أسباب فوز ترامب في انتخابات 2024!

ادم عربي
كاتب وباحث

الحوار المتمدن-العدد: 8155 - 2024 / 11 / 8 - 18:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

بقلم : د . ادم عربي
شكل فوز ترامب في انتخابات 2024 عودة قوية إلى الساحة السياسية بعد خسارته في 2020، مما أثار العديد من التساؤلات حول كيفية تحقيقه هذا النجاح رغم تصريحاته الدائمة ضد "الدولة العميقة" وتحديه للمؤسسة السياسية القائمة. يعد هذا الفوز مثالاً بارزاً على قدرة ترامب على توظيف الاستراتيجيات السياسية والاجتماعية لإعادة بناء قاعدة دعم قوية. وفيما يلي بعض العوامل الرئيسية التي ربما أسهمت في هذا الفوز:

1. إحياء الشعور بعدم الثقة بالمؤسسة السياسية
استمر ترامب في تقديم نفسه على أنه المرشح المناهض للنظام القائم، وهو ما أظهره بوضوح من خلال تصريحاته عن "الدولة العميقة". هذا الخطاب، رغم كونه مثيراً للجدل، عزز شعوراً واسعاً بين مؤيديه بأن هناك قوى خلف الكواليس تعمل ضد مصالح الشعب. تمكن ترامب من كسب تعاطف شريحة واسعة من الشعب، الذين يشعرون بأنهم مهمشون أو أن أصواتهم لا تحظى بالاهتمام الكافي.

2. الاستفادة من الأوضاع الاقتصادية المعقدة
شهدت الولايات المتحدة تحديات اقتصادية كبيرة خلال السنوات القليلة الماضية، مثل التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة، مما زاد من معاناة الطبقات المتوسطة والدنيا. استغل ترامب هذا الوضع ليوجه انتقادات شديدة للسياسات الاقتصادية للحكومة السابقة، مقدماً نفسه على أنه الحل لهذه المشكلات من خلال سياسات تحفيزية للنمو الاقتصادي ووعود باستعادة الوظائف، وهو ما لاقى قبولاً بين الناخبين الذين يعانون من صعوبات اقتصادية.

3. استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بطريقة فعّالة
رغم تقييده في العديد من المنصات الاجتماعية الكبرى بعد رئاسته الأولى، إلا أن ترامب واصل استخدام الإنترنت ووسائل الإعلام البديلة للوصول إلى مؤيديه. ساعدته منصات مثل "تروث سوشيال" (Truth Social) التي أطلقها ليتمكن من التواصل مع جمهوره دون عوائق. منح هذا النهج ترامب ميزة التواصل المباشر، وساعده في بناء علاقة قوية ومباشرة مع الناخبين، خصوصاً أولئك الذين يفضلون وسائل الإعلام غير التقليدية.

4. التغيرات في الهجرة والسياسات الحدودية
كان موضوع الهجرة على رأس أولويات ترامب خلال فترة رئاسته الأولى، ومع تزايد الضغوط الحدودية والسياسات المتشددة تجاه الهجرة في فترة ما بعد 2020، استفاد ترامب من هذه القضية لتأطير نفسه كقائد يعمل لحماية الولايات المتحدة والحفاظ على الأمن القومي. هذا الموقف ساعده في كسب دعم العديد من الناخبين، خاصةً في الولايات الحدودية التي تأثرت بالسياسات السابقة.

5. تعزيز الولاء من خلال سياسات موجهة لقواعده الشعبية
استمر ترامب في بناء قاعدة شعبية قوية من المحافظين، من خلال تبني قضايا مثل حرية السلاح، والسياسات الاجتماعية التقليدية، ورفض الأفكار الليبرالية الجديدة التي يعتبرها العديد من المحافظين تهديداً للقيم الأمريكية التقليدية. ترامب لم يتراجع عن مواقفه بشأن هذه القضايا، وهو ما جذب له دعم جمهور مؤمن بالتغيير والمحافظة على التقاليد، مما أكسبه تأييد قطاعات عريضة من الناخبين.

6. التحدي ضد النظام الانتخابي والإصلاحات المطلوبة
أثار ترامب قضية الانتخابات والنزاهة الانتخابية منذ خسارته في 2020، وهو ما زرع بذور الشك بين العديد من الناخبين في النظام الانتخابي الأمريكي. تعهد خلال حملته الانتخابية بإصلاح هذا النظام لضمان انتخابات شفافة ونزيهة، مما منحه دعماً قوياً من مؤيديه الذين شعروا بأن حقوقهم الانتخابية قد تعرضت للتهميش أو التزوير.

7. تعامل الخصوم السياسيين معه وارتداداته على الناخبين
أدى التعامل الحاد والمستمر من قبل بعض وسائل الإعلام والمؤسسة السياسية التقليدية مع ترامب إلى زيادة تعاطف الناخبين معه، واعتباره ممثلاً لهم في وجه النظام. فالناخبون الذين شعروا بأن صوتهم ليس مسموعاً وجدوا في ترامب من يحمل همومهم، لا سيما أنه واجه الانتقادات والإقصاء، مما عزز من صورته كرجل خارج عن المؤسسة ويسعى للإصلاح.

8. التغييرات في المشهد الدولي وأزمات الثقة
السنوات الأخيرة شهدت تحولات كبيرة على الساحة الدولية، مثل النزاعات الجيوسياسية والتوترات مع الصين وروسيا، مما جعل قضايا الأمن القومي والسيادة أكثر بروزاً. استفاد ترامب من هذه الظروف ليؤكد على ضرورة تعزيز السياسات الدفاعية والاقتصاد المحلي لمواجهة التحديات الدولية. هذه الرسائل كانت جاذبة للعديد من الناخبين الذين يرون في السياسة الخارجية القوية وسيلة لحماية المصالح الأمريكية.

9. التعب الشعبي من التدخلات الخارجية وتكاليف الحرب
تسببت الحرب في أوكرانيا بتكلفة مالية هائلة، حيث استثمرت الولايات المتحدة مليارات الدولارات لدعم أوكرانيا عسكرياً وسياسياً. أدى ذلك إلى شعور جزء كبير من الناخبين بالإرهاق من تكاليف التدخلات الخارجية التي لم يروا لها عوائد مباشرة. لقد استغل ترامب هذا الشعور، وقدم نفسه كمرشح ملتزم بتقليص التدخلات الأجنبية والتركيز على "أمريكا أولاً"، وهو ما جذب الناخبين الذين يرغبون في توجيه الموارد الأمريكية للتنمية المحلية بدلاً من الصراعات الخارجية.

10. تنامي الاهتمام بالأمن القومي على خلفية حرب غزة
كان الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني وخاصة حرب غزة الأخيرة نقطة خلاف داخلية أثارت تعاطفاً وتوتراً بين الجاليات المختلفة في الولايات المتحدة. أسهمت الأزمة في طرح أسئلة جديدة حول السياسة الخارجية الأمريكية ودورها في الشرق الأوسط، حيث اتخذ ترامب موقفاً متشدداً في دعم حلفاء الولايات المتحدة، مثل إسرائيل، ضد الجماعات التي يعتبرها "تهديداً للإرهاب الدولي." هذا الموقف أكسبه دعماً من قاعدة كبيرة من الناخبين المحافظين والمهتمين بالأمن القومي.

11. الترويج لفكرة أنه سيكون "قائداً قوياً في الأزمات الدولية"
ترامب، بفضل تاريخه في اتخاذ قرارات جريئة في السياسة الخارجية خلال فترته الرئاسية الأولى، قدم نفسه كقائد قوي يمكنه التعامل بحزم مع الصراعات الدولية المتزايدة. وعد ترامب بالعمل على احتواء التهديدات المحتملة القادمة من هذه الصراعات عبر إبرام اتفاقات أقوى وتقليل الاعتماد على الدول الأخرى في قضايا الطاقة والدفاع. وقد استحسن الناخبون هذا الوعد، إذ رأوا فيه قيادة قوية قادرة على تحقيق الاستقرار وتقليل احتمالات اندلاع حروب جديدة.

12. تعهداته بخفض الدعم العسكري والتوجه نحو "سلام عادل"
أحد العوامل التي أثرت على الناخبين هو تعهد ترامب بخفض الدعم العسكري الخارجي والتركيز على حل الأزمات بطرق دبلوماسية تحقق السلام وتجنب الحروب. بالنسبة لأزمة أوكرانيا، أكد ترامب أن استراتيجيته ستعتمد على الحد من التدخل العسكري الأمريكي، والعمل نحو حل ديبلوماسي دائم. وفيما يتعلق بغزة، روج لفكرة السلام القائم على "الاحترام المتبادل"، مما جذب شريحة من الناخبين الذين يؤيدون السياسات الدبلوماسية على التدخلات العسكرية.

13. القلق حول الاستقرار العالمي وزيادة معدلات الهجرة
أثارت الصراعات الدولية مخاوف بشأن موجات الهجرة المحتملة، وهو أمر كان ترامب واضحاً حول ضرورة التعامل معه بصرامة. ركز على سياسات الهجرة الصارمة لمنع تدفقات جديدة محتملة نتيجة الأزمات في أوكرانيا وغزة، وهو ما جذب الأصوات من الناخبين القلقين من التأثير المحتمل للمهاجرين الجدد على الاقتصاد والأمن.

14. الترويج لفكرة الاستقلال الطاقي وتجنب الاعتماد على الدول الأخرى
تسببت الأزمة الأوكرانية في اضطرابات في أسواق الطاقة العالمية، مما أثر بشكل مباشر على أسعار الوقود وتكاليف المعيشة في الولايات المتحدة. روج ترامب لخطط تسهم في تحقيق استقلالية الولايات المتحدة في مجال الطاقة، مما لاقى استحساناً كبيراً لدى الناخبين الذين يرغبون في تجنب تأثير الأزمات الخارجية على حياتهم اليومية.

#ادم_عربي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات