تجربة (الكون 25)

حنان بديع
كاتبة وشاعرة
(Hanan Badih)

الحوار المتمدن-العدد: 8166 - 2024 / 11 / 19 - 16:52
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

كثيرا ما أفكر بأكثر الأمور المحيرة في هذا الكون وهي المعاناة التي تبدو قدر كل كائن حي على هذا الكوكب بمن فيهم البشر؟
ترى لماذا لا نعيش بسلام حياة مثالية خالية من المعاناة؟ وماذا لو كنا نعيش حياة يتوفر فيها كل شىء دون أن نعاني في صراعنا مع البقاء؟؟
لماذا تبدو الحياة وقد صممت بشكل قسري لتحمل في طياتها كل أشكال العذاب والألم والمعاناة للكائنات الحية؟
جوع، مرض، شيخوخة، كوارث طبيعية، أضاف عليها الإنسان كل أشكال الحروب والصراعات!
ببساطة ما الذي يمنع أن تتحول الحياة على الأرض إلى جنة؟
ليست لدي إجابة، لكن العالم الأمريكي جون كالهون الذي أجرى تجارب على الفئران في النرويج بينما كان يبحث عن ذات الإجابة، فإلى ماذا توصل من خلال هذه التجربة التي سميت بتجربة (الكون 25)؟ والتي كانت من أكثر التجارب رعبا في تاريخ العلوم عندما خلق "كالهون" "عالم مثالي" حيث تعيش وتتكاثر مئات الفئران.
بنى كالهون ما يسمى "جنة الفئران"، وهي مساحة مصممة خصيصا حيث يوجد للقوارض وفرة من الطعام والماء، بالإضافة إلى مساحة معيشة كبيرة. في البداية، وضع أربعة أزواج من الفئران التي بدأت في التكاثر خلال وقت قصير، مما تسبب في نمو سكانه بسرعة. ومع ذلك، بعد عام تقريبا بدأ تكاثرهم في الانخفاض بشكل كبير.!
عندما وصل عدد القوارض إلى 600 بدأت القوارض الأكبر في مهاجمة المجموعة، مما أدى إلى بدء العديد من الذكور في "الانهيار" نفسياً. ونتيجة لذلك، أصبحت الإناث بدورهن أكثر عدوانية مع صغارهن. مع عدم وجود مزاج للإنجاب. وبدأ معدل المواليد بالانخفاض، حتى وصل التكاثر إلى الصفر. ومن بين الفئران المهددة بالانقراض لوحظ الشذوذ الجنسي وأكل لحوم بعضهم البعض رغم وفرة الطعام. وبحلول عام من التجربة، قتل آخر فأر في(الكون 25).
الغريب أن جون كالهون كرر نفس التجربة 25 مرة أخرى، وفي كل مرة كانت النتيجة ذاتها. لذا تم استخدام عمل كالهون العلمي كنموذج لتفسير الانهيار الإجتماعي الذي يحدث في حال توفرت كل مقومات الحياة دون عذاب أو معاناة!!
نناضل نحن البشر في سبيل إيجاد معنى في هذا العالم العبثي، لكن يبدو أن رحيق السعادة كامن في النضال المستمر لتجاوز معاناة الحياة وتقبل عبثيتها ليس إلا.

#حنان_بديع (هاشتاغ)       Hanan_Badih#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات