كريم عبدالله
الحوار المتمدن-العدد: 8160 - 2024 / 11 / 13 - 12:08
المحور:
الادب والفن
كلّ قصيدةٍ أكتبها لكِ هي لحظة ولادة، لحظة يتلاقى فيها الوعي مع الروح، وتصبح الأفكار كلماتٍ تنبثق من أعماق غير مرئية. لا يكون الشاعر فيها إلّا قناةً يتسربُ مِن خلالها سرّ الوجود ، لتصبح الكلمة تجسيدًا لمعنى ينساب في القلب أكثر من العقل. هي لحظة صمتٍ عميق، حيث يغيب الزمن وتتلاشى الحدود، ويبقى المعنى خالصًا في بريقه الأول.
يا سيّدة الرياح ..
الريح، تلك الهمسات الخفية، لا نراها ولكنها تغمرنا، رسائل صامتة من عالم لا نعلمه، تلامس الأرواح في صمت السكون. هي أكثر من هواء، هي لغة بيننا وبين ما وراء الأفق، جسور ممتدة بين الحاضر والمجهول. الزهور التي تذبل وتتناثر في مهبها، تذكرنا أن الحياة ليست لحظة واحدة، بل سلسلة من اللحظات المتجددة، تتنفسها الرياح وتطويها الزهور، وكل نفس نأخذه هو بداية جديدة. نحن في رحلة غير مرئية، نحلق على أجنحة الريح، نبحث عن ذواتنا في غياهب اللحظة العابرة، نتنقل بين الوجود والزوال، في سفر لا ينتهي.
يا سيّدة الرياح ..
العشقُ ريحٌ لا تُمسك، سرٌ يتسللُ إلى الروح ويغذي القلب دون أن يعبث به الزمان أو العقل. هو الوصالُ الذي يتجاوزُ المسافات، لا يعترفُ بالحدود، بل يوحدُ الأرواح في صمتٍ عميق. لا يُقاس بالوقت، بل يعيشُ في كلِ لحظةٍ، سرٌ أبدي لا يدركهُ سوى مَنْ ذاقهُ.
يا سيّدةُ الرياح ..
كلماتكِ، حين تخرجُ مِنْ قلبٍ طاهر، ليست مجرد حروف، بل هي نورٌ يتسللُ إلى أعماق الروح. كأنّها أنهارٌ تطهرُ النفسَ مِنْ غبارِ الزمان، وتغسلها مِن ظلالِ المكان. كلَّ حرفٍ ينبضُ بهِ قلبكِ هو زهرةٌ نَمتْ على أرضِ الحقيقة، كلَّ لحظةِ تأمل في تلكَ الكلمات هي غوصٌ في عمقِ الوجود، حيث تتكشفُ الأسرار العميقة. هي كلماتٌ تنسابُ بلا عناء، تظلُ في الذاكرة نبضًا لا يتوقف، سرٌ يُحيي الأرواحَ ويكشفُ لها أفقًا لا نهايةَ له.
يا سيّدةُ الرياح ..
العشقً ليس في الثمرة، بل في البستانِ كلّهُ. في الزهور التي تتفتحُ بلا انتظار، وفي الرياحِ التي تهمسُ أسرارها بين الأوراق. هو تأملٌ دائم، حضورٌ مستمرٌ في كلِّ لحظة، لا في الوصولِ إلى غاية، بل في الشغفِ الذي يرافقُ السير نحوها. العشق يملأُ الكونَ بالمعنى، يجعلُ كلّ لحظةٍ أغنيةً، وكلَّ نَفَسٍ شوقًا لا ينتهي.
يا سيّدةُ الرياح ..
العشق هو الطريق الذي يسلكه السائرون نحو الحق، ليس دربًا يُقاس بالخطوات، بل سعيٌ مستمر نحو النور. في حضرته، لا زمان ولا مكان، بل تلاقي الأرواح في فضاء لا نعرفه، حيث تذوب المسافات وتلتقي القلوب في سر واحد: الحقيقة التي لا تُرى إلا بالعشق، والوجود الذي يتكشف في كل لحظة حبٍ خالصة.
#كريم_عبدالله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟