً وناعمة الملمس ثم راحت ترخي أغصانها نحو الأسفل ثم التفَّت هذه الأغصان حولها وتحولت إلى ذراعين. استدارت الفتاة لتجد أن الشجرة ما هي إلا شابٌ وسيم راح يعانقها ويقبلها بحبٍ عارم ثمَّ قال: "لقد قمتِ بتحريري من سحر المرأة العجوز، فما هي إلا ساحرةٌ شريرة قامت بتحويلي إلى شجرة وكنت أتحول أيضاً إلى يمامةٍ بيضاء مدة ساعتين في كلِّ يوم وما كنت قادراً على استعادة شكلي البشري طالما أنَّ الخاتم في حوزتها". تحرر بعد ذلك خدم الأمير وأحصنته من السحر وقد كانت الساحرة قد حولتهم إلى أشجارٍ أيضاً ووقفوا بجانب أميرهم. عاد الجميع برفقة الأمير إلى مملكة أبيه وتزوج بعد ذلك من الفتاة وعاش معها في سعادةٍ وهناء.
#رامي_الابراهيم (هاشتاغ)
Rami_Ibrahim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اللغز
-
القمر
-
القطة و الفأرة في منزل واحد
-
الضوء الأزرق
-
الإوزة الذهبية
-
لعبة المكان و الزمن
-
دقيقةٌ من وقت الزّمان ووقفةٌ في ذهول
-
غبار الطّلع
-
قلا تجي
-
أحلام اللحظة..و الشوق طليقٌ.. و الماضي توثب!
-
انتماء
-
فستان شعبي جداً
-
هيكل لإله الحروف
-
أحلام غرابة اللون..و العري
-
يا عجاج الدير رفقا
-
صباح الخير نوشاتل
-
أحب أحب نوشاتل
-
رحلة الروح الواعية
-
توبة عاشق
-
الرقص في دورة زمجر
المزيد.....
-
قبل إيطاليا بقرون.. الفوكاتشا تقليد خبز قديم يعود لبلاد الهل
...
-
ميركل: بوتين يجيد اللغة الألمانية أكثر مما أجيد أنا الروسية
...
-
حفل توقيع جماعي لكتاب بصريين
-
عبجي : ألبوم -كارنيه دي فوياج- رحلة موسيقية مستوحاة من أسفار
...
-
قصص البطولة والمقاومة: شعراء ومحاربون من برقة في مواجهة الاح
...
-
الخبز في كشمير.. إرث طهوي يُعيد صياغة هوية منطقة متنازع عليه
...
-
تعرف على مصطلحات السينما المختلفة في -مراجعات ريتا-
-
مكتبة متنقلة تجوب شوارع الموصل العراقية للتشجيع على القراءة
...
-
دونيتسك تحتضن مسابقة -جمال دونباس-2024- (صور)
-
وفاة الروائية البريطانية باربرا تايلور برادفورد عن 91 عاما
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|