أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - بن سالم الوكيلي - المهداوي: ضحية النظام أم بطل مسرحية درامية؟














المزيد.....


المهداوي: ضحية النظام أم بطل مسرحية درامية؟


بن سالم الوكيلي

الحوار المتمدن-العدد: 8159 - 2024 / 11 / 12 - 08:18
المحور: كتابات ساخرة
    


في المغرب، حيث تتشابك السياسة مع الإعلام في دوامة من الصراع، جاء حكم محكمة على الصحفي حميد المهداوي هذا الأسبوع ليضيف فصلا جديدا في رواية الصحافة الحرة في العالم العربي. الحكم الذي قضى بسجن المهداوي لمدة عام ونصف، بالإضافة إلى غرامة مالية ضخمة تقدر بـ150 مليون سنتيم، يعكس حجم التوتر بين السلطة والصحافة المستقلة، ويؤكد أن هناك مواقف غريبة تجمع بين السياسة والفن. فالصحفي الذي كان يكتب عن قضايا الفساد والمجتمع، تحول فجأة إلى شخصية محورية في مسرحية العدالة المفقودة، بعد أن جلبت الحكومة له فصلا دراميا جديدا من القمع.

المهداوي، الذي كان يعتقد أنه يكتب الحقيقة وينبش في قضايا فساد السلطة، اكتشف بطريقة غير متوقعة أنه أصبح هو نفسه جزءا من هذه القصة، ليكتشف أن الواقع السياسي في المغرب أشبه بحلم مختلط بالخيال. كان في البداية يأمل أن يكون بطلا في رواية الصحافة الحرة، ولكن سرعان ما تحول إلى ضحية لمأساة جديدة تعيشها الصحافة في العالم العربي. فبدلا من أن يكرم على كشف الحقائق، أصبح هو نفسه مستهدفا، محاطا بالتهديدات والاتهامات التي سلبت منه حريته.

أما وزير العدل المغربي، عبد اللطيف وهبي، الذي يعد أحد اللاعبين الرئيسيين في هذه القصة، فقد بدا كالمخرج الذي يحاول إدارة هذا العمل الدرامي المعقد. هو نفسه الذي حرص على الظهور في كل الأوقات ليؤكد أن العدالة في المغرب لا تعرف المزاح. المهداوي، الذي كان يظن أنه يمارس حقه في التعبير عن الرأي، اكتشف فجأة أنه أصبح ضحية لرغبة السلطة في إظهار قوتها، متجاهلة أي منطق قانوني أو دستوري.

أما الغرامة التي فرضت عليه، 150 مليون سنتيم، فهي مبلغ قد يبدو للبعض مجرد "أرقام"، لكنها بالنسبة للمهداوي كانت بمثابة صفعة ضخمة تعكس محاولة لتكميم أفواه الصحفيين. هذا المبلغ، الذي يعادل ثمن إفطار فاخر في أحد الفنادق الكبرى أو ربما عشاء فخم في مؤتمر، لا يتناسب مع واقع المهداوي كصحفي مستهدف. لقد كانت هذه الغرامة أشبه برسالة من الحكومة تهدف إلى الردع وإظهار أن أي محاولة للتعبير عن الرأي بحرية قد تؤدي إلى عقاب قاسي.

في هذا السياق، يطرح العديد من المتابعين تساؤلات مشروعة: هل نحن بالفعل في عصر جديد من العدالة؟ أم أننا نعيش في مرحلة الكوميديا السوداء، حيث تصبح الاعتقالات والغرامات جزءا من الروتين اليومي؟ يبدو أن الحكومة قررت أن تجعل من المهداوي مثالا عبرة، ولكن بطريقة معكوسة، حيث تحول من كاتب منتقد إلى رمز للسخرية من "العدالة" في المغرب.

وفي خضم هذه الأحداث، يتساءل الجميع: كيف سيتعامل المهداوي مع هذه التجربة؟ هل سيستمر في الكتابة بنفس الطريقة؟ أم سيعمد إلى تغيير أسلوبه ويتبنى نوعا من السخرية ليحول محنته إلى مادة كوميدية تثير اهتمام الجمهور؟ هذا الحكم يمثل اختبارا حقيقيا للصحافة في المغرب والعالم العربي بشكل عام، حيث يتحول الصحفي من ضحية لعدالة مفترضة إلى بطل في مشهد سياسي غير واضح.

وفي الختام، يبقى السؤال الكبير: هل سيظل المهداوي رمزا للحرية في مواجهة القمع؟ أم سيحول هذه المحنة إلى مادة سخرية تفضح الواقع المرير؟ في عالمنا العربي، لا شيء مستحيل، ولكن الأكيد أن الضحك قد يصبح سلاحا فعالا ضد الظلم. ورغم كل ما تعرض له، يبقى المهداوي قادرا على إضحاكنا في هذا الزمن المليء بالجدية القاتلة، حيث تتحول الأحداث الجادة إلى مشاهد كوميدية تفضح تناقضات الأنظمة والعدالة الغائبة.



#بن_سالم_الوكيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدينامية الجديدة في العلاقات المغربية الفرنسية على ضوء قرار ...
- إسرائيل: ضحية نفسها في مسرحية عالمية
- -التغطية الإعلامية للأميرة للا خديجة: بين المظهر والتأثير ال ...
- سيارات الدولة: رموز الفساد الإداري في المغرب وضرورة الإصلاح ...
- -الأعداء: سلاح سياسي أم مجرد وهم درامي؟-
- ماكرون: -خنجر المغاربة- في قلب المقاومة الفلسطينية
- ماكرون في المغرب: طاجين سياسي ومفاوضات على نار هادئة
- إسرائيل وإيران: دراسة في صراع القط والفأر
- عالم بين الدمار والسلام: نحو رؤية مستقبلية جديدة
- -الشيطان يتحدث: تأملات في التشكيلة الحكومية المغربية الجديدة ...
- نهاية إسرائيل على يد نتنياهو: هل هي نبوءة أم مجرد سخرية؟
- عالم الحيوانات: تحليل للتنمر الدولي في إطار غابة حيوانات
- فن الاختلاف: عندما يتحول الكوميدي إلى حاكم فني
- -أفضل من الجميع: كيف يقود الاعتقاد الزائف بالتفوق إلى حروب ل ...
- -دروس من الفوضى: سليم وشامة كرمز للشرق الأوسط-
- استراتيجيات الهجوم والدفاع في السياسة: فهم إشارات الخصم
- مقابلة حصرية مع المحلل السياسي - الأستاذ زهير النيران-: مبار ...
- -العجز الدولي: مجلس الأمن في مقعد المتفرج-
- محمد الغلوسي: قائد حملة تصحيح المسار في مملكة الفساد!
- -عندما يضرب الإعصار: هل هي رسالة من السماء؟-


المزيد.....




- مسلسل ليلى الحلقة 14 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- فنانة مصرية تصدم الجمهور بعد عمليات تجميل غيرت ملامحها
- شاهد.. جولة في منزل شارلي شابلن في ذكرى وفاة عبقري السينما ا ...
- منعها الاحتلال من السفر لليبيا.. فلسطينية تتوّج بجائزة صحفية ...
- ليلة رأس السنة.. التلفزيون الروسي يعرض نسخة مرممة للفيلم الك ...
- حكاية امرأة عصفت بها الحياة
- زكريا تامر.. حداد سوري صهر الكلمات بنار الثورة
- أكتبُ إليكِ -قصيدة نثر-
- تجنيد قهري
- المنتدى الثقافي العربي ضيف الفنانة بان الحلي


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - بن سالم الوكيلي - المهداوي: ضحية النظام أم بطل مسرحية درامية؟