أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - علي الجنابي - بِطاقةٌ حمَّالةٌ للقَهَر














المزيد.....

بِطاقةٌ حمَّالةٌ للقَهَر


علي الجنابي
كاتب

(Ali . El-ganabi)


الحوار المتمدن-العدد: 8171 - 2024 / 11 / 24 - 02:03
المحور: كتابات ساخرة
    


رَنَّ "هاتِفي" بخَبَر،
أفضاهُ لي صديقٌ مُقيمُ في باريسَ السَّمَر، وكانَ بسَقيمِ عَيشٍ في بغدادَ قد كَفَر، وبِنَسيمِ ضِفافَ "السِّينَ" قد ظَفَر، والسِّينُ هوَ اسمٌ لذاكَ النَّهَر. استوطَنَ حّذوَهُ واتَّخذَ مِن برجِ ايفِلَ قِبلَةً لمَقطَنِهِ على مَدِّ البَصَر.
ثمَّ حَثيثاً غادَرَ صدِيقِي حديثاً مِن شَذرٍ مَذَر، وبَادَرَ الى قَولِ الخَبَر؛
- لقد حُزتُ على جِنسِيَّةٍ إفرنجيَّةِ بفَخَر. ويالهُ من نبأٍ سارٍّ مُنتَظَر، ومُدعاةٍ لابتهاجٍ بصَخَبٍ على جُفُونِ السَّهَر"!
- أصِدقاً ما قلتَ مِن خَبرٍ بابتهاجٍ وفَخَر؟ أوَلم ترَ من العَوائِقِ مافيهِ مُزدَجَر؟
- نعم، وعَلامَ العوَائِقُ والبَوائِقُ والقَهَر، وما مِن مُديرٍ إفرنجيٍّ هَهُنا ذي صَفِيرٍ مُزدَجَر، وما مِن مُوَّظفٍ ذي وجهٍ مُصفَرٍّ مُكفَهَر. بل إنِّي لستُ مَلزمَاً لأكونَ في دائِرةِ الجِنسِيَّةِ لديهم مُّحتَضَر، لإنَّ الأمرَ كلُّهُ سَلسٌ يَسيرٌ مُختَصَر، ويكمنُ برقمِ طابعٍ بثَلاثينَ "يُورو" أرسِلُهُ لهم ببَريدٍ مضمُونٍ مُعتَبَر.
- ويْ! أوَصِدقاً ما تَقولُ، أم هو التَّملُّقُ بِفَخر! أمهاجرٌ يَتَجَنَّسُ دونَ كَبَدٍ بكمَدٍ وقَهر. أحقَّاً الأمرُ لا يستَوجبُ إلّا طابعاً مُرسَلاً ببَريدٍ مضمُونٍ مُعتَبَر. وَيْ، لئن كانَ ذاكَ كذلكَ، فالخَطبُ إذاً يستدعيَ السَّهرَ بسَمَر. ولا تَثريبَ عليكَ يا صاحُ ولا حرجَ من ذا سَهر، ولكَ أن تَجعلَ أمَدَ السَّهرِ شهراً فَشَهراً فوقَهُ شهر، واجعَلِ السَّمَرَ فيهِ حكايَتي وماطوَتْ من قَهَر.
وإنَّ ما سَأرويهِ لكَ هوَ واللهِ حقٌّ ،وما كانَ من عَجيبِ الخَبر، ولا من غَريبِ الضَرَر..
كنتُ قد وقفتُ قبل أيامٍ قُدَّامَ دائِرَةَ الجنسيَّةِ في بغدادَ بِأنَفَةٍ وانشِراحٍ وبلا ضَجَر، إمتِثالاً لإمرِ حُكومَتي بِتَحديثِ "الِبِطاقةِ المُوَحَّدَة"المُعتَبَر. وإذ أرشَدنيَ القائمونَ هناكَ الى حَجزِ موعدٍ للمراجعةِ يَمتدٌّ لشَهرٍ مَعهُ شَهَر. وإذِ أبانوا ليَ ألّا حَجزَ دونَ دفَعِ مبلغٍ ماليٍّ (أصُوليٍّ) مُقَدَّراً بِقَدر. فأسرَرتُ القَولَ باستِهجانٍ وبضَجَر؛
إنَّ هذا لأمرٌ وضيعٌ غيرُ مُحتَرمٍ ولا مُختَبَر!
أمالاً عليَّ دَفعُهُ ثمناً لحَجزِ ميعادٍ مُنتَظَر!
لمَ المَال! علامَ المَال؟ لاأدري لمَ ! بيدَ أنِّي فَرَكتُ بيَديَّ ثمَّ تَرَكتُ الدَّائرةَ بِكَدَر، على أملٍ في عَودٍ اليها مُعتمِراً وملبياً بلبَاسِ إحرامٍ وطَنيٍّ مُبتَدَر، لباسٍ مِن عَلمٍ عراقيٍّ مُحتَضَر، حينَما تَكونُ المَناسِكُ في دائرةِ الجنسيَّةِ قد خَلَت من زحامِ حَجيجٍ مُستَعَر، فأحجُّ وأُكبِّرُ للعراقِ بِيسرٍ مُستَقَر.
أجل، تَرَكتُ الدَّائرةَ بِحَسرةٍ بل بِكَدَر، فَيَمَّمتُ وجهي شَطرَ "مصرف الرَّشيدِ" بتؤدةٍ ذاتِ بَصَر، لأستَلِمَ راتباً تقاعدياً بعدَما اكتَملَ الشَّهَر، لكنِ المَصرَفُ أمَرَني بدفعِ ٢٥ ألفَ دينارٍ ولعُذرِ الدَّفعِ قد طَمَر، ولمَّا سألتُ ردَّ عليَّ المُوظفُ بردٍّ قانونيٍّ مُختَبَر: "إنَّها أُجورُ المُعتمدِ ليَجلبَ لنا من هَيئةِ التَّقاعدِ صِحَّةَ الصُّدورِ لملفِكَ في ذا شَهَر".
لَعمريَ إنَّ هذا لأمرٌ وضيعٌ غيرُ مُحتَرمٍ ولا مُختَبَر!
أمالاً عليَّ دَفعُهُ ثمناً لصحةِ صُدورٍ مُنتَظَر!
لمَ المَال! علامَ المَال؟ لاأدري لمَ ! بيدَ أنِّي فَرَكتُ بيَديَّ وَدَفعتُ إجلالاً لقَداسةِ المَصرفِ في ذا دَهَر، فهوَ نَبعُ النَّهَرِ في ذا شهرٍ وفي كلٍّ شَهَر.
أنا أبداً، لن أصَرِّحَ بعدَ هذا السَّفَر، لدَائِرتَي الجِنسيَّةِ والمصرفِ بنَكدٍ وبِقَهَر؛
"تبَّاً لكَ ياوَطَن، يا أسَّ كلِّ كَمَدٍ مُعتَصَر" !
كلّا، وحَاشَا لوَطَني، وهوَ لمُقَليَ المَقَر..
فَوَطني حَوى الجَالغيَّ ودجلةَ، واحتَوى كُبَّةَ السَّرايِّ والقشلةَ، وشايَّ الشَّاهبَندَرَ المُقَدَّرَ بقَدَر.
كلّا، لا وَزَرَ، على وَطَنٍ رَوَى النَّجمُ حَرفَ العُنفوانِ المُستَطر، وَرَوى مِن ماءِ فُراتِهِ العاكِفُ والبادي والطَّيرُ والشَّجَر،.
وَطَنٌ زَوى شَطَّ العرَبِ، وطَوى طُرفَةَ بَصراويٍّ حينَ السَّمَر، ونَفرةَ كرديٍّ "نَه خبر"، وتلكَ نَفرةٌ لا تقبَلُ قسمةً إلّا على نفسِها بقَدَر.
في وَطَني ورُغمَ كلِّ هَمٍّ وغمٍّ وقَهَر، لم تزلِ التَّحيةُ تُلقى مِن على مَدِّ البَصَر، ولم تزلْ فيهِ ضحكةُ خَالتي بلا سَبَب، وعُبُوسُ عَمِّي لأدنى جَلَب، واستدانةُ جاري لدِينَاري بسَبَبٍ وبلا سَبَب.
وطني، وَطَنٌ أصيلٌ جَميلٌ وإن أمسَتِ الخُطى فيهِ كئيبةً وبِحَذَر، وأنا لن أنالَ مِنهُ ولو أضحَيتُ ناراً تلظَّى بسعر. وأمّا جنسيَّتي فلا تَثريبَ ولا ضرارَ ولا ضَرَر، وسأنقَلِبُ في قادمٍ بلباسِ إحرامٍ وَطَنيٍّ لأرميَ حِجاراتٍ على كلِّ مُوَسوِسٍ لي بهجرَةٍ وسَفَر؛
"لبَّيكِ يا بِطاقةً حمَّالةً للقَهَر".



#علي_الجنابي (هاشتاغ)       Ali_._El-ganabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المُتْحَفُ
- أعيَيْتُ وعَيَيْتُ
- عَوْدٌ بَعدَ طُولِ غِيَاب
- أصْلُ الحِكَايَةِ
- تَأمُّلٌ مُسْتَقصٍ في مُشكِلٍ مُسْتَعص
- بينَ تِلالِ الأدرياتِيك
- (الأكشِنُ) المُذهِلُ المَاهِرُ
- لَعَلّي صائِرٌ إلى بَصَائر برَجاء
- تَأمُّلاتٌ خَارِجُ أَسوَارِ البَصَر
- مئةُ عامٍ منَ الدُّخانِ
- هَكَذا كَانَ أبي يَتَكَلَّمُ
- عَنِ د. مُصطَفَى مَحمُود
- طَيْشُ الكَلَامِ
- أَيْنَ اخْتَفَتِ الكَلبَةُ الهَارِبَة؟!
- تَحريفُ الحَياةِ بِتَخريف
- إي وَرَبِّي؛ مَكةُ لَيسَ كَمثلِها دَار
- بَغْلُ الدِّيرَة
- شُعاعٌ حَذوَ مِحرَابِ الإيمان
- لا تَثريبَ على حَيوانِ -الكَسول-
- مِن حِوَاري مع صَديقتيَ النَّملةِ


المزيد.....




- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - علي الجنابي - بِطاقةٌ حمَّالةٌ للقَهَر