|
الميتاقص- أساليبها وتمظهراتها في قصة / رسول الشيطان/ للقاص المصري عمرو زين قراءة ذرائعية بقلم الناقدة د. عبير خالد يحيي
عبير خالد يحيي
الحوار المتمدن-العدد: 8161 - 2024 / 11 / 14 - 22:48
المحور:
الادب والفن
إغناء: تحيلنا قصة ( رسول الشيطان) للأديب عمرو زين إلى ظاهرة الميتاقص Metafiction: وهي من أهم التقنيات السردية ما بعد حداثية، تطرح تشكيلات جديدة للكتابة السردية ونقدها، مستندة إلى منطلقات فلسفية عديدة تساهم في بلورة الصورة السردية للميتاقص بوصفه كتابة عن الكتابة، أو قص عن قص، أو رواية عن رواية، حيث تقدّم القصة أو الرواية نفسها بوصفها بديلًا حكائيًّا، فبدل أن تمثّل العالم الواقعي تقوم بإحداث قطيعة معه، لتهتم بتسريد العالم الحكائي التخييلي، إذ لا وجود، في منطق مفكّري ما بعد الحداثة، لفكرة الحقيقة المسيطرة على الفكر الحديث والفكر الذي سبقه، وأن أي ادعاء للحقيقة لا يعدو كونه ادعاء ميتافيزيقيًّا حديثًا. وهذا ما ذهب إليه " بيير زيما" (Pierre Zima) بقوله: " أحد الاختلافات الرئيسية بين الحداثة وما بعد الحداثة يكمن في واقعة أن الحداثيين مثل: جان بول سارتر وكافكا يعتقدون بوجود واقع وحقيقة، وأن يكونا عصيَّين على البلوغ، بينما ما بعد الحداثيون مثل : جون بارت، وليوتارد يضعون الواقع والحقيقة في مصاف المفاهيم الماورائية " البؤرة الأيديولوجية للقصة: فكرة الصراع الأبدي بين الخير والشر، وما يتفرع عنها من صراع بين الصالح والطالح، بين بين الحق والباطل، والحقيقة والتزييف، ومن يقود هذا الصراع، الشيطان بكل تمظهراته، والإنسان بكل أهوائه وأخلاقه ومعتقداته، وكلاهما في ساح الحياة مقاتل، كل بسلاحه: "كما أنَّ في كل بلدة رجل صالح مجاب الدعوة هناك شيطان يسكنها" ولمن تكون الغلبة؟ سؤال أبقاه الكاتب معلقًا على ذمّة الزمن والوجدان. "متى يحينُ الميعادُ سيِّدي؟ عندما تجدُ صورتي في كلِّ قلبٍ".
المستوى المتحرك : البناء الفني والتقنيات السردية : • العنوان: في هذه القصة، يعمل عمرو زين في مجال الماورائيات، انطلاقًا من العنوان( رسول الشيطان)، عنوان مشوق وجاذب يأخذنا مباشرة إلى ذلك العالم الأثيري، بعد التسليم بتكسير الإيهام بالواقعية، فالميتاقص أدب لا يهتم بالإيهام بالواقعية بل على العكس، يهتم بإبعاد هذا الوهم والاستلاب عن المتلقي، وينقلنا العنوان للتساؤل: هل للشيطان رسول؟ من هو؟ وما هي رسالته؟ ولمن ؟ إن الميتاقص يشتغل في منطقة استدعاء القارئ وجذب انتباهه باتجاه الحيّز الحكائي، لأن لديه قصدية إثارة الانتباه، وبشكل منتظم، إلى ذاته، على أنه أمر مصطنع؛ ليثير بذلك الأسئلة حول العلاقة بين الخيال والواقع، فهو قص يتحدث عن ذاته بانعكاس ووعي تام، وبهذه "الانعكاسية الذاتية" ( Self-Reflexivity)، أصبح النص الميتاقصي يُعنى بواقع أكثر تخييلًا وصدقًا يتمثّل في عالم القص نفسه، "فلم يعد الواقع في السرد المعاصر واقعًا ماديًّا حقيقيًّا، بل هو واقع خاص بالرواية (بالعمل السردي) يشبه العالم المرجعي الفعلي، بمعنى أن هناك عوالم ممكنة تتحدّث عنها السرود التخييلية والحكائية، وإن كان الواقع الإحالي هو العالم المفضل بالنسبة للرواية الميتاسردية" . يعتبر (التضمين) مفهومًا من المفاهيم العديدة للميتاقص، وهو إدخال قصة في قصة أخرى، وكذلك (القصة داخل القصة) التي يكون فيها العمل الأدبي مكونًا من قصة رئيسية تتضمنها أو تتداخل معها قصص أخرى تغوص وتتداخل في أحداثها، وقد أدخلنا الكاتب عمرو زين في هذا العالم القصصي، من خلال قصّة واقعية تخييلية تمثّلت قصة حكائية هي قصة النبي موسى والخضر عليهما السلام. كان أدب الحداثة يبحث عن القيم والمعاني في عالم الفوضى، وهذا يفسر نزوع المبدع نحو تحقيق الوحدة والانسجام، والبحث عن الجمال وإعادة إنتاجه من خلال العملية الإبداعية، ولكنه من ناحية أخرى يعيش صراعًا وجوديًّا ومعاناة داخلية جراء التوتر الناتج عن التغاير بين العالم الداخلي للمبدع، القائم على الوحدة والانسجام والمعنى، وعالمه الخارجي القائم على العبثية والتشتت. لكن أدب ما بعد الحداثة جاء لينكر المعنى في ذلك العالم العبثي، لأن الانسجام الذي يتطلع إليه الحداثي لا يكون مع تقرير المعنى وحضوره، وإنما يكون في غيابه. وهذا تمامًا ما نجده عند القاص عمرو زين ابتداء من • الاستهلال: يصف الكاتب ذاك العالم الخارجي الفوضوي، رجل غريب يجلس إلى جوار السارد، دونًا عن كل البشر الذين كانوا في المقهى: ظهر من حيث لا أدري، جلس على المقعد الخالي إلى جواري في المقهى الذي يعج بالبشر، تفحصتُ وجهه: " لم يسبق أن جمعتني به صحبة، من عساه يكون؟ ثم لفتة أخرى باتجاه العالم الخارجي من خلال فعل حسّي، وهو فعل النظر، لكنه فعل متفرّد باتجاهه؛ حيث جاء فعل النظر عميقًا إلى الداخل، يقول السارد: أدار وجهه إلي ونظر داخلي عميقًا: ألم تكن تبحث عني؟ هنا كان التأثير الخارجي المثار بهذا السؤال على العالم الداخلي للسارد، كاشفًا عن الصراع الوجودي المحسوم باليقين بعدمية وجود حقيقة، والمعاناة العميقة السابقة التي كانت مترسخة بفعل التنافر السافر بين الخارج العبثي الحائر والداخل المتمتع بوحدة الانسجام والمعنى، فلم تعد عبثية العالم الخارجي تشغله، وهنا تتكشّف القضية الرئيسة التي تشكّل البؤرة الأيديولوجية التي تتمركز عليها مدارات أومحاور التشابك السردي للنص، كما تكشف البعد العقائدي والفلسفي والفكري للسارد : " وكأنه لمس وترًا حساسًا داخلي، إذ قضيت جلّ عمري باحثًا عن الحقيقة حتى وقر في نفسي اليقين ألا حقيقة على الأرض". • ميتاقص الشخصيات: تتوحّد شخصية الكاتب مع شخصية السارد، وتشهد ولادة الشخصيات الميتاقصية المختلقة، وتعترف بورقيّتها، بل وتخاطب القارئ تصريحًا بأن ما يقرؤه هو نص متخيّل، لا يعني بالضرورة أن يكون صورة عن الواقع. يحاول الكاتب أن ينزاح بهذه الملامح عن الواقع، لا من أجل إلغائه، ولا من أجل قطع الصلة معه، وإنما من أجل لفت الانتباه إلى إشكاليات هذا الواقع، فنحن أمام سارد ينوب عن الكاتب أو الفيلسوف، وأمام شخص أثيري يتكلم ويسأل ويضحك دون أن تثير ضحكته انتباه أحد، وأمام متسوّل يقبل عليهما، إضافة إلى المرأة والبنتين والرجل الغريب عابر السبيل، رواد المقهى وأهل البلدة، كلها شخصيات ميتاقصية موازية لشخصيات السردية المرجعية في (قصة موسى والخضر عليهما السلام)، وقد نجح القاص بتخليقها من قالب تخييلي يشكل انعكاسًا ليس متطابقًا بالمطلق مع الشخصيات المرجعية، كما أنها ليست المعادل الفني والمعرفي للذات المبدعة، وإنما هي مكمن له صلة بالواقع كمرجعية، ويبقى خيال القاص عمرو زين مصدرًا لتخليق شخصياته بكل عناصرها ودواعيها المضمونية والجمالية التي تحدّد طبيعة النص السردي الذي أراده. من هذا الواقع التخييلي بشخوصه الورقية الرئيسية يبدأ: • الصراع أو الحبكة الدرامية: بالحدث الذي سيحرّك مغرفة التشابك السردي الدرامي، بعد لقاء محوريَ التشابك، محور التوليد ( السارد) ومحور المعارضة ( الرجل الأثيري) ومن هذا التقاء سيظهر محور التوليد الذي ستتولّد عليه الأحداث، أولها مبادرة السارد لإعطاء المتسوّل بعض النقود، هذا الفعل الذي أثار سخرية الرجل الأثيري: "ابتسمَ لرؤيةِ أحدِ المتسوِّلين مقبلًا علينا، هممْتُ بإخراجِ حافظةِ النُّقودِ من جيبي، إلّا أنّه استوقفني بسؤاله: لماذا تمنحُهُ شيئًا من مالك؟ المالُ مالُ الله. دوّتْ ضحكتُهُ في المكانِ إلا أنها لم تُثِر انتباه أحدٍ من حولنا...." ثم يعمد الكاتب إلى خلق نص سردي بوليفوني، متعدد الطروحات، ومتعدد المنظورات الإيديولوجية، فحيال فعل واحد، هو إعطاء المتسول مالًا، وهو الفعل خيّر ظاهريًّا، يقوم به الإنسان سليم العقيدة، لكنه يثير حوارًا جدليًّا: وما يدريكَ أنَّهُ يستحقُّ ما تهبُهُ؟ ألا يكفي أنّهُ يسأل؟ التزم الصَّمتَ، وركَّز نظراتِ عينيه على وجهِ الشّحَّاذِ وهو يتناولُ الورقةَ الماليّةَ في لهفةٍ، ثمَّ يطويها ويدسُّهَا بين ثَنِيَّاتِ ملابسه: أظنُّكَ تشعرُ الآنَ بالرضى؟ ألا يجبُ أنْ يشعرَ المرءُ بالرِّضى إنْ فعلَ خيرًا؟ حوار يثير الشك حيال ظاهر الخير عند السارد البطل، وباطن الخداع عند الشحاذ: هل تظنُّ أنَّ هناك مَنْ يستحِقُّ أنْ يخرجَ من بئرٍ أحْكَمَ على نفسِهِ غلقَ غطائِها؟ ما فعلتُ إلَّا أني أعطيتُ مُحتاجًا قليلًا منَ المال. ولكنَّك أغلقْتَ أمامه طريقَ النَّجاةِ دون أنْ تدري. ثم ينتقل بنا الكاتب إلى مستوى أعمق من الحوار، مستوى فلسفيًا، سيتناول الثنائية الضدية ( الحقيقة- الزيف أو الخداع): أتصدِّقُني إنْ قلتُ لكَ إنّني أكثرُ من يمُدُّ يدَ العونِ للمحتاجين على وجهِ الأرض؟ تعالَ معي! إلى أين؟ ألا تريدُ أنْ تكتشفَ الحقيقة؟ هنا يبدأ الكاتب بتشكيل أشكال تناصية ونصوص موازية، وقد اختار الكاتب رحلة موسى مع الخضر عليهما السلام، بتفويض المواضعات والأشكال القصصية المهيمنة باسم الاختلاف والتفكيك والتنوير والتجريب والتحديث، وسنجد أن الاختلاف سيكون في جوهر الرسالة والرسول، فإن كان الخضر رجلًا عالمًا صالحًا، فإن الرجل الأثيري رسول شيطان، وإن كانت رسالة الخضر قائمة على كشف العلم والحقيقة من تحت الشرور فإن رسالة رسول الشيطان هي كشف العورات من تحت مظاهر الخير: سمعتُ صوتًا يتردَّدُ في أذني "ألمْ أقلْ لك لا تسألْ عن أمرٍ حتى أخُبرَكَ عنه." ظهرتِ امرأةٌ تضعُ فوق رأسِها لفافةً من القماشِ، وتسحبُ خلفها بنتين في ثيابٍ رثَّةٍ، دخلتِ الدَّارَ مع حلولِ الظَّلامِ واستلقتِ البنتان في العراء، تدافعتِ الأسئلةُ على رأسي "من تكونُ المرأةُ؟ وما علاقتُها بالرَّجل؟ ولماذا تركتِ الفتاتين خارجَ الدَّارِ لتناما هكذا دون غطاءٍ في بردِ الشِّتاءِ القارص" بعدها، سيبدأ الأثيري بإغواء السارد بالدخول إلى غرفة دخلها الشحاذ مع امرأة: قطعَ فيضُ أسئلتي الملِحَّةِ بقوله: ألا تريدُ أنْ تدخلَ لتشهد ما يصنع؟ وقفتُ في مكاني متردِّدًا "ماذا يمكنُ أنْ يصنعَ أكثرَ من ذلك؟" - لا! لا أريدُ أنْ أعرفَ شيْئًا. كان ذلك الإغواء فرصة لاختبار عفّة السارد، الذي حسم تردده باختيار إيقاف رغبته بالمعرفة عند هذا الحد بلا تجاوز. وسيبدأ الكاتب، اعتبارًا من هذا المستوى من الكتابة، بإغناء السرد وإثرائه نقدًا وتخييلًا وتوجيهًا، ممارسًا تفكيك اليقينيات التي كانت تتمثّلها السرديات الكبرى، على اعتبار أن ما يستطيعه الكاتب ليس وصف الواقع، بل تقديم استعارات تشير إليه، ف "كل الأنماط البشرية هي أفعال استعارية في النهاية، وحتى أكثر التوصيفات العلمية دقة ما هو في النهاية إلا نسيج من الاستعارات" ، وهكذا مارس الكاتب التفكيك العميق للمشهد الظاهري للفقر، على اعتباره ظاهرة استعارية متكررة، وكشف سذاجة الفعل الصالح حين يكون في غير موضعه، حقيقة تتسم بالقبح والقتامة، وتنسف منظومة المجتمع بثنائياته الضدية، المتقشّر بالفضيلة المغلفة لكل الشرور، مثيرًا للتساؤلات الوجودية التي شغلت السارد في مرحلة من عمره وظن أنه انتهى منها، لكن كيف لفلسفة الفقر أن تنتهي، والفقر ما زال يعيث فسادًا في عالم البشر؟ يقول: "أدرْتُ له ظهري، وسرْتُ في جوفِ اللَّيل؛ ناويًا العودةَ إلى دارِي، وشعورٌ بالأسفِ يحُفُّني من جرَّاءِ الأسئلةِ التي شغلتني في مرحلةٍ ما من مراحلِ عمري، ثمَّ ها هي تعودُ لتهدرَ داخلي كأمواجِ البحرِ الهائجةِ "ألمْ يكنْ في مقدورِ القديرِ أنْ يخلقَ العالمَ دونَ فقرٍ؟ لماذا نُحَمِّلُ الفقراءُ كلَّ الآثامِ الظَّاهرةِ منها والباطنة؟ هل يمكنُ أنْ ترتقيَ البشريّةُ مع وجودِ الفقرِ؟ كنتُ أقولُ لنفسي دائمًا،لا يجوزُ الحكمُ على البشرِ بصورةٍ صحيحةٍ دون النَّظرِ في الظُّروفِ التي تحيطُ بهم." هي محاولة لمحاولة معرفة العالم، من خلال "تصور مفاده أن معرفة العالم لا يمكن أن تتم بشكل تلقائي، وإنما يجب أن تصفى بما يشبه ( التخطيط الذهني) الذي يقرر بدوره كيف تتشكل المعرفة " المخيف أن المعرفة مشرّعةٌ أبوابها ونوافذها على التدليس، باعتبار أنها ليست محمية بالقدر الكافي، ما يتيح لكل مدّع أن يدلو فيها دلوَه، بلا رقيب على نظافة الدلو أو قذارته، وهذا ما كان من أمر رسول الشيطان، ومعرفته المزعزعة لليقينيات الملتبسة بصراعها الأبدي، الخير والشر، والفقر: جئتُ لأمنحَكَ الأجوبةَ على أسئلتِك. لذتُ بالصَّمتِ، واكتفيْتُ بمراقبتِهِ وهو يحرِّكُ شفتيْه: الفقرُ هو الرَّحِمُ الذي يتخلَّقُ فيه الشَّرُّ، والشَّرُّ هو ما يدفعُ البشريةَ إلى الأمام، بدونه تصبحُ الأرضُ مجرَّدَ بُحيرةٍ آسنةٍ، لا حياةَ فيها ولا حركةَ ولا نماء.
• الميتاقص وأساليب االقراءة والتلقي: يشرك الكاتب عمرو زين قارئ نصّه الميتاقصي بعملية إنتاج النص وتحديد معنى القص، من خلال السارد، فهو مُدرَجٌ في النص مُعترَفٌ بحضوره وقدرته على المناورة، طالبًا من القارئ أن يقرّر المعنى، متبعًا الكثير من الأساليب يصعب حصرها، منها مثلًا: التدقيق على أسماء الإشارة أو الضمائر وأدوات الربط في إحالتها على نص آخر يفترض أن يعرفها المتلقي تخبرنا عن الحمولة الثقافية والمعرفية، فالرجل الغريب الذي طارده الشحاذ وقذفه بالحجارة، يحيل بالضمير (هو الغريب عن البلدة)، كما يحيل باسم الإشارة والضمير( وهؤلاءِ القُسَاةُ لمْ يعطفوا عليَّ وأنا عابرُ سبيلٍ) إلى القصة المرجعية (موسى والخضر عليهما السلام حينما أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما): الشَّحَّاذ. ما به؟ يطاردُ رجُلًا ويقذفُهُ بالحجارة. أتدري ماذا صنعَ الرَّجُل؟ " أي شيءٍ عساهُ قد فعلُ وهو الغريبُ عن البلدة؟" لمْ أكدْ أطرحُ السُّؤالَ على نفسي، حتى فوجئتُ بي واقفًا من جديدٍ أمام الدَّارِ المهجورةِ التي يسكُنُها الشَّحَّاذ، والغريبُ يطرقُ بابَها سائلًا: جوعان! حاجة لله يا أهل الدار! نحن فقراء لا نملِكُ شيئًا لنعطيَهُ لك، صدر الصَّوتُ من داخلِ الدَّار. لا أسألُ أكثرَ من كسرةِ خبزٍ وشربةِ ماء! اذهب لتسأل أحدًا غيرنا من أصحابِ الدُّورِ العامرة! مررتُ بكلِّ بيوتِ البلدةِ، ولكنهم… اختنقَ صوتُ الرَّجُلِ، وأجهشَ بالبكاء.. "أرأيت؟" أدرتُ رأسي لأجدَهُ خلفي. "ظننتُ أنَّ الشَّحَّاذَ سيظهرُ له الرَّأفةَ؛ لأنّه يكابدُ مثله." "هذا ليس كلَّ شيءٍ، انتظر!" أطْرَقَ الرَّجُلُ برأسه، وهَمَّ بالرَّحيلِ؛ لاعِنًا البلدةَ وأهلَها متحجِّري القلوب "لمْ أضعْ طعامًا في جوْفي طيلة اليوم، وهؤلاءِ القُسَاةُ لمْ يعطفوا عليَّ وأنا عابرُ سبيلٍ.. تعْسًا لبلدةٍ أغنياؤها بخلاءُ، وفقراؤها مرَدَة!"
الجدار المنهار الذي همّ الرجل الغريب بإقامته حيث ترقد الفتاتان، يشير إليه باسم الإشارة ( هذا الجدار) ليحيلنا إلى جدار الصبيين اليتيمين و تركة أبيهما الرجل الصالح، الكنز ميراثهما منه، في قصة النبي موسى والخضر عليهما السلام: التفتْ إلى أنَّاتِ الفتاتين في العراء، أسرعَ إليهما وفكَّ وثاقهما، ثمَّ هَمَّ أنْ يقيمَ الجِدارَ المنهارَ حيث ترقُدَان: "لقد ترك أبوكما لكما تحت هذا الجدارِ وصيَّةً، لا تسمحا لأحدٍ بالوصولِ إليها!" بدتِ الدَّهشةُ على وجهِ الصغيرتين، فهمسَ لهُنَّ: هذا الرَّجلُ ليس بوالدِكما!" لقد برّر الرجل الأثيري فعل الشحاذ المشين اتجاه عابر السبيل الغريب، بذريعة، هي أن هذا الغريب حاول خطف بنتيه، ما جعل أهل القرية يتداعون لنجدة الشحاذ، بدلًا من نجدة عابر السبيل، ما انتهى بالغريب إلى الاستنجاد بالشيطان؛ لأن البلدة خلت من رجل صالح يحكم أهلها: عندها خرجَ الشَّحَّاذُ منَ الدَّارِ، وأخذَ يقذفُهُ بالحجارةِ، ويطاردُهُ عبر الشَّوارعِ، مستنجِدًا بأهلِ البلدة: أنقذوني! يريدُ أنْ يخطفَ بناتي. تداعى أهلُ البلدةِ لنجدَتِهِ، طاردوا الرَّجُلَ من شارعٍ إلى شارعٍ، حتى وصلَ إلى أطرافِها، أشفقْتُ عليه وأنا أرى الدِّماءَ تسيلُ من رأسه لتُغْرِقَ ثيابَهُ المهلْهَلَةَ، صرخ من شدَّةِ ألمِهِ: "- إنْ لمْ يخلِّصْني الرَّجُلُ الصالح فيها فلينقذْني الشَّيْطان من هذه البلدةِ الظالمةِ أهلِها!" وهنا، يشير عمرو زين إلى سهولة التشكيك بكل الظواهر، وأن ما تراه العين ليس حقيقيًّا بالمطلق، وإنما ظاهرة تحتاج إلى إثبات حقيقتها أو وهمها، وهذا ما يفعله الشيطان حقيقة، التشكيك والتدليس وقلب الحقائق بقصدية، فإن كان المتلقي لا يملك خلفيته الثقافية التي تمكّنه من الربط بين النص القصصي الحكائي وبين النص المرجعي فستلتبس عليه الحبكة النصّية، كما ستتوه منه رسالة النص. اعتمد عمرو زين أسلوب الخطاب الموجه للمتلقي بطريقة واعية، حوّلت القارئ إلى شخصية داخل الرواية، ناطقة بلسان الكاتب السارد، فمن يقرأ هكذا نص من دون أن يسأل من يكون الأثيري؟: استدرتُ إليه وهممتُ أن أطرح عليه السؤال إلا أنه استبقني بالقول: - كما أنَّ في كل بلدة رجل صالح مجاب الدعوة هناك شيطان يسكنها. أطلقتُ نظراتي لتتفرس ملامحه، والسؤالُ يكاد ينهش كياني"أيهما تكون؟ . وما الرسالة: تقلَّبْتُ في نومي والسُّؤالُ يطرقُ رأسي طرْقًا "ما الرِّسالة؟" بالنتيجة، ميتاقص نظرية القراءة والتلقي تخاطب المتلقي وتجعله مشاركًا في عملية الكتابة، باحثًا عن الرسالة.
• الحوارات : تنوعت بين الطروحات الفلسفية، الأسئلة والأجوبة، والكشف عن الثقافة اللغوية للمتحاورين، استعرضتُ بعضها، واستوقفني الحوار بين الشحاذ والمرأة، والذي عكس بجلاء البعد الاجتماعي والثقافي اللغوي لهاتين الشخصيتين، وأشير إلى الألفاظ الدالة بخط تحتها: "ألَا أطُشُّ وجهي ببعضِ المياه؟" الوجهُ العَكِرِ يجلبُ الرِّزقَ الوفير." أدارتِ المرأةُ وجهَهَا وهمّتْ بالانصرافِ، إلَّا أنَّه استوقفَها بقوله: ناوليني العُكَّازَ، وساعديني لألبسَ القدم!"
• النهاية : رفع حاجبه إلى الصُّورةِ المعلَّقةِ فوق الجِدارِ قبل أنْ يغادرَ الدَّار: متى يحينُ الميعادُ سيِّدي؟ عندما تجدُ صورتي في كلِّ قلبٍ. نهاية مثيرة ومفتوحة على المزيد من التساؤلات والتأويلات، وتأويلي أن الشحاذ هو من مريدي صاحب الصورة المعلقة على جدار قلبه قبل جدار غرفته، صاحب الصورة أراه شيطانًا مصوّرًا بهيئة الرجل الأثيري، ومن شدة تعلّق المريد بشيخه يطلب لقاءه، بل يستجديه موعدًا قريبًا، فيجيبه وقت القاء مرهون باكتمال تمثّله في قلوب كل الناس، وهذا ما يجعل النهاية مفتوحة، بسبب ديمومة الصراع بين الشر والخير بدون حسم حتى قيام الساعة. وهذا تأويل من تأويلات لا نهائية، يجتهد فيها كل من يقرأ هذا النص الميتاقصي المميز.
د. عبير خالد يحيي الاسكندرية 6/11/2024
النص:
رســـ.ـولُ الشَّــ.ـيْــ.ـطَــ.ان القاص عمرو زين
ظهر من حيث لا أدري، جلس على المقعدِ الخالي إلى جِواري في المقهى الذي يعج بالبشر، تفحَّصْتُ وجهه "لم يسبقْ أنْ جمعتني به صحبة، من عساه يكون؟" أدار وجهه إليَّ ونظرَ داخلي عميقًا: ألم تكنْ تبحثُ عني؟ " وكأنه لمس وترًا حساسًا داخلي، إذ قضيت جلّ عمري باحثًا عن الحقيقة حتى وقرّ في نفسي اليقين ألا حقيقة على الأرض." ابتسمَ لرؤيةِ أحدِ المتسوِّلين مقبلًا علينا، هممْتُ بإخراجِ حافظةِ النُّقودِ من جيبي، إلّا أنّه استوقفني بسؤاله: لماذا تمنحُهُ شيئًا من مالك؟ المالُ مالُ الله. دوّتْ ضحكتُهُ في المكانِ إلا أنها لم تُثِر انتباه أحدٍ من حولنا، عقّب بالقول: وما يدريكَ أنَّهُ يستحقُّ ما تهبُهُ؟ ألا يكفي أنّهُ يسأل؟ التزم الصَّمتَ، وركَّز نظراتِ عينيه على وجهِ الشّحَّاذِ وهو يتناولُ الورقةَ الماليّةَ في لهفةٍ، ثمَّ يطويها ويدسُّهَا بين ثَنِيَّاتِ ملابسه: أظنُّكَ تشعرُ الآنَ بالرضى؟ ألا يجبُ أنْ يشعرَ المرءُ بالرِّضى إنْ فعلَ خيرًا؟ هل تظنُّ أنَّ هناك مَنْ يستحِقُّ أنْ يخرجَ من بئرٍ أحْكَمَ على نفسِهِ غلقَ غطائِها؟ ما فعلتُ إلَّا أني أعطيتُ مُحتاجًا قليلًا منَ المال. ولكنَّك أغلقْتَ أمامه طريقَ النَّجاةِ دون أنْ تدري. رفعتُ نظري إليه وسألتُهُ ضجَرًا: هل سبَقَ وأنْ أعطيْتَ يومًا مُحتاجًا؟ أتصدِّقُني إنْ قلتُ لكَ إنّني أكثرُ من يمُدُّ يدَ العونِ للمحتاجين على وجهِ الأرض؟ ثمَّ صوَّبَ نظراتِهِ كالسِّهامِ في حدقةِ عيني وهبَّ واقفًا: تعالَ معي! إلى أين؟ ألا تريدُ أنْ تكتشفَ الحقيقة؟ قادني وأنا مسلوبُ الإرادةِ في أعقابِ الرَّجُل، أمضى الشَّحَّاذُ بقيَّةَ اليومِ في التّسوُّلِ دون أنْ يضعَ شيئًا في جوفه؛ متصنِّعًا في كلِّ مرّةٍ العجزَ، حتى دنتِ الشّمسُ من مغربِها، فقصدَ أطرافَ البلدة، تلفَّتَ حوله قبل أنْ يدلُفَ إلى دارٍ مهجورةٍ، بدَا وكأنّهُ شعَرَ أنّ هناك من يسيرُ في أثرِهِ، اطمئنَّ إلى خُلوِّ المكانِ، فدخل الدَّارَ مُتسَلِّلًا، تساءلتُ بيني وبين نفسي"كيف لمْ يرَنَا ونحن على هذا القُرْبِ منه؟" سمعتُ صوتًا يتردَّدُ في أذني "ألمْ أقلْ لك لا تسألْ عن أمرٍ حتى أخُبرَكَ عنه." ظهرتِ امرأةٌ تضعُ فوق رأسِها لفافةً من القماشِ، وتسحبُ خلفها بنتين في ثيابٍ رثَّةٍ، دخلتِ الدَّارَ مع حلولِ الظَّلامِ واستلقتِ البنتان في العراء، تدافعتِ الأسئلةُ على رأسي "من تكونُ المرأةُ؟ وما علاقتُها بالرَّجل؟ ولماذا تركتِ الفتاتين خارجَ الدَّارِ لتناما هكذا دون غطاءٍ في بردِ الشِّتاءِ القارص" قطعَ فيضُ أسئلتي الملِحَّةِ بقوله: ألا تريدُ أنْ تدخلَ لتشهد ما يصنع؟ وقفتُ في مكاني متردِّدًا "ماذا يمكنُ أنْ يصنعَ أكثرَ من ذلك؟" - لا! لا أريدُ أنْ أعرفَ شيْئًا. أدرْتُ له ظهري، وسرْتُ في جوفِ اللَّيل؛ ناويًا العودةَ إلى دارِي، وشعورٌ بالأسفِ يحُفُّني من جرَّاءِ الأسئلةِ التي شغلتني في مرحلةٍ ما من مراحلِ عمري، ثمَّ ها هي تعودُ لتهدرَ داخلي كأمواجِ البحرِ الهائجةِ "ألمْ يكنْ في مقدورِ القديرِ أنْ يخلقَ العالمَ دونَ فقرٍ؟ لماذا نُحَمِّلُ الفقراءُ كلَّ الآثامِ الظَّاهرةِ منها والباطنة؟ هل يمكنُ أنْ ترتقيَ البشريّةُ مع وجودِ الفقرِ؟ كنتُ أقولُ لنفسي دائمًا،لا يجوزُ الحكمُ على البشرِ بصورةٍ صحيحةٍ دون النَّظرِ في الظُّروفِ التي تحيطُ بهم." دفعتُ البابَ، ودخلتُ حيث أسكنُ وحيدًا، فوجئتُ به جالسًا في هذا الرُّكنِ الذي اعتدتُ أنْ أجلسَ فيه وحدي تحت ضوءٍ خافتٍ، عقَدَتِ الدَّهشةُ لساني " لقد تخيَّلْتُ أني تخلَّصتُ منه بعد افتراقِنا،ماذا أتى به؟" جئتُ لأمنحَكَ الأجوبةَ على أسئلتِك. لذتُ بالصَّمتِ، واكتفيْتُ بمراقبتِهِ وهو يحرِّكُ شفتيْه: الفقرُ هو الرَّحِمُ الذي يتخلَّقُ فيه الشَّرُّ، والشَّرُّ هو ما يدفعُ البشريةَ إلى الأمام، بدونه تصبحُ الأرضُ مجرَّدَ بُحيرةٍ آسنةٍ، لا حياةَ فيها ولا حركةَ ولا نماء. ثمَّ أشارَ نحو النَّافذةِ المشرَّعةِ: انظر عبرها! سرتُ في خطواتٍ متباطئةٍ، أغالبُ الشُّكوكَ المتلاطمةَ داخلي "ماذا ينوي أنْ يكشفَ لي؟ هنا على أطرافِ البلدةِ، وفي جوفِ اللَّيلِ تخلو الطُّرقاتُ إلَّا من عابرِ سبيلٍ قادَهُ حظُّهُ العاثرُ إليها ." مددتُ عُنُقي عبر النَّافذةِ، صُعِقْتُ للمشهدِ، أفقتُ من شُرُودِي على سؤالِهِ: لماذا ترتجف هكذا؟ الشَّحَّاذ. ما به؟ يطاردُ رجُلًا ويقذفُهُ بالحجارة. أتدري ماذا صنعَ الرَّجُل؟ " أي شيءٍ عساهُ قد فعلُ وهو الغريبُ عن البلدة؟" لمْ أكدْ أطرحُ السُّؤالَ على نفسي، حتى فوجئتُ بي واقفًا من جديدٍ أمام الدَّارِ المهجورةِ التي يسكُنُها الشَّحَّاذ، والغريبُ يطرقُ بابَها سائلًا: جوعان! حاجة لله يا أهل الدار! نحن فقراء لا نملِكُ شيئًا لنعطيَهُ لك. صدر الصَّوتُ من داخلِ الدَّار. لا أسألُ أكثرَ من كسرةِ خبزٍ وشربةِ ماء! اذهب لتسأل أحدًا غيرنا من أصحابِ الدُّورِ العامرة! مررتُ بكلِّ بيوتِ البلدةِ، ولكنهم… اختنقَ صوتُ الرَّجُلِ، وأجهشَ بالبكاء.. "أرأيت؟" أدرتُ رأسي لأجدَهُ خلفي. "ظننتُ أنَّ الشَّحَّاذَ سيظهرُ له الرَّأفةَ؛ لأنّه يكابدُ مثله." "هذا ليس كلَّ شيءٍ، انتظر!" أطْرَقَ الرَّجُلُ برأسه، وهَمَّ بالرَّحيلِ؛ لاعِنًا البلدةَ وأهلَها متحجِّري القلوب "لمْ أضعْ طعامًا في جوْفي طيلة اليوم، وهؤلاءِ القُسَاةُ لمْ يعطفوا عليَّ وأنا عابرُ سبيلٍ.. تعْسًا لبلدةٍ أغنياؤها بخلاءُ، وفقراؤها مرَدَة!" التفتْ إلى أنَّاتِ الفتاتين في العراء، أسرعَ إليهما وفكَّ وثاقهما، ثمَّ هَمَّ أنْ يقيمَ الجِدارَ المنهارَ حيث ترقُدَان: "لقد ترك أبوكما لكما تحت هذا الجدارِ وصيَّةً، لا تسمحا لأحدٍ بالوصولِ إليها!" بدتِ الدَّهشةُ على وجهِ الصغيرتين، فهمسَ لهُنَّ: "هذا الرَّجلُ ليس بوالدِكما!" عندها خرجَ الشَّحَّاذُ منَ الدَّارِ، وأخذَ يقذفُهُ بالحجارةِ، ويطاردُهُ عبر الشَّوارعِ، مستنجِدًا بأهلِ البلدة: أنقذوني! يريدُ أنْ يخطفَ بناتي. تداعى أهلُ البلدةِ لنجدَتِهِ، طاردوا الرَّجُلَ من شارعٍ إلى شارعٍ، حتى وصلَ إلى أطرافِها، أشفقْتُ عليه وأنا أرى الدِّماءَ تسيلُ من رأسه لتُغْرِقَ ثيابَهُ المهلْهَلَةَ، صرخ من شدَّةِ ألمِهِ: "- إنْ لمْ يخلِّصْني الرَّجُلُ الصالح فيها فلينقذْني الشَّيْطان من هذه البلدةِ الظالمةِ أهلِها!" أطلقَ الواقفُ ورائي ضحِكَةً مجلجلةً، وأنا أشاهدُ ما يجري للرجل عبر نافذتي، استدرتُ إليه وهممتُ أن أطرح عليه السؤال إلا أنه استبقني بالقول: - كما أنَّ في كل بلدة رجل صالح مجاب الدعوة هناك شيطان يسكنها. أطلقتُ نظراتي لتتفرس ملامحه، والسؤالُ يكاد ينهش كياني"أيهما تكون؟ لم يمهلني وقتًا واختفى، وإذا به يظهرُ في اللَّحظةِ نفسِها فاصلًا بين الغريبِ وحشدِ الناس، رأيتُهُ من مكاني يرفعُ يدَهُ عاليًا، تعلَّقتْ أعينُهم باليدِ التي يقبضُها ويبسطُها، خِلْتُ أنَّهُ يُلقِي إليهم بكلماتٍ، لم أتبينْها من مكاني، عادوا بعدها فُرَادَى من حيث خرجوا، واختفوا في ظلمةِ اللَّيل، تقلَّبْتُ في نومي والسُّؤالُ يطرقُ رأسي طرْقًا "ما الرِّسالة؟" *** ضربَ أوَّلُ شعاعٍ للشَّمسِ ناصيةَ الرَّجُلِ، قام من رقْدَتِهِ على الحصيرةِ التي يفترشُهَا، نكزَ المرأةَ التي تغُطُّ في نومِها تحت قدميه: اذهبي لتسرحي بالبنتين!" تثاءبتِ المرأةُ: ألَا أطُشُّ وجهي ببعضِ المياه؟" الوجهُ العَكِرِ يجلبُ الرِّزقَ الوفير." أدارتِ المرأةُ وجهَهَا وهمّتْ بالانصرافِ، إلَّا أنَّه استوقفَها بقوله: ناوليني العُكَّازَ، وساعديني لألبسَ القدم!" رفع حاجبه إلى الصُّورةِ المعلَّقةِ فوق الجِدارِ قبل أنْ يغادرَ الدَّار: متى يحينُ الميعادُ سيِّدي؟ عندما تجدُ صورتي في كلِّ قلبٍ.
#عبير_خالد_يحيي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ديستوبيا الماسونية الجديدة في رواية (العوالم السبع) للأديب ا
...
-
أدب الرسائل عند الأديبة حياة الرايس (رسائل أخطأت عناوينها) د
...
-
قراءة في رواية / جبل الزمرد/ للروائية المصرية منصورة عز الدي
...
-
تجلّيات المكان في أدب الحرب رواية / زند الحجر/ أنموذجًا للكا
...
-
اقرئي.. ابحثي.. واكتبي
-
فن الواو.. فن الإيحاء والتجريد بمفهوم ذرائعي الناقدة الدكتور
...
-
جماليات القبح وتجليات أدب الديستوبيا في رواية /العالقون/ للأ
...
-
تجلّيات الأدب التأمّلي في قصيدة الومضة دراسة تقنية ذرائعية م
...
-
تجليات أدب الخيال العلمي في المجموعة القصصية / تشابك سرّي/ ل
...
-
إشهار كتاب /عوالم حياة الرّايس السّردية/ للناقدة السورية د.
...
-
النبوءة والتجليات الملحمية في رواية الأجيال رواية / تاج شمس/
...
-
الروائح عتبة واقعية مثيرة لتيار الوعي في رواية (رائحة الزنجب
...
-
أدب المرايا من الكلاسيكية إلى المعاصرة في رواية / نساء المحم
...
-
الإرهاب.. والتشافي بالحب في رواية / بعض الفرح قد يكفي/ للكات
...
-
تقنيتا البازل والكولاج السردي في رواية / ماتريوشكا من أسوان/
...
-
الفلسفة الذرائعية العربية واشتراح المصطلح رواية (رحيل السومر
...
-
السرد بين تكنولوجيا اللغة ومصطلح الأدبية باب جديد تفتحه الذر
...
-
الآخر في رواية / ثرثرة في مقهى إيفانستون / للأديبة الفلسطيني
...
-
قراءة ذرائعية في رواية (سيرة عين) الملهاة الفلسطينية للأديب
...
-
الفساد الحضَري ( الديستوبيا) وتراجيديا القبح في رواية رجل ال
...
المزيد.....
-
انطلاق الدورة الـ45 لمهرجان القاهرة السينمائي بعرض فيلم -أحل
...
-
جنود من كوريا الشمالية في روسيا: يقاتلون على الجبهة ويقبلون
...
-
من بينها الري بالطاقة الشمسية.. تحولات في الزراعة بزيمبابوي
...
-
كيف تفاعل مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي مع دعم مهرجان القا
...
-
أحمد عز يدافع عن الاستثمار السعودي بالسينما المصرية: -أي حد
...
-
حسين فهمي وفنانون مصريون يردون على جدلية انعقاد مهرجان القاه
...
-
-بفلوسي هشتري التاريخ-.. كواليس خلاف محمد رمضان مع فنان مصري
...
-
وفاة الممثل الكوري الجنوبي سونغ جاي ريم عن 39 عاما
-
المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: أرفض طلب تصريح تصوير من الجه
...
-
-معركة كورسك 2.0-.. فيلم وثائقي عن قوات -أحمد- الروسية الخاص
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|