أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة رهان الواثقين .














المزيد.....


مقامة رهان الواثقين .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8159 - 2024 / 11 / 12 - 15:45
المحور: الادب والفن
    


مقامة رهان الواثقين :

كتب أحد ألأصدقاء على صفحته نصا صغيرا : (( رهان الواثقين : عندما اخبرته بان قلبي من طين , سخر مني لان قلبه من حديد , قريبا ستمطر الدنيا , سيزهر قلبي , ويصدأ قلبه )) , ولأن هذه العبارة تحاكي العقول , وتلسع الأرواح , وتستر على المبتلين بداءات القلوب المكلومة , وتعطيهم غطاءا ليفيضوا , وجدت نفسي اتماهى مع ما كتب , لأقول : إن زوار الفردوس بعد قيامهم من بين الأموات , يبكون فينبعث من دموعهم عطر, تذوب لمرآه القلوب , ووالله إنّي لمن البكّائين .

الشّعرُ العرفانيُّ خطير جدّاً , ما احترقَ بنيرانه أحد , إلّا وعافَ الفراديس كلَّهَا , وما عاد يرغبُ بالحور العين ولا بالغلمان واللّؤلؤ ولا بالمرجان والاستبرق , وإنّما تصبحُ عينه على صاحب المُلك والملكوت شخصيّاً , إمّا هو وحده صاحب اللّعب الكبير, والشّأن الخطير وإمّا لا , ومن يصل إلى هذه المرحلة من الشّعراء , يُفتحُ له باب الاختبارات والامتحانات على مصراعيه , فإمّا يكون قادراً على ركوب الأهوال كلّها , وإمّا فليتنحَّ جانباً , والشاعر الشيخ , الذي كان تصوّفه مزيجاً من الروحانيَّة والحِكمة , غاص في أعماق الإنسان , ففاضت أشعاره في كل المعمورة حُبّاً وحِكمةً , ليبلغ أرقى درجات العبقريَّة الشعريَّة.

يحتاج الناس للبعد الروحاني , ويرتبطون بالعالم الماورائي , ولم تستطع أي حركة أن تقضي على هذا الجانب , لأنها لا تجيب عن الأسئلة الكبرى , جزء من سعادة الإنسان في الماديات , ولكن أيضاً في الروحانيات , الإنسان كائن مفكر ومتخيل ويعيش بذهنه في عوالم أخرى طوال الوقت , لا يمكن بتر هذا الجانب من شخصيته , ولهذا تستعيد الأديان والروحانيات زخمها كلما انحسرت , وفي عالمنا الحديث يشعر كثيرون بالتوحش والإحباط والكآبة وبأنهم تروس في ماكينة لا تعرف التوقف , ويبحثون عن يد روحانية حانية تكسر عزلتهم , وتبعث فيهم الطمأنينة والأمل , وكل ما فعله الفلاسفة هو أنهم أخذوا من الأديان جوهرها الذي يبث السعادة والطمأنينة في قلب الإنسان , وبالوقت ذاته لا يتعارض مع الحياة المعاصرة ولا العلوم الحديثة.

عندما ترقص قلوب الدراويش ,يخرج الشاعر والعالم المتصوف الذي أدهش , ولايزال , العالم بأشعاره , لصلاة الفجر , فيرى الورد وزهر الربيع تغمره الندى , فيتيقن المعنى الحقيقي للجمال والنقاء , ولدى سماعه غناء الطيور, يفتح قلبه للدنيا ويبدأ يدور , مردداً : (( المجرات تدور, الكواكب تدور, والدورة الدموية في الجسم تدور, الحجاج حول الكعبة يدورون , وقطرات الماء من البحار إلى السماء فالأرض عائدة إلى البحار, كلها تدور)) .

دعونا نقرأ مما كتبوا : (( حينما زُرْتَني قال أهلي قد تكونُ: ملاكاً حارساً أو وليّاً صالحاً أو جنّيّاً عاشقاً أو طارقاً بخَيْر, كان لا بدَّ أن تمرَّ خمسون سنة لكي أفهمَ أنّكَ أنتَ وحدكَ مَن كان ولمْ يزل يزورني ولا أعتقدُ أنّ أحداً له اعتراضٌ على ذلكَ فلا يوجَدُ دستور يمنع حبيباً من زيارة حبيبتِه , وَحْدَهُم أشباهُ العرفاء يعترضون وَحْدَهُم يُنْكِرون أنّني النّقطة والحانة , وأنَّ كلَّ ما أراهُ أو أسمعُهُ: أنتَ , ذابتْ عيني وانصهرتْ أُذُني مِن صُوَركَ العجيبة وأصواتكَ الغريبة وهُمْ مازالوا لليوم يسألون بأيّةِ عيْن أراكَ , وبأيّة أُذُنٍ أسمعُكَ بل بأيّ جسدٍ أُسَافِر إليكَ ؟ فهل أبوح يا مولاي ؟)) .

(( حبلت بك من اذني : التّعساء النّائمون في الخمرة والعسل المصفّى , قلبٌ يُخْرِجُ الحيَّ من الميتِ , والميتَ من الحَيّ ويركبُ الأخطار والأهوال ويضيع , يضيع , يضيعُ في الفيافي , ولا يعود سائح سرمديٌّ بأسمال خُضْرٍ, لا يروي عطشَه أحد فهل تقوى على هذا أيّها الدّرويش؟ لا أحد يُطيق نيرانَ العشق وأنواره , ولا امتحاناته الكبرى , والكلّ يدّعي العشقَ ويكتب عنه , وما ذاق طعمه أحد , إنّه مرٌّ كالعلقم في بداياته وحلو كالشّهد في نهاياته , ونار حارقة وبرد زمهرير في الآن نفسه , وما احتواه فؤاد إلّا وأصبح ذا صلاة حارقة , ما وقف خلفه أو أمامه أحد إلّا صُعق وصُرع , والشّاعرُ العاشق مبتلى بالابتلاءات كلّها , منخطف لا حضور له بين الخلق , إنه الباكي أبداً بين يدي ربّه , يتلمّس طريقهُ كالضّرير مخافة أن يلحظ عماه أحد , فلا بدّ أن تعمى يا صاحبي كي ترى بقلبكَ ما لا يراه الآخرون , ولا بدّ أن تصمّ أذنيْك عن كلّ شيء كي تسمع ما لا يسمعه الآخرون , وتحبل منهُما بالكلمة المُقدّسة , ولا بدّ أن تختفي من عالم الكثرة كي تظهر في أراضي الاختبارات الخيميائيّة الكبرى , هناك حيث الإله يتحدّث بالهيروغليفيّة والآراميّة والسّنسكريتية , لا بدّ أن تكون صاحب جلاءٍ لغويّ لتسمع وتفهم أيّها القارئُ الدّرويش الضّرير , ولا بدّ أن تدير ظهركَ للعوالم كلّها وتجثو على ركبييْكَ وتطلب من صاحب الكون أن يكشف لكَ عن ذاك الخيط الرّفيع الّذي يربط عالم المادة بعالم الرّوح )) .



#صباح_حزمي_الزهيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة وجع بغداد .
- مقامة ذاكرة الخشب .
- مقامة امنيات مظفر الثلاث .
- المقامة المتشائمة .
- مقامة الخيبة ونسيانها .
- مقامة النقاء .
- مقامة الحضن الدافيء .
- مقامة التسامي .
- مقامة الردود المفحمة .
- مقامة الثرثرة .
- مقامة الرفوف والقيود .
- مقامة الجدل .
- مقامة الأنجذاب الروحي .
- مقامة الكذب .
- مقامة المطر .
- مقامة العقل .
- مقامة الشر .
- مقامة الشماتة .
- مقامة الثقافة .
- مقامة اللاجدوى .


المزيد.....




- وفاة ريتشارد بيري منتج العديد من الأغاني الناجحة عن عمر يناه ...
- تعليقات جارحة وقبلة حميمة تجاوزت النص.. لهذه الأسباب رفعت بل ...
- تنبؤات بابا فانغا: صراع مدمر وكوارث تهدد البشرية.. فهل يكون ...
- محكمة الرباط تقضي بعدم الاختصاص في دعوى إيقاف مؤتمر -كُتاب ا ...
- الفيلم الفلسطيني -خطوات-.. عن دور الفن في العلاج النفسي لضحا ...
- روى النضال الفلسطيني في -أزواد-.. أحمد أبو سليم: أدب المقاوم ...
- كازاخستان.. الحكومة تأمر بإجراء تحقيق وتشدد الرقابة على الحا ...
- مركز -بريماكوف- يشدد على ضرورة توسيع علاقات روسيا الثقافية م ...
- “نزلها حالا بدون تشويش” تحديث تردد قناة ماجد للأطفال 2025 Ma ...
- مسلسل ليلى الحلقة 14 مترجمة بجودة عالية قصة عشق


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة رهان الواثقين .