أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - بن سالم الوكيلي - عيد الاستقلال المغربي: بين الفرح والاختلافات الاجتماعية














المزيد.....

عيد الاستقلال المغربي: بين الفرح والاختلافات الاجتماعية


بن سالم الوكيلي

الحوار المتمدن-العدد: 8165 - 2024 / 11 / 18 - 11:46
المحور: كتابات ساخرة
    


يعد عيد الاستقلال في المغرب مناسبة هامة تستحضر ذكرى تحرير البلاد من الاستعمار الفرنسي في عام 1956. فهو ليس فقط مناسبة للاحتفال بالتاريخ، وإنما أيضا لحظة للتأمل في واقع الحال والتفكير في التحديات التي لا يزال يواجهها المجتمع المغربي. في هذا اليوم، تتزين الشوارع بالأعلام والزينات، وتتناثر مشاعر الفخر في القلوب، لكن هذا الفرح الشعبي يتوازى مع ظاهرة مثيرة، ألا وهي النقاشات الحادة التي تشهدها الفضاءات العامة والخاصة حول مختلف القضايا، بدءا من السياسة إلى الرياضة، مرورا بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

يتميز هذا اليوم بانتشار النقاشات الحامية بين المغاربة حول ما تعنيه "الوطنية" وما هو المعيار الصحيح للاحتفال بالاستقلال. فمن جهة، يرفع البعض الأعلام ويتغنون بالنشيد الوطني، بينما يختار آخرون الانخراط في سجالات غير منتهية حول الأمور السياسية والرياضية. حتى أن بعض هذه المناقشات تتسم أحيانا بالسخرية والتهكم، لدرجة أن البعض يعتبر أن الاختلاف في وجهات النظر هو الوجه الآخر للعملة الوطنية. فهل هذه الخلافات تعكس حيوية ديمقراطية، أم أنها تعبير عن فوضى فكرية لا تلائم هذا اليوم التاريخي؟

فيما تتعدد مظاهر الاحتفال، لا تقتصر المناسبة على تجمعات شعبية أو مراسم رسمية، بل تجد أن غالبية المغاربة يفضلون التعبير عن احتفالاتهم بطرق غير تقليدية. كثيرون يفضلون الجلوس في المقاهي أو التجمعات الأسرية حيث تتحول محادثات الاستقلال إلى مواضيع جانبية مثل أسعار السلع أو جودة الخدمات العامة. وكثيرا ما يظهر في هذه النقاشات مزيج من السخرية والنقد اللاذع للواقع الاجتماعي والاقتصادي، حيث يعبر البعض عن استيائهم من ارتفاع الأسعار متسائلين: "كيف نحتفل بالاستقلال بينما غلاء المعيشة يهدد استقرارنا؟"

من جهة أخرى، قد تبدو هذه النقاشات غير مجدية أو مثيرة للجدل، لكنها في حقيقة الأمر تعكس جزءا من الوعي الشعبي المتنامي حول الواقع الوطني. فلا شك أن هذه الاختلافات في الرؤى والأفكار هي نتيجة طبيعية لتنوع الأراء والاهتمامات في مجتمع متنوع كالمجتمع المغربي. ولكن، ماذا يعني أن تكون "وطنيا" في ظل هذه الخلافات؟ هل يكمن المعنى في توحيد الرأي وتوافق الجماعات حول هدف واحد، أم أن الوطن الحقيقي هو الذي يحتضن تنوع الآراء واختلافاتها؟

وفي الواقع، تطرح هذه الاختلافات سؤالا مهما حول معنى "الاستقلال" في العصر الحالي. فبينما تحررت البلاد من الاستعمار الأجنبي، لا يزال المواطن المغربي يعاني من تحديات جديدة، أبرزها الفوارق الاجتماعية، التفاوت الاقتصادي، وعدم المساواة في الفرص. فهل نحن حقا مستقلون في كل جوانب حياتنا، أم أن هناك "استعمارا" آخر يتمثل في أنماط من القهر الاجتماعي أو النفسي؟

لا شك أن الاحتفال بعيد الاستقلال هو فرصة لتجديد العهد مع الوطن، وللتأكيد على أن هذا الوطن هو ملك للجميع، بكل تنوعه واختلافاته. ففي نهاية المطاف، يشكل هذا التباين في الآراء مصدر قوة، إذ يعكس حيوية المجتمع وتطلعاته نحو المستقبل. فيوم الاستقلال ليس مجرد ذكرى تاريخية بل هو دعوة للتفكير في كيفية بناء وطن نعيش فيه بكل حريتنا واختلافاتنا، وكيفية تحويل هذه الاختلافات إلى محركات للتطور والنماء.

لذلك، عندما نرفع الأعلام ونحتفل في هذا اليوم، يجب أن نتذكر أن الوطن لا يتطلب منا التوافق التام، بل يتطلب منا أن نتشارك في الاهتمام به، وأن نحترم اختلافاتنا، وأن نعمل معا نحو تحسينه. فالوطن الذي نحب ونحتفل به هو ذلك الذي يسمح لنا بأن نكون مختلفين، وأن نضحك فيه، وأن نعبر عن آرائنا بحرية، في إطار من الاحترام المتبادل والتعايش السلمي.



#بن_سالم_الوكيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -القصاص أم السياسة؟ السعودية تنفذ حكم القتل في خيانة وطنية و ...
- العالم اليوم: قانون الغاب في ثوب جديد
- المهداوي: ضحية النظام أم بطل مسرحية درامية؟
- الدينامية الجديدة في العلاقات المغربية الفرنسية على ضوء قرار ...
- إسرائيل: ضحية نفسها في مسرحية عالمية
- -التغطية الإعلامية للأميرة للا خديجة: بين المظهر والتأثير ال ...
- سيارات الدولة: رموز الفساد الإداري في المغرب وضرورة الإصلاح ...
- -الأعداء: سلاح سياسي أم مجرد وهم درامي؟-
- ماكرون: -خنجر المغاربة- في قلب المقاومة الفلسطينية
- ماكرون في المغرب: طاجين سياسي ومفاوضات على نار هادئة
- إسرائيل وإيران: دراسة في صراع القط والفأر
- عالم بين الدمار والسلام: نحو رؤية مستقبلية جديدة
- -الشيطان يتحدث: تأملات في التشكيلة الحكومية المغربية الجديدة ...
- نهاية إسرائيل على يد نتنياهو: هل هي نبوءة أم مجرد سخرية؟
- عالم الحيوانات: تحليل للتنمر الدولي في إطار غابة حيوانات
- فن الاختلاف: عندما يتحول الكوميدي إلى حاكم فني
- -أفضل من الجميع: كيف يقود الاعتقاد الزائف بالتفوق إلى حروب ل ...
- -دروس من الفوضى: سليم وشامة كرمز للشرق الأوسط-
- استراتيجيات الهجوم والدفاع في السياسة: فهم إشارات الخصم
- مقابلة حصرية مع المحلل السياسي - الأستاذ زهير النيران-: مبار ...


المزيد.....




- ليلة مرصعة بالنجوم في الرياض ونجوم القاهرة السينمائي يتوشحون ...
- (المدى) تناقش مع السفيرة الأمريكية تعزيز التعليم والشراكة ال ...
- المفكر الصادق الفقيه: على العرب استكشاف إستراتيجيات للتغلب ع ...
- رجل لا يتحدث اللغة يفوز ببطولة العالم الإسبانية للكلمات المت ...
- -إعادة العرض-: لوحات فنية ترصد مأساة العراق
- جائزة الأدب العربي لعام 2024 : أميرة غنيم تفوز بالجائزة الفر ...
- -الرواية تموت أم تترنح؟-... كتاب لكمال رياحي يضم مقاربات نقد ...
- (المدى) تناقش مع السفيرة الأمريكية تعزيز التعليم والشراكة ال ...
- كوبا تختتم فعاليات -المواسم الروسية-
- لأطفال كلها هتفرح.. تردد قناة ميكي الجديد 2024 على نايل سات ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - بن سالم الوكيلي - عيد الاستقلال المغربي: بين الفرح والاختلافات الاجتماعية