أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسان الجودي - شطرنج في مدينة حمص














المزيد.....

شطرنج في مدينة حمص


حسان الجودي
(Hassan Al Joudi)


الحوار المتمدن-العدد: 8159 - 2024 / 11 / 12 - 20:47
المحور: الادب والفن
    


على رقعة "حمص"، تتحرك "الجامعة" مكان عمله، كالملكة ،حركتها حرة ، لكنها ثقيلة ، تجر في ذيولها التوابيت الحجرية الرومانية التي عثر عليها في الأنحاء .
"يتساءل: هل أخاطب الغياب في المكان لأعوض عن فقدانه؟ أو لأنني أشعر بالذنب بسبب نجاتي دونه؟"
ينزلق في مربعات سوداء وبيضاء نحو "الخالدية" التي تقف كأبراج من الميكانو ، مهدمة عاجزة عن الدفاع عن نفسها.
"يكتب عنها لأنه لا يملك مقص الكنائس والأسواق والمساجد والمدارس. يكتب لأن الكلمات هي وطنه الشاسع، والجمل هي بيوته."
تستند دراجة هوائية إلى حافة المربع، مثل جندي سقط في معركة منسية. تتجمع الزرازير قادمة من الشمال .
"ليست نوستالجيا ما يدفعه للكتابة، بل شعور عميق بالأسى . يحول الألم إلى جمال، ليس هرباً من الواقع، بل مقاومة له.
يتابع نحو "القصور" المهجورة حيث يسمع أصداء بائع الحليب المذبوح، ثم يركب السرفيس الذي لا سقف له عائداً إلى "طريق الشام".
"هو يوثق تاريخاً لن يكتبه أحد، يحفظ ذاكرة ستمحوها الحرب."
"باب السباع" - ذلك الفيل العجوز - يتحرك بزاوية منكسرة نحو مصيره. كان يظن أن حركته القطرية ستحميه، لكن الظلال حاصرته في زاويته.
"يبني هياكل لغوية مستدامة لتعويض الهياكل المادية المدمرة."
تناور "الغوطة " كحصان أعرج، تقفز فوق الأنقاض، تحاول أن تتجنب الكمائن، لكن حركتها على شكل حرف L لم تعد تجدي نفعاً.
"ليس وحده في هذه الفيزياء - صوته يحمل أصوات الآلاف الذين فقدوا الحبال الالهية."
في شارع "الأكاسيا" القديم، يتقدم كبيدق متردد. كل خطوة للأمام تكلف خسارة. لكنه يكتب لتحويل الخسارة إلى معنى،حتى لو كان رخيصاً كالتنك!"
يلمح "باب تدمر" واقفاً كقلعة سوداء في حراسة أوركيديا "الحميدية ". يراقب حي "النزهة" تلك القلعة البيضاء ، وهي تحاول التروي قبل خسارة موقعها.
"هو لا يكتب عن الماضي، بل عن مستقبل مسروق."
"الملعب البلدي" يتأرجح كفيل أعرج، ويطوح كرات القدم المثقوبة بالرصاص في كل مكان، وهو يحاول عبثاً حماية المربعات المتبقية من رقعته.
"يحول المأساة إلى استعارات، ليس تجميلاً للقبح، بل لجعله مفهوماً، قابلاً للمشاركة"
"السوق المسقوف" و"بستان الديوان" و"الساعة الجديدة" وقربها "سوق الدجاج" - هياكل في "ماكوندو" جديدة تتحرك بيأس، تبحث عن مخرج من حصار الظلال.
"يكتب ليحفظ ذاكرة جماعية، ليجعل من تجربته الفردية جسراً للمشاة."
"كش ملك "يقترب. المربعات تضيق، والقطع تتساقط واحدة تلو الأخرى. لم يعد هناك مجال للمناورة. حتى الملك - قلب المدينة - يترنح في مربعه الأخير، يبحث عن منفذ للنجاة.
"هو لا يبحث عن الخلاص في الكتابة، بل عن الحقيقة."
فوق هذه الرقعة الحزينة، حيث الأبيض والأسود يختلطان في رمادية الحرب، تتحرك الأماكن كقطع شطرنج مذعورة. كل نقلة تقربها من نهايتها المحتومة. كش مات / كش حرب يلوح في الأفق، والظلال تبتسم بانتصار قاتل.
" سيظل يكتب، لأن الكتابة هي انتصار وحيد يتيم الذراعين"…



#حسان_الجودي (هاشتاغ)       Hassan_Al_Joudi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا نحن هنا؟ #مسرح_اللقطة_العبثي
- روى جلجامش-#مسرح_اللقطة_العبثي
- البيضة وحمص والمتاهة السائلة
- نفي الذكورة!
- #مسرح_اللقطة_العبثي إنقاذ كوكب الأرانب
- #مسرح_اللقطة_العبثي حبة بطاطا
- مسرح اللقطة العبثي 4
- مسرح اللقطة العبثي 3
- مسرح اللقطة العبثي
- نصوص دون زمن
- درويش وديدو
- اللطف في مدينتين في هولندا
- مسرح اللقطة العبثي 1
- مسرح اللقطة العبثي 2
- كم وزن التاريخ العربي؟
- هل لديك أيها البائع علبة احترام اكسترا؟؟
- تجارب شعرية
- بائع يانصيب جوار جامع خالد بن الوليد
- ذكورية أغنية -أجمل الأمهات-
- سوء تفاهم طويل


المزيد.....




- إدراج 130 صرحا محليا في لوغانسك الروسية على قائمة التراث الو ...
- فيلم وثائقي ايرلندي کندي الماني، يکشف عن الحقيقة في -غزة-
- ثبت الآن قناة عمو يزيد على جهازك بترددها الجديد 2024 على الأ ...
- تدشين -جائزة الدوحة للتصوير- بجوائز تبلغ قيمتها نحو 2.4 مليو ...
- لماذا تترك الموسيقى التي تسمعها في سنوات شبابك تأثيرًا خالدا ...
- أمسية شعرية باللغة اليونانية وإصدارات جديدة في الشارقة للكتا ...
- ملحمة عثمانية قوية… مسلسل قيامة عثمان 170 على فيديو لاروزا ب ...
- إيطاليا.. تفكيك شبكة مزورين زيفوا أعمال أكثر من 30 فنانا مشه ...
- مصر.. تفاصيل جديدة في التحقيقات بقضية الشاب المصفوع من قبل ا ...
- مصر.. الشاب المصفوع من قبل عمرو دياب يعلق على قرار إحالة -ال ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسان الجودي - شطرنج في مدينة حمص