أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - الفكر المتحرر














المزيد.....


الفكر المتحرر


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 8159 - 2024 / 11 / 12 - 15:39
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


٢٦٢ - أركيولوجيا العدم
العدمية الثورية
١٠ - تيار الفكر الحر

ثورة الكميونة العمالية، والتي تجاوزت باريس إلى مرسيليا وليون ومونبولييه وتولوز ومدن فرنسية أخرى، رغم أنها لم تدم سوى 72 يوما،من 18مارس إلى 28 مايو وأنتهت في بحر من الدماء، أكثر من عشرة ألاف قتيل رميا بالرصاص، فإن آثارها باقية حتى اليوم في العديد من مظاهر الحياة السياسية والإجتماعية للحركة العمالية الفرنسية. هذا الحس الطبقي الذي ما يزال حتى اليوم طابعا مميزا للطبقة العاملة الفرنسية والتي لا تكف عن الإنتفاضات المتكررة، وكذلك عداء هذه الطبقة للبرجوازية ولسلطة الكنيسة وإعتناقها لحرية الرأي والإعتقاد ولفصل الدين والكنيسة عن الدولة والحياة العامة. وما يسمى الفكر الحر libre-pensée هو تيار فكري فرنسي، موروث مباشرة من الثورة الفرنسية البرجوازية ومن كميونة باريس العمالية. والفكر الحر هو تيار سياسي وفلسفي ووجهة نظر معرفيّة تؤكد أن الآراء والمواقف التي تتعلق بما يسمى بـ "الحقائق والمباديء والمعتقدات"، يجب أن تتشكل فقط على أساس المنطق والعقل والمنهج التجريبي، وليس اعتمادًا على التقليد والعقائد والأفكار المسبقة والموروثة من الأجيال السابقة. المُفكر الحر هو الشخص الذي يُكوِّن أفكاره وآراؤه ومعتقداته الخاصة بنفسه وبتجربته المعاشة بدلًا من تبني أفكار الآخرين وآرائهم خصوصًا فيما يتعلق بالأمورالروحية والدينية.
وهو ما عبر عنه المفكر الإنجليزي برتراند رسل في نصه " قيمة الفكر الحر" عام 1944 «ما يجعل الإنسان صاحب تفكير حر ليست معتقداته وآرائه، ولكن الطريقة التي يفكر بها. من يعتنق عقائد دينية لأنَّ معلميه وشيوخه ربوه عليها في صغره ففكره ليس حرًا، ولكن من يعتنق نفس هذه العقائد لأنه يجد أدلة كافية تدعمها ففكره حر مهما كانت استنتاجاته تبدو غريبة وغير مألوفة». ويرتبط الفكر الحر بقوة برفض المعتقدات الاجتماعية أو الدينية أو السياسية التقليدية. ويعتبر المفكرون الأحرار المعاصرون أن الفكر الحر هو مشروع تحرر من كل الأفكار السلبية والخادعة التي تكتسب من المجتمع ومن الأجهزة الأيديولوجية المتعددة، مثل المدارس والجامعات وأجهزة الإعلام والمؤسسات الثقافية والفنية والدينية .. إلخ، والمجندة من قِبل السلطات الدينية والسياسية لغرض السيطرة على فكر المواطن وتوجيهه للسير في الطريق المرسوم له مسبقا لخدمة مصالح الطبقة الحاكمة سياسيا وإقتصاديا.
يشير مفهوم الفكر الحر، الذي ظهر لأول مرة في فرنسا في خطاب ألقاه فيكتور هوغو عام 1850، إلى نمط من التفكير والعمل متحرر تماما من المسلمات الدينية أو الفلسفية أو الإيديولوجية أو السياسية، ولكنه يعتمد بشكل أساسي على تجارب الفرد الخاصة وإستنتاجاته العقلانية والمنطقية. ويمكن الرجوع إلى استخدام مصطلح "الفكر الحر" لأول مرة إلى ما قبل فيكتور هوجو، إلى القرن السابع عشر للإشارة إلى الأشخاص الذين شكَّكوا بالمعتقدات الدينية التقليدية أو أثاروا التساؤلات حولها، حيث يرتبط الفكر الحر تاريخيا بشكل وثيق بالعلمانية والإلحاد واللاأدرية والإنسانية ومعاداة سلطة رجال الدين وانتقاد الأديان، بإختصار بما يمكن تسميته بالعدمية الثورية أو العدمية الفعالة والتي كانت لها مظاهر وتجليات في كل الثقافات وكل العصور، من اليونان القديمة إلى أسرة سونغ الصينية إلى بلاد فارس في العصور الوسطى، يجد تاريخ الفكر الحر ثرائه عبر العصور والحضارات المختلفة. ويمكن إعتبار فرانسوا رابليه François Rabelais المتوفي سنة 1553 المؤلف والروائي الفرنسي الساخر الذي يمكن تسميته بالمفكر الحر النموذجي. وكحركة ثقافية وسياسية، ظهر الفكر الحر في العالم الناطق بالفرنسية في المقام الأول نتيجة التطورات الفكرية للثورة الفرنسية وما لحقها من تحولات إقتصادية وسياسية. رغم أنه غالبًا ما يُعتبر عام 1600 عام تأسيس الفكر الحر الحديث، ليس في فرنسا هذه المرة وإنما في إيطاليا. ففي 17 فبراير 1600، وبتحريض من البابا كليمنت الثامن Clément VIII، حوكم وأدين الراهب الدومينيكي جيوردانو برونو Giordano Bruno، بعد محاكمة دامت ثمانية سنوات من قِبل محكمة التفتيش، وأحرق حيًا وعاريا في ساحة كامبو دي فيوري Campo de’ Fiori، أي ساحة الأزهار في روما بتهمة الهرطقة، ومن باب القسوة ومن أجل إسكاته وترهيب العقل المستنير، تم تسمير لسانه على قطعة من الخشب… ولكن قبل جيوردانو برونو وبعده، في جميع أنحاء أوروبا المسيحية، مات العديد من الفلاسفة والعلماء والثوار حرقا أو شنقا أو أعدموا رميا بالرصاص لأنهم أيدوا رأيًا يعارض العقيدة السائدة ويناوش سلطة البابا والكنيسة وينتقد سلطة الأمير.
وفي النهاية، فإن الفكر الحر، من حيث المبدأ والقصد، هو تيارعلماني وديمقراطي واجتماعي، حتى لو لم يمنح جميع المفكرين الأحرار نفس المعنى لمصطلح "ديمقراطي أو إجتماعي"، لأن السيادة الشعبية عند العديد من "الماديين الثوريين" لا يمكن أن تكون حقيقية إلا إذا تم ممارستها بشكل أفقي وبطريقة تشاركية مباشرة، أي الديموقراطية المباشرة كما نعرفها اليوم. في حين أن الممارسة الفردية وبطريقة تمثيلية تراتبية، هو إختيار التيار الإصلاحي أو الإنساني الليبرالي، ذلك أن التمثيل البرلماني في نظر هذا التيار قادر على الحد من التجاوزات الشعبوية أو الزبائنية وفي نفس الوقت الحفاظ على الحريات الشخصية. ومع ذلك، فإن جميع المفكرين الأحرار متفقون بخصوص العلمانية، باسم الكرامة الإنسانية، على رفض قوة السلطة الدينية وتدخلها في الشؤون المدنية، ورفص تدخل السلطة المدنية في الشؤون الروحية الدينية، ورفض تدخل السلطة السيادية في المسائل السياسية، ورفض أولوية رأس المال على المسائل الاجتماعية والعدالة في المسائل الاقتصادية. كما أنهم متفقون على ضرورة تحرير الروح الإنسانية لوضع حد للاغتراب والقدرية والتعصب والتمييز والهويات المجتمعية الوراثية التي تحل محل الهوية الإنسانية الإختيارية لكل شخص.
يتبع



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كميونة باريس
- الثورة الفرنسية والكنيسة
- الجمهورية العدمية
- روبسبيير .. النبي السفاح
- الغسق
- كلوتز، العدو الشخصي للمسيح
- في غياب الله .. كل شيء مباح
- التيارات العدمية
- بوادر العدمية
- أصول العدمية
- العدم الوجودي
- لماذا الكون ؟
- حدوث أم أزلية الكون
- دموع البحر
- مسرحية ماكرون ونتنياهو
- نظرية كل شيء
- الشعب الذي يرفض أن يموت
- لماذا لا نزحف على إسرائيل ؟
- المادة العجيبة
- عن العرب والإسلام والتخلف


المزيد.....




- مسؤول أمريكي: مؤشرات أولية على احتمال إسقاط طائرة أذربيجان ب ...
- قناة عبرية تنشر تفصيلا جديدا قد لا يخطر على البال حول عملية ...
- حكومة البشير في سوريا ما بعد الأسد.. من هم الوزراء وماذا نعر ...
- موزمبيق: اشتباكات عنيفة بعد فرار 6000 سجين من سجن شديد الحرا ...
- باكو تنطلق من فرضية صاروخ روسي أسقط طائرتها في كازاخستان
- بعد هيمنة نظام الأسد عليه: لبنان يتطلع لعلاقات أفضل مع سوريا ...
- هل إسرائيل قادرة على تدمير قدرات الحوثيين الصاروخية؟
- نيويورك تايمز: أوروبا غير قادرة على فرض عقوبات صارمة على روس ...
- إيران تعلق على اتهامها بالوقوف وراء الأحداث والاحتجاجات الأخ ...
- هروب 6 آلاف سجين في موزمبيق وسط أعمال عنف عقب الانتخابات


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - الفكر المتحرر