أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رامي الابراهيم - الرقص في دورة زمجر















المزيد.....

الرقص في دورة زمجر


رامي الابراهيم
كاتب، صحفي، مترجم، لغوي، سينمائي

(Rami Ibrahim)


الحوار المتمدن-العدد: 8163 - 2024 / 11 / 16 - 21:03
المحور: الادب والفن
    


قال بهالزمانات كنت عم إخدم عسكرية بسوريا. بتعرفوا العسكرية بسوريا إجباري ( بالصرماي). وقتا كان الجيش السوري مضبوب مانو عم يحارب حدا لا عدو داخلي و لا عدو خارجي ولا كان بلش لسا يجرب أسلحتو بهالمتواطنين السوريين. كنا لسا بالعقد الأول من الألفية التالتة وكان وقتا مضى شوية وقت على سحب الجيش السوري من لبنان يعني فيك تقول عقولة المثقفين "الوضع مستقر نسبياً". بس أنا ماكنت مستقر وكنت كتير مضغوط وقرفان من هالعسكرية النشح. أنا يعني زلمي تبع شعر و مدنية و حكي حلو ومواويل وما بحب الحرب و السلاح بنوب بس شو بدك تعمل؟ حكم القوي عالضعيف وإلزامية الخدمة العسكرية للذكر البالغ الراشد اللي عندو أخ تاني على الأقل و هاد كان وضعي يا معلم!
كانت وقتا دورة زمجر! هلق رسميا ما بعرف كيف بيسموها و الناس بتسميها دورة أغرار بس انا كنت سميها "دورة زمجر" عكتر مفيها زمجرة. زمجرة الصبح وزمجرة المسا و زمجرة قبل الأكل وزمجرة بعد الأكل ولمن بدنا نفوت عالساحة منزمجر ولمن بدنا نطلع منزمجر و قبل الفوتة عالمطعم زمجرة وبعد الطلعة من المطعم زمجرة و بدرس الرياضة زمجرة لك كلو زمجرة بزمجرة وياويلك إذا أبتزمجر بيقولوا عنك "كس".
المهم يا معلم بعد يوم تدريب شاق حافل بالزمجرة كان في فترة فيك تعتبرها استراحة لإن هي بتجي بعد العشا و قبل النوم يعني ما في مجال أبداً إنن يعزموك عالزمجرة إلا إذا حب شي ضابط ما ينزع مسا هالجنود الفراخ المتعبين. يا معلم كان هالجنود بتياب النوم هاد عم يفرشي سنانو وهاد عم يسولف هو وزميلو وهاد قاعد صافن عم يفكر بهالإيام المغبرة الخ فأنا فجأة بلشت ارقص!
ارقص ارقص و عرر و أحيانا زمجر! يعني كل هالنهار منزمجر فليش هلق لا؟ فاجتمعولك هالأغرار حواليي وصاروا يسقفوا و يغنوا متل طقوس الوثنية و "الله حيو سليم!" و " وين متعلم هالرقصة الحلوة هاي؟" و " عشت! إي و الله بدا رقصة؟" و أنا ما رد على حدا ارقص وزمجر و عر و بس!
بعدين كان في هاد الاسبوعي اللي هو متلنا عم يخدم اجباري بس بيكون عندو واسطة صغيرة بيحطوه اسبوعي منشان ينقل النا التعليمات و يفيقنا الصبح عالاجتماع ويخبر الضابط عن كلشي بيصير وكلشي بينحكا الخ. فإجا هاد الاسبوعي و قلي: " يا سليم وقف رقص وروح انضب ونام" بس أنا ما رديت و ضليت ارقص وزمجر و عر بهدول الصيحات اللي حفظونا اياهن تبع " ثورة و صاعقة و عزة الخ" فقلي: " إذا مابتوقف رقص ومنيكة بدي روح خبر الملازم" بس أنا ما رديت و ضليت ارقص و زمجر و عررررر. بعدين قلي: " والله اجت و الله جابا و الله لطقك برغي عند الملازم خليهن ياخدوك عسجن تدمر" و فعلاً راح مشي لغرفة منامة الضابط اللي بتبعد عن مهجعنا حوالي كيلو ومتر! يعني أنا حسبت إنو الاسبوعي بطريق الروحة راح يمشي ممكن يمشي مشي سريع منشان حلاوة طق البرغي بس مو معقول يركد لإن هو كمان بيكون تعبان من التدريب كل اليوم بعدين رجليه متورمات وعم يفصع أنا شفتو عم يفصع. بس ممكن يجو هو والضابط ركيد أو مشي سريع لحتى يتداركوا الموقف و يتخذوا الاجراءات بإيقافي عن الرقص و الزمجرة و العررررر.
المهم يا معلم و أنا عم ارقص و سمعان الضحك و هالعساكر ميصيحوا للي بعد لسا ما اجا و انضم للحويقة: " تعوا تعوا شوفو سليم كيف عم يرقص لك أبصر شو شربان" و واحد تاني بيقول: " عزمتي هالشغل هاد شغل حشيش" و واحد تالت يقول " الله يستر ما يكون كوكائين" و أنا سمعانون و عم قول بيني وبين حالي: " لك يخرب بيتون شو جحاش! قال كوكائين قال! لك بهالدورة شرب الشاي ممنوع تقول أفيون و لسا هدول بيقلولك كوكائين؟ المهم الرقص شغال و التسقيف شغال و التكهنات عن سليم شو شربان شغالة فقمت أنا و بعد ما قدرت إنو لازم وقف طقوس السعادة و ارجع طبيعي قبل ما يجي الضابط و هيك صار.
فجأة وقفت عن الرقص و قلتلن للعساكر اللي محوقين حواليي: " يلا! عظم الله أجركن و شكراً عالتفاعل خلص العرض" و رجعت انسان طبيعي بحكي مع الناس و بجاوب و بحكي فلسفة اذا بدك وإذا بتفتح معي مناظرة عن أفكار ميشيل فوكو أو سارتر أو عن شعر النابغة الذبياني و التكسب بقول الشعر فكنت جاهز و رحت جبت فرشاية سنان و رحت فرشي سناني متل الحبابين! لمن وصل الضابط كان كلشي طبيعي و العساكر محضرة حالها للنوم و سليم يعني أنا عم يفرشي سنانو متل الأوادم فإجا لعندي!
الملازم: " شو يا سليم قال كنت مترقص؟"
هلق أنا كنت عرفان إنو هوي أكيد سمع شي بيطير النوم من العيون و بيدب الحمية من جديد بعد تعب بس إجا شاف شي تاني عادي مستقر "مالو فكاهة" و يعني و بدو يحاول يطلع من الصيدة بأي شي حتى لو فرخ عصفور فقس من يومين و لساتو بزغباتو. فقلتلو:
" إي سيادة الملازم رقصت شوي! الرقص ممنوع شي؟
الملازم: مو ممنوع بس غريب يعني نحنا هون بعسكرية مو بمرقص!
ما جاوبتني سيادة الملازم؟ فيه مرسوم جمهوري بيمنع الرقص بالعسكرية أو بدورة الأغرار؟
الملازم: لا
في تعميم من المخابرات العسكرية بمنع الرقص في الكليات و المدارس العسكريي شي؟
الملازم: لا في رقص بس بالمناسبات الوطنية مو كل ما إجا عبالك ترقص بترقص!
بيهدف شي رقصي إلى وهن عزيمة الإمة و اقتطاع أراضي من الجمهورية العربية السورية الخ!
الملازم: وقف عندك! بلاه بلاه لهاد أكل الهوا! حكي متل الخلق!
طيب يا سيادة الملازم إلكن تاخدونا و تجيبونا و تركدونا كل النهار تركولنا هالنص ساعة قبل النوم نعبر عن فرحنا بالعسكرية و نرقص شوي!"
الملازم: " قلتلي فرحك بالعسكرية؟ إي لا واضح الانضباط! لك أنا من أول يوم شفتك قلت هاد بدو يتعبنا! شربان شي انت اليوم؟"
إي سيادة الملازم: تعا شمني تعا مريحتي عرق؟ الي من الضهر حيطط هالبطحة و شريط كاسيت عيسى نعوس و مإسكر!
الملازم: حكي منيح ولاك و بلا مقلسة!
لك لكن بشرفك العسكري هاد سؤال بينسئل لعسكري بدورة أغرار؟! لك كنت جايب معي صرة شاي اشرب كاسة شاي بآخر الليل صادرتوها عالباب الرئيسي وهلق بيكونوا العساكر عالباب الرئيسي ميشربوا منا. بعدين كيف بدك يعني احكي منيح؟ يعني أنا لساتني غر لسا ماعلمتونا الحكي منيح بس إذا بدك شعر للشنفرى أو تأبط شراً أو طرفة ابن العبد فتكرم عينك!
الملازم: إي هات سمعنا ويحد من هدول اللي متقول عنن! هاد إيخر ويحد هاد العبد شو قلت اسمو؟
هلق أنا كنت بعرف إنو هالشعراء كلن بنظروا واحد من تنين إما بغال أو طنطات بس هو كل همو يكتشف إذا أنا كنت بكامل قواي العقلية او لا!
تكرم عينك راح سمعك أبيات تنسب لطرفة بن العبد! طرفة ابن العبد هيك بيقولوا اسمو!
الملازم: إي يلا هات لنشوف خلصنا!
فألقيتلو الأبيات:

فإن كنت لا تستطيع دفع منيتي فدعني أبادرها بما ملكت يدي
ولولا ثلاث هن من عيشة الفتى و جدك لم أحفل متى قام عودي
فمنهن سبقي العاذلات بشربة كميت متى ما تعل بالماء تزبد
و كري إذا نادى المضاف مجنباً كسيد الغضا نبهته المتورد
وتقصير يوم الدجن و الدجن معجب ببهكنة تحت الخباء المعمد

الملازم: حاج حاج! بيكفي أكل هوا! هون نحنا بعسكرية! شعر وأكل هوا أبدا! بحضي مافهمت من هالشعر شي! هلق لك شو بهكنة وما بهكنة من ايمتا بالعربي في هالحكي هادا!
بيقولوا هاد شعر من العصر الجاهلي يعني بدك تقول القرن السادس الميلادي بس أنا و طه حسين منظن إنو انكتب بالقرن التاسع الميلادي!
الملازم: ومينو هاد الجحش كمان ابن بو حسين؟ و إذا بقا بتعيد هالموال بدي كسر راسك! نحنا هون بعسكرية مو بمقهى حكواتي و مهرجان شعر! بكسر راسك إذا بقا بترجع لهالحكايات!
هلق انا سيادة الملازم مافهمت يعني هو انت مشكلتك مع الشعر و لا الرقص ولا مع ابن بو حسين ولا شو بالضبط؟
الملازم: لك مشكلتي مع فزلكتك العمى في قلبك! لك بشرفي نفختو لقلبي إنت و شعرك! لك رملاً عالمهجع يلا و بس توصل بدي عد تلات سواني و بدي شوف الضو مطفي! يلا لشوف طير يا شاعر زمانك!

و هيك رحت نمت مبسوط بعد ما رقصت و خليت الاسبوعي و الملازم يركدو 2 كيلومتر منشان يتسمعوا عشعر كيف ماكان أحسن من هالزمجرة و العرير بقافية اللي بيخلونا نعرو كل يوم و كل وقت!



#رامي_الابراهيم (هاشتاغ)       Rami_Ibrahim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جمع الجذور و الحكايات ( قصيدة في رثاء ساحرات أوربا)
- أجمل الأشياء تغنى..تقال
- أحب الحياة..أحب الحياة
- أجمل ما في الحب
- صديقتي و الليل..أغنية الزمان
- استسقاء لملك الألوان
- اسمي أوغاريت
- عيون أوغاريت
- جمهورية أوجوبيس
- إنجيل بالألوان
- اليهودي الجديد
- قناص قردحلي حكيم
- في علم نفس المعارضة الكهفية
- الخاروف يا ملك الزمان
- أمام مبنى العدل
- إنهم يفعلون ذلك
- رُبَّ صُدفة
- الحفرة
- تحذلق وحذلقة وربما حذق
- اللازمات السردية الحكائية ( قال، عاد، توت) في المشرقية


المزيد.....




- برلين 1927.. سيمفونية مدينة متعطشة للحداثة
- أزمة -الملحد- في مصر.. فيلم لم يره أحد ورقابة في قفص الاتهام ...
- ترامب يحضر نزالا في الفنون القتالية بنيويورك والفائز يحتفل م ...
- سجادة حمراء لأبطال مسلسل موعد مع الماضي قبل عرض أول حلقتين ب ...
- سلفستر ستالون يصف ترامب بـ -جورج واشنطن الثاني- ويشيد بإنجاز ...
- من خزائن القصور إلى مزادات جنيف.. قلادة ماري أنطوانيت التي أ ...
- بعد تحقيق الإيرادات الضخمة “قصة فيلم الهوى سلطان 2025” .. بط ...
- مش هتقدر تغمض عينيك خالص “تردد قناة روتانا سينما على نايل سا ...
- بعلبك تحت النار: قصف إسرائيلي يدمر معالم أثرية وتاريخية
- -الهوى سلطان- فيلم يحتفي بتجربة أبناء جيل الألفية


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رامي الابراهيم - الرقص في دورة زمجر