صدام فهد الاسدي
الحوار المتمدن-العدد: 1782 - 2007 / 1 / 1 - 08:12
المحور:
الادب والفن
تداعيات سفن الكلام في قصيدة فطام للشاعر البصري منذر عبد الحر
هذه محاولة نقدية معاصرة متأتية من وجهة نظر شاعر متأثر بالنص يحاول أن يفك رموز شفرة فطام ,تلك القصيدة الرائعة التي اسميها مسلة شعرية تثير التساؤلات وتستدعي التوقفات وخاصة أصحاب الاختصاص الدقيق أساتذة النقد الحديث,وحسبي أن أقول لهم بقناعة((إن القراءة المكتوبة لأي نص شعري هي تحرش سيء النية)),وقد تطلبون من الناقد (أن يتحرى عناصر التكوين)وكيف بك لو قرأت القصيدة بعجالة دون اختراق لمكوناتها,وما دور الناقد إلا التحليل واستنطاق الغائب والحاضر,ولن تكون محاولتي هذه الأولى بل سوف افتح الأسرار الخفية في نصوص قادمة, ولن تكون الأخيرة لمنهجية هذا الخطاب دون تحديد زوايا غير خاضعة لآليات طرائق التفسير الجاهزة المشيرة إلى الشكل والمعنى,وكلنا نعلم أن لكل خطاب مقاصد(وايدولوجيةالخطاب هي وجهة نظر يعبر الشاعر من خلالها عن انعكاس الواقع على نفسه وموقفه من هذا الواقع))لذلك صنفت تلك القصيدة لتشكيل دوال ترتبط بشبكة علاقات معقدة لا اسميها سباحة فضائية صرفة لا تحقق استلاب الارادةوتحجيم الهدف ومصادرة الشعرية,ولا تتحدث محاولتي عن أفول ايدولوجي ينبذ هوية الإنسان الموهوب وتلغي خصوصية المبدع بل تجد الشعر قدرا((ان قدر الشعر يبقى ما بقي الإنسان)ويتدفق الشعر كالنبع والجرح دائما ,وكم اتالم حين يضيع الشعر الرائع سدى وتعتم الحقيقة ويموت الشاعر حينما استنكر مقولة شوبرت وهو يقف على قبر استاذ ه بتهوفن (إن الحياة بعدك بكاء عليك ) وكم يخبرنا المذهب الظاهري ((لا يوجد موضوع دون ذات )) أنها ذات منذر المنظومة أصلا متدفقة من تجمعات ضمر عنيد ومتسلقة الجدران الخوف والقائلة لنا شيئا دعني أيها الشاعر الوسيم أن افرغ عصارة حدسي في فضاءات فطامك,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
البداية 00 0 حين أقرا قصيدة فطام لا أرى مرجعية تدل على سبات وجفاف تصنع ذاتها برسم الكلمات ولعلة كتب العنوان بعد القصيدة فالإيحاء يكشف لنا استنطاق الفضاء الشعري القائم على الإبحار في الذاكرة (17فعلا من أفعال المقاربة كدت ) الذي يبني دائرتة على ثلاثة محاور : 1_الاتصال والمصاحبة بين الشاعر والأرض (اصنع من كل شجرة أملا ؛أمد مائدتي على الرصيف ؛أذوب في زعيق العربات ؛ اتامل الأبنية اركض في برك الأزقة ؛الملم قمحي ,,اختار الجدران )
2-محور الانفصال (كدت أنسى الصديق 000المرأة 000الافاعي أمحو الملاجئ –اعري حبل الغسيل ))
3-محور الاختراق للداخل (ابقر بطون الآلات ؛انفض الليل على جبهتك اخرج الألم من القيثارة ؛أسرف السلالم ؛أروض الرفوف )
وقامت القصيدة على بناء سياقي ضمن أصول بنائية تنفرد بها الذات المهذبة ضمن استخدامات الأفعال الماضية (17 مرة ) والمضارعة (95 مرة ) (أضع ؛أذوب ؛اتامل ؛اركض )وكان الإيقاع دالا على خبرة دون تصنع مقصود في المقطع التاسع (اختار الليل شارعا شارعا قفصا قفصا )وكانت البيئة جانبا سياقيا دالا على الانفتاح وسكون ضمن طبيعة جامدة (شمس ،شجر ،مطر ،موج،سنابل ،ليل 35مرة والطبيعة المتحركة (حمام ، حصان ،أفاعي ،قطة )6مرات ومن بين تداعيات الانفتاح (اجمع أكوابا من الشمس ،أفصح عن حمامتي ،انفض الليل عن جبهتك اظفر بالجداول )ومن تداعيات السكون (يكشف الموج إنصاتي ،تجلس على شاطئ ،الليلي المقمطة بالمباهج ) ومن تداعيات الصراع والاندفاع السريعين(اطير فرحا,اختار حمامات,اروض الليل على شفاهي,اجمع باقات اللهفة,اضحك من السنابل,))ومن تفرعات الاصول الثقافة الموروثة كالنبع المتدفق من حضارة(انصب تماثيل-قلبي المعبأبالاضرحة-كدت ابقى على حصانخشبي(طروادة)-تنهمر الوصايا على رحاها,ويقف الوزن المتدارك غالبا ضمن العناصر التشكيلية ضمن دائرة غياب المصدر والاكتفاءبالخبر(كدت اطير-*ان اطير-كدت اظفر-كدت انحني)وتسرب الواقعية الى مقاطع القصيدة السبعة عشر دون لف ودوران منها((اذوب في زعيق العربات-اتامل الابنية نفاياتها-اركض بين برك الازقة))ومن عناصره الفاعلية القائمة على المثل والقيم((امد مائدتي على الرصيف دلالة الكرم الحاتمي-(ناسيا حرائق نفسي دلالة الاثرة-قلبي المعبأبلاضرحةدلالة الدين والاعتقاد-امد جسرا من شهيقي لاجتياز الجسد –دلالة الصبر,ومن عناصره الجماليةالمفعمة بالالوان(الليلي المقمطة بالمباهج في الالوان-تمنح الافخاذ اكفانا تصفر من العزلة-امنح ايامي خيطا من دم-)ومن عناصره المعيارية القائمة على سياق مقطعي متناوب,فالمقاطع ذات 311كلمة تتوزع الحروف والاسماء والافعال ضمن انفراد المقاطع حسب العدد(10-14)(والعشرين(2-3-4-5-6-11-12-13-16والثلاثين كلمة(1-7-9)والاربعين كلمة(8-15),وحين نبحث عن المفردات التي حققت اهتماما وتجذرا فاعلا في حيز المكان لتوفير مناخ المشهد الشعري نجد الشاعر يتكىء على مستقرات مكانية ثابتة (الملاجىء-الجداول-الجرف-كدت امحو الملاجىء-كدت اكتفي بالجرف-كدت اظفر بالجداول))وتبرز ظاهرة المكان دالة الاتصال التي تنفتح على المذاكرةوالنسيان(كدت انكفىءعلى حلم)(عيناي تصعدان السلم)(ناسيا حرائق نفسي)(انسى الصديق الذائب –انسى المرأة-انسى الافاعي)ولو رسمنا مثلثا سيمائيا نوزع عليه هرميةالتذكر لوجدنا ان الفعل (كان-كدت-يحمل انزياحا ثلاثياانظر المخطط(الاتصال اصنع من كل شجرة///الاختراق (ابقر بطون الالات-اخرج الالم-اروض الرفوف)//الانفصال (انسى الصديق /امحو الملاجىء/اعري حبل الغسيل)
وكم يلح الشاعر في انزياحاته على العصرنة والحداثة وصنائع الانسان(الالات-القيثارة-الملاجىء-الجسور-الاسلحة-الحقائب)وقد جاءت تلك الصنائع (29)مرة ويبدو ان محور المكان قد فاق المدى الزماني الذي شكل فضاءا عنيدا اخر ضمن وحدات تتسع ثم تضمحل مثال ذلك((انفض الليل عن جبهتك-السرعة)(في الليليالمقمطة-التوقف)(اختار الليل شارعا-الالتجاء)(كدت ابقى عمرا-الاطالة)(كدت اقحم طفولتي-الزمن المحد)(كدت اشذب الخريف-حملت ضجيج ربيعك والفصلان محددان ايضا
وحين نبحث عن مقاصد القصيدة نجد التطريب يقففي مقدمتها (انفض الليل عن جبهتك-اتلفت بين انوثتك-وهنا تعمد الشاعرفي سياقاتافعاله(كدت ابقى-ابقر-احث-احفر-انكفىء-انسى-انحني-)مع التوالف بين الجموع(الم عن الصحاري الشبهات-ومراياي ترزم اخطائي –وتلك المقلوبات اللفظية(بحر-حرب)تشبيه البحر وتنتمي للحرب,وكثافة المجاز(مراياي تجلس على الشاطىء)(قلمت اظفار الحزن)(يمتد بي الى عذوق النار)(ومائي تتعثر بين الصالات وتعب اقداحا)(وقد بات المقصد مخفيا في عرض فكرته مباشرة عن طريق التوكيد (ان الازفة نداءات الفقر)_(والصفة((اسرار تعد الضفاف)والحال(كدت ابقر بطن الالات وهي تشم الطفولة))والعديد من الاخبار والسياقات القائمة على دلالات الانفصال والاتصال والاختراق كلها داعية لدى الشاعر,وقد جاءت فنا بالغ الاثر ضمن انماط مالوفة وحسبي اجد محاور الاستبدال لدى الشاعر مقبولة دالة على قدرة خلق شعريتها ضمن اطر الاشارة والرمز والمجاز وهي تعد بحق منبع الشعرية الدفاقة((كدت انسى الصديق –المرأةالافاعي –البديل-الاجراس))(كدت ادمن الستائر-واختار ححمامات تعدني تاخذ قلقي من المامة الى البديل لذة تشبه البحر,فالشاعر يخلق جماليات رائعة ضمن اختيار المجاز مثلا(الالام لاتشم-والستائر لاتدمن-والسلالم لاتسرف)وكل هذا يظهر لنا دلالة اليأس وهو يفرش المعاني العميقة التي تسهم الالوان في بث تداعياتها((جمري/دمائي/باقات/اكفانا تصفر/خيطا من دم))وحين نبحث عن منذر الشاعرنجده متحدثا(كدت/ابرر/اركض/قلبي/جنوني/انصاتي/وهو يزرع مساحات ذاته بديلا عن الناسموصوفين باللوعة.
ان الشاعر في قصيدة فطام بدأاكثر اجتهادا وتنانيا وتاويلا ,وقد حاولت بقدر ما افهم وتسمح به معرفتي بالكشف عن بعض تداعياته المرمزة ولا اسميه شاعرا صناعا بل شاعرا موهوبا واجد القصيدة مكتظة بالصور والمشاهد التي تكشف ذاتها ضمن اطارين هما التفكير الحسي والؤية الصرية للشىء المكاني ومن يعترض وله الحق بذلك فان الصورة الحسية ليست دائمة مرئية بل اجدها متوقعة ما دامت الكلمات (مجرد ادوات تمثل الاشياء)فالشاعر اندمج مع صورة وكون قصيدة الفكرة-فطام فاستقرت ذات شعور واحد ومادام الشاعر قد نجح في تكوين صورته ومشهده فهذا كاف ليرشحه للمجد القادم خاصة وهو يحقق اطر الايقاع ويضبطاللغة ويحيط الزمن بمدارك الفهم وربما يسالنا احد عن مشهد ويحمل حوارية الشاعر المتنقل بين وحدات المكان والزمان حاملا طفولته المتعبة وشبابه المركن على الرفوف وطموحه الهامشي حيث تحط به النوى في زمن سرابي وارض يباب وقد غدت المشاهد مشحونة بالمقابلات الدالة على ولادة امل منتظر ومعلق على عظم الضاح ,فاية روعة احصدها من فطام شاعر فتي وسيم ,انها بحق وشاح شعري مغزول من جراح الشاعر اتلذي سلمته القصيدة هذه عام 2001 وطلبت ان ينشرها في احدى الصحف العراقية انذاك فابى ان يكتب دمه الى صحف لاتفهم الشعر اصلا وازفت الساعة اليوم بنشرها دون معرفتي بمكان الشاعر,انها قصيدة تقدم الى قارىء نهم يفهم لغة الشعر ولايحكم عليها بعجالة
#صدام_فهد_الاسدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟