|
هو والحناش
عبد الغني سهاد
الحوار المتمدن-العدد: 8164 - 2024 / 11 / 17 - 16:52
المحور:
الادب والفن
هو والحناش.. ...(**)
يعرف سكان الحي عن (..و.ع... ) انه لم يسمح يوما لحلاقي الحي ان يضعوا ايديهم على راسه -ففي ظنه وكثير من الظن كما يقولون يؤدي الى اليقين- حلاقي الحي.كلهم عنده انجاس وارذال وهم مجرد عيون و اذان للسلطة ألغاشمة..لا يعنيهم حلاقة الراس وتنميقه اكثر من عنايتهم بما يدور ويتحرك في تلك الرؤوس من افكار و امال ومواهب وخصوصا تلك التي تضمر البغض والكراهية للسلطة وتجار الدين والانتخابات..!لذلك تعود (... ) على حلق راسه وذقنه بنفسه..وهو قد تدرب على خدمة نفسه بنفسه خلال جولاته في زنازن السجون الوطنية عبر البلاد.. كان ينتمي (.و.ع.) حركيا.الى جماعة (جيش التحرير الوطني) التي رفضت التخلي عن الكفاح المسلح وترك السلاح..وتشككت في مفاوضات القصر واتباعه من المناضلين في الدكاكين السياسية حول (الاستقلال) ..وكان ولد العبار مسؤولا عن اخفاء الاسلحة في سدة حانوت (والده) في زنقة بوطويل..من العملاء الذين دلوا السلطة على مخبئه كان مخزني مدسوس في الحي بصفته حلاق..يزود السلطة بتقارير يومية شفوية عن كل ما يحدث في هذا الحي..وعلى كوعه (..و..ع.. ) لا تزال تظهر اثار الكبال..السوداء..حيث حكم عليه مع رفاقه بالاعدام.. في بداية عقد الستينيات من القرن الماضي..من بين اعدائه في الحي من الحلاقين الحلاق الغشيم المبرهش..هذا الاخير ينعته بالفوضوي..الاناركي ..وهو يسميه بالبياع كبير الحناش..وهي تعني مخبر السلطة..تحتد الازمة وتتحول الى صراع شخصي ظاهر..كلما حلت الانتخابات..!!..
الانتخابات التي يعتبرها في ظل النظام مجرد وسيلة لفضح جبن النظام..وممارساته السياسية الفاسية..الفاسدة..او هي نوع من الصراع الطبقي..لاظهار لاشعبية النظام..وذونيته في عيون الشعب..اما المبرهش..فهو يشتغل في الانتخابات لاجل الحصول على المال ..والاستفادة من العلاقات مع الاعيان والاسياد بالبلاد..وكان لاجل ذلك يتحالف مع العاهرات والقوادين..واللصوص واصحاب السوابق والعاهات..وكان يعد هؤلاء من الشعب..!!!.
ويقول لزبنائه غادي يجي اليوم اللي غادي نحسن لهذاك رحال المناضل بلا ماء..!ولما يصل هذا القول لرحال ..كان يرد انه لاشك انه قبل ذلك اليوم..سيتمكن ناس الحي من مشاهداك وانت تلحسن الخمرة من فرج العاهرة (.ب...ج.) محبوبتك..أيها الحنش( العميل) …!!...
اما الحلاق الحنش فهو لا يفهم في هذا الكلام و لا تعني له كلمة (حنش) اي ثعبان شيئا غير القوة والسلطة ...كون الناس يخافون من الحنش وهذا ما يريده ..لكن بعض الخاصة من الناس يدركون حيدا ان الحناش تدوسها الاقدام ويهشم رؤوسها بالحجارة كما يفعل الاطفال..يطاردونها في زوايا الحي...حنش.. حنش..المبرهش حنش بياع للسلطة..!!ويهمس الشباب بينهم انه هو اي المبرهش من باع (و. ع) المناضل وتسبب في الحكم عليه بالاعدام…!!..
كبر ابناء ( الحنش !) الحلاق ولكن في انحراف شديد الخطورة عليه وعلى سكان الحي معا احدهم وهو الكبير طرد من المدرسة وتاجر في بيع الحشيش و الخمر الرديئة في السوق السوداء.(المارشي نوار) .والصغير طرد من العسكر (الدوزيم كلاس) وهو من كبار قطاع الطرق ليلا ونهارا على السكان وكذلك يعاقر الخمر و يدخن الحشيش في ازقة الحي عند الغروب وكلاهما يحتقران الاب المبرهش ويؤديانه أمام الناس..ولم تكن له القدرة على أبعاد شرهما.. سواء عليه أو على الناس.. . ….!!! بعد المدة الطويلة التي قضاها في الزنزانة.. جاء ما سموه بالانفراج السياسي.. واطلق سراح المعارضون الكبار والصغار.. وعادت البلاد الى العمل بالدستور.. والغت حالة الاستثناء.. بل ان الجولة برؤيتها الجديدة منحت تعويضات مالية وسياسية كبيرة للمعارضة. وفي هذا السياق.. تمتع (و. ع).. بالعفو والسراح.. ومأذونية.. (گريما طاكسي..).. وبدأ شبحه يظهر في الحي.. وباركت نساء الدرب لاخته.. هذا الخروج.. بالزغاريث.. وجلساات الشاي والحلوى ورقص الجميع لازيد من اسبوع.. وكانت الخسرة لا تغيب عن وجه (و. ع).. لفقدان والده ووالدته وهو في السجن.. كان عند خروجه يداوم لبس حلابته الرمادية حاملا في يده جريدة جديدة للحزب.. عنوانها (الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية..).. بينما كان عنوانها قبل الانفراح السياسي.. هو (المحرر..).. استوعب جيدا ان زمن التحرير قد ولى.. وجاء بعده.. مسلسل الانفتاح.. والديموقراطية الممسوخة.. تبدل كل شيء.. وتبدل هو كذلك.. مكنته مداخيل الگريمة ان ياكل جيدا ويلبس لباس الطبقة الارسطوقراطية... والنبيلة.. والتردد على الحانات والكباريهات البارزة في المدينة.. وهو يمر بالشوارع والازقة تظهر فوق كوعه اثار سوداء للكبال..اي السلاسل والاغلال.. يصل الي الجويرية التي ترمها له الوالد والذي يعيش فيها هو واخته.. التي تبتلت.. هي مثله.. يصل ابمنزل ليلا وهو يتمايل من كثرة السكر.. ينتقل من حائط لحائط.. وهو يكرر بعض العباراات المعبرة من اليأس من الحياة والناس.. ويردد احيانا بعض الاغاني الثورية والشعارات..
من مقر الحزب الى مقر القنينات.. يحمل المسكين بيده الجريدة التي يفرط فيعا ولا يقرأها... فقط هي عنده لاجل المظهر وايغاض الاعداء وهم كثر في الحي.. عندما يمر في الزقاق.. تسمع اصوت تهمس. فيما بينها.. (هاهو.. ثاني خارح للبار يسكر.الله يعفو.. . خلا النضال وعاطيها غير للتعربيدة..).. وهذه تردد كذلك كلاما فاحشا لايستحقه.. ولكنه هو في في نفسه.. كان يردد.. (... يالله اولاد..... الق.. اقضيو نهاركم في الذل والقهر.. باركا على ملتكم تبقاو طول حياتكم اشقياء تاكلو بعضكم.. الله يزيدكم في القهرة والذل.. والشقا..).. ويتفل بقوة امامه.. ثم يندفع في السير مسرعا الى البار..
نفس تلك العباراات ونفس هذا الحديث.. يتلوه ويكرره في زوايا مقر الحزب الاشتراكي للقوات الشعبية... يقول.. (. راه الطبقة الكادحة مقدر الله عليها القهر والعذاب. والشقاء.. . راه هو اللي خالقها ماشي ماركس. ولا بنجلون.. وهو اللي عارف مكنونها... راه العمال والمزارعين الصفار... مزاليط وغادي يبقاو مزاليط.. . كلهم انجاس وانذال ولاثقة في ملتهم.. شوفوا.. كيف باعونا.. وباعو قبل منا ئ(تشي غيفارا..) واحنا مهابيل حتى هو كان مهبول.. ومسطي.. راه بنادم خصو يحاول يفهم ويعرف هو مع من.. ماشي غير ينوض ويقدم راسوا كبش ضحية لاجل رفاهية وسعادة الخونة والجبناء والاشقياء.. (وكان حديثة على هذا المنوال يطول.. ليس كمداخلة ولكنه كدردشة حميمية مع الرفاق في زاوية من مقر الحزب.. الذي اكتسحته الاوساخ والغبار والاتربة ولا تزال ملصقات زمن النار والحديد والتمرد تطل ممزقة على جدرانه الرمادية...
وكان بالصدفة يلتقى بالحلاق (الحنش) .. الذي انقلبت ايامه وتشقلبت عليه.. وانهكه المرض والعجز.. فكان يكلمه وهو من اعدائه القدماء في الحي.. .. ويترك في يده بعض الدراهيم.. هامسا في اذنه اليسرى.. (.. بغيتك ليك ما تموت.. تبقى حنش ديما حنش وديما حي لكنك تتعذب وتتلوى تحت ضربات الاطفال القوية بالحجارة....
مراكش 2013 .
#عبد_الغني_سهاد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فرار...
-
شعراء..
-
في تلك الايام...!!
-
نقطة.... الى السطر..!
-
وهم الانتصارات...
-
على قيد الحياة...
-
تعلم النسيان...!!!
-
خوان كويستيلو الابن البار لساحة (جامع الفنا)
-
التاريخ والاساطير.. (1)
-
في يوم الزيارة والعرس..
-
الفيضان.. (7)
-
الفيضان. (5_6)
-
الفيضان... (1-2-3-4)
-
البقار.. ونهاية العالم..
-
مدرسة الاموات (1) (البلاء المسلط...!!!)
-
هذا الإنسان... (الملعون)
-
حارس كلب الشاه..
-
أوراق من صلصال (12)..
-
لعبة التناوب الديمقراطي والتعليم بالمغرب.. (1)
-
رسائل تحت التراب (3)
المزيد.....
-
برلين 1927.. سيمفونية مدينة متعطشة للحداثة
-
أزمة -الملحد- في مصر.. فيلم لم يره أحد ورقابة في قفص الاتهام
...
-
ترامب يحضر نزالا في الفنون القتالية بنيويورك والفائز يحتفل م
...
-
سجادة حمراء لأبطال مسلسل موعد مع الماضي قبل عرض أول حلقتين ب
...
-
سلفستر ستالون يصف ترامب بـ -جورج واشنطن الثاني- ويشيد بإنجاز
...
-
من خزائن القصور إلى مزادات جنيف.. قلادة ماري أنطوانيت التي أ
...
-
بعد تحقيق الإيرادات الضخمة “قصة فيلم الهوى سلطان 2025” .. بط
...
-
مش هتقدر تغمض عينيك خالص “تردد قناة روتانا سينما على نايل سا
...
-
بعلبك تحت النار: قصف إسرائيلي يدمر معالم أثرية وتاريخية
-
-الهوى سلطان- فيلم يحتفي بتجربة أبناء جيل الألفية
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|