أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعاد سعيد نوح - النوستالجيا في رواية - اسمي زيزفون-














المزيد.....

النوستالجيا في رواية - اسمي زيزفون-


سعاد سعيد نوح

الحوار المتمدن-العدد: 8169 - 2024 / 11 / 22 - 22:44
المحور: الادب والفن
    


"ماتت زيزفون بسلامة راسكم" من هي زيزفون؟ هي بطلة رواية" اسمي زيزفون" للكاتبة السورية سوسن جميل حسن والتي وصلت إلى القائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية عام 2023 والتي صدرت عن "منشورات الربيع" بالقاهرة عام 2022. وحين تصل العجوز" زيزفون" إلى المستشفى يناديها الطبيب باسم" جهيدة" فتنتفض ذاكرتها، تفيق من الغيبوبة، لكنها تدخل في تأمل عميق لذاكرتها، لنعرف معها حكاية الاسم" جهيدة" الذي تكرهه، وترفض أن يناديها به أحد، فقد فرض عليها من قبل أبيها الذي أصرّ على تسميتها بهذا الاسم رغم اعتراض أمها. إن غيبوبة الموت دفعتها دفعا لتأمل حياتها، ومن ثم تأمل تاريخ قريتها، بل تاريخ بلادها، وكشف المسكوت عنه في مأساتها الشخصية ومأساة الوطن كله. .
ثمة خطان دراميان تسير فيهما الرواية، الخط الأول هو العودة إلى منتصف القرن العشرين، تحديدا عام 1958، حيث ولدت لأب وأم مختلفين في الثقافة والعادات والتقاليد، ثم استقصاء تاريخ القرية الاجتماعي والعلاقات بين البشر، أما الخط الدرامي الثاني فهو الزمن الآني، حينما دخلت في غيبوبة وحتى إفاقتها وسط أزمنة كورونا التي اجتاحت العالم.
ومن خلال هذين المسارين الزمنيين تتمكن الكاتبة من التأريخ الاجتماعي لسورية وما حدث فيها من تغيرات سياسية واجتماعية كبرى. نتعرف من خلال تدفق السرد على طبيعة الضيعة الاجتماعية، وكيف تغيرت وفقدت هويتها كضيعة ولم تصبح مدينة، نتعرف على عائلة زيزفون كلها الأم والأب وأخويها برهوم وشعبان، وأختها عواطف، وقصة كل منهم، وخيبة أمل زيزفون في الحب خلال السنين، وانتقالهم إلى اللاذقية واضطرارها للعمل.
تقول سوسن حسن:"احترق البيت، لم يبقَ غير جدران سوداء تفتح عيونَها على الفراغ، صار مثلَ جمجمة مُجوَّفة يملأها التراب وبيوض الديدان. واحترق دفتري، راح عُمري وذاكرتي، صرتُ كأنني لم أكن ولا مررتُ بهذه الحياة، كل ما أرجوه أن يتذكر كل من يقرأ روايتي حكاية زيزفون التي مرّت من هنا ومن هناك، زيزفون التي ناضلت أكثر من خمسين عامًا، منذ أن شغلها السؤال عن الرجعيّة، التي جاهدت من أجل أن تطمر جهيدة في تراب النسيان كي تكون ذاتها، زيزفون الاسم الذي أحبّتْه وشعرتْ أنه جدير بتمثيلها في الحياة، وبأن يكون رفيقها في سفرها الذي لم يغادر أحلامها، وراحت تدوّن تاريخها قبل أن يُنسى. احترق التاريخ وزحفت آلةٌ جبَّارةٌ على جدرانه السوداء لتهدمه وتغرز في الأرض وتدًا من الحديد يحمل لافتةً كُتِب عليها: المقصّ- مشروع دكان أُمّ جهيدة للبناء".
إن البطلة" زيزفون" تجل حقيقي للمرأة المتمردة الرافضة لهيمنة الثقافة الإقصائية للنساء، وكذلك متمردة على ثقافة التغييب التي تأتي مع الإيمان الدجل والشعوذة وهيمنة "المقامات" لمن يتمسحون في الدين، أحرقت مقام "أبو طاقة" رمز التغييب الشعبي في دون أن تحسب حساب العقاب الاجتماعي الذي سوف ينزله بها العامة. فقد مثّل لها المقام ألما نفسيا لم تستطع تجاوزه، فقد كان عليها ـ كعادة اجتماعية ـ أن تعبر "الطاقة" أي الكوة في جدار المقام؛ لتثبت أمام حشد من الناس عفتها، وهناك يفلت سعيد كلابه على شيخ المقام لإنقاذ زيزفون. ومع ذلك ظلت تلك الحادثة ماثلة في وعيها، حتى أقدمت، ذات ثورة وذات تمرد على القيود الاجتماعية التي تفرض على المرأة، على إشعال النيران في المقام.
لكن من هو سعيد الذي أطلق كلابه لينقذها؟ إنه فتى اشتهر بقصصه وحكاياته، وعرفه أهل القرية بـ "المجنون" الذي يعيش وحدته في غرفة طينية معزولة بالبرية رفقة كلابه، ورغم اعتزاله فإنه علّم زيزفون مواجهة القمع الجسدي والنفسي، وعلمها الإيمان بذاتها وعرفها أهمية العدالة الاجتماعية والحرية. وقد كان سعيد رمزا للحرية وداعيا للتغيير بعيدا عن العصبيات القبلية والتحزبات الطائفية، فهو يؤمن بالوطن دون تمييز أو تصنيف. ولا تنتهي الرواية حتى يجتمع سعيد وزيزفون في ميدان الثورة والحراك الاجتماعي والشعبي الذي حدث في عام 2011.
تفلح الكاتبة في رصد التغيرات الاجتماعية التي طالت القرى والمدن منذ الستينيات من القرن الماضي وحتى الألفية الثالثة، وعبر الوصف نتجول معها لنرى كيف تغيرت البنية الديموغرافية فتقول:"
تلك البيوت الطينية المبنية بطريقة أكثر حداثة، من الحجر، في طابق وحيد، صامتة اليوم صمت الجنازات والقبور بين الأبنية الطابقية التي أخذت تلتهم المكان وتقضم بساتين الليمون وكروم الزيتون والتين، بعد أن توسعت مدينة جبلة ودخلت هذه المنطقة بالمخطط العمراني الجديد".
إنها نوستالجيا إلى زمن ومكان غابا مع التغيرات الحداثية، والغياب لم يكن رمزيا، بل كان غيابا فيزيقيا تماما، فبعد عودتها من الغيبوبة وقرارها أن تعود بالزمن إلى الوراء لتحكي حكايتها بكل تشعباتها تجد المنزل قد احترق، واحترق معه دفترها الذي كانت تدون فيه تفاصيل حياتها:" لماذا كل هذا الحنين يا زيزفون؟ أنتِ قلتِ إنك ستدونين كل ما تجود به الذاكرة من الآن فصاعدًا، أنسيتِ؟ لا، لم أنسَ، الحنين سيجرفني بعيدًا إلى دوامات قد أغرق فيها، وأنا لا أريد ذلك، أريد أن أفرد حياتي أمامي وألعب".



#سعاد_سعيد_نوح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حفريات السعادة في رؤى الفلاسفة
- الهويات المتصارعة في- أيام الشمس المشرقة-


المزيد.....




- القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة ...
- صحفي إيرلندي: الصواريخ تحدثت بالفعل ولكن باللغة الروسية
- إرجاء محاكمة ترامب في تهم صمت الممثلة الإباحية إلى أجل غير م ...
- مصر.. حبس فنانة سابقة شهرين وتغريمها ألف جنيه
- خريطة التمثيل السياسي تترقب نتائج التعداد السكاني.. هل ترتفع ...
- كيف ثارت مصر على الإستعمار في فيلم وائل شوقي؟
- Rotana cinema بجودة عالية وبدون تشويش نزل الآن التحديث الأخي ...
- واتساب تضيف ميزة تحويل الصوت إلى نص واللغة العربية مدعومة با ...
- “بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا ...
- المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعاد سعيد نوح - النوستالجيا في رواية - اسمي زيزفون-