كيف أدمنت الصهيونية انتهاك الشرعية الدولية-2

سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 8172 - 2024 / 11 / 25 - 14:11
المحور: القضية الفلسطينية
    

نلتقط من الحلقة السابقة ستة عناصر ينطوي عليها الخطاب الصهيوني من خلال ممارسات الاستعمار الاستيطاني بفلسطين:
-اقتلاع الشعب الفلسطيني من وطنه ؛
2- الإرهاب هو الحل؛
3-فرض نظام شمولي منفتح على الديكتاتورية والفاشية؛
4-االتدليس والتلفيق
5-الارتباط بالامبريالية وقوتها الرئيسة؛
6- استعداء قوى الديمقراطية والتقدم.

عشر سنين والهجمات الدموية من طرف واحد

حرب مباشرة ومعلنة على الشعب الفلسطيني بادر بها جابوتينسكي وسيلة وحيدة لإقامة الكيان الصهيوني. خالف بن غوريون وفايتسمان وأتباعهما ممن ارتأوا التمهل لفترة ريثما يوطدون الأركان بالمنطقة؛ بينما في السر أقروا البرنامج الاقتلاعي للفلسطينيين. منحت الاستيطان الاستعماري إدارة ذاتية حظرت على سكان البلاد الأصليين. أنشئت الوكالة اليهودية تتولى إدارة الشئون المحلية، وعلى رأسها التعليم.
وما كانت سوى فترة قصيرة حتى انضمت هاغانا الوكالة اليهودية الى المنظمتين الإرهابيتين، في حوقة دموية. استهدف الصهاينة من عدوانهم الدموي على الفلسطينيين غايات ثلاث: الأولى غرس ثقافة ان " "حياة العربي بلا قيمة" في أذهان وعقول الأجيال اليهودية؛ سوف يثبت الشبان الصهاينة انهم استوعبوا المعادلة جيدا؛ والثانية استدراج الفلسطينيين الى ردود أفعال غير متكافئة تتيح للصهاينة الترويج على أوسع نطاق انهم إنما "يدافعون عن النفس". والثالثة دور الإرهاب في تهجير الفلسطينيين عن ديارهم.
استغل بن غوريون الوكالة اليهودية لإقرار نظام تعليمي ينشئ الأجيال على التعصب وتشرب الفكر الصهيوني. باتت مدارس المجتمع اليهودي -الييشوف - شواحن للكراهية العرفية وفرض الرأي الواحد المتمحور حول القوة المسلحة، وسيلة لتحقيق الهدف "القومي".
استعان غورت، المندوب السامي، برجل يدعى نيوتن أقام في مستوطنة ويتحدث العبرية ليتعرف منه على سر المستنقع الإرهابي الذي تعيشه فلسطين. قال نيوتن ان مصدر العنف هو الولاء القومي المتصلب الذي يلقن بالمدارس. الأدلجة بالفكر الصهيوني خلقت هيستريا التحريض ضد كل من هو غير يهودي، تضخ يوميا من النظام التربوي في أذهان الشباب كي يكونوا مستعدين للقتا بلا هوادة حال يطلب ذلك منهم. (دولة الإرهاب، ص131)
في برقية ملتقطة وجهها سنيه (قائد الهاغانا زمن الانتداب) الى (دانيال) بلندن نص إذاعي بثته "كول يسرائيل" (صوت إسرائيل التابع للوكالة اليهودية) بطلب من شاريت زود النص بأدلة قاطعة على توطد الوكالة في الإرهاب. كان كل من بن غوريون وشاريت وسنيه وجوزيف يديرون ويخططون وينظمون، تحت غطاء مناصبهم بالوكالة، العمليات التخريبية من كل الأنواع في جميع أنحاء البلاد. كما وجهوا نشرات الإذاعة التي تمتدح العمليات الإرهابية كافة، ويطلقون دعاية اشبه بدعاية النازية. (157).
في أواخر عقد الثلاثينات اعلنت الإرغون مسئوليتها عن وضع القنابل الموقوتة على القطار المخصص لنقل العمال العرب. كذلك قتل اربعة اشخاص آخرين في ذلك اليوم بواسطة قنابل الإرغون قرب كريات حاييم. (69) في 17 مايو هوجمت مجموعات من العرب في القدس، وأخرى في 23 مايو في منطقة تل ابيب، وفي نفس اليوم وقعت اعتداءات في حيفا. في 26 يونيو هوجم السوق العربي في يافا. في 4 يوليو قتل خمسة فلسطينيين وجرح عشرة ونفذ هجوم للإرغون على أحياء عربية بالقدس. كذلك هاجمت إرغون حافلات عربية في الرملة في 5 يوليو. القيت يوم الأربعاء 6 يوليو قنبلة في السوق العربية في حيفا مسببة إصابات كثيرة بلغ عددها 120 قبل ان يستتب الأمن.(69)
في حيفا ذكر ضابط في سلاح البحرية الملكي في 25 يوليو1938 ان الإرهابيين الصهاينة القوا قنبلة على سوق البطيخ العربي في السادسة صباحا تسبب في إحداث دمار كبير ومقتل 45 عربيا وجرح 45 آخرين. (70)
تخفى شخص يهودي يدعى يعقوب راس بزي عربي وحاول وضع قنبلة في عربة خضار، وراح يدفعها باتجاه السوق؛ إلا انه اكتشف وسلم للبريطانيين. في السجن انتحر (كما يدعون) وتقول منظمة الإرغون انه انتحر ليتحاشى كشف الأسرار تحت التعذيب. (71)
لم يمض شهر على صدور قرار التقسيم حتى استأنفت حكومة الدولة الصهيونية الوليدة إرهاب المنظمات في العقود السابقة. حضرت مفرزة من البالماخ بقيادة يغئال آلون الى قرية الخصاص المشرفة على بحيرة طبرية، مساء يوم 18 ديسمبر 1947، وبيسر أقدم جنود المفرزة على نسف البيوت على رؤوس النائمين. كان مراسل نيويورك تايمز شاهدا على المجزرة وبعث الى صحيفته تفاصيل الحادث.
تقدمت مجزرة الخصاص على مجزرة دير ياسين التي ارتكبتها منظمة الإرغون بقيادة ميناحيم بيغن بعد أربعة أشهر وتحت إشرافه المباشر. تزعم بيغن حزب حيروت ومنظمة الإرغون خلفا لجابوتينسكي. قال عنه مدير شرطة حيفا انه "سفاح لا يرحم جعل آل كابون يبدون كالتلميذ بالمقارنة معه". (114). كانت مجزرة دير ياسين بادية للعيان لأن الإرهاب فيها اتخذ قيمة رمزية في المناطق المحيطة بالقدس وبسبب وجود شهود. فقد زار جاك دي رنيير، ممثل الصليب الأحمر الدولي مباشرة عقب حدوث الجريمة. قتلت منظمة الإرغون بقيادة مناحيم بيغن 350 من سكان القرية، وتباهى بأن الإرهاب الذي طبع في الأذهان سارع الى إخلاء القرى الفلسطينية الأخرى من سكانها ",لآ شك في صحة هذا القول. (293)
التخويف- الإرهاب النفسي – كان سلاحا فتاكا للتطهير العرقي؛ " التسجيلات المرعبة " كانت تدوي من مكبرات الصوت مطلقة إنذارات للباقين بأنهم سيلاقون مصير دير ياسين. كانت الإشاعات عن الأوبئة تصدق في ضوء تسميم الهاغانا للآبار. نشرت إشاعات بان قادة الحكومات العربية حرضوا على الرحيل ريثما يحررون فلسطين وفي كتب الصهاينة روجوا عن رئيس اساقفة الروم الأرثوذكس في منطقة الجليل انه حرض على الرحيل. ذكر كبير اساقفة الجليل انه تصرف عكس ما نقل عنه. (295)
نسفت الإرغون فندق الملك داود في 22يوليو/ تموز1966؛ حظي التفجر بموافقة الهاغانا وليهي وتعاونهما، وجاء التوقيت ليتوافق " مع وجود أكبر عدد من الناس في البناية" بحيث يكون التفجير بعد الظهر بنصف ساعة، وهو موعد الغداء. تنكر الإرهابيون بلباس عربي ينقلون أوعية حليب. ازاحوا ألحارس وحشروا بقية العاملين في الطابق السفلي للفندق من الطريق المؤدي الى مطعم لاريجانس . أحس الأمن بوجود غرباء وهموا للتصرف؛ لكن فريقا من الإرغون افتعل تفجيرا تمويهيا بين الفندق ومقر رابطة الشبان المسيحيين ثم هربوا. يعتبر هذا اشهر عمل إرهابي كان ذلك قتلا جماعيا حسب تقديرات البريطانيين، ازال جانبا كاملا من الخدمات العامة واسفر عن مصرع 91، منهم40 فلسطينيا و28 بريطانيا و17 يهوديا.. يدمع تصرفات المجتمع الصهيوني طوال العقود الماضية. (168،69). تجاريه مجزرة دير ياسين ارتكبتها منظمة الإرعون (ابربيل 1948) ومأساة السفينة التي فجرتها منظمة الهاغانا 1942.
وبعد اربع سنوات ابلغ بيغن الكنيست ان بن غوريون هو الذي أمر بنسف فندق الملك داوود ، وأنه طلب من بيعن ان يجعل الإرغون تتحمل المسئولية من اجل تبرئة الوكالة اليهودية"(169)
تستشهد كتب التاريخ ان تفجير الفندق افظع الأعمال الإرهابية؛ لكن السفينة باتريا(عام 1940) كانت اشد تدميرا بثلاث مرات، إذ بلغ عدد القتلى 267. وعملية سوق الخضار في حيفا (1938) أدت الى قتل نحو 120 عربيا؛ أما المذبحة التي ستقترفها الإرغون في دير ياسين فتتفوق على من سبقها وما تلاها.
بات بالنتيجة إعلان أي سياسة لا تحابي الصهيونية يقابل بالإرهاب. اليهود المعارضون للتطرف السياسي معرضون للتخويف ،وإن لم يفعلوا شيئا. مثال ذلك يهودي أميركي لقبه كليانسكي، يعيش في نتانيا قوطع وفصل ولداه من وظيفتيهما، وطرد من الكنيس بصرخات تصفه "نجس".(132)
، نظام الرأي الواحد المستند الى التلقين او القوة، لا يمتلك قوة الثبات مثل الرأي الذي يدخل في نفاس ويتغلب بالجدارة. سوف نجد هذا النظام الاسبارطي يدمغ تصرفات المجتمع الصهيوني طوال العقود الماضية الممتدة حتى الزمن الحالي.
ورد في تقرير القائد سير برنارد باجت، ان جنودا يهودا بالقوات البريطانية "يشكلون تهديد للأمن" الى حد ارتكاب جرائم قتل بحق زملائهم الجنود والشرطة ما يؤكد تحذيرات المخبر السري (واي 32- ) . وبما نه ليس من الممكن تمييز الجنود اليهود من أولئك الذين زرعتهم الصهيونية فقد دعا باجت الى تسريح جميع اليهود من الخدمة "بأسرع وقت ممكن"(148)
ظلت المدارس المصدر الأول لاستقطاب الشباب، ولم تكن لدى المعلمين القدرة لحمايتهم. تحذير صدر عن الهاغانا ا"على كل صبي بلغ السادسة عشر ان ينضم الى الهاغانا؛ فإن رفض ستكون حياته المدرسية بالغة الصعوبة ويحرم من التدريب المهني. وإن رفض الأهل فإن على (هؤلاء الصبية) ان يخدعوهم وان يستجيبوا سرا للواجب ." كذلك يجري تسجيل الأطفال في سن العاشرة في الأحزاب السياسية- علق احدهم: كل ذلك يحدث بعد ثمانية عشر شهرا من قضائنا على هتلر الى الأبد. (178)
كانت منظمة فآد ليئومي تتحدث خلف الأبواب المغلقة عن " سيطرتها وقدرتها على الإكراه والتخويف والتهديد والابتزاز واستخدام القوة ضد المعلمين والطلبة ورجال الشرطة والسواق وغيرهم"؛ لكن الوكالة اليهودية رفضت مساءلتها؛ أما رئيس المجلس القومي اليهودي، ديفيد ريمز ،عضو الكنيست مستقبلا، فقد اعترف انهم "يجبرون اليهود على الالتحاق بهم وعلى مساعدتهم ضد ما تمليه عليه ضمائرهم . ويجد الناس أنفسهم مجبرين على المساهمة بالمال والجهد ضد إرادتهم... كذلك يجد التلاميذ في المدارس والحركات الشبابية أنفسهم مجبرين على الالتحاق بهذه التنظيمات؛ كما يجبر مديرو المدارس والمعلمون على نحو مشابه؟
كل من يعارض إجراءً صهيونيا، مهما أسدى من خدمات سابقة، وكذلك كل من لا يجاري الصهاينة في تطرفهم يستحق العقاب. انتقد رئيس الوزراء البريطاني وينستون تشرشل اغتيال اللورد موين ؛ فوضع على قائمة الاغتيالات. ولدى التنفيذ وجهت له رسالة ملغومة أمسك بها الأمن قبل ان تقع بيدي تشرشل. وبعد المعالجة الأمنية فجر اللغم الملصق بالرسالة على صفيحة فولاذية سمكها ربع إنش تلوت وانثنت.
في شباط (1946)نفذ مكلفون من إرغون وليهي مؤامرة اغتيال ريموند كافيراتا، مدير مركز الشرطة في حيفا نظرا لقسوته مع اليهود المتهمين بالإرهاب ، ريموند أنقذ قبل 17 عاما يهودا بالخليل اثناء ثورة البراق 1929؛ لكن ذلك لم يشفع له. انتظره المكلفون قرب حيفا ولما اقتربت سيارته اعترضتها شاحنة. في الحال لاحظ سائقه رشاشا مخفيا تحت معطف مطري يرتديه يهودي، فزاد من سرعته وطاردته شاحنة أخرى وهي تطلق الرصاص. رد الشرطة على الاردين ونجا كافيراتا.(151)
وجد البريطانيون في الأدلة التي تثبت تورط الوكالة في الإرهاب فتحدوها ان تثبت انها مؤهلة لأن تكون نواة دولة متحضرة، فدعوا ان التعاون ضد الإرهاب هو السلوك المتحضر. رد الزعماء الصهاينة "ذلك العمل يتعارض والمصالح السياسية اليهودية." (208)
اعترف البريطانيون سرا بأن الإدارة المدنية في فلسطين كانت بمثابة حامية محاصرة. (212)
لم يعد ثمة شك في ان عهد الانتداب قد شارف على نهايته، وتحولت بريطانيا الى متآمر مهزوم لا يسعى إلا الى النجاة بجلده بأسرع ما يمكن"(259) -
امتدحت الهاغانا هجماتها الأخيرة بداية عام 1946عبر إذاعة "كول يسرائيل " بأن الحكومة لم تعد تسيطر على اي جزء من فلسطين؛ كان المحاربون قد نشروا الفوضى حتى في الأجزاء العربية الخالصة من البلاد. (141)
كتب مراسل نيويورك تايمز بالقدس تقريرا عن منظمة الإرغون جاء فيه انها "تشبه التنظيمات النازية، وظيفتها اتخاذ الإجراءات اللازمة ضد العرب... تقتصر أعمالها على الشبان اليهود ولا تهتم باليهود "المضطهدين" والمهملين لأنهم بلا فائدة ... الهدف النهائي للمنظمة هو السيطرة على فلسطين في وقت ما في المستقبل واستيطانها هي وشرقي الأردن".
مع اقتراب اجتماع الهيئة العمومية للأمم المتحدة تزايدت اعتداءات الإرهابيين على العرب، والغرض منها إجبار العرب على عمليات مضادة يتخذونها مسوغا للدخول في اشتباكات وحرب ينفذون عبرها اهدافهم في دولة نقية موسعة. كان نجاح خطة الصهيونية لامتلاك كامل فلسطين متوقفا على استدراج الفلسطينيين الى صدام مسلح، طبيعي انه لن يكون متكافئا.
تنصل بن غوريون وشاريت من مسئولية الهجمات الإرهابية حين لجأ البريطانيون الى الوكالة يستحثونها، ولكنهما كررا ان الإرهاب لن يتوقف طالما تقف بريطانيا في سبيل الطموحات القومية الصهيونية ... وافق البريطانيون على دخول 1500 يهودي آخر كل شهر على امل ان يكون ذلك بمثابة غصن الزيتون.(138) درس للسلطة الفلسطينية لو تعيه.
فجرت بناية على ايدي افراد من الهاغانا، وقبل التفجير دخلت مجموعة البناية وراحت تطلق الرصاص في كل الاتجاهات وقتلوا اربعة فلسطينيين ثم دمروا العمارة، انتشلت جثث عائلة ، والدين 3ذكور و4 إناث، وادعت الهاغانا مسئوليتها(258)
العاشرة والربع من مساء 6 اكتوبر 1947 احاط15-20 إرهابيا بخيمتين فلسطينيتين، وأطلقوا عليهما 160 طلقة مقدمة لهجوم من ثلاث شعب المعروف بخطة "دالت" لتفريغ القرى العربية من سكانها في غضون اشهر قليلة. هرب الفلسطينيون واتبعهم المهاجمون بإطلاق النيران وقتلوا اثنين اثناء الهرب.... رغم ذلك شعر الإرهابيون بخيبة أمل، إذ لم يسفر ارهابهم عن رد فعل مسلح عربي. فقد احتاج الصهاينة الى مبرر ل "ألدفاع عن النفس" يحققون من خلاله انتصارهم... لا يزال الإرهابيون يبدون علامات القلق لأن غياب القلاقل الفلسطينية يعني تحكم الزعماء العرب بالجماهير.. (263)
من الناحية العملية اتفقت كل من الإرغون وليهي مع براغماتية بن غوريون :"التقسيم معناه الدولة ، والدولة هي السلاح الذي سيستولي على البقية". وقبل شهر من صدور قرار الأمم المتحدة حذرت المخابرات المركزية الأميركية من ان دولة إسرائيل لن تلتزم بالتقسيم ولن يلتزم بها حتى "الصهاينة المحافظون". أما الصهاينة "المعتدلون " فسيستولون على فلسطين كلها غرب نهر الأردن؛ بينما سيحارب من هم أقل اعتدالا للاستيلاء على الأردن الى جانب أجزاء من سوريا ومصر.(275)
ليلة راس السنة قتلت الهاغانا ستين فلسطينيا في بلد الشيخ وهاجمت وادي رشمية قرب حيفا . يقول إيلان بابه ان الصهاينة نفذوا الهجومين لاختبار رد الفعل البريطاني، وكان الرد هو "النطر الى الجهة الأخرى"، ما أثلج الصدور.
حذر تقرير سري من " الاستيلاء غير القانوني على الأرض في فلسطين من قبل اليهود لإقامة مستوطنات جديدة " على اراض خصصت للفلسطينيين. في تقرير بريطاني آخر بصراحة ولم يمض أسبوعان على القرار 181 ان الدولة الفلسطينية الموعودة لن تظهر الى الوجود وإنه" لا يبدو ان دولة عربية فلسطينية سيكون لها كيان".
في اليوم الأول من العام الجديد استهدفت يافا والقدس بحي القطمون. فجر الإرهابيون الصهاينة فندق سميراميس في 7 يناير اخرجت من تحت الأنقاض امرأة تحتضن طفلها وزعمت الإرغون ان الفندق كان قاعدة للعرب، الأمر الذي نفاه البريطانيون. تابع الإرهاب عملياته ونسف 14 بناية الى ان شن 5000 من الإرهابيين الصهاينة حملتهم الأخيرة واحتلوا حي القطمون "وأُجبِر غير اليهود على ترك الحي". ادلى اليكسندر كادوغان بشهادته امام الأمم المتحدة في ضوء التطهير العرقي المتنامي بالقول : "القصة اليهودية القائلة ان العرب هم المهاجمون وان اليهود هم المعرضون للهجوم لا يمكن قبولها"(285).
شكر بن غوريون مجلس الماباي على المناطق التي اصبحت"يهودية مائة بالمائة"، وفأل انه اعاد المدينة الى عهودها التوراتية". عززت تقديرات المخابرات المركزية في شهري فبراير ومارس ان الصهاينة سيتجاهلون القرار 181 وسيسعون الى إنشاء دولة في فلسطين وشرقي الأردن كلها.
بعد ثلاثة اشهر أشارت وكالة المخابرات المركزية الى ان عدم تعاون إسرائيل مع الجهود الرامية لإحلال السلام الدائم، سواء في مؤتمر لوزان او في المحادثات مع سورية والأردن، كان تكتيكا للاستمرار في التوسع. كذلك حذرت الخارجية الأميركية من النيات التوسعية التي لا يضبطها ضابط لدى إسرائيل؛ ورفضت بريطانيا تصديق نية إسرائيل لتحقيق السلام لأنها لم تتوقف عن انتهاك الهدنة، وكانت تدعي ملكية كل ما وقع تحت سيطرتها خلف خط التقسيم، وكذلك قطاع غزة. (317).
تقرير لوكالة المخابرات المركزية كتب بعد 11 شهرا على إعلان الدولة: لا يتحرج الزعماء الإسرائيليون من التعبير، وإن كان بشكل غير رسمي عادة، عن مطالبتهم بامبراطورية تتوسع باستمرار. وحدودهم الحالية ليست في نظرهم سوى موطئ قدم".(315)
كرر موشه دايان العبارة: لم نقرر بعد إن كانت حدودنا الحالية تكفينا (317)
علمت الحكومتان البريطانية والأميركية بنوايا الصهاينة، ولم تتخذ اي منهما او الحكومتان مشتركتان إجراءات تقيد الصهاينة وتمنعهم من الاعتداء على الدولة الفلسطينية. في الحقيقة كان قرار التقسيم مجرد خدعة. تكشفت تقارير المخابرات البريطانية التي يعود تاريخها الى منتصف ديسمبر ان البريطانيين أنفسهم اعترفوا بعد وقت قصير من التصويت على التقسيم بأن وعد الأمم بإنشاء دولة للفلسطينيين كان من قبيل الخداع... وقال تقرير بريطاني آخر بصراحة، ولم يمض أسبوعان على قرار التقسيم ان الدولة الفلسطينية لن تظهر للوجود وانه " لا يبدو ان دولة عربية فلسطينية سيكون لها كيان"(278)
في يوليو 1949 عين بن غوريون اول لجنة حكومية لوضع الأسماء الحكومية، وأصبح بعض أعضاء اللجان أشخاصا مهمين في علم الآثار الإسرائيلي الذي يخدم "السردية" الإسرائيلية للتاريخ.(322)

#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات