|
قَدَاسَةُ التَّعدَاد
علي الجنابي
كاتب
(Ali . El-ganabi)
الحوار المتمدن-العدد: 8173 - 2024 / 11 / 26 - 19:55
المحور:
كتابات ساخرة
(النصُّ خاص للعراقيينَ ، لمناسبة #التعداد_السكاني في بلدي العراق) أتعلمُ يا إياد، يا ابنَ أخي الحاجَّ حَمَّاد... أنَّهُ لمِنَ بئيسِ التخلفِ المزري وتعيسِ التصلُّفِ المخزي في أيةِ بلاد، أن تُجرى للعباد عمليةُ تعداد، وفقَ أسس طائفية ولا غير الطائفية لها مراد، كي تُكتشَفَ نسبة (الأغلبية) بين الأفراد، ثم ينطلقَ صاحبُ العَدّاد لهذا التَّعداد، من تهي نسبة ليَحكمَ مطلقاً هذي البلاد. وإنما هكذا أمر لم يأتِ به امرؤٌ ذو فكرٍ حميدٍ أو فردٌ ذو رشاد، لا في أذكارِ الديارِ في أرجائها، ولا في أفكارِ واختيارِ هذي البلاد، إلا محتل بريطاني ماكر بخبثٍ لغاياتٍ بارتداد. رَدَّ عليَّ إيادُ على استحياءٍ ولكن بإعتداد:
-لمَ تظنُّ سوءً بذا تَعداد يا عمّ يا أبا زياد، أوما علمتَ أن مهمةَ (الجهاز المركزي للإحصاء) هي: "توفير مؤشرات إحصائية شاملة عن المتغيرات السكانية والاجتماعية والاقتصادية على مستوى أصغر الوحدات الإدارية في الحضر والريف"، وقد أنجز الجهازُ المهمة بتفانٍ وهَّاجٍ وها هو قد أنهى دقَّ الأوتاد؟
- كلّا يا ابنَ عناد ، ومَن كان يظن أن راياتِ هذا التعداد كانت لغاياتٍ تنموية وعلمية بحتة بإرصاد، فقد ضل عن سواء السبيل إمَا عن جهلٍ سَمِجٍّ أو مجٍّ مِن عناد. أولستَ بمُصدقيَّ يا إياد؟ إذاً، فانظرْ الى حكومات البلاد، وكيف هي عاجزة منذ عقدين عن تأمين ماءٍ صالحٍ للشرب للعباد باجتهاد، بل وتراها سعيدةً بعزف نشيدها الوطني في الدروب كلَّ ضُحىً بانشاد: (مي آرو مي آرو، الدبة بخمسمية)، والآرو صحة للأرواح والأجساد. وإذاً، فمن المحالِ على (حكومةِ الآرو) أن تفكرَ ولو لطرفةِ عينٍ بلا ارتداد، في أبْعَادِ تَعداد محترم رصين، ومعتبر رزين يعود على العباد بالزهو والتقدمِ وعلى البلاد بالأمجاد. ثم أولم ترَ يا إياد... إلى أهلنا في شطرِ جنوب البلاد، فرُغمَ أنهم ذوو مذهبٍ واحد وليس بينهم من مذاهبَ أنداد، ورغم أن شطرَهم لم يدخله قطُّ الإرهاب والأوغاد ، ورغم أن زمام حكومات البلاد، هي بيد أولاد ذات المذهب كونهم (أغلبية) بانعقاد، كما زعمَ (شنشولُ ابنُ أبي سَلسُول) الحداد، فإننا رأينا الشطرَ يعيش طوال العقدين في بئيس فقرٍ وتعيسِ بقرٍ وقتلٍ واضطهاد. ولا حاجة لنا ههنا يا ابنَ عناد، بسرد شواهد ودلائل على صحةِ قولنا لإقناع ذوي الغفلة على رؤوسِ الأشهاد. ثمَّ الى أهلنا في شطر غرب البلاد، ورُغمَ أنهم ذوو مذهبٍ واحد وليس فيهم من مذاهبَ أضداد، ورغم أن شطرهم قد مزقه الإرهاب والأوغاد، ورغم أن زمام حكم البلاد، هو ليس بيد أولاد ذات المذهب كونهم (أقلية) بانقياد، وكما زعمَ (شنشولُ) الحداد، فإننا رأينا الشطر ينهضُ من تحت سُخامِ الرماد، وينفضُ عن وجههِ السواد، ليُعمّرَ -خلال عام واحد فقط- ما دمّره الإرهاب الأوغاد، وها هو اليومَ يزهو بأحلى حلة وأعلى طَلة، وهوَ ماضٍ في الزهو بازدياد. وبُعداً لبياناتِ (جهاز مركزي لإحصاء) وتعداد. وتَعِسَتْ مزاعمُ أبي سَلسُولَ: شنشولُ الحداد. ثمَّ هل تدري يا إياد، إنَّهُ قدِ انقضى التَّعدادَ ، وما طرق باب داري قطُّ موظفٌ عدَّاد، إي ورب السنةِ والشيعةِ ورب العباد!
- لعلَّ الموظفَ مريضٌ يا عمّاهُ أبا زياد، أو لعلّهُ عاشقٌ وتسلل لواذاً لحبيبته (بسعاد)، أو لعلَّهُ (مِكنِّكاً) على طَراوةِ (النت) وتراهُ منتَعشاً وساهيَ الفؤاد؟ ثم إنَّ كثيرا من العوائل مثلك لم يطرقْ بابها الغداد، سواءُ العاكفُ في دارهِ منها، أو مَن كانَ أو باد! - لا ضيرَ يا إياد ، فنحنُ أمسينا نُحبُّ لحنَ (الأقلية) باسهاد، وكيلا يغضبَ منَّا (شنشولُ ابنُ أبي سَلسُول) الحداد. ويا لجمالهِ يا إياد، من لحنٍ نديٍّ هادئٍ هانئٍ، فلا ضوضاءَ فيه ولا افتقاد، ولا فيهِ بغضاءُ ولا تضاد. وإذاً فلا حاجة لنا بالموظف العَادِّ في التعداد إلّا كرم الضيافة التي كنّا قد أعددناها تفخيماً لهُ وتعظيماً لحرمةِ و(قداسة التعداد).
ثمَّ نظرَ إليَّ إياد، ثم وقفَ كي يُلقيَ عليَّ نصَّ تصريحاتِ الحاجِّ حَمَّاد. وحمادُ هو صاحبُ مقهى (الحكمُ لنا) ولنا وحدنا الجندُ والجياد، فقال إيادُ بحرفٍ ودودٍ وذرفٍ ممدودٍ على الجُرحِ كأنَّهُ الضَّماد: [ صرَّحَ عمُّنا الحاجُ حمَّاد، صاحبُ قهوةِ (الحكمُ لنا) ولنا وحدنا الخيلُ والأجناد: ويكأني بلسان حال (الأقلية) يقول اليومَ (للأغلبية) بأسىً وأسفٍ غيرِ مُعتاد: نحن قد رضينا بقسمة (الأقلية) بإنشراحٍ وارتياحٍ وبإسعاد، ولسوف ننطلقُ بلا تعداد، الى جمال الحياة وأنوارها، وكمال الفلاة وأسوارها، والى زهوها وقلمها والمداد. ولقد تركناها لكم منذ عقدين حكوماتِ (الأغلبية) دونَ الحاجةِ لموظفِ عدَّاد، ولسوف تُحلِّقونَ في مكيال الحكومات وأطوارها، والتظاهرات وأغوارها، ولكم لغوها وألمها والتعداد. فهنيئاً لنا بحياةِ (أقليةٍ) تحطبُ وتعملُ، وتحفلُ بسواعد إتقانٍ باعتماد، وهنيئاً لكم ومريئاً بحكومات (أغلبية) تخطبُ فتكذبُ، وتغفلُ عن وعودها التي أبداً أبداً أبداً لن يهبط بها المنطاد ]. - أجل إياد، وصدقَ الحاج حمّاد. نحنُ يا ابنَ عناد ، أبداً لن نسقطَ في قيعانِ الطوائف ، ومثاُنا لن يكون منَ الأوغاد، وإياكَ يا إياد، أن تلتفتَ لما ينادي به بتناد، في ذا دهرٍ متخلفٍ باضطراد: (أنا سني وانت شيعي)، وأنا من الأغلبية وأنت من الأقلية ياعوّاد يا ابنَ أمِّ عوّاد.
#علي_الجنابي (هاشتاغ)
Ali_._El-ganabi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بِطاقةٌ حمَّالةٌ للقَهَر
-
المُتْحَفُ
-
أعيَيْتُ وعَيَيْتُ
-
عَوْدٌ بَعدَ طُولِ غِيَاب
-
أصْلُ الحِكَايَةِ
-
تَأمُّلٌ مُسْتَقصٍ في مُشكِلٍ مُسْتَعص
-
بينَ تِلالِ الأدرياتِيك
-
(الأكشِنُ) المُذهِلُ المَاهِرُ
-
لَعَلّي صائِرٌ إلى بَصَائر برَجاء
-
تَأمُّلاتٌ خَارِجُ أَسوَارِ البَصَر
-
مئةُ عامٍ منَ الدُّخانِ
-
هَكَذا كَانَ أبي يَتَكَلَّمُ
-
عَنِ د. مُصطَفَى مَحمُود
-
طَيْشُ الكَلَامِ
-
أَيْنَ اخْتَفَتِ الكَلبَةُ الهَارِبَة؟!
-
تَحريفُ الحَياةِ بِتَخريف
-
إي وَرَبِّي؛ مَكةُ لَيسَ كَمثلِها دَار
-
بَغْلُ الدِّيرَة
-
شُعاعٌ حَذوَ مِحرَابِ الإيمان
-
لا تَثريبَ على حَيوانِ -الكَسول-
المزيد.....
-
عبجي : ألبوم -كارنيه دي فوياج- رحلة موسيقية مستوحاة من أسفار
...
-
قصص البطولة والمقاومة: شعراء ومحاربون من برقة في مواجهة الاح
...
-
الخبز في كشمير.. إرث طهوي يُعيد صياغة هوية منطقة متنازع عليه
...
-
تعرف على مصطلحات السينما المختلفة في -مراجعات ريتا-
-
مكتبة متنقلة تجوب شوارع الموصل العراقية للتشجيع على القراءة
...
-
دونيتسك تحتضن مسابقة -جمال دونباس-2024- (صور)
-
وفاة الروائية البريطانية باربرا تايلور برادفورد عن 91 عاما
-
وفاة صاحبة إحدى أشهر الصور في تاريخ الحرب العالمية الثانية
-
باستغلال الفقر.. مساع إيرانية لتغيير الهوية الثقافية والديني
...
-
أمسية شعرية بعنوان -قطوف من بستان الشعر-
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|