|
المقطع الثاني من رواية الزلزال للمبدع ريبر هبون
رولا حسينات
(Rula Hessinat)
الحوار المتمدن-العدد: 8158 - 2024 / 11 / 11 - 22:58
المحور:
الادب والفن
المقطع الثاني من رواية الزلزال للمبدع ...ريبر هبون
كان ذلك قبل سبعة عقود من الزمان عندما ساد الوجوم البيوت المتلفحة بقشرة الشجاعة لحماية أطفالها الحالمين...لم يكن منهم من أحد ليجرأ أن تغمض عينيه في الليل البهيم ولكنه لم يكن ليفتح عينيه في الصباح البارد على صراخ آت من بيت الحداد، ليس بمقدورهم أن يفعلوا شيئا سوى الاختباء في قشرة الشجاعة الرقيقة وقد نخرها الخوف والجزع، لم يكن أمامهم سوى الاعتراف بأن مصير أطفالهم كأطفال الحداد...أيجعلون أطفالهم في زجاجات أو صناديق ويخبئونها من ضوء الشمس ومن لفحة الهواء؟ ولكن إن كان ذلك ما حدث لأطفال الحداد حين أكلت الأفعى أدمغة أبناء الحداد الخمسة عشر...جميعهم يعرف أنه زهاك الملك الشرير وأفعاه، ولكن معرفتهم هذه لا تعني شيئا أما خوفهم...فهم أمام السلطة وأمام الجبروت وأمام الظلم...والتهديد الذي سيواجهونه هو فقدان المستقبل بعد ضياع حاضرهم كل لحظة ربما، ربما يمكنهم أن يحلموا، ولكن أنى لهم ذلك...فكيف يحلمون وهم يصلون الليل بالنهار بين الجفلة واليقظة، كما الحداد الذي لم يتبق له سوى طفلته الصغيرة التي سيفديها بحياته بعد عجزه عن انقاذ صغاره الخمسة عشر...إنها ميتة واحدة ولتكن ميتة الشجاعة...نظر طويلا لصغيرته التي بقيت له، عانقها، لفها بجسده الدافئ ودعها بعينيه ورحل حاملا مطرقته التي يطرق بها الحديد في محله الصغير...أي عاقل يظن أن لدى الحداد لو حفنة من عقل! انتشر خبر مضيه إلى قصر زهاك، حتى زهاك نفسه سمع بالخبر وعاقر الخمر حتى الثمالة وضحكاته المجنونة تهز أرجاء قصره، وفحيح أفعاه يلف أرجاء القصر الملعون. لم يكن على الحداد الكثير ليفعله فالظالم أساء تقدير خصمه ولم يهتم بإعداد العدة فكان قتله وأفعاه كلمح بالبصر... أعين أهل المدينة عالقة بين الرغبة والرهبة، ولكن الفرحة التي كانت في قلب الحداد أكبر من أن تصل لأصقاع الأرض بصيحات أو بضحكات... النيران العظيمة التي أوقدها فوق القصر الملعون وصلت عنان السماء بلهيبها. رسالة النار ووهجها سرعان ما وصلت للخائفين، وللوجلين واطمأنت قلوب بعد زمن طويل من الخنوع والاستسلام للخوف...الشعلة التي حملها الحداد كانت عيدا وكانت مشعل الحرية لولادة حلم جديد. أيمكن بالفعل أن يكون هناك نور بعد ظلام وحرية بعد عبودية وانتصار للكرامة بعد انتهاكها بكل مكاييل القوانين التي سنها الآخرون...أي زلزال هذا الذي سيأتي وأي زمان هذا الذي ستتخلى فيه الجلود عن قشرتها، قشرة الخوف؟! "عفرين تتمنى لو أن صاعقة تأتيها أو زلزالا يجعل غضبها يخرج من أعماق طبقات الأرض لتخسف بالمستوطنين الأوغاد وتمسخهم إلى قردة وخنازير وهياكل عظمية تسير باتجاه الجحيم. عفرين تتمنى لو أن الشهداء الذين في القبور ينهضون، إن كل شهيد يسوع جريح أدمته مسامير الصلبان يئن بداخلهم كافة أيام الأسبوع، وليس في يوم سبتهم فحسب.شوارع عفرين مطلية بالدم أزقتها، أشجارها المعمرة كلها محتقنة تزأر غضبا وألما..." عن أي حرية ستبحث هبون؟ إنها لعبة السياسة...لعبة الامتلاك السهل لأمة بذلت وتعبت وعانت...لم يكن الامتداد الإسلامي هو الحقيقة المرة في التاريخ الكردي بل كان نقطة تحول في الواقع المعاش وفي بث الإرادة وكانت حقائق الابطال والانتصارات وحقيقة الانجازات وغن خافت الكثيرين في ذلك...فلا يمكن أن نلقي اللوم ونلعن تلك الأيام...بل في الواقع نلعن هذي الأيام... البعد السياسي والديمغرافي هما سمة رواية الزلزال وإن كانت مخيلة القارئ ستقترن حتما بمشهد الزلزال الذي ابتلع الكثيرين، وكانت المدن الكردية اكبر غنيمة له...أيقن الجميع أن الطبيعة قد تحالفت مع ظلم البشر...فالجلد للمظلوم كان من كل مكان والدمان التي لونت الحجارة الرمادية هنا وهناك شاهدة على مقدار الكراهية للمعذبين...فمدادا مدادا من الألم...كانت تلك الحقيقة المؤلمة حين ندور حول أنفسنا في زنزانة القهر فلا نستطيع الهروب وإن كانت مفاتيح الزنازين بيدنا...كوني عربية ومسلمة ليس عيبا أو يجعلني في تصنيف يقدره الكثيرون بمفهوم العداء...فالظلم حقيقة نتشارك فيها نحن جميعا وإن اختلفت أجناسنا، أدياننا، لغاتنا، ثقافاتنا وكل ما نؤمن به...فجميعنا تطحننا العبارات الرنانة بالخلاص من المعاديين لسياسة ما أو قوانين سنها أنفسهم الساسة لتملى على المظلومين... "...ممن كنت أتعارك معهم على أي شيء تافه، أحلم الآن لو أني هايدي التي تبكي أمها، أو أني ماركو الذي يبحث أمه في فيلم للرسوم المتحركة اسمه وداعا ماركو، فلتسح بي يا خيال نحو الرحاب الواسعة لا منجد سواك الآن أو رفيق. أنا الملعقة في المتاحة العميقة، مغلفة كالهدية الصغيرة داخل علبة أكبر وتلك العلبة معتقلة داخل علبة سجينة هي الأخرى ببطن علبة أوسع، وهكذا أنا بقلب بصلة عملاقة ومحاطة بعدة قشور، حيث لا صدى لصوتي ولا لصراخي سوى أني محترفة في تأجيل موتي معطية للمفاجأة بتحديد موعد اختفائي من على الأرض لبطنها أو تحت مياهها." حق تقرير المصير هو رغبتنا جميعا بأبسط حلم لنا في أن نعيش حياتنا اليومية، لنعلن كل يوم رغبتنا بالانفكاك عن التسلط والمتسلطين باختلاف نسب الفروق بينهم لكنهم جميعا يشتركون في سحابة اسمها التسلط...ليس التسلط العربي بالبعد الجيوسياسي هو بالفعل التسلط الوحيد، لكنه حقيقة ماثلة نالت موافقة العالم الآخر الذي ينادي بحقوق الإنسان...فالعرب المتسلطون والغرب المتحررون متفقون معا باتفاقية غير مكتوبة على طحن المطالبين بالاستقلال وحق تقرير المصير...
الغرب الذي يلقننا كل يوم درسا مهما؛ في أن المنطقة العربية من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها لغربها لا تملك زمام أمرها، بل وغير قادرة على إدارة أي شأن من شؤونها مهما صغر أو كبر …وهذا بالتأكيد عائد ليس لقوة الغرب وتقدمه أو أي من المبررات التي نضعها، ولكن لأن هناك من أطلق يده، وبسط له نفوذه بأدق التفاصيل بحجة البحث عن السلام …السلام الذي سعت إليه الشعوب العربية حتى منتصف القرن الماضي…والسلام الذي مازالت تبحث عنه بظهور موجات مختلفة من طقوس السيطرة، وسلب البقرة والضرع … بعد موجات الأوبئة من سلسلة الأتش( إتش3إن2، إتش2إن2، إتش1إن1، والأنواع الفرعية: إتش1إن2 إتش1إن1 وإتش3إن2 وفيروسات إتش7إن7 وإتش3إن.د8 ) والتي كان المسبب الرئيس لظهورها ليس في اقتناء الفقراء والشعوب المؤمنة بقوة الطبيعة ونعم الخالق للطيور أو أي من الحيوانات الأخرى، ولكن من النشاطات المحظورة والممارسة عالميا دون تغطية إعلامية، كما هي موجات الحفاظ على الطبيعة والثروات الحيوانية، والحيوانات المعرضة للانقراض في إفريقيا بعد أن تسبب الغرب في قتلها وإقامة المباريات لصيدها، وظهور البرجوازية إبان الاستعمار، وسعت اليوم للحفاظ عليها … ثم كانت ومازالت المشكلة العالمية إلا وهي اتساع ثقب الأوزون، ومساعي وكالات الطاقة العالمية، ووكالات حماية البيئة بتقليص النشاط البشري، وبخاصة في العالم الثالث، وهو النشاط الذي يكاد يكون معدوما أو في مستوياته الدنيا…ومع ذلك حتى نصبح في مصاف الكبار والمثقفين تسعى دول المنطقة العربية إلى تبني إقامة المؤتمرات العالمية، والمشاريع العالمية وشراء أهم المنتجات العالمية الخاصة بالحفاظ على البيئة… كل هذا جيد ولكنه كما يظهر تحايل على العقل العربي بشكل أو بأخر لاستنزاف موارده، كما كانت لعبة أزمة العقارات العالمية، وبناء عليها أعلنت الكثير من البنوك العالمية إفلاسها، والتي أوجدت حلا سريعا وهو المال العربي … كما بقيت أحجية السيارة التي تسير على الطاقة الشمسية حلما يطفو إلى السطح كلما ارتفع سعر النفط العالمي … كل هذه السياسات العالمية للسيطرة على المال العربي لم يكف الغرب بل ظلت اللعبة تزداد حدتها وبأشكال أخرى، وكانت اللعبة الأخطر؛ وهي الرهان على الرأس العرب الرخيص، بدعم ما يسمى تنظيم القاعدة أو تنظيم الدولة أو تحت أي مسمى كان يبقى صناعة غربية للترويج للسلاح، وتغذية المنطقة بالشرارة التي لا يمكن أن تنطفئ… مادام الدم العربي رخيصا لهذه الدرجة ومتنازع عليه بمزيد من القتل والتدمير… وأجمل ما يمكن أن يتحقق من هذه اللعبة هو …القضاء على الوجود العربي بين قتل وتهجير ودفن بمحيط من الفقر والعوز، والقضاء على كل الحضارات بما فيها التاريخ والجغرافيا، والحقائق التي بدأت تدفن في ذاكرة الإنسان … الأقطاب العالمية التي تسعى للسلام؛ هي التي مازالت محتفظة بصورة الحمل فوق الطاولة وصورة الوحش الكاسر تحت الطاولة …وهي التي تحتفظ بشباك نظيفة. وحال إقليم كوردستان لن يكون خارج اللعبة السياسية …ولن يكون مطلب الانفصال سهلا …إذ أنه يعني: الخروج الآمن لكيان ناجح، وهو التجربة الفردية الوحيدة في المنطقة العربية لنجاح منظومة متكاملة، وكيان سياسي بالنمو والازدهار والتنمية للمجتمع بكافة أطيافه دون مفاضلة أو تهميش …كيان قام بقوة أفراده وإدراكهم ووعيهم لحاجتهم لأن يكون كتلة واحدة ذات مصلحة واحدة و ذات هدف واحد … قوة إقليم كوردستان؛ تكمن في أفراده ومنظومته المجتمعية التي أعلنت صراحة موافقتها بنسبة 92% على استفتاء الانفصال …وهذا بحد ذاته درس قاس يلقوننا إياه؛ بأن الحلم لا يكفي وأن اليد لا تعني شيئا إن لكم يكن معها عقل يديرها ويدبر أمرها، و الإرادة وحدها لا تكفي إن لم تكن معها القدرة على الفعل، وهي التي يتميز بها الأكراد …الذين لم يكتفوا بالحلم بل سعوا لتحقيقه، وكان الخيار الصائب . إقليم كوردستان استطاع أن يحمي كيانه، وأن يحافظ على مكتسباته، وهي التي يسعى الجميع لنهش أكبر قطعة منها، وهذا في الحقيقة المشكلة الجوهرية؛ في الرفض لمطلب إقليم كوردستان العادل الذي يبحث عن الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي… وهذا بحد ذاته لن يعجب أحدا من الغرب إعلاميا… وسيكون الحل بإشعال الشرارة وافتعال الحرب… كي لا ترقى المنطقة العربية، وبخاصة العراق إلى مستوى الاستقرار، ويبقى الرهان على من يصمد حتى النهاية السلام أم الحرب … وتبقى البقرة والضرع تقود السياسة العالمية ولعبتها...هذه الحقيقة التي كان الزلزال ليبتلع كل رغباتنا وأحلامنا وأحبتنا...ليصادر كل ما لدينا...فهل يمكن لزلزال آخر أن يعيد ما نهب؟! بقلمي الحادي عشر من نوفمبر من عام ألفين وأربعة وعشرين
#رولا_حسينات (هاشتاغ)
Rula_Hessinat#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حكاية من حكايات جحا 3
-
السيد علم الدين 4
-
رواية الزلزال المقطع الأول
-
حكاية من حكايات جحا 2
-
حكايا من حكايات جحا 2
-
السيد علم الدين 3
-
المصباح
-
والله يازول الحال تعبان
-
السيد علم الدين 2
-
الفرار المحتوم
-
المألوف المجتمعي
-
السيد علم الدين
-
المألوف المجتمعي بين التغيير والتحول
-
فأر أسود
-
الشبيه
-
Children of Gaza are dolls, and perhaps its inhabitants are
...
-
It is not as any other stories
-
قراءة نقدية في المجموعة القصصية اعترافات ثملة بقلم الناقدة و
...
-
رحلة في تابوت
-
رشفات الحياة
المزيد.....
-
لماذا تترك الموسيقى التي تسمعها في سنوات شبابك تأثيرًا خالدا
...
-
أمسية شعرية باللغة اليونانية وإصدارات جديدة في الشارقة للكتا
...
-
ملحمة عثمانية قوية… مسلسل قيامة عثمان 170 على فيديو لاروزا ب
...
-
إيطاليا.. تفكيك شبكة مزورين زيفوا أعمال أكثر من 30 فنانا مشه
...
-
مصر.. تفاصيل جديدة في التحقيقات بقضية الشاب المصفوع من قبل ا
...
-
مصر.. الشاب المصفوع من قبل عمرو دياب يعلق على قرار إحالة -ال
...
-
مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 26 مترجمة بجودة hd قصة عشق
-
-نيويورك بوست-: تأجيل إصدار الحكم بحق ترامب في تهم صمت الممث
...
-
مصر.. إحالة الفنان عمرو دياب إلى المحاكمة العاجلة
-
الروائي الفائز بكتارا يوسف حسين: الكتابة تصف ما لا تكشفه الص
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|