محمود الباتع
الحوار المتمدن-العدد: 1782 - 2007 / 1 / 1 - 08:01
المحور:
الادب والفن
عامٌ يودع عاماً .. وليس لنا من الأعوام إلا جذوة الآلام ، وليس يأتينا من خيرها إلا التمني الموهـوم !
ها نحن نودعُ عاما ككل عام أم ترى تودعنا تلك الأعوام بينما نحن على ناصية الانتظار لنستقبل ميلاد سنة جديدة كل سنة كمن يستقبل حلماً جديداً .. فلا نرى من الحلمِ إلا أضغاثه ولا من السنين إلا أسنانها الحادة ..
يزورنا كل عامٍ عيدٌ جديد، محملُ بالفرح .. مثقلٌ بالأمل ، ويمضي عائداً كل مرةٍ يجر ذيل خيبته الذي ينبت دائما في آخره عندما لا يجدنا .. أليسَ غريباً أمر العيد ، أليس غريباً عناد السنين ، أليس غريباً أمرنا ؟ لا يأتي عامٌ يشبه عاماً قبله أو عاماً بعده، ولكنهم جميعاً يتعرفون إلينا .. من ظهورنا المدارة إليهم دائماً ، فهل نتمنى أن نصغر حتى لا ترنا الأعوام أم أننا أضعنا نعمة الإبصار عمداً حتى لا نراها ؟
تبدو السنين لنا مثل نساء الليل .. تغوينا ونعشقها ثم نتمناها على البعد .. ولا نلبث أن يصيبنا الغثيان بعدما اقترابها منا وبعد أن نلمس مدى قبحها، لندير إليها بعض ظهورنا حتى ترحل ، ونحتفل كل مرة برحيلها ببهجة تنتابُ من يقتل قنفذاً أو يطلق عصفوراً .. فتدس البائسة مؤخرتها في أنف أختها الآتية التي تغرس نابها المسمومِ في ظهورنا انتقاماً لأختها الراحلة .. وتعاد الكرةَ ألف مرة كل سنة .. وليس من أمرنا إلا تلقي عضات السنين ولعن العاهرات .. ثم نحزن !
نعشق الحزن حتى الثمالة ويبدو أن المتعوس يعشقنا هو الآخر .. فإذا فرحنا تعوذنا من الشيطان ، فهل يتعوذ الشيطان منا عندما نحزن ؟ وهاهي السماءُ ترسل إلينا رسالتها وتمطرنا الأعياد بالجملة ، والأفراح بالقنطار فهل نعي رسالة السماء أم لا نأبه لأمر السماء كعادتنا ، ونعود لنستعيذ من الشيطان .. ثم نحزن ؟
عامٌ جديد يزيد في أعمارنا عاماً وينقص منها عاماً مثله ، فهل نكبر عاماً هذا العام أم نصغر عاما ككلِ عام ؟ إنه عيدٌ جديد وعامٌ جديد يقصدنا ويفتش عنا فهل يجدنا ؟ ربما .. وربما لن يجدنا، فنحن لسنا هنا ولم نعد كما نحن ، ولسنا نحنُ أصلاً ، لقد انقرضنا منذ دهر مضى والأعياد لا تدري .. ولم تعد الأعوام إلا عديد أرقامٍ علينا .. فهل نستحق أن نجد من يمنينا الخير بعد الآن .. وهل هناك من لا يزال يقول لنا .. كل عامٍ وأنتم بخير ؟
#محمود_الباتع (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟