أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة امنيات مظفر الثلاث .














المزيد.....


مقامة امنيات مظفر الثلاث .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8157 - 2024 / 11 / 10 - 09:02
المحور: الادب والفن
    


مقامة امنيات مظفر الثلاث :

أعاد الدكتور ظاهر شوكت نشر جزء من قصيدة مظفر النواب )ثلاثة أمنيات على بوابة السنة الجديدة (, ومظفر يسكب بشعره الملح على جروحنا , وقالوا عنه الشاعر المناضل , ووصفوه بمنشور سرّي تحول بسبب حب جماهيره إلى منشور علني , أما ألصقُ الألقاب به فكان ( شاعر القصيدة المهرّبة ) , إنه الشاعر المثير للجدل والدائم الخروج عن النص , ابن الناس الناطق بنبض قلوبهم وزفرات صدورهم , ملك الهجاء السياسي الذي أرَّق العروش العربية , قصائده الصارخة الساخرة تعمر بيننا طويلا , ذلك أنها تحكي نكباتٍ ممتدة , وخذلانا مستمرا , وقهرا ما زال جاثما على الصدور.

((هذوله احنه سرجنه الدم عله اصهيل الشكِر..يسعود
خليًنه زهر النجوم.. من جدم الحوافر سود
تتجادح عيون الخيل وعيون الزلم بارود
وياخذنه الرسن للشمس من زود الفرح ونزود
يسعود احنا عيب انهاب يا بيرغ الشرجيًه
هذي يشامغ الثوار تبرج نار حربيه )) .

ولد مظفر في بيت أرستقراطي , لكنه لم يكن يدري أنه سيضيع عمره بين السجن والمنفى بسبب ما تخطه يداه من أشعار, رآها البعض تعكس نبض المعذبين والمقهورين , ورأى آخرون أنها تجاوزت حدود اللياقة ونالت من الحكام والزعماء , فوضعته أشعاره في كشوف الترقب على بوابات المطارات والحدود العربية , ورغم المنع ظلت قصائد النواب سوطا يجلد ظهور من كانوا سببا في الخذلان والنكبات العربية.

((علكنا لك عله الصوبين علكه, عيون مشتعله
بنادقنه تطرز الليل تضوي الكلفه والسهلة
تحذر ياشهم يا سعود حكام المدن دفله
لا تامن حجي بلا ساس يا بيرغ الشرجيه
عين الذيب عيب تنام من اتصوفر الحيًه)) .

هكذا يمكن معاينة الشاعر العراقي الكبير مظفر النواب ورصد فضاءاته الشعرية من دون الخوض في جدليات عقيمة عن الشقة الواسعة بين الواقع المفترض القناعة به , وبين متخيّل ليس بالعسير تحقيقه , إن أضحى إيمانا لدى الآخرين بجدوى النضال لتحقيقه , ومظفر من الشعراء الذين طابقوا تماما بين نتاجهم الإبداعي وحياتهم , إلى درجة تدفع لمقارنته بالتشيلي بابلونيرودا والإسباني غارثيا لوركا.

(( هذوله أحنه نحد السيوف بركاب الصكر والذيب
ما نترك أثر يا سعود من أنغير…بس الطيب
وتمولح عيون الخيل عجه اتطر وعجه اتغيب
ينخل فشك ليل الموت وعيونك ,ليالي زبيب
يسعود احنا عيب نهاب يا بيرغ الشرجيه
نجمة الغبشه تانينه على حدود الحرامية )) .

يقول مظفر : ((أصغر شيء يسكرني في الخلق فكيف الإنسان ؟)) , والسؤال هنا لفرط وجعه يبدو مغمسا وملوحا بهجير المعاناة الإنسانية , ولا يتورع النواب عن الإفصاح عن انحيازه التام للإنسان , وكمعظم الشعراء العمالقة يعنى مظفر بالإنسان المهمّش المقهور مجتمعيا , ويعترف أنه في وجعه وحزنه لا يقل عن الأول أسى وغضبا , ((أيقتلك البرد ؟ أنا يقتلني نصف الدفء , ونصف الموقف أكثر)) , وهنا يخاطب مظفر فتاة الليل التي كانت تعاقره وحدته عن بعد , ربما في ( حانة قديمة ) , يحنو عليها مدركا البرد الذي يتغلغل في عظامها , علاوة على البرد الذي يأكل روحها , لكنه يستذكر موته البطيء بالدفء الشحيح الذي يحصل عليه , فلا هو ببرد كامل ولا دفء كامل , ليحيل الأمر برمته إلى الموقف أيضا , فنصف الموقف الذي يشكل دائما منطقة وسطى ولونا رماديا , يتجاوز أرباك مظفر إلى قتله.

يتساءل المرء عن ( الحانة ) مثلا عند مظفر, تلك الحانة التي تتموقع دائما في شعره ليس بوصفها ( مكانا ) , وإنما بصفتها ( حالة ) , وهي تبدو شديدة التماس مع جذر صوفي يلوح في إطار الكشف والخمرة والنشوة , فالسكر الذي تتسبب به الحانة كحالة يتسبب بدوره في ( الكشف ) العميق , وفضح الأشياء وتوجيه الخطاب إليها بحالتها المجردة الشديدة الواقعية , ونشوة السكر في هذه الحالة تتعدى المعنى الدارج إلى معنى المعرفة أو بالأصح (العرفان الصوفي ) , وطالما أن المرء ( كما الاسفنجة , يمتص الحانات ولا يسكر) , يضحي فعل السكر هنا بمعناه الوجودي , أي السكر بالوجود , وهنا نشير للمأثور عند (الصوفية) , ((سقاني شربة أحيا فؤادي بكأس الحب من بحر الوداد )) .

صباح الزهيري .



#صباح_حزمي_الزهيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المقامة المتشائمة .
- مقامة الخيبة ونسيانها .
- مقامة النقاء .
- مقامة الحضن الدافيء .
- مقامة التسامي .
- مقامة الردود المفحمة .
- مقامة الثرثرة .
- مقامة الرفوف والقيود .
- مقامة الجدل .
- مقامة الأنجذاب الروحي .
- مقامة الكذب .
- مقامة المطر .
- مقامة العقل .
- مقامة الشر .
- مقامة الشماتة .
- مقامة الثقافة .
- مقامة اللاجدوى .
- مقامة السدى .
- مقامة الشجن .
- مقامة التنوير و التعدد .


المزيد.....




- مسلسل ليلى الحلقة 14 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- فنانة مصرية تصدم الجمهور بعد عمليات تجميل غيرت ملامحها
- شاهد.. جولة في منزل شارلي شابلن في ذكرى وفاة عبقري السينما ا ...
- منعها الاحتلال من السفر لليبيا.. فلسطينية تتوّج بجائزة صحفية ...
- ليلة رأس السنة.. التلفزيون الروسي يعرض نسخة مرممة للفيلم الك ...
- حكاية امرأة عصفت بها الحياة
- زكريا تامر.. حداد سوري صهر الكلمات بنار الثورة
- أكتبُ إليكِ -قصيدة نثر-
- تجنيد قهري
- المنتدى الثقافي العربي ضيف الفنانة بان الحلي


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة امنيات مظفر الثلاث .