أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيدة الرغيوي - الدكتور - عبد الرحمن بن زيدان - و الاشتغال الجمالي على موضوعة الإرهاب من خلال مسرحيته - حضرة البوح لويزا ومارين / ملحمة العصر.















المزيد.....


الدكتور - عبد الرحمن بن زيدان - و الاشتغال الجمالي على موضوعة الإرهاب من خلال مسرحيته - حضرة البوح لويزا ومارين / ملحمة العصر.


سعيدة الرغيوي

الحوار المتمدن-العدد: 8164 - 2024 / 11 / 17 - 08:44
المحور: الادب والفن
    


الاشتغالُ الجماليُّ على تيمة الإرهاب عند الدكتور " عبد الرحمن زايدن " في مسرحيته : " حضرة البوح لويزا ومارين / ملحمة العصر.
................................................


بعيون الناقدِ الحصيفِ المتمكِّنِ يَكْتبُ نصَّهُ المسرحي" حضرة البوح لويزا ومارين ملحمة العصر الدكتور عبد الرحمن زيدان.

يُؤَثثُ هذا النّص المسرحي ب ١٢ بوحا، يهيمنُ فيها وعليها حوار شخصيتي " العروف " والعريف" وينضاف إليهما شخصية " قزح " و" الأشباح" و " داسم " و" مطرش" وأصوات أخرى أقلّ حُضُورا في المسرحية المكتوبة المعدة للعرْضِ والمُشَاهَدةِ..
ملامح البوح الأول تكشف عن كون " لويزا ومارين" ضحية قزح؛ إذ يتضح في نهاية النص المسرحي المؤلف أنهما سائحتين تعرضتا للذبح من الوريد إلى الوريد لينهض دور العروف والعريف لفضح هذا الجرم وهذا الإرهاب الذي يعري حقيقة الإرهابي؛ المتطرف " مسيو قزح".
يبدأ البوح الأول الذي عٌنْوِنَ ب : " من الْمُكاشفة يبدأ الكلام" ؛ ص ٢٦ إلى ص ٣٣.

بالحوار بين " العروف" و" العريف" حول الظلام والحياة والموت والعشق،وكشف العروف عن حزنها وانكسارها وخوفها؛ فهي التي تعيشُ موتاً بالتَّقسيط في غياب " المغدور المحبوب الْمُغيّب،ص ٣٠.
اشتغل الدكتور " عبد الرحمن بن زيدان " في هذا النّص المسرحي على التَّخييل والرَّمز والشَّخصيات العجائبية الغريبة ..فهو لا يأتي على ذِكر الأسماء بشَكْلٍ صَريحٍ؛ إنَّما يُعانِقُ عالم الرَّمز والإيحاء، لينقل من خلاله مجموعة من القضايا التي تؤرقه وفي مقدمتها الإرهاب القديم الحديث ..

ومن خلالِ إشارته إلى صناديق الاقتراع الكاذبةِ والتزوير والجهلِ الْمٌبرمَجِ ...الخ.
ويتحدثُ عن عالمِ السِّياسةِ الذي تُصبحُ فيهِ أية وسِيلة مشروعة للوصول وللفوزِ.
و في البوح الأول يُحاولُ " العريف" مُساعدة " العروف " على التّخلص من الخوفِ من الظّلامِ والْأشباحِ والانخراطِ في مساحاتِ الْبوحِ والإفصاحِ والإبانةِ عن سرّ هلعها، ص ٣٢.٣٣ ( البوح الأول).
إنّ العيْشَ في الغُرفةِ الْمُظلمةِ هو جعلُ الذّات تطمسُ كل قبس نور يتسلَّلُ، والعيش في خوفٍ جسداُ وروحاً مُنْهكةً ذابِلةً، الغرفة المغلقة أسرار / كتمان / عتمات،ص ٣٥.
يكشف البوح الثاني عن قراءة " العروف " لرسالة " لويزا " و" مارين" الرَّاغبتانِ في اكْتِشافِ مدينة " مراكش"،ومحاولتهما معرفة مفهوم الحياة والفرح والمعرفة والجمال من خلالِ بوح " العروف"؛ فهما رمزان للحُبِّ والْحياةِ والْجَمالِ؛ ص ٣٦.
فمن خلال رغبتهما لقاء العروف يتضح جليا التَّوق للقاء الغرب بالقارة الافريقية التي تمثلها شخصية " العروف".
والعمل المسرحي "حضرة البوح ..." ضِمنيا يُثِيرُ العلاقة بين الغرب [ النُّور/ التّفكير] و إفريقيا كقارة سمراء[ المجهول،السحر،الأدغال،عدم الوضوح...]؛ فهي تحتاجُ إلى مسارب للضَّوء ..إلى من يكتشفها ويتعرف على خباياها وخفاياهَا ؛ ( كشف العتمات).
وفي البوح الثّالث المُعَنْوَنِ ب : ( الجنة لا تصنعُ الإيمان)؛ يثير المؤلف العديد من الأسئلة القلقة؛ أبرزها : صراع الذّات بين الظّلام # النُّور
الخوف# الحُب،الجَمال ...الخ.
ويكشفُ البوح الثالث عن شخصية " قُزح"؛ وهي شَخْصية تُجسِّدٌ الْفكر الظّلامي الْإرْهَابِي؛ رغم هندامه ( اللِّثام- الْعمامة، السُّبحة...) ومظهره " اللِّحية ...ومن خِلالِ حِوارِهِ مَعَ " العروف" يَتِمُّ التَّطَرُّق إلَى وَظِيفة الْمُوسِيقَى التِي تعمل حسب "العروف" على تلطيف الجَوِّ والمُساعدة علَى الاسْترخاءِ والعلاج.
ويؤكد " قزح " على أنَّ مصدر قُوَّتهِ كَامِنٌ فِي الْكلامِ، لكن بوحَهُ في حضْرةِ " العروف " والغرفة الْمُظْلِمَةِ...فالعروف مطلعة على أسْرارِ جَسَدِ " قزح" ؛ الَّذي خاضَ عدّة حروب ( العراق،سورية،أفغانستان،إفريقيا...) ، ص ٣٩.
ومن خلال البوح تكشف " العروف" عن حقيقة الْمظاهر الْمُخادِعةِ من خِلال شَخصية " قزح"؛ الذي يخدع النَّاسَ بالسُّبحةِ واللِّحية وعشقه للتّدْليكِ عَلى إيقاع موسيقى هادئة،ص ٤١.

يستمِرُّ الحوار بين "العروف" و"قزح" الذي يحاول كشف ماتخفيه،ومن خلال الحوار الدائر بينهما يتضح ميول قزح القوي للمال ورغبته فيه ليُصْبح قويا ماردا مُتحكما،ص ٤٥.
يقول :
...هو خير الفاتحين؛ فهذا اعتراف وبوحُ قُزح للعروف برغبتِهِ الْمُلِحّة في السّيطرة : " أريد أن أكونَ قارون وبارون ...الحر...).
وهو بوح يكشفُ هويته الحقيقية أمام " العروف" ..فبالمالِ يُصبح الأقوى.
دعوة قزح للعروف للحضور من أجل التعرفِ على مخططاتهِ وتأكيدِها على الحضور ص ٤٧.
البوح الرّابع والذي عُنوِن ب : مع المصلحة كلةشيءٍ بأجرٍ.
ص ٤٩..تستقبل " العروف" داسم ص ٥٠؛ وهي شخصية ترمزُ إلى الْمُتاجرة في كل شيء ص ٥١.
جاء على لسان داسم : " أقومُ بما يُرضيني لأكون وسيطا بين البائع والمشتري لتسهيلِ الصّفقات وتسهيلِ حُدوثِ الْفِتَنِ"؛ فهو لا يعترفُ بالْقِيَمِ والْأخْلاقِ.

وسم العروف داسم بسنسار الفاحشة وبالوسط القذر ص٥٤.
تحاول العروف في الغرفة المظلمة الإمساك بالحقائق؛ إذ استطاعت من خلال عملية التّدليك والموسيقى الهادئة وبمساعدة " العريف" الكشف عن شخصية وهوية كل من " قزح" و" داسم".
فالظَّلامُ هو ستر وفضح ..ستر من خلال محاولة الاسترخاء وفضح من خلالِ البوح والحوار الدّائر بين الْمُعالج ( العروف) والْمُعَالَج ( قزح وداسم).
لم يورد المؤلف الشخصيات والأسماء بشكل عبثي؛ إنما تحرّى دلالة الاسم.
فالعروف؛ كثيرة المعرفة وقزح هو لون وهو علبة أسرار وداسم من الدّسم؛ اسم فاعل،فهي شخصية تتعرض للارتشاء من أجل التّوسط في كل شيءٍ.

البوح الخامس جاء معنوناً ب : " في معنى الانتظار".

يكشفُ البوحُ الخامسُ؛ الذي يدورُ فيهِ الحِوار بين العروف " المُدَلِّكة " و "العريف" حول الحياة التي تمنحهم إيّاهَا الظُّلمة : ( العريف : الظلمة عندنا صارت حنينا إلى الحياة، ص ٥٧،والكشف عن عناوين النّصب الكثيرة التي تشهدها المدينة ..وحديث عن رحلة الْمعرفة الطويلة التي تستلْزِمُ طُول النَّفس والتريت.

إن النص المسرحي " حضرة البوح لويزا ومارين" يروم تسليط الضّوء على سيادة الجهل ؛ وهذا ما ييتبدَّى من خلالِ الحوار بين الأشباح و " قزح"؛ الَّذي يتضرعُ إلى عزازيل ويدّعي التٌقوى والنّقاء وتصديق الأشباح له؛ فلباس التقوى والنّقاء الذي يتزيّا به " قزح " هو مجرد قناع من أجل تحقيق مآربه والوصول إلى مبتغاهُ والتأثير في الأشباح والمريدين.

أما البوح السّادس ص ٦٣؛ فقد أتى معنونا ب : " من يكونُ مع الحق يكون مع من ؟"
اعتبار الحب حرام في شِرعةِ " قزح" وأتباعهٍ والكشف عن التفكير الْمُغاير للعريف.

ينقلُ لنا المبدع " عبد الرحمن بن زيدان" حقيقة اغتيال الأحلام من قِبَلِ قوى الظّلام التي يُمثّلها " قزح " وأتباعه الأشباح وأبنائه ..
النص المسرحي يكشفُ أيضا عن النّظرة إلى السّعادة والوحدة والصِّدق كقيمٍ إنسانية تختلفُ من شخصٍ إلى آخر.
كما يكشفُ الْبوح عن حقيقة النَّاس المتمثلة في الكائنات الانتهازية التي تنتصرُ لمصلحتها ؛ وهذا ماتعْكِسهُ علاقة الأشباح بمسيو قزح على حدِّ تعبيرِ " العروف"؛ فشخصيته تكشف طبيعة الحياة في كنفِ عالمٍ يكثُرُ فيهِ المنافقونَ،الانتهازيون وتنتفي فيه القيم ص ٦٨.

فالمؤلف بطريقةٍ فنِّيةّ بديعةٍ يُصَوِّرُ عالم السِّياسة والدِّين وما يروجٌ في هذا الْعالم من دناءةٍ وخٍداعٍ من خلالِ شخصية " قزح" ص ٦٨ من تلوُّنٍ ومصلحيةٍ وانتقالٍ من دكان سياسي إلى آخر.فقد حبك هذا العمل الإبداعي بمهارةٍ ؛ إذ الاشتغالُ على الشّخصيات والحِوار والموضوعات جاء دقيقا ..فالحوارُ بين العروف والعريف يُجلي الغُموض عن العديد من القضايا التي يشهدُها العالم الحقيقي ..فكأن المبدع يُصوِّر مشاهد من تجادبات عالم السياسة بعينٍ فاحصةٍ تُعرِّي نِفاق هذا العالم.
هو النِّفاقُ السِّياسيُّ اُختزل في العلاقات التي تربطُ بين قُزح وداسم.
فالمبدع من خلالِ هذا العمل ينتقدُ عالم السّياسة الْموبوء الذي يلبسُ فيهِ السياسي ألوانا عٍدّة ويلوكُ شعارات ويقدم برامج ومخططات ومشاريع ويكون محاطا بخدام لأجل تحقيق مصلحة ما؛ لذلك وُسمَ من طرف العروف باللاَّعب المُحترفِ ..فهو يحترفُ ألاعيب السِّياسة بمكر وخديعةٍ ويُناورُ ليحقق مآربه ص ٦٩: " تعني أنه بعيونه الزّائغة وبمواقفه السِّياسية مُراوغٌ لا يثبت على حالٍ".

البوح السابع صراحة تتكلم بكل الألوان..
إنَّهذا العمل الَّذي جعلهٌ الدكتور " عبد الرحمن بن زيدان ملحمة العصر،واختار لهُ عنوان " حضرة البوح لويزا ومارين" ؛ كل بوح فيهِ كشف عن حقيقة بعض الأشخاص في هذا العالمِ الْمُتحوِّلِ المتلوِّنِ كما حرباء..

فالعروف تحاول انتزاع حقيقة قزح ومذهبه ومشرُوعهِ في جلسات التدليك.
إنَّ الْمُبدع يعالجُ بطريقةٍ فنية موضوع الإرهاب من خلال الكشفِ عن حقيقة الأشخاص الذين يسعون إلى تزييفِ حقيقة الدّين، وركُوب أمواجَهُ كمطيةٍ لنشر الفِكر التّطرفي وتعبئة الأتباع" الأشباح" لإرساء فكر مضلل.
_ الكشف عن الصّراع بين قزح والعروف الذي حاول تكفيرها بسبب عدم إذغانها وانصياعها لمخططه ومشروعه الإرهابي.
فحضور المرأة في هذا العمل من خلالِ شخصية " العروف"؛ التي تنقل لنا زيف وحقيقة هؤلاء وأباطيلهم، فقزح شخصية تجتمعُ فيها كل المتناقضات : [التقوى # الصَّلاح/ النفاق والكذب والخداع # الحب ..].
والمُتاجرة بالدين من أجل تدميرِ العالمِ..الخ ص ٧٢.

تتوالى فصول البوح بظهور قزح من خلال محاولته كسب ثقة " العروف " بمظهرِ المُحِبِّ المستبد والهادي للطّريق الْمستقيم:
" أنا من يرسمُ الهداية والطريق المستقيم لهذه المدينة".
إن هذا العمل الإبداعي المسرحي يكشفُ خُيوطَ الصّراع بين الأخلاقي واللاّأخلاقي، بين الإيمان والوعي والنِّفاق والمُتاجرة بالدِّين لتحقيقِ مآرب تطرفية بدعوى الجهاد والخلافة وتكفير كل من يُعارض مشروعه الإرهابي ...
- فضح الدين المُزيف والإيمان المُزيف ونشر الفكر التّطرفي بالسِّلاح بعد إزالة القناع الحقيقي ( شخصية قزح).
- المتاجرة بالدِّين ..العنف الخفي ص ٧٣ (( الحوار بين قزح والعروف )).
- وبانتقالنا إلى البوح الثّامن : دروس في معنى وضع الأقنعة.
- يسندُ قزح مهام تكوين الزُّعماء المحليين لداسم،وهذا المشهد في النص المسرحي يكشفُ كيفية تعبئة المنتسبين للجماعات الإرهابية والتَّغريرِ بهم..فهؤلاء غالباً ما يكونوا من أصْحابِ العُقولِ الفارغةِ الذين لم يتعلموا أو نالوا حظا قليلا من التعليم.
- يحضر " قزح" في النَّص وفي البوح الثّامن في هيئةِ شيطان والأشباح أبالسة طُرِدوا من الجنة؛ يلبسون أقنعة الخير والحُبٍّ والحقِّ والصّدق ص ٩٧.
* تتداخلُ الأصوات داخل هذا النّص المسرحي الذي يعَرِّي أقنعة " قزح" و " داسم" الذي رضعَ نوازع الشَرِّ من قزح من أجل التأسيسِ لمخططه الإرهابي..إرهاب فكري تنقله أصوات كل من قزح وداسم والأشباح.
والبوح التاسع عُنْوِنَ ب : " حول ما جاء في فهم التنازل " ص ٨٢.

فالنَّص المسرحي حضرة البوح لويزا ومارين مرايا مُضيئة تعكسُ الفكر التطرفي؛ فالأشباح رمز لضعاف النُّفوسِ ..

المروضين على الانصياع والانبطاح لكل قناع معاصر.
إنّ اختيار الكاتب / المؤلف المسرحي لشخصية الأشباح كان مدروساً ؛ فالعالم تحكمه أشباح تحركها قوى خفية لخدمة مشروعّ عالميٍّ والسيطرة على الثروات العالمية والتّوسع ودحر كل المُناهضين الْمُعارضينَ بعد تجميعِ المقاتلين من مُختلفِ الجنسيات لتكوينِ قوة ضاربةٍ في الشّرق الأوسط والعالم العربي وإقريقيا ( إرهاب مُعولم) ص ٨٧ ٨٦ ؛ وهذا ما يُفهم من خلال الحوار الدّائر بين " قزح " و" مطرش" ص ٨٣ - ٨٤.

حضور المرأة في المسرحية :

المرأة تحضُرُ كشاهدة على مخطط قُزح ومطرش بعدما كنت مرتدية للشَّادور.

* التخييلي والواقعي :

النص المسرحي مكتوبٌ بنفسٍ تخييلي واقعي..ولعلَّ الإشارة إلى واقعية تتجلى في الإشارةِ إلى أماكن في العالم العربي وفي إفريقيا؛ التي شهدت حركات إرهابية ومجازر منها : ( درعا/ سورية ،غرب إفريقيا/ نيجيريا،عناصر بو حرام ...داعش ...الخ).


* الجسد في النص المسرحي:

في هذا العمل المسرحي الإبداعي يحضر الجسد من خلال الإشارة إلى جلسات التَّدليك في الغرفة المظلمة الّذِي تُبَاشِرُهُ المدلكة " العروف" ..كما وردت إشارات إلى الجسد الأنثوي الذي يستباح باسم الزّواج (( نكاح المتعة ))/ جهاد النكاح المباح ص ٩١.
فالجسد في عرف هؤلاء يعتبر كما بضاعة معروضة أمام الأشباح وأمام المتاجرين بالدين أصحاب الفكر الداعشي المتطرف ..الذي يغتصب الفتيات والنساء..فقد أضحى جسد المرأة لدى هؤلاء ( أصحاب الفكر الداعشي / دعاة التحليل والتكفير وإباحة جسد المرأة / الجنس المباح : ( معانقة حور العِين).

رمزية الأصوات داخل العمل المسرحي:

* العروف :
إنًّ صوتها في المسرحية صوت متحدٍّ ثائرٍ غاضبٍ كاشفٍ للأقنعة الظّلامية ( الدّاعشية).
* العريف : يمثل صوت المعرفة والعلم والمساند للعروف المُحِبِّ لها الكاره لمخططات " قزح" الإرهابية.

الصراع بين القيم:

في هذا النص المسرحي يتجاور عالم الخير والشر ؛ فعالم العروف والعريف عالم خير محب للسلم والصدق والحب ..
في حين عالم " قزح " والأشباح وداسم يرمز للكراهية والقتل والموت ؛ عالم مليء بِصُورِ الإرهاب ،الاغتصاب والمتاجرة في أعضاء البشرِ والحب الكاذب ...الخ ص ٩٨.

يكشفُ الحوار في ص ٩٨ عن حقيقة وهوية العروف( طبيبة متخصصة في علم النَّفس) والعريف ( رئيس جمعية الدّفاع عن حقوقِ الإنسان).
استنتاج :
إنّ النص المسرحي يُصَوِّرُ ويخرجُ بإتقانٍ كواليس ممارسة الفعل الإرهابي،ص ٩٩.
فينهضُ صوت " العريف" للكشفِ عن عدمِ قَبُولِ العالم لصوت الإرهاب ص ٩٩.
العريف : " أنت لست العالم ..أنت لست العالم ..ألا تسمع أنفاس الصّارخين تفوحُ بالرَّفض..".
أما صوت " لويزا " و" مارين" فيظهرُ في آخر الفصول من البوح العاشر ص ١٠٠ على لسان " العروف" :
لويزا مارين ..أينكما ؟.
إننا أمام إبداع درامي يميطُ اللِّثام َ عن صورة الإرهاب القديم الجديد ..
ففي كل زمان وكل مكانٍ هناك أصواتٌ تنبتُ بيننا ويكون هاجسها الأوحد السعي لتدمير العالم وجعلهِ يعيشُ بئيساً باسم الدين ..

يُختتم هذا البوح / النص المسرحي باختفاء كل من " " قزح" و" داسم" وبقاء " العريف " و " العروف" في الركح إعلانا عن نهاية الرُّعب والظلمة والخوف والإرهاب.
ففي البوح الثاني عشر بذبح " مارين ولويزا السّائحتين لأنهمت في مُسمّى الإرهابي كافرتين.
فلويزا ومارين تركتا رسالة للعروف من إجل التعرف على البلد والناس .. واكتشاف قيَم الحُبِّ والجمال؛ بَيْدَ أنهما انتهتا ذبيحتين.
في هذا النّص الإبداعي رسالة صريحة إلى صُنّاع الإرهاب وصرخة في وجه كارهي الحب والحياة والحلم وقيم الحب والجمال ..دعوة لإحلالِ السّلام ونبذ الْعُنف القائم على عدم تقبل المختلف وتكفيره والسعي لقتله وتدميره.
إنّ الدكتور عبد الرحمن بن زيدان رَاهَن ويراهِنُ من خلال هذا الإبداع المسرحي على خلق مظلة للتعايش والتسامح ..فهو بوح يشجب قوى الظّلام والعنف والقتل ..نص / رسالة محبة وسلام عالمي وعودة الحمام للتَّحليق ..فلا صوت يسمو على صوت السّلام والحُب ..فالتَّمييز على أساس الجنس والدين والعرق هو غطاء المتحجرين والمتطرفين فكريا.

خاتمة :

إن حضرة البوح لويزا ومارين ملحمة العصر مسرحية بديعةٌ،ينتصرُ فيها صوت المعرفة وللسّلام والإيمان على صوت الموتِ والقَتْلِ والكراهيةِ.

إن الدّكتور " عبد الرحمن بن زيدان" وهو يؤثثُ هذا الإبداع المسرحي تغلغلَ عميقاً وأنصتَ لصوت العالم ..فالسِّلم والسّلام مطلبٌ عالميٌّ ،والإرهاب منبوذٌ مرفوضٌ في كلِّ الشرائع والديانات ..
ولويزا ومارين رمزان من رموزِ ضحايا الفكر الإرهابي الدّاعشي.
فالمسرحية أغنية سلام وشجب لكل ألوان القتلِ والعنف ..
فالبوح هو بوح إنساني بيراع وفكر مبدع ينصت لنبض العالم وينتصر لقيم الجمال والحب والحياة.
إنه فكر "الدكتور عبد الرحمن بن زيدان"، الذي سكبه في قالبٍ إبداعيٍّ يدعُو للإنصات والتفكير..فوعي الإنسان بقضايا مجتمعه وصياغتها إبداعيا ليس بالأمر الهَين ..إن ولادة الإبداع يخضعُ لافتحاص العمل والتدقيق فيه قبل مشاركته مع المتلقي القارئ والجمهور النّابضِ بالحُبِّ السَّاعي لإقامةِ جُسور محبة على أرض الواقع..فانتقالُ النصِّ من الوضعية الذهنية إلى القراءة العميقة يبعثه نصا حيا حافلا بالرسائل..فنصبح بصدد كائن خليق بالدراسة والتحليل ..لكون شخوصه تتحول إلى حالات مدروسةٍ خاضعة للتحليل والتأويل.

إنّ حضرة البوح عمل مسرحي درامي صاغه الدكتور " عبد الرحمن زيدان " بحس نقدي إبداعي أدبي لادع،إذْ اشتغل على موضوعة الإرهاب بشكل ونسق مبؤر ..فالإرهاب كفكر متطرف ونزعة نحو تدمير العالم والقيم تجلت هنا من خلال الحورات الدائرة بين مجموعة من الشخصيات التي تختلف في نسقها الفكري وفي نوازعها الشخصية ..فلم يتعامل مع الإرهاب كفكرة منفصلة مجزءة ..بل تعامل معها بوعي وأدخلها مختبر التحليل ليصور عالم الإرهابي الساعي إلى الهيمنة والتدمير والقتل من خلال تجنيد وتعبئة ضعاف العقول ومن خلال الاشتغال على تيمة الجهل التي تستشري لدى العديد من الأشخاص فيصبحون آلالات " ربوتات " مسخرة لخدمة عقل مدبر خبيث يلبس أقنعة عدة ..
فأخرج بذلك الأستاذ " عبد الرحمن بن زيدان " ثيمة الإرهاب من مجالها الضيق كحرب على الإنسانية جمعاء وكفكر مريض إلى مجال الاشتغال الأدبي الإبداعي ليرسم مجالا إبداعيا وسمه بالبوح ..ويتحول البوح إلى محرك للشخصيات للكشف عن حقيقة الصراعات التي تعيشها القوى الفاعلة في هذا العمل الفني الذي اعتبره المؤلف ملحمة العصر.
لقد بعث موضوع الإرهاب في صورة معاصرة أدخل الإرهابي؛ صاحب الفكر الداعشي إلى قاعة التدليك التي تطلع به امرأة تدعى " العروف" ؛ التي تعتبر دينامو هذا النص إلى جانب " العريف " ..للكشف في جلساتها العلاجية عن حقيقة قزح وأتباعه ..فالمرآة هنا تفضح المستور وتكشف حقيقة الأجساد التي يرتفع صوتها وهي تبوح بحقيقتها التي تخفيها أقنعة كثيرة ..لتتضح معالم كل شخصية بعد نهاية البوح وتتمرد العروف وتثور في وجه قزح وداسم وكل الأشباح وتنتصر رفقة العريف على أقنعة الظلام وتتخلص من خوفها وانكساراتها التي عاشتها في الغرفة المظلمة التي كانت تقوم فيها بالتدليك ..إنه صوت العروف المناهض للفكر التطرفي الارهابي الرافض للاستغلال ولزواج المتعة ولاغتصاب القاصرات وللفكر الداعشي الساعي لقتل وتدمير قيم الجمال والحُبِّ والسلم والتعايش في مجتمع مختلف ..فشخصيتا لويزا ومارين أفصحتا عن الدعوة من خلال رسالتهما للعروف إلى قيم التسامح والتعايش والحب الإنساني ..لكن قوى الشر لم تمهلهما فذبحتا من الوريد إلى الوريد.

الهوامش :
*- الدكتور عبد الرحمن بن زيدان كاتب مسرحي مغربي.
**- حضرة البوح لويزا ومارين، ملحمة العصر.الطبعة الأولى ٢٠٢٠م/ ١٤٤١ه، مطبعة النجاح الجديدة (CTP)- الدار البيضاء.



#سعيدة_الرغيوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تَعالُقُ الذَّاكري والسَّرْدِي السِّيري في كتابِ : - جُرْحُ ...
- رواية - أقفاص- للكاتب المغربي- حسن إمامي- : سيرةُ حَيَاةٍ وأ ...
- الشاعرُ القس - جوزيف موسى إليا- يرسُمُ قَدره الشعري؛ صوته ال ...
- الشاعرة المغربية - خديجة بوعلي- واقتفاء صوت الذات في مجموعته ...
- الشاعرة المغربية - خديجة بوعلي- تقتفي صوت الذّات في مجموعتها ...
- الفَنُّ والإبْدَاعُ التَّشْكيلي عِندما تُداعبُهُ أنامل أنثى ...
- نور الدين ضِرار وزخات من المطر الأخير إنصات وتأملات شعرية... ...
- الشاعر المغربي -نور الدين ضِرار - وزخّات من المطر الأخير..تأ ...
- مصطفى ملح شاعر يحتفي بالشِّعر من خلال السرد والتّخييل (( شِع ...
- الشاعر المغربي عبد الحق بن رحمون في رحلة من منبع الماء إلى س ...
- ٱلْكاتبة ٱلْمسرحية -حياة اشريف- تتأرجح في كتابته ...
- ٱلْكاتبة ٱلْمسرحية -حياة اشريف- تتأرجح في كتابتها ...
- قراءة في مسرحية - ٱحتفال ٱلْجسد- للدكتور - محمد ...
- الشاعرة المغربية - سعاد الناصر- ورحْلة الْحَرْف الْعِرْفَانِ ...
- الكتابة النسائية بين الذاتية والانفتاح على المحيط وقضاياه رو ...
- فيلم -الهائم- للفنان نور الدين بن كيران خيوط ذاكرة بين ...بي ...
- المركب السيَّاحي -بن يعكوب- بجماعة لمريجة بإقليم جرسيف أُنْم ...
- إسدال السِّتار على النسخة الثالثة لسينما الهواء الطلق بتازة ...
- مَجَازاتُ القول ِ وخيوطُ البَوْحِ في دِيوان -;- للشا ...
- الترابط ..قديمٌ قِدَم الأدب/ حوار مع القاص والناقد السينمائي ...


المزيد.....




- برلين 1927.. سيمفونية مدينة متعطشة للحداثة
- أزمة -الملحد- في مصر.. فيلم لم يره أحد ورقابة في قفص الاتهام ...
- ترامب يحضر نزالا في الفنون القتالية بنيويورك والفائز يحتفل م ...
- سجادة حمراء لأبطال مسلسل موعد مع الماضي قبل عرض أول حلقتين ب ...
- سلفستر ستالون يصف ترامب بـ -جورج واشنطن الثاني- ويشيد بإنجاز ...
- من خزائن القصور إلى مزادات جنيف.. قلادة ماري أنطوانيت التي أ ...
- بعد تحقيق الإيرادات الضخمة “قصة فيلم الهوى سلطان 2025” .. بط ...
- مش هتقدر تغمض عينيك خالص “تردد قناة روتانا سينما على نايل سا ...
- بعلبك تحت النار: قصف إسرائيلي يدمر معالم أثرية وتاريخية
- -الهوى سلطان- فيلم يحتفي بتجربة أبناء جيل الألفية


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيدة الرغيوي - الدكتور - عبد الرحمن بن زيدان - و الاشتغال الجمالي على موضوعة الإرهاب من خلال مسرحيته - حضرة البوح لويزا ومارين / ملحمة العصر.