|
-الوطن كونية العراقية- حين تظهر؟/1
عبدالامير الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 8159 - 2024 / 11 / 12 - 15:37
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
وجد الموضع المعروف اليوم باسم العراق كبؤرة تحولية كونيه مافوق ارضوية، متعدية للطاقة العقلية البشرية، وللمتاح للكائن البشري في حينه والى اليوم من قدرة على الاحاطة، تظل بمثابة قصورية غالبة على الكينونه والديناميات المجتمعية التاريخية على امل التخلص من وطاتها، وقت تكتمل العملية المجتمعية البشرية، بتوفراسباب ومتطلبات ماكان وظل ينتقص كينونتها بداية، واستمر يحول دون ايفائها بمنطواها وماهي مهياة له، ومكلفة بادائه، ماقد ظل خافيا مطويا غير مكشوف عنه النقاب على مر القرون، مادام الطور الانتاجوي اليدوي سائدا، والمجتمعية الاحادية الارضوية الحاجاتيه الجسدية بناء عليه هي الغالبة، اتفاقا مع ماكان من اشتراطات وممكنات. ومع ان الظاهرة المجتمعية حين تبلورت ابتداء في الشرق المتوسطي نهرينيه، اولى مجتمعية نهرين، تقابلها مجتمعية نهر واحد، مختلفتين اختلافا كليا نوعا ونمطية، فان ماعرف وظل يعرف منهما واحد وحيد هو النمطية الارضوية الاحادية، مهما لوحظ من اختلافات او تكرر من الشواهد الدالة على التباين، فما دام العقل محكوما لحدود بعينها من الادراكيه غير قابله للتجاوز فان هذا يصير هو من يخلق بداهة وتوهما، الظاهرة التي يعيش بين جنباتها او يلاحظها عن بعد، وعلى العموم فان مسالة النمطية المجتمعية ماكانت مطروحه اصلا الامنذ امد قصير، فلم تلاحظ يوما علاقة المجتمع بالبيئة ومفاعيلها على تبدلها كما هو الحال مابين حال ارض النيل حيث التوافق بين النهر عمود الانتاجية الفقري، وتناغم فيضا نه مع الدورة الزراعية زائدا الحماية التي تؤمنها الصحاري شرقا وغربا، والبحر شمالا للشريط المسكون على ضفتي النهر ومايترتب على المذكور من توافقية انتاجيه مجتمعية، تتجسد في الدولة والكيانيه / الوطنيه/ فرعونها اله يكرس نوع مجتمعية الدولة الاحادية السكونية التكرارية بلا اصطراعية داخليه. بالمقابل تتبلور مجتمعية مابين النهرين ضمن اشتراطات الطرد البيئي القصوى، مع النهرين المدمرين العاتيين ومعاكستهما للدورة الزراعية، وفيضاناتهما المدمرة واجمالي البيئة المعاكسه الناظمة للحياة، بما يجعل الانتاجية نوعا من الاحتراب تنتزع فيه اللقمة من فم الوحش الكاسر، ما لايترك للعوامل الحاجاتيه البشرية العادية سطوه بذاتها، ويفرض البحث عن معادل لسطوة ظروف العيش على حافة الفناء، بتوجه العقل والاحاسيس الى صناعة المعادل الانقاذي اللاارضوي من خارج الارض، وصولا الى التالهية والسماوية المفارقة لموضع الوجود المفروض والمدمر، مامن شانه صياغة نمطية معاشية تتحول الى كينونه، فلا مجال هنا للتجسد الكيانوي المحلوي، ولا للتمايزية السلطوية والتملكية مع قوة فعل الحاجة القصوى للتضامنيه المساواتيه، واحلال الحكم الاختباري كضرورة على الاشخاص ومكانتهم، لااي حكم مسبق او اعتباري، بما يجعلنا امام نمطية مجتمعية مختلفة لاارضوية الاتجاه، الماوراء كنزوع هو حقيقتها الواقعية المطابقة، ومحدد نوعها ككيانيه متعدية للكيانوية، كونية بنية وجوهرا، مايعني وقائعيا ان الظاهرة المجتمعية تنشأ ابتداء مجتمعيتين،"وطنيه" كيانوية محلوية، و"كونيه" متعدية للوطنية والمحلوية بمختلف اشكالها. ولاتتوقف ظاهرة المجتمعية اللاارضوية عند ماذكر من حدود مع فرادتها وصغر حجمها، المحصور ابتداء في ارض السواد، بدأ اصلا في ارض سومر جنوبا، فاللاارضوية نمطية كونيه تتجلى بناء على، وبحسب ماهي عليه نوعا لاارضويا وجوده وديمومته ليست مشروطة بالارضوية الجغرافيه، ومايتطلبه العيش الحاجاتي الجسدوي، خارج مفعول المعاكسة البيئويه القصوى، بالاخص ابان الطور اليدوي من التاريخ المجتمعي. ولا يتوقف تشكل الكيانيه المجتمعية اللاارضوية هنا، فاللاارضوية ليست نتاج التصادم مع البيئة وحسب، وهذا الجزء الاصطراعي الابتدائي ينتهي بعد عشرات القرون الى اكتمال بنية وكينونه اللاارضوية نمطيا، لياتي دورالعامل الثاني الاساس، فالمكان الرافديني كما اشرنا في الحالة النيلية موضوع ضمن ظروف مخالفة كليا، فجنوب ارض الرافدين هو مصب للسلالات والامم على مر التاريخ من الجهات الثلاث، الشرقية، الغربية، والشمالية من الجبال الجرداء والصحارى باتجاه ارض الخصب، مايوجد اليات اصطراع قصوى، ويضع الديناميات المجتمعية في القمة، وهو ماينجم عن ميل النازلين من الاعلى الى الحاق ارض السواد وسومر والسعي لاخضاعها وضمهما كما هو معتاد ومتعارف عليه، وكما هي مفاهيم النازلين الارضويين للغلبة والسيطرة، مايولد من ساعهتا حالة اصطراع لاتنتهي، تظل غير موعاة من ناحية الاسباب والمحركات، بالاخص من لدن الطرف الارضوي الذي يظل يحاول ويمارس الغزو الداخلي المكلف والمستحيل لانه افنائي، لايمكن ان يحقق اغراضه بوجود المجتمعية اللاارضوية الراسخه نوعا والمتشكلة على مدى القرون، الى ان يبدا الطرف النازل الغازي بالاقتناع باستحالة مايرغب به ويريد تحقيقه، فيميل وقتها الى التصرف بصفته "آخر"، ووقتها تقام "الامبراطورية المدينيه" خارج ارض السواد وسومر، على اطرافها العليا، داخل مدن معزوله منيعه ومسورة بامتن اشكال الاسوار، تمارس اذا ارادت غزوها الداخلي ثم تعود الى ماوراء اسوارها الحصيلة، من دون اي تفاعلية مع ماتحتها وخارجها الذي يظل محكوما لقوانيه من دون اعلان كياني، وهو الحال الذي تجسده باعلى الاشكال نموذجية بحالة كل من "بابل" و"بغداد". ومع ان الطرف الاعلى النازل يظل بقدر مايمكنه ومامضطر له الى اللجوء للغزو الداخلي، الاانه يتحول مع الوقت متغيرا عما كانه ابتداء يوم وصل الى حواف ارض مابين النهرين، ليصبح مجتمعية اصطراعية ازدواجية، تحكمها آليات ومحركات اصطراعية كونيه، سرعان ماتجد الحل في النزوع الامبراطوري، بالعودة الى الخلف، ابتداء من سرجون الاكدي اول امبراطور ازدواجي في التاريخ، لا احادي كما حال الامبراطوريات الارضوية الشرقية والغربية الاوربيه بل ك " حاكم لزوايا الدنيا الاربع" كما صرح بعد احتلاله من نقطة بنمتهى الصغر جنوبا :عيلام شرقا، وساحل الشام والاناضول، وعبر البحر الى جزيرة كريت. هكذا تتشكل كيانيه "الازدواج" واصطراعيتها الكونيه، حيث لاوجود لمايسمى المجتمعات الوحيدة الاحادية، كما كان يعتقد قبل العصور الحديثة بخصوص الازدواج الطبقي، قبل الاكتشاف المتاخر للصراع الطبقي الاوربي، بغض النظر عن محاولات تعميمه واعتباره قاعدة شامله بحكم استمرارالمنظور الاحادي الارضوي وغلبته الطاغية الناجمه عن الانقلاب الالي الاوربي ومترتباته وعيا وواقعا. ولن يتوقف الامر عند مانتج عن الاصطراعية النوعيه المجتمعية من ظاهرة "الامبراطورية الازدواجية"، فاللاارضوية لاتتوقف في غمرىة اصطراعها مع "المدينه الامبراطورية" مكتفية بذاتها، بالاخص مع احتدام الاصطراعية المستمر، وتعاظم الطاقات والممكنات الافنائية لدى الطرف الاخر، وهو ماتظل تسعى اليه مدن الامبراطوريات بداب وبقدر ماتستطيع، مايحفز بالمقابل اسباب الحضور المضاد اللاارضوي الكوني، ويؤدي الى تبلور المنظور الاساس السماوي التالهي الابتدائي، متحولا الى النبوية الحدسية الكونيه وهو ماقد تمثل واقعا ب"الابراهيمه" المتحققة بطريقتها وحسب نوعها"امبراطوريا لاارضويا" متلائما مع اشتراطات تبلوره ضمن الغلبة المفهومية اليدوية الارضوية الاحادية.
#عبدالامير_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الهوية الشرق متوسطية الابراهيمه والعصر/4
-
الهوية الشرق متوسطية الابراهيمه والعصر/3
-
الهوية الشرق متوسطية الابراهيمه والعصر/ 2
-
الهوية الشرق متوسطية الابراهيمية والعصر/1
-
اسرائيل المهزومه: لماذا وكيف ومتى؟/ 7
-
اسرائيل المهزومة: لماذا ومتى وكيف؟/6
-
اسرائيل المهزومة لماذا ومتى وكيف؟/ 5
-
اسرائيل المهزومة: لماذا ومتى وكيف؟/4
-
اسرائيل المهزومه: لماذا ومتى وكيف؟/3
-
إسرائيل المهزومه: لماذا ومتى وكيف؟/2
-
إسرائيل المهزومه: لماذا ومتى وكيف؟/1
-
ا الخيار البشري الازدواجي والطغيان الاحادي/3
-
الخيار البشري الازدواجي والطغيان الاحادي/2
-
الخيارالبشري الازدواجي والطغيان الاحادي؟/1
-
لماذا وحد نتنياهوغزة ولبنان؟
-
الثقافة العراقية ازاء ذاتها والعالم/ ملحق
-
الثقافة العراقية إزاء ذاتها والعالم(2/2)
-
الثقافة العراقية ازاء ذاتها والعالم (1/2)
-
الانبعاث السومري واكذوبة -محمد علي-/ 5
-
الانبعاث السومري واكذوبة-محمدعلي-/ 4
المزيد.....
-
السعودية.. تعيين أيمن المديفر رئيسًا تنفيذيًا مكلفا لـ-نيوم-
...
-
أمريكا تعلق رحلات الطيران إلى هايتي بعد تعرض طائرات لإطلاق ن
...
-
متسابق يصبح مشهوراً بعد حل لغز بإجابة خاطئة ومضحكة للغاية..
...
-
هل يدعم إمكانية ضم الضفة الغربية؟ سفير ترامب لدى إسرائيل يُج
...
-
السعودية.. الأمن يُعلن إلقاء القبض على مقيم بسبب -تحرشه بطفل
...
-
أردوغان للأسد: ما زلت متفائلا بلقائنا
-
المصريون في السودان: -لا يعرف أبنائي أن والدهم محبوس لدى الد
...
-
فرحة الزفاف تتحول إلى كارثة.. مصرع 18 شخصاً بسقوط حافلة في ن
...
-
-بلومبرغ- تشير إلى انخفاض كبير في تبرعات الأوكرانيين لجيش زي
...
-
مصادر طبية: مقتل 18 فلسطينيا في غارات إسرائيلية على مناطق في
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|