|
لماذا يكره الاخوان المسلمين السعودية ويحبون تركيا ؟!!
أحمد فاروق عباس
الحوار المتمدن-العدد: 8168 - 2024 / 11 / 21 - 12:05
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قضت السعودية عقودا طويلة تساعد الاخوان المسلمين ، علي الاقل بعد أن هربوا من مصر بعد محاولتهم قتل جمال عبد الناصر في اكتوبر ١٩٥٤ ..
وأعطي المال السعودي والمؤسسات السعودية - مثل رابطة العالم الاسلامي وغيرها - حقنة انعاش هائلة للاخوان المسلمين ..
بل واستخدمتهم السعودية في احيان كثيرة كأحد الاذرع المهمة في سياستها الخارجية .. من استخدامهم لحربها ضد جمال عبد الناصر والقومية العربية في الستينات ، الي استخدامهم في الجهاد الافغاني ضد الروس في الثمانينات .. وتلك قصة طويلة ..
وظل الوضع مستقرا حتي بداية العقد الاول من القرن الواحد العشرين ، الا من بعض الشكوك السعودية في الاخوان .. وخاصة في موضوعين : الاول : هو تأييد الاخوان المسلمين للثورة الاسلامية الشيعية في ايران بقيادة أية الله روح الله الخوميني عام ١٩٧٩ ...
الثاني : غموض موقف الاخوان من احتلال العراق للكويت عام ١٩٩٠ ثم حرب تحرير الكويت عام ١٩٩١ ..
بخلاف هذين الموضوعين كانت السعودية بالنسبة للاخوان هي اطهر وأعظم بلد ، وحكامها انظف واعظم الحكام ...
ثم جرت مياه كثيرة في نهر السياسة في الشرق الاوسط ، ومنها اكتشاف السعوديين ان الولايات المتحدة تريد استبدال نظم الحكم القائمة في الشرق الاوسط بنظم حكم تنتمي الي الاخوان المسلمين او قريبة منهم ..
وكان ان أعلن وزير الداخلية السعودي - الامير نايف بن عبد العزيز - عام ٢٠٠٢ ان الاخوان المسلمين قوم منافقون ، وهم دائما ما يعضون الأيدي التي تمتد لمساعدتهم .. وقال وزير الداخلية السعودي : جماعة الإخوان المسلمين أصل البلاء ..كل مشاكلنا جاءت من جماعة الإخوان المسلمين، فهم الذين خلقوا هذه التيارات وأشاعوا هذه الأفكار ..
وكان الوزير السعودي يقصد افكار التطرف والارهاب ، والتي عملت علي صنع قلاقل في السعودية ، بدءا من حادثة جهيمان العتيبي في الحرم المكي عام ١٩٧٩ وصولا الي اسامة بن لادن وتأسيسه للقاعدة .. وكلاهما لم يكن بعيدا عن افكار الاخوان المسلمين ورجالهم في المملكة ..
كان ظن السعودية ان ذلك المسعي الامريكي شديد الوضوح قاصر علي الجمهوريات العربية - مصر وسوريا وليبيا وتونس واليمن والجزائر - لكن الممالك العربية بعيدة عن هذه الخطط الجديدة لتغيير الشرق الاوسط ، والتي بدأت هادرة بعد ٢٠٠١ وتحولت الي أعاصير وبراكين متفجرة بعد ٢٠١١ ..
ولكن بعد عام ٢٠١١ - حيث بدات قصة الثورات العربية بمساعدة امريكية خفية في البداية ومعلنة بعد ذلك - اكتشفت السعودية وباقي الممالك العربية ان خطط امريكا لاحلال الاخوان مكان النظم القائمة ليس قاصرا علي الجمهوربات بل ويشمل الممالك ايضا !!
وهنا كان الافتراق النهائي بين الاخوان المسلمين وأغلب الممالك العربية .. وخاصة السعودية والامارات والاردن ..
وكان ملك المغرب من الذكاء ان سمح للاخوان ان يصلوا الي السلطة ويحكموا المغرب - بقيادة زعيمهم هناك عبد الأله بن كيران - قبل ان يلفظهم الشعب المغربي بعد ذلك ..
ومن هنا نفهم الاسباب الحقيقية للحملة القوية والمستمرة من الجهاز الاعلامي للاخوان المسلمين - قنوات فضائية ومنصات الكترونية - علي السعودية والامارات بالتحديد ..
ليس - كما يقولون - بسبب تقارب السعودية مع اسرائيل ..
لقد قدم الملك فهد عام ١٩٨١ - وكان أميرا وقتها ووليا للعهد - مبادرته لحل الصراع العربي الاسرائيلي وكان خلاصتها الارض مقابل السلام .. وجدد الملك عبد الله عام ٢٠٠٢ - وكان أميرا أيضا وقتها ووليا للعهد - المبادرة السعودية وقدمها للقمة العربية في عمان ..
وكلا المبادرتين ، وقصدهما اقامة سلام بين العرب - بما فيهم السعودية - واسرائيل لا يختلفان في خطوطهما العريضة عن الموقف السعودي الحالي ..
فلماذا سكت الاخوان وجهازهم الاعلامي عن السعودية عام ١٩٨١ وعام ٢٠٠٢ بينما يطلق عليها حملة اعلامية رهيبة الان ومنذ سنين قليلة ..
السبب - ببساطة - انه قديما كانت السعودية صديقتهم ، كانت الممول ، وكانت مكان العمل ، وكانوا أداة مهمة في السياسة السعودية - كما كانت قطر في عقد الربيع العربى - وكانت مؤسساتها الثقافية وخاصة الخارجية منها يقودها الاخوان ... وقد انتهي كل ذلك الان ...
هل هجوم الاخوان المستمر علي السعودية لأنها - كما يقولون - ابتعدت عن دين الله ؟!
ولكن تركيا بعيدة عن دين الله اكثر ألف مرة من السعودية ومع ذلك لا ينتقد تركيا اخواني واحد ، بل وتجد منهم الثناء الدائم علي تركيا بمبرر وبغير مبرر !!
وفي تركيا اماكن رسمية للممارسة البغاء ، وليس في السعودية ذلك الفعل الفاضح ، وهو في الاسلام أحد الكبائر ..
وفي تركيا تنتج الخمور وتباع في كل الأماكن بصورة عادية ، وليس في السعودية ذلك الفعل .. علي الاقل ليس في العلن ...
ونظرة واحدة علي الشارع التركي والشارع السعودي توضح ببساطة أيهما اقرب الي الاسلام .. ولكن من قال اصلا ان الاخوان يحددون موقفهم من الاخرين بسبب الدين ؟!
وفوق ذلك لاسرائيل سفارة في أنقرة وقنصلية في استنبول ، ولتركيا سفارة في تل أبيب ، وليس للسعودية سفارة في اسرائيل ولا لاسرائيل سفارة في الرياض ..
ومن قال ايضا ان الاخوان يحددون موقفهم من الاخرين بسبب اسرائيل ؟! ان هناك من الاخوان المسلمين من عرب ٤٨ أعضاء في الكنيست الاسرائيلي ضمن القائمة العربية الموحدة !!
هل لأن السعودية قريبة من امريكا ؟!
نعم السعودية قريبة من أمريكا ... ولكن تركيا أقرب لأمريكا أكثر مائة مرة من السعودية ، علي الاقل تركيا عضو في حلف الناتو تحت القيادة العسكرية والسياسية الامريكية .. والسعودية ليست عضوا في حلف الناتو أصلا ..
ومرة ثانية .. لماذا استحقت السعودية هجوم الاخوان الكاسح ولماذا استحقت تركيا حبهم وعطفهم الشديد ؟!!
ليس بسبب الدين ولا بسبب اسرائيل ولا بسبب أمريكا اذن .. ولكن السبب الحقيقي - وغير المعلن - هو المصلحة ..
الاخوان حيث تكون مصلحتهم المباشرة فهم هناك ، يدافعون ويلبسون الباطل بالحق ... وحيث لا تكون مصلحتهم فهم يهاجمون وينتقدون ويستخدمون وسائل - أغلبها غير شربف - ضد خصومهم ...
هذا هو السبب ببساطة في حب الاخوان لتركيا ... وكرههم للسعودية ...
#أحمد_فاروق_عباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فيتنام وفلسطين : اين الاتفاق .. واين الاختلاف ؟!
-
لماذا لا تدخل مصر الحرب ؟!
-
الي أين اخذت حماس القضية الفلسطينية ؟!!
-
لماذا أرادت النخبة الامريكية الحاكمة مجئ ترامب مرة أخري ؟!
-
الحزب السياسي في الحياة السياسية الأمريكية...
-
الحياة السرية لرؤساء أمريكا...
-
هل هناك في أمريكا ديموقراطية ؟!
-
السيد حسن نصر الله ...
-
أيام حزينة ...
-
لماذا تطيع ألمانيا أمريكا وهي مرغمة.. وبدون كلمة اعتراض؟!!
-
هل نحن ضد من يقاوم الاحتلال الإسرائيلي؟!!
-
وضع غريب آن له أن ينتهي ؟!
-
كورسك ... لماذا وكيف غزا الجيش الأوكراني الاراضي الروسية ؟!
-
ساعات مع أسمهان ...
-
جارية القصر ...
-
العصر الامريكي ...
-
هنيئا لكم ...
-
هل كان ما قبل ثورة 23 يوليو 1952 حكما مدنيا ؟! وهل كان في مص
...
-
هل كانت هناك ديموقراطية في مصر قبل 23 يوليو 1952 ؟!
-
لماذا يتعرض ترامب للاغتيال؟!
المزيد.....
-
فيديو لحافلات تقل مرضى وجرحى فلسطينيين تصل إلى معبر رفح في ط
...
-
قصف روسي لبلدة دوبروبيليا الأوكرانية يخلف جرحى وخسائر مادية
...
-
مقتل عشرة في قرية سورية سكانها علويون والسلطات تبحث عن الجنا
...
-
لمن سيصوت الألمان من أصول عربية خلال الانتخابات المقبلة؟
-
للمرة الأولى منذ 12 عاما.. أسير أردني يلتقي بطفله الوليد من
...
-
مجموعة لاهاي تكتل دولي لمحاسبة إسرائيل
-
حماس: حالة أسرى العدو تثبت قيم وأخلاق المقاومة
-
كاتب تركي: ترامب حوّل -الحلم الأميركي- إلى كابوس
-
الجميع متعبون والمزاج تغير.. الغارديان تلقي الضوء على أزمة ف
...
-
-مشهد مخيف هناك-: مراسل CNN يصف ما سببه تحطم الطائرة بمركز ت
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|