|
الوعي السياسي لدى الجمهور العربي
محمد عبيد حمادي
الحوار المتمدن-العدد: 8158 - 2024 / 11 / 11 - 18:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
شهد العالم العربي في السنوات الأخيرة تحولات كبيرة، جعلت من مسألة الوعي السياسي لدى الجمهور العربي موضوعاً هاماً وحيوياً. حيث ظهر على السطح قدر أكبر من الانخراط الشعبي في الشؤون السياسية والاجتماعية، ويأتي ذلك في ظل الأحداث الكبرى التي عصفت بالمنطقة مثل “الربيع العربي” وتبعاته، من تغييرات في الحكومات وصولاً إلى تأثيرات اقتصادية واجتماعية عميقة. هذه الأحداث دفعت العديد من المواطنين إلى التفكير في دورهم السياسي، وأهميته في تحديد مسار مستقبلهم، وقد تباين مستوى الوعي السياسي بين دول المنطقة، بناءً على الظروف المحلية والإقليمية لكل بلد. الوعي السياسي يُعرف على أنه الفهم والإدراك للمفاهيم السياسية، والقضايا الوطنية، والدور الذي يجب أن يلعبه المواطن في المجتمع. يتجاوز الوعي السياسي مجرد متابعة الأخبار السياسية ليصل إلى مستوى أعمق من الفهم النقدي والتحليل للقضايا، وقدرة الفرد على اتخاذ موقف سياسي مبني على معرفة واقعية بالمصالح الوطنية والدولية. ومع تطور وسائل الاتصال، أصبح من السهل على المواطن العربي الوصول إلى مصادر متنوعة للمعلومات، مما أثر على وعيه السياسي بشكل كبير. لعبت وسائل الإعلام التقليدية دوراً مهماً في تعزيز الوعي السياسي، إلا أن ظهور وسائل التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر وتطبيقات التراسل جعل من السهل على المواطنين التعبير عن آرائهم وتبادل الأفكار والمعلومات. هذه المنصات باتت سلاحاً ذا حدين؛ فهي من جهة أداة للوصول إلى المعلومات بسرعة وسهولة، ومن جهة أخرى تُعتبر منصةً سهلة لنشر الشائعات والمعلومات المغلوطة، ما يؤثر سلباً على الوعي السياسي في بعض الأحيان. تساهم وسائل التواصل الاجتماعي في تمكين المواطن العربي من إيصال صوته، ورفع مستوى الوعي بالقضايا الاجتماعية والسياسية. ومع ذلك، يظل التحدي الأكبر هو كيفية التعامل مع المعلومات وانتقاء مصادرها بشكل موضوعي. تختلف درجة الوعي السياسي لدى المواطن العربي باختلاف الأنظمة السياسية القائمة في الدول العربية. فبعض الأنظمة السياسية تُتيح قدراً من الحرية في التعبير والمشاركة السياسية، مما يعزز من وعي المواطن ودوره في المجتمع. بينما في دول أخرى، يُمارس القمع أو التضييق على الحريات السياسية، ما يؤدي إلى غياب الوعي أو اقتصاره على نطاق محدود. في بعض الدول، يجد المواطن نفسه غير قادر على المشاركة أو التعبير بحرية، مما يُضعف وعيه السياسي ويؤدي إلى حالة من اللامبالاة تجاه القضايا العامة.يعتبر التعليم من الركائز الأساسية في بناء وعي سياسي متين. في الدول التي تهتم بمناهج تعليمية تركز على التثقيف المدني والسياسي، ينعكس ذلك إيجابياً على وعي الأجيال الشابة. التعليم الجيد يساعد الفرد على التفكير النقدي، وتمييز الحقائق عن الشائعات، وفهم آليات العمل السياسي. في المقابل، تعاني بعض الدول من ضعف نظام التعليم، مما ينعكس سلباً على وعي المواطنين وقدرتهم على المشاركة الفعالة في الحياة السياسية.على الرغم من تزايد الاهتمام بالوعي السياسي في المجتمعات العربية، إلا أن هناك العديد من التحديات التي تواجه هذا الوعي، ومن أهمها: 1. التضليل الإعلامي: انتشار الأخبار المزيفة والمضللة يعوق فهم المواطن العربي للواقع السياسي. 2. ضعف الثقافة السياسية: الكثير من المواطنين ليس لديهم ثقافة سياسية كافية تُمكنهم من تحليل الأحداث بموضوعية. 3. التأثيرات الخارجية: تتعرض المنطقة العربية لتدخلات خارجية تسعى للتأثير على الرأي العام وتوجيهه بما يخدم مصالح تلك القوى. 4. قلة الثقة في المؤسسات: في بعض الدول، يشعر المواطنون بالشك تجاه المؤسسات الحكومية، مما يقلل من انخراطهم السياسي.ولتعزيز الوعي السياسي لدى الجمهور العربي، يجب أن تتضافر الجهود بين الحكومات، والمؤسسات التعليمية، ووسائل الإعلام. من الضروري توفير مناهج تعليمية تُعزز الوعي المدني والسياسي، وتطوير منصات إعلامية موضوعية تعكس الواقع بصدق وحيادية. كما يجب تشجيع المواطنين على التفكير النقدي، واتباع مصادر المعلومات الموثوقة.إن الوعي السياسي الفعال ليس مجرد رفاهية، بل هو ضرورة لضمان تحقيق تقدم اجتماعي واقتصادي، ولمشاركة فعالة في صنع القرار بما يخدم مصلحة المجتمعات العربية وحقوق شعوبها.
#محمد_عبيد_حمادي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
سفير أمريكا الجديد لإسرائيل يدعو لـ-إعادة ضبط كاملة- للعلاقا
...
-
بعد -Gladiator II-.. دينزل واشنطن يعلن عن أدواره الأخيرة قبل
...
-
لماذا يحدّ موقع بومبي الأثري في إيطاليا من عدد زواره اليومي؟
...
-
-لا يوجد شيء اسمه فلسطيني-.. شاهد ما قاله السفير الأمريكي ال
...
-
مراسلنا: مقتل 11 فلسطينيا بغارات إسرائيلية على مناطق عدة في
...
-
إيلون ماسك رسميًا في البيت الأبيض.. ترامب يفي بوعده للمليارد
...
-
الهروب من الحرب.. الجسد في القاهرة والقلب في غزة
-
دور الإجهاد الذهني في خلق شخصية -عدوانية وغير متعاونة-
-
الجيش الإسرائيلي يعلن مهاجمة أكثر من 120 هدفا لـ-حماس- و-حزب
...
-
تايوان تسلم أوكرانيا دفعة جديدة من منظومات Hawk التكتيكية لل
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|