أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم عبدالله - موتٌ على مشارف الأمل: تأملات في ألم الوجود وانكسار الذات قراءة نقدية تحليلية في نصّ الشاعرة : رحمة عناب – فلسطين المحتلة . بقلم : كريم عبدالله – العراق .














المزيد.....

موتٌ على مشارف الأمل: تأملات في ألم الوجود وانكسار الذات قراءة نقدية تحليلية في نصّ الشاعرة : رحمة عناب – فلسطين المحتلة . بقلم : كريم عبدالله – العراق .


كريم عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 8161 - 2024 / 11 / 14 - 12:23
المحور: الادب والفن
    


موتٌ على مشارف الأمل: تأملات في ألم الوجود وانكسار الذات
قراءة نقدية تحليلية في نصّ الشاعرة : رحمة عناب – فلسطين المحتلة .
بقلم : كريم عبدالله – العراق .
مقدمة
نص / كيف أحصي موتاي / للشاعرة الفلسطينية رحمة عناب هو نصّ مفعم بالوجد والحزن، يتأمل في مفهوم الموت والوجود في سياقٍ مليء بالمعاناة. النص يعبر عن حالة من الفقد واليأس، لكنه في الوقت نفسه يكشف عن انكسار داخلي يحاول استكشاف أبعاد النفس البشرية في مواجهة الظلم والفقد المستمر. الشاعرة لا تقتصر على تصوير الموت كحدث فسيولوجي، بل تكشف عن تجلياته الرمزية في الحياة اليومية للمقهورين، بما في ذلك الانهيار النفسي والجسدي الناتج عن الألم الذي يعيشه الفرد والمجتمع الفلسطيني في ظل الاحتلال.

الموت كحالة وجودية وتاريخية
القصيدة تبدأ بتساؤل يحمل في طياته سمة من الدهشة الوجودية:
/ كيف أحصي موتاي وهم يعدّون الطريق لجنازتي! /
هنا، يتجسد الموت كمفهوم غير ثابت، بل كحدث متكرر ومزمن، يتسلسل على شكل عدّاد للألم والفقد. الشاعرة لا تصف الموت بوصفه حدثًا عارضًا، بل وكأنه عملية طويلة من العد التنازلي للرحيل، والموت يصبح بمثابة / طريق / يتم الإعداد له منذ فترة. هذا التصوير يعكس نظرة فلسفية عميقة تجاه الموت باعتباره جزءًا لا يتجزأ من الحياة التي يعيشها الفلسطينيون، في ظل الاحتلال والحروب والصراعات المستمرة.

الشاعرة تنتمي إلى جيش من / الموتى / الذين يتعين عليهم المضي في الحياة بانتظار الموت. إنهم لا يحتسبون موتهم الفردي، بل يعيشون في حالة موت جماعي، موت يشمل الذاكرة الجمعية للفلسطينيين، مما يجعل النص يعبر عن معاناة الشعب الفلسطيني، الذي لا يفارق الموت حياته اليومية.

الموت في الصراخ والألم
/أنا المفجوع موتاً، المحموم صراخاً، الحامل في صوتي أنين الأطفال.
هذه الصورة هي تعبير عن الألم الجمعي الموروث، ويظهر فيها التوصيف المعبر لحالة الشاعر النفسية والوجدانية. / المفجوع موتًا / يوحي بشدة الصدمة وحجم الألم الذي يتجاوز حدود الفرد، ليصبح حالة عامة يمكن أن تشمل الشعب الفلسطيني الذي يعاني من فقد الأبناء والأحبة. أما الصراخ / المحموم / فيعكس لحظة من التحطم النفسي، لا مجال فيها للهدوء أو الراحة، وهو مؤشر على الاستمرار في حالة من الفزع والانكسار الداخلي.

تحت هذا السقف المظلم، تصبح / أنيــن الأطفال / أداة لا يمكن تجاهلها، بل هي حاملة للصوت الأكثر براءة في العالم، لكن بما أنها مشحونة بالفزع، يتحول هذا الأنين إلى / موت / مستمر يعصف بهم. الشاعرة تشاركنا شعورًا بالهزيمة في مواجهة العالم الذي يُسكت هذا الأنين ويقمعه.

العذاب الجسدي والنفسي: صورة الجسد المنهك
الشاعرة تستخدم الجسد كرمزية حية للموت المتوزع في الروح والجسد معًا:
/ الموزّع في أقنية الأوردة النازفة /
هذا التعبير يربط بين الموت الجسدي والموت النفسي، حيث يصبح الجسد مشهدًا حيًا من الألم المستمر. إن النازف ليس فقط في الأوردة، بل يمتد إلى الأبعاد النفسية والعاطفية، في ظل هذا الصراع الممتد والمستمر مع الألم. الشاعرة تقدم لنا جسدًا مريضًا، غير قادر على المقاومة، تنزف فيه الأوردة وتصرخ الروح. يذكرنا هذا السطر بتفاصيل الجسد الفلسطيني الذي يعاني من الجروح التي لا تندمل بسبب الحروب والاحتلال.

التيه والانفصال عن الأمل
/ يقودني تيه نسيَ عماه في دربي /
هنا، تقدم الشاعرة صورة للتيه الوجودي، الذي يعبر عن حالة من الضياع والتخبط في الحياة. هذا التيه ليس مجرد فقدان الطريق، بل هو حالة من العمى الروحي والنفسي، حيث يغيب الوعي بالوجهة أو الهدف. الشاعرة تشير إلى أن هذا التيه الذي يعصف بالذات الفلسطينية ليس وليد اللحظة، بل هو تيه جمعي، ناتج عن سنوات من القمع والاحتلال، الذي لا يعرف أفقًا للخلاص.

/ يمسك تلابيب محنتنا نحو جرف آلام لا يعرف سوى سعادة العابرين في أيامنا./
هذه الصورة المعقدة تُظهر كيف أن الألم أصبح جزءًا لا يتجزأ من حياة الفلسطينيين. تيه الشاعرة في هذا الجرف من الآلام يجعلها رهينة للمحنة، حيث لا يوجد سوى / سعادة العابرين/ الذين يمرون من هنا ولكنهم لا يشعرون بحجم الألم المستمر. العابرون هم أولئك الذين لا يتورطون في المعاناة اليومية، الذين يرون الألم ولكن لا يعيشه.

الختام: الموت كوجودٍ دائم
النص بأسره يمكن أن يُقرأ على أنه تصوير للوجود الفلسطيني كوجود مشروط بالموت، ليس بالضرورة كحدث حتمي، بل كحالة مستمرة لا تنتهي. موت الشاعرة ليس سوى موت مستمر يُعاش في الحياة اليومية. الخوف من الموت في النص ليس خضوعًا له، بل تكيّفًا مع حالة لا فكاك منها، حيث لا يتوقف الوعي الفلسطيني عن متابعة الموت المنتظر في كل لحظة.

الخلاصة
نص / كيف أحصي موتاي / للشاعرة رحمة عناب يُعد تعبيرًا مكثفًا عن معاناة الإنسان الفلسطيني في مواجهة الموت والموت الرمزي الذي يحياه يومًا بعد يوم. من خلال صور مؤلمة وقوية، ينجح النص في إيصال إحساس عميق بالتيه والضياع، مع لحظات من الألم الجسدي والنفسي الذي يعكس الصراع الوجودي في ظل الاحتلال. وفي النهاية، يصبح الموت ليس مجرد لحظة فارقة في الحياة، بل حالة دائمة تحاصر الوجود الفلسطيني.
النصّ :
كيف أحصي موتاي
وهم يعدوّن الطريق لجنازتي !
أنا المفجوع موتاً
المحموم صراخاً
الحامل في صوتي أنين الأطفال
وقصيدة أرّخها الدمع
أنا المنتظِر عند ركام الفزع موتي
الموزَّعُ في أقنية الأوردة النازفة
يقودني تيه نسيَ عماه في دربي
يمسك تلابيب محنتنا
نحو جرف آلام لا يعرف سوى
سعادة العابرين في أيامنا.

رحمة



#كريم_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أناء الرغبة: بين إغواء الجسد وتأملات الروح
- سيّدة الرياح في رحاب العشق والحقيقة
- على أعتاب الحب الممنوع: نداء امرأة لا تعود إلى بيت القلب قرا ...
- -بين زوبعة المشاعر وسكون الثلج: قراءة في صدى العزلة والتوق- ...
- خيوط الخيبة بين الصدفة والتردد: رحلة العم بايز في عالم الأوه ...
- تحت وطأة الغياب: بين صرخات الصمت ورغبات المستحيل قراءة فلسفي ...
- بين الخوف والاشتياق: رحلة العشق في فضاء الغياب قراءة تحليلية ...
- -ماذا لو: غواية الأسئلة وأسطورة الأمل في قصيدة ريما حمزة- قر ...
- -صوتٌ غارقٌ في صمت: تجليات الألم والوحدة في صهيل الرباب- قرا ...
- سيّدةُ وسادةُ الأحلام
- -أبواب جهنم: صراع القلب بين الحب والفراق- قراءة نقدية في قصي ...
- -وجوه العشق: تأملات في ضوء الشوق والحنين- قراءة نقدية تحليلي ...
- في العيون الزرقاء: عذابات الكائنات في زمن بلا ضمير قراءة نقد ...
- جرس الرعب: صرخات الصمت في ساحة المدرسة قراءة في نصّ : مشهد ا ...
- -تجليات الفقد: رحلة في غياهب الوجود- قراءة في قصيدة : أصداء ...
- رحلة إلى أعماق الروح: استكشاف مدن النجاة قراءة في قصيدة : مد ...
- تجليات البحر والأنثى: قصيدة الحب والاضطراب قراءة في قصيدة : ...
- قبلة الكمامات: بين الشغف والاحتراز قراءة في: قبلة الكمامات – ...
- عناق الألم: مشهد من ذاكرة الجرح قراءة في نصّ : بدايةُ حُلُم ...
- حلمٌ يُعانقُ الهشيم: قراءة في ملحمة الغياب والحنين قراءة في ...


المزيد.....




- مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن ...
- محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
- فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م ...
- ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي ...
- القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة ...
- صحفي إيرلندي: الصواريخ تحدثت بالفعل ولكن باللغة الروسية
- إرجاء محاكمة ترامب في تهم صمت الممثلة الإباحية إلى أجل غير م ...
- مصر.. حبس فنانة سابقة شهرين وتغريمها ألف جنيه
- خريطة التمثيل السياسي تترقب نتائج التعداد السكاني.. هل ترتفع ...
- كيف ثارت مصر على الإستعمار في فيلم وائل شوقي؟


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم عبدالله - موتٌ على مشارف الأمل: تأملات في ألم الوجود وانكسار الذات قراءة نقدية تحليلية في نصّ الشاعرة : رحمة عناب – فلسطين المحتلة . بقلم : كريم عبدالله – العراق .