|
هجمات شُرَطية !
خليل قانصوه
طبيب متقاعد
(Khalil Kansou)
الحوار المتمدن-العدد: 8169 - 2024 / 11 / 22 - 00:50
المحور:
القضية الفلسطينية
كنا نعتقد دائما أن لبنان حقل تجارب دولية تدبيرا للمؤامرات و الانقلابات من أجل إعاقة حركات التحرير الوطني عن التقدم نحو إقامة الدولة الوطنية في أقطار المشرق العربي ، لكن بعد أن كانت الدول الاستعمارية الغربية التي تقودها منذ الحرب العالمية الثانية الولايات المتحدة الأميركية ،تستخدم انطلاقا من الساحة اللبنانية ، أدوات أصلها في تلك الأقطار ، لإثارة الاضطرابات فيها ، أشعلت غداة حرب تشرين أول , أكتوبر 1973 ، في لبنان بواسطة أدوات محلية ،محرقة تمددت نارها إلى الأقطار المحيطة ، نجم عنها متغيرات و متبدلات هائلة لم تتوقف عجلتها بعد ، ربما لأن نتائجها اقتصرت حتى الآن على سفك الدماء و هدم المساكن و أسواق المدن و إتلاف الزرع. حيث إذا استثنينا دولة إسرائيل المأزومة سكانيا و جغرافيا و أخلاقيا ، لم يتسن لهذه الدول أن تجد لنفسها موطئ قدم ثابت و مفيد . فأغلب الظن أن مرد ذلك إلى أن هذا المشرق لن يعرف الاستقرار ما لم يتأت عن تفاعل عوامل ذاتية ، ثقافية و اجتماعية و تاريخية ، تُمثل دعائم ضرورية لركائز وجوده . من نافلة القول إذن أن الحرب في لبنان لم تندلع في 17 أيلول سبتمبر الماضي و إنما في نيسان إبريل 1975 ، مثلما أن انفجار برميل البارود في قطاع غزة في 7 أكتوبر تشرين أول 2023 ، ليس السبب الحقيقي لحرب التطهير العرقي الإسرائيلية في فلسطين و في لبنان . فمن وجهة نظرنا اتضحت الغاية من الحروب الإسرائيلية في سنة 1967 ثم في سنة 1982 من خلال الغزو الإسرائيلي للبنان و احتلال أكثر من نصف مساحته ، ضمنا عاصمته بيروت . و لكننا لسنا هنا بصدد التذكير بفصول هذه الحرب ، لذا نكتفي بالتوقف عند مميزاتها الأبرز التي تجلت في رأينا في ثلاثة مجالات رئيسية : ـ منها أولا التعاون بين القوات الغازية من جهة و فريق من اللبنانيين ، تمثل أساسا بالقوات اللبنانية ، و لكنه لم يقتصر بالقطع عليها ، من جهة ثانية . تجدر الملاحظة إلى أن هذا الفريق يطالب اليوم بشرعية الانفصال " عموديا " ، و بحقه في طلب الصلح مع دولة إسرائيل التي رحلت لبنانيين ، جنوبا و شرقا و في بيروت أيضا ، و أزالت قراهم و دمرت أحياء المدن التي يقطنون فيها ، تحت ذريعة أن أبناء هؤلاء الناس يتصدون لمقاومة عدوانها على الفلسطينيين في قطاع غزة و الضفة الغربية . و لعل الزيارات المتبادلة بين الديبلوماسيين الأميركيين من جهة و ممثلي " المنفصلين عموديا " عن المقاومين من جهة ثانية دليل على استمرار رهان الإسرائيليين و حلفائهم الأميركيين على "المنفصلين " ، استناد إلى التمييز بين اللبنانيين على أساس طائفي . يكاد المشهد اليوم يحاكي الذي سبق في العام 1982 ـ الهدف الاستيطاني الرئيسي المتمثل بمحو الوجود الفلسطيني في سياق التطهير العرقي ، تمظهر ذلك في لبنان في تدمير مخيمات اللاجئين الفلسطينيين ، حروب المخيمات ، مجازر المخيمات ، و في قطاع غزة على شكل إبادة جماعية ، و مجازر ، و في الضفة الغربية على شكل طرد العائلات من منازلهم ، مصادرة الأرض ، توسع رقع الاستيطان ، الاعتقال الإداري أو " الاحترازي " ، و أساليب التنكيل و العقاب على أساس " المسؤولية الجماعية " و " المسؤولية العائلية " التمييز العنصري على أساس الدين بحسب قانون " إسرائيل دولة القومية اليهودية " حصريا . ـ ملاحقة و معاقبة المتضامنين مع الشعب الفلسطيني و مقاومته ، على أساس اعتبار التضامن مع المقاومة الفلسطينية في المفهوم الاستيطاني " جريمة إرهابية " تستدعي مسؤولية فردية و عائلية و جماعية . طبق الغزاة الإسرائيليون هذه المعايير ضد حركة المقاومة الوطنية اللبنانية ثم ضد. المقاومة الإسلامية. من البديهي أن جيوش الدولة الصهيونية لم تستهدف فلسطين و لبنان و حسب و انما تعدت حدود هذين البلدين بكثير ، كما لا يخفى ، فإن جغرافية الأطماع الاستيطانية واسعة جدا و هي لم تعد مكتومة بعد الإعلان عن عزم الولايات المتحدة الأميركية و حلفائها إعادة رسم الحدود القطرية في المشرق و بعد مبادرات المسؤولين الإسرائيليين المتكررة إلى عرض الخرائط الجغرافية لمشروعهم الاستيطاني . يبقى أن نشير إلى أن الجيوش الإسرائيلية لا تكون عادة و حيدة في ميادين الحروب ، فجيوش الحلف الأطلسي ترافقها عن قرب ، عديدا و إمدادا ، جوا و بحرا و برا . كما أنها تقوم عندما تقتضي الحاجة بالتمهيد لعملياتها العسكرية عن طريق حظر السلاح و المؤن وتدمير البني التحتية و " إعادة الناس إلى عصر الحجر " ، خذ مثالا على ذلك ما جرى و ما زال يجري في العراق و سورية و ليبيا و السودان و اليمن و الجزائر و تونس ، أما عن مصر فحدث و لا حرج .و لا يفوتنا في السياق نفسه التذكير بأن جيوش " إعادة الناس إلى عصر الحجر " توظف الفساد و الدين و الفقر و البؤس ، لبلوغ مآربها ، نقصد هنا عملية " تفريخ " التنظيمات الإرهابية الإسلامية ، و توفير الشروط الملائمة لنهوضها و اٍستغلالها . قصارى القول أنه في ظل عدم التكافؤ في المواجهة الدائرة في المشرق العربي تجري منذ عدة عقود زمنية ، عمليات إبادة جماعية ، متنقلة من قطر إلى قطر ، ما نشهده في قطاع غزة نموذجا عنها . نحن لا نعرف في الحقيقة ، عما ستسفر عنه هذه العمليات ، هل ستكون الإبادة نهائية ، كاملة وشاملة ،أم انها ستفشل ، و لكن نصمها بالفظاعة و الوحشية البوليسية ، و كون السلطات الأوروبية الغربية و الأميركية ،هي التي تمارسها بدم بارد ، وهي قادرة على كل شيء فهذا أمر خطير جدا ، لأنه من المحتمل أن تطال هذه الابادات بشكل او بآخر جميع الشعوب لاسيما الشعوب التي ترزح تحت وطأتها ، ليس في المستعمرات السابقة و حسب و لكن في أوروبا وأميركا نفسها أيضا فالمؤشرات على ذلك تظهر اكثر فاكثر ، يجسدها تزايد أعداد المحتاجين لمساعدات غذائية و طبية و سكنية لم تعد متوفرة في الدول الغنية ، فلاشك في اننا حيال سلطات بوليسية قابضة على مصير العالم ، تكشف أمرها في مناسبات مثل مواجهة جائحة الكوفيد بأساليب خشنة ، و في سلوك شركات انتاج و تصنيع الغذاء و في تهشيم البيئة المتواصل .
#خليل_قانصوه (هاشتاغ)
Khalil_Kansou#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القانون هو ما تقتضيه مصلحة الشعب الالماني !
-
النازية و الصهيونية !
-
التطهير العراقي وسيلة لإستعادة الأهلية !
-
الناس البشريون و الحيوانات البشرية !
-
المجتمعات المفككة
-
حرب هتلرية !
-
مقاليع داوود و القرابات الإبراهيمية !
-
التوافق على سحق غزة
-
انتفاضة السابع من اكتوبر ضد قطاع الطرق
-
آخر حلقات الحرب في لبنان !
-
الكتابة في زمن الحرب !
-
الحرب بالنقاط و الحرب بالضربة القاضية !
-
التناقضات بين السلطة في شبه الدولة العربية و شعبها !
-
الحرب الهانيبالية الإسرائيلية 2
-
الحرب الهانيبالية الإسرائيلية
-
المستعمر العنصري إستئصالي !
-
القيادة الصهيونية و الفرد - العربي- في فلسطين !
-
النزوع عن النازية !
-
تلازم الحربين في أوكرانيا و فلسطين
-
سينكرون ما يفعلون !
المزيد.....
-
رجل يُترك ملطخًا بالدماء بعد اعتقاله بعنف.. شاهد ما اقترفه و
...
-
وزير الخارجية السوري الجديد يدعو إيران لاحترام سيادة بلاده و
...
-
مايوت: ارتفاع حصيلة ضحايا الإعصار شيدو إلى 39 شخصا وعمليات ا
...
-
2024.. عام دام على الصحافيين وعام التحديات الإعلامية
-
رصد ظاهرة غريبة في السحب والعلماء يشرحون سبب حدوثها
-
-القمر الأسود- يظهر في السماء قريبا!
-
لافروف: منفتحون على الحوار مع واشنطن ولا نعول كثيرا على الإ
...
-
زيلينسكي يدين ضربات روسية -لاإنسانية- يوم عيد الميلاد
-
بالأرقام.. في تركيا 7 ملايين طفل يعانون من الفقر وأجيال كامل
...
-
استطلاع: قلق ومخاوف يطغى على مزاج الألمان قبيل العام الجديد
...
المزيد.....
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
المزيد.....
|