إدريس الغياتي
الحوار المتمدن-العدد: 8159 - 2024 / 11 / 12 - 18:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
جلست ههنا على كرسي قديم بجوار النافذة، أراقب الشارع الخالي. لا شيء يحدث هناك، لكنني لم أستطع أن أمنع نفسي من التحديق. ما الذي كنت أبحث عنه؟ لا أدري. ربما كنت أهرب من النظر إلى داخلي، إلى الفوضى التي تسكنني. في هذه اللحظات، لست حزينا ولا سعيدا. إنه شعور غريب، حالة من التبلد، وكأنني عالق بين عوالم لم أعد أفهمها. بين حياة لم أكن جزءا منها، وحياة أخرى لم أعد أرغب في أن أكون جزءا منها. تلك العبارة التي تلازمني وتتردد في ذهني كصدى بعيد، لا صوت يعقبه سوى صوت أنفاسي المتعبة. إنني لا أعرف ماذا أقول؟ لا أعرف حتى إن كان هناك ما يقال. الجدران كما هي، نفس البرد القاسي الذي يزحف في أركان الغرفة. شيء ما في داخلي قد انطفأ، كشمعة استسلمت لرياح لا مرئية.
كل شيء يبدو فارغا، الجدران، الشارع، حتى الهواء، وجهي في المرآة. كل ما قيل لي إنه مهم أصبح كأنه سراب. العمل، العلاقات، الحب... كلها مثل خيوط رفيعة، تتشابك وتتشابك حتى تضيع معالمها. كان من المفترض أن أجد في هذه الأشياء شيئا يمسك بيدي يقودني إلى الوجود. لكن كلما بحثت عنها، تلاشت، وكأنها لم تكن موجودة أبدا. إنه نوع من العبث!
أحيانا أفكر: هل أكون أنا الوحيد الذي يرى هذه السخرية؟ هل أنا من ابتعد عن الحياة، أم أن الجميع متورطون في هذا العبث الكبير؟ هناك شخصيات من حولي، يضحكون، يؤمنون بشيء ما، يركضون خلف أهدافهم، بينما أقف أنا في الزاوية، أراقب بلا مبالاة. كأنني ممثل في مسرحية لا أستطيع تذكر نصها، بينما الآخرون يتصرفون وكأن كل شيء مكتوب لهم مسبقا.
#إدريس_الغياتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟