آرام كربيت
الحوار المتمدن-العدد: 8155 - 2024 / 11 / 8 - 16:19
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أنا أرى أن الدول الديمقراطية أصبحوا في حالة هشاشة.
لو أن بايدن وهارس وأوباما فازوا في الانتخابات لرأينا أمريكا أخرى، أمريكا أقرب للعالم الثالث، ولأخذت الصين إلى الموقع الدولي الأول.
أما اليوم، لا اعتقد واحد عنصري مثل وأوباما وزوجته ميشيل، سيسكتون، سيعملون على تخريب أمريكا من تحت الطاولة.
تصوروا أن أوباما في الانتخابات الأخيرة، كان يحث المسلمين والزنوج على التصويت لصالح هارس.
كانوا سيسمحون بتدفق اللاجئين إلى امريكا من أجل التغيير الديمغرافي، ربما وقتها ستسقط روما أخرى وسيعيش الاستبداد ألف سنة أخر.
اتمنى أن يوقف تدفق اللاجئين إلى الغرب كله، هذا لن يطور بلداننا، أنما سيساهم في تخريب الغرب من الداخل، اقصد أن يعمل الغرب على دعم القوى الديمقراطية في داخل البلدان الاستبدادية وإلا فإن الدول الاستبدادية كالصين وروسيا والدول الإسلامية والعربية ستأخذ الديمقراطية وتنهيها من داخلها ومن الوجود.
الصراع بين الديمقراطية والاستبداد قائم على قدم وساق، ولن يتوقف.
جميع الدول الاستبدادية فاسدة من القاعدة إلى القمة، لهذا يجب محاربتها من القاع، عبر نشر قيم الحرية.
الديكتاتور يربط مصير الدولة والوطن والمستقبل بشخصه، لأنه يعرف النهاية الحتمية، أما السلطة أو المقصلة.
لهذا يريد أن يأبد وجوده في السلطة بكل الوسائل، ويربط مصيرها بمصيره.
أما في الدول الديمقراطية، العكس هو الصحيح، الزعيم والطاقم الحكومي، يعتبرون أنفسهم موظفين، جاؤوا إلى السلطة لمدة معينة، محددة، ثم يرحل، خلال هذه المرحلة يحاول أن يقدم ما عنده دون أن يخض بدنه أو يزعج نفسه على مصير بلاده.
لهذا نرى أغلب عناصر الحكومة، الموظفين السياسيين لا يهمهم وطنهم أنما مصالحهم.
بهذا نرى الميوعة السياسية في الدول الديمقراطية وفق حسابات شخصية.
رب ضارة نافعة.
اعتقد أن فوز طرامب سيكون مفيدًا للشعب الأوروبي، من أجل اعتماده على نفسه، وتبني سياسات وطنية نابعة من الحاجة الوطنية، أن يكف السياسيون عن المياعة السياسية والولدنة، أن لا ترهن نفسها للسياسات الأمريكية المتقلبة.
ما الفائدة من دخول السويد وفلنده للناتو، وضخ مليارات الدولارت في هذا الحلف الذي يخضع للمزاج الأمريكي المتقلب، والانتخابات الأمريكية.
أين التخطيط، أين الدراسات الاستراتيجية العالمية، أين الرؤية الجيوسياسية لمستقبل أوروبا العالمي؟
ألا يوجد في العقل الأوروبي كائن واحد يعرف كيف يفكر، ويضع الخطط بعيدًا عن الولايات المتحدة ومصالحها؟
ترامب منذ سنوات يخطط لهذه اللحظة، وواضح أن بادين لم يكن رجلًا قويًا، أنه مريض، وربما بعض الصغار كانوا يسيرون هذه الدولة العملاقة.
لقد فتحوا ملفات غاية في الجنون، حروب بالجملة والمفرق، أدى إلى فوضى ودمار في كل العالم السياسي العالمي.
الرؤوساء الأوروبيين والحكومات الأوروبية خائفين على مناصبهم وأموالهم، وعلى كسلهم، وميوعتهم، اليوم جاء زمن دفع الدين المستحق والعودة إلى الواقع.
مصالح هذه الحكومات لم تعد مع الشعوب، وأنما مع أنفسهم، لهذا يجب ن يرحلوا، واليوم سقطت الحكومة الألمانية.
ترامب سيقدم جو بايدن للمحاكمة، ومعه الكثير من القضاة، وعناصر من الأف بي أي، والمخابرات وربما نائبه السابق، ورئيسة مجلس النواب.
أنه سيغير وجه الولايات المتحدة التقليدي، خاصة أنه جاء بقوة، سينهي العقل الأمريكي القديم القائم على الحرب.
الحمائية بتقديري لن تنجح في هذا الزمن الذي يكسح قواعد الدول، لهذا لا أعرف كيف سيدير ترامب هذه السياسة الاقتصادية، لكن لدينا أربع سنوات مملوءة بالاحتمالات الكبيرة، ربما يُقتل، وربما نحن على مفترق طرق، أنه صراع في داخل أمريكا وخارجها، زلزال، تسونامي، سيطال أوروبا والصين وروسيا والهند وغيرهم.
عالمنا غير مستقر، ولا يمكن عودة الهيمنة القديمة للولايات المتحدة، كما يتخيل ترامب.
نقول عن الشعوب التي تؤمن بالطوطم إنه شعب بدائي، اليس هذا صحيحًا؟
عندما هذا النوع من البشر يعبد الأصنام، ويؤمن بالخرافات، بالتأكيد أنه شعب بدائي.
ألم يسجد الكثير من الناس لخامنئي، ويعوون له مثل الكلاب، أليس اللطم ظاهرة تاريخية كانت تمارسها الشعوب البدائية، أليس نسب الدم، والعلاقات اللامدينة تنتمي إلى الشعوب البدائية، وأن والعلاقات الاجتماعية القائمة على المصلحة هي لا مدنية، بل بدائية.
جدي
قالت لي جدتي في ذلك الزمن الراحل:
ـ جدك رجل غريب الأطوار، إنّه مجنون. مجنون بحقّ.
كنت أنظر إلى عينيها الزرقاوين، ووجهها الأبيض النقّي، وملامحها القاسية.
أضافت:
هل رأيت في حياتك رجل عاقل يركض وراء الأعشاب في البراري مثل السعدان؟
وأضافت:
كما تعرف، هناك ملايين الأنواع والأشكال. كيف لإنسان عجوز في مثل عمره أن يحصل على جزء يسير منها. لو أنه يلتفت إلى بيته ويرقّع حذاءه، أفضل بكثير من خدمة الناس.
قال لها:
يا سيران، وهذا اسم جدتي، تحدّثنا كثيرًا بهذا الموضوع. ابقِ مع أغنامك وأبقارك ودجاجاتك، هذا أفضل بكثير من التحدث بهذا الكلام.
ثم أنت لا تعرفين بماذا أفكّر، ولا تعرفين أي شيء عن علاقة اللذةّ ومعنى اللذّة والفرح. أنت امرأة كئيبة، لهذا لا يمكنك رؤية الجمال فيما وراء الجمال، أو في الورد والعطر والزهر والأعشاب.
ثم التفتَ إليّ، ومن ثمّ إلى أمي الواقفة بالقرب من التنّور إلى جانب جدّتي وعمّتي، اللتان كانتا تخبزان، وحرارة النار تغطي الماء.
وتابع حديثه لوحده، بصوت خافت جداً، بيد أنه كان مسموعاً لي:
اللذّة كامنة في الجوهر، في جوهر الوجود، في الآخر غير المكتشف.
وأضاف:
الإبداع لذّة. من لم يصل إلى لذّة الاكتشاف لا يعرف الحياة ولا أيّ شيء عن هذا العالم. ولا يعرف ما معنى الحياة. إنّه جاهل.
وقال:
الكائن يركض ليل نهار وراء تلك اللذّة المفتقدة، البعيدة، النائمة في المجهول. يقطع المسافات الطويلة من أجل الوصول إليها.
الجمال هو السر غير المقتطف، وفي السر، هناك يختبأ الكون.
في هذه اللذّة الهاربة القابعة في الذاكرة البعيدة تكمن الحقيقة، هي التي تجعل الإنسان فراشة هائمة تموت في بحثها عن الضوء.
زفر زفرة موجعة وتابع:
الخلود في اللذّة وبالعكس، في الغموض. لهذا تراه يركض وراء السر القابع في الأزل.
قلت لجدي:
لماذا توشوش وحدك كأنّك خائف من جدّتي وأمّي وعمّتي. سمعتُ حديثك كله.
نظر إليّ بطريقة مواربة وغريبة، وعلى وجهه علامات التوتّر والاضطراب، وشفتاه ترتجفان.
ثم تابعت كلامي:
بصراحة لم أفهم أحجياتك يا جدّي. لم أعد أعرف أي شيء عنك. أنت إنسان غريب الأطوار، في كلامك وحياتك وطريقة عيشك.
وكما قالت جدّتي، أنت عصّي على الفهم والمعرفة.
وقلت له:
كنتُ أظنّ أن الأعشاب مجرّد فرح في الهواء الطلق، فتبيّن لي أنّه سر الله في الطبيعة. وإنّها فلسفة وعلم وأخلاق وطب وانتماء.
رأيتُ بؤبؤي عينيه يتّسعان عندما سمع كلامي. اقترب مني وضمّني بلهفة.
قال:
يكفي أنّك فهمتني يا بني. صحيح أنّك لا زلتَ صغيرًا، بيْد أنّك سرّي الحقيقي. أنت تهمني أكثر من أيّ إنسان في هذا العالم. أما جدّتك، فهي نموذج قديم لا يصلح لأي زمن.
وقال:
هذا العالم مملكة عظيمة ينبغي الحرص عليه، علينا إنقاذه من التمزّق والضياع. نحتاج إلى روح نقية، لإخراجه من عالم السطو والظلام.
الكثير من الشعوب تفضل الحماقة على العقل، وتضع العربة أمام الحصان، والهوية أهم من الحياة والدين بديلا عن العلم، والفخر والتكبر أسلوب حياة بدلا من التواضع والسعي في العمل المنظم، والتاريخ بدلا من الحاضر.
عندما أكتب عملًا إبداعيًا لا تسألني ماذا أكتب، أو أقول أو أهجس
دعني في وحدتي أحلق وأطير.
في هذه اللحظة، أنا لست أنا، أنا كائن منفصل عن نفسي ومكاني وزماني.
دعني أحلق في ملكوت الكون الواسع، في السماء والنجوم.
في هذه اللحظة لا تقترب من حدودي، ولا تسأل عن هويتي.
في هذه اللحظة أنا دون هوية أو اسم أو كيان أو عنوان.
أنا مجرد فراشة تحترق.
يفهم الرجل المرأة كما يفهم نفسه، لا كما ينبغي له أن يفهم المرأة.
وتنطلق المرأة في فهمها للرجل كما تفهم نفسها أو كما تفهم المرأة، لا كما ينبغي أن يفهم الرجل، سواء في تكوينه النفسي أو الفيزيولوجي أو تاريخيته.
ينطلق كل طرف في فهم الآخر من موقعه الجسدي والنفسي والسلوكي والتكويني والعاطفي.
هذا الفهم الخاطئ يوقع الطرفين في إشكالية عميقة تؤدي بالطرفين إلى الهاوية.
يحتاج الطرفان إلى أخذ زاوية بعيدة عن بعضهما وقراءة بعضهما بعمق، التكوين التاريخي وتطوره وبناءه وحاجاته لردم الهوة بينهما وعدم الوقوع في إشكاليات عميقة لا تحمد عقباها.
المرأة أقدم من الرجل بمليارات القرون، وهذا الأخير خرج من رحمها.
فهي أمه الأولى.
وكل ما عدا ذلك وهم في وهم.
ماتت المدينة في أطراف النظام الرأسمالي القائم، بعد أن غزا الريف المدينة، بقيمه وأفكاره وعقله وعاداته وتقاليده وتخلفه.
تحولت المدينة إلى ريف بائس، بنظرة بسيطة إلى دمشق والقاهرة وبغداد وطهران ودلهي وكابول وداكا، ستعرف أن الخراب والدمار انتزع الجمال من الحياة.
يبدو أن الأمر كالرماد الأسود، لن يتوقف ولن يقتصر على الأطراف أنما سيمتد إلى حواضر المراكز ومدنه، كما نرى ونشاهد.
وأن هناك خطى حثيثة نحو تدمير المدينة، وضياعها تحت سنابك التخلف والجهل والاستبداد السياسي والاجتماعي والاقتصادي.
وستنتهي الفوارق بين التخلف والإحجام، وستتقلص بالكامل لنتحول إلى بداوة فكرية وسياسية واجتماعية في الزمن القادم.
هذا التوحش الذي تقوده الرأسمالية في العالم كله، لن يبقي على غصن أخضر في هذا العالم.
سيسود المدينة القادمة، الاكتظاظ السكاني والأوساخ والعشوائيات والجهل والديكتاتوريات القذرة وسيزداد السكان بنسب كبيرة، وسنكون أشبه بالحشرات التي تأكل الأخضر واليابس.
ربما تعود دورة الحياة، المدينة، المدنية من جديد بعد أن ترمي المدينة عن نفسها تلك الدرنات الديكتاتورية الرأسمالية المتوحشة
اللاوعي بالنسبة لي هو الطبيعة البكر، البراءة، الصدق، الحقيقة، التصاقه بالكائن التصاقًا أصيلًا.
كان يتحرك اللاوعي وفق قانون الكون الذي نعيش فيه.
لم يكن هناك أعداء وخبثاء يتربصون به، كان طفلًا صغيرًا يبحث عن غذائه وبقاءه وفق قانون الحياة.
لم يكن الوعي قد برز أو نضج أو خرج من القمقم أو استقال عن اللاوعي، لهذا لم يكن هناك تراتبية اجتماعية اطلاقًا.
عندما أعلن الوعي عن وجوده، واخضع اللاوعي لسيطرته، بدأ الإنسان يكذب ويسرق ويقتل، أصبح وحشًا في صورة إنسان، بيد أنه تفنن في القتل، بل نظم القتل في جيوش وقوانين، وصنع الأديان والدولة والأخلاق والمبادئ المستندة على الخبث والمراوغة والكذب.
انفصال الوعي عن اللاوعي، جعل من الإنسان الواحد كائنين متعاكسين متداخلين في الكائن الواحد، يتصارعان يتقاتلان، يتعاركان، ويتم بينهما سلام مختلس، يتواطأ اللاوعي مع الوعي، يخضع له، ينسحب من المعركة لأنه لا يملك القدرة على المجابهة إلا في الخفاء والسر.
الطفل كائن عاقل وحر. وعندما يكبر سيصبح عبداً من تلقاء نفسه.
ولن يعرف الجمال والسعادة واللذة.
كان مدرس اللغة الانكليزية، حنا حداد، يردد هذه القصيدة عندما كنّا في الصف العاشر 1974 ــ 1975
القصيدة بعنوان نيني
مضى عامان يا أمي ـــــــــــــــ وزند الشيخ يحويني
كأنني دمية والشيخ ـــــــــــــــ تمثال من الطين
كأن رخامه الوردي شوك ــــ يغلغل فيي ويدميني
مللت العقد يا أمي ـــــــــــــــ وهراء الفساتين
يقبلني كتقبيل ـــــــــــــــ المصلي للقرابين
ويمضغ ناهدي حينا ــــــــــــــ ويسعل ثم يطريني
كشاة وهو جزاري ــــــــــــــــــــ ولكن دون سكين
الذي يدين غزو أو احتلال دولة لدولة أخرى أو لبلده أو وطنه أو لقوميته، عليه أن لا يفتخر باحتلال بلده أو دينه أو قوميته للبلدان الأخرى.
الاحتلال هو احتلال، فيه قهر ونهب وسرقة واغتصاب وقتل وانتهاك لكرامة البشر، وحرية المجتمع كله.
نذهب مع هذا البيت من الشعر لأبي الأسود الدولي:
لا تنهَ عن خلُقٍ وتأتيَ مثلَه ـــ عارٌ عليك إذا فعلت عظيم
كتبت قبل يومين أن لينين كان مضللًا، مضللًا فكريًا، وبصماته الفكرية طبعت عالم القرن العشرين، وما زلنا لم نتخلص من هذا الأرث الثقيل.
لماذا أقول أن فكره كان مضللًا؟
لقد طرح مفهوم بناء الاشتراكية، وأن الثورة التي قامت في روسيا هي ثورة اشتراكية، ثورة العمال والفلاحين، كنقيض للرأسمالية والاستغلال.
نقول أن الرأسمالية نمط إنتاج، موضوعيًا أنماط الإنتاج لا تعود إلى الوراء. هل تعود الرأسمالية إلى مرحلة الاقطاع؟
بالتأكيد هذا لا يمكن، لأن الرأسمالية لا يمكنها العودة إلى الاقطاعية، يمكنها أن تتحول تحولات نوعية نحو الأمام، لكن وفق التناقضات والتقاطعات في داخلها، تنتقل من مرحلة إلى أخرى، وتنقل معها البشرية إلى أفاق أخرى لا نعرف بالضبط إلى أين.
نعود إلى مفهوم الاشتراكية، لنسأل: هل كانت روسيا جاهزة ماديًا وموضوعيًا لبناء نمط إنتاج مناقض للرأسمالية، ومتقدمة عليها؟
هل استطاع لينين معرفة ما هي الاشتراكية، مفهوم الاشتراكية؟ هل يمكن بناءها في ظل روسيا القيصرية، واقعها، ربعه قناني وثلاث أرباعه اقطاعي؟
هل يمكن للبلدان المتخلفة حرق المراحل والانتقال إلى نمط الإنتاج الاشتراكي دون المرور بنمط الإنتاج الرأسمالي؟
لو أن الثورة التي قامت في روسيا جاءت لإرساء نمط انتاج اشتراكي، إذا لماذا انهارت؟
الثورة في روسيا كانت ثورة سياسية بحتة، استبدالية لا غير، غيرت التراتبية الاجتماعية، قضت على القيصر وجلبت ستالين وربعه.
لهذا من الكوارث الكبرى عندما يكون تحديدنا للمفاهيم مضللًا، في هذه الحالة، ستأخذ دول وشعوب إلى المقصلة دون فهم صحيح لأبعاد استخدام المفاهيم، ولما ستؤول إليه الأمور
كان لينين متسرعًا في اتخاذ قرار الثورة، مع مجموعة صغيرة من اتباعه، أغلبهم شبه أمي، جاهل عاجز عن قراءة الفكر والبناء عليه، وفي السياسة.
كانت الثورة هي رغبة روسية، ثورة وطنية، للحاق بأوروبا والولايات المتحدة.
يا ليته تأن، وأصغى لبليخانوف المفكر والفيلسوف الروسي الفذ أو لكاوتسكي.
أنا مقتنع تمامًا أن الاشتراكية يجب أن تكون موضوعية، راسخة، تنتجها الحياة عبر صراع طويل جدًا، داخل بنية المجتمعات، وإذا وصلت البشرية إلى هذا النمط فيفترض أن تكون راسخة لا تعود إلى الوراء.
محمود جلبوط
ـ يحتفل بفوز امرأة مسلمة بعضوية الكونجرس الأمريكي أو في البرلمانات الأوربية وهذا حقه، بيد أنه يثور إذا تولت امرأة مسيحية منصب مديرة مدرسة في قرية مصرية، بل يخرج أهالي القرية المسلمة مظاهرات عنيفة ضد هذا القرار وتستجيب حكومة بلاده لذلك..
- يطالب ببناء مساجد ورفع الأذان في بلاد الاغتراب المسيحية ويرفض في بلاده المسلمة بناء كنيسة جديدة من قبل أهل بلده المسيحيين، بل يهاجم تلك الكنائس والأديرة بالقنابل ..
- يتزوج من مسيحية غربية لكنه يرفض أن تتزوج أي مسلمة من مسيحي من أهل بلده...
- يعتبر التبرج رذيلة والإلحاد جريمة.. بينما يعتبر لبس النقاب والحجاب حرية شخصية...
- يصف الآخر المختلف عقائديا بأنه كافر أو زنديق أو منحل أو ديوث أو نجس ، ويتذمر حين ينعته هؤلاء بالتشدد بل يسميهم عنصريون
- يندد بما يفعله كل الآخرون في البلاد الأخرى ولا يكترث لما يحدث في بلاده للأقباط في مصر ، أو الدروز واليزيديين والأكراد في سوريا ، والسنة في العراق..
- يرفض التدخل الإيراني والروسي في سوريا ويوافق على التدخل التركي..
- يفصل كل الحقوق الإنسانية على مقاسه، من حرية عقيدة وتبشير بها وحرية ارتداء شكل اللباس وزواج من يريد ، لكنه يمنع أو يعارض نفس الحقوق حين يتعلق الأمر بأصحاب الديانات الأخرى ...
ماذا سنسمي ذلك؟ نفاق؟ تعصب؟ عصاب؟ شوزفرينا؟..ماذا؟
الكثير من الناس يعيشون في الخفاء، في الظلمة. ومستمتعون في العتمة المدلهمة. ويمارسون دونيتهم واستلابهم وعبوديتهم بمتعة كاملة.
لا يحبون العيش في الضوء. ولا يريدون. ولا يستطيعون.
إن الظلمة تمدهم بالراحة النفسية، ومد الخطوط مع هذا العالم من تحت لتحت في علاقات مشوهة مشبوهة وكاذبة.
إن الضوء والشمس يخيفهم لهذا يكرهونه.
الموهبة هبة الطبيعة للإنسان تحتاج إلى القوة والشجاعة والعمل للانطلاق.
هل تفعل الدوافع الجنسية والطاقات الجوانية المشتعلة في داخل المرء فعلها في تثمير هذه الموهبة؟
في سجن عدرا بدمشق جاءت زيارة لأحد أصدقائي. زوجته كانت منفعلة جدًا. شتمته أمام السجناء في الزيارة وتفلت عليه. قالت له:
ـ سأرفع دعوة طلاق عليك. لم أعد احتمل.
ـ افعلي ما تشائين.
ـ سأخذ الأطفال معي.
ـ خذيهم
ـ سأرحل إلى أهلي
ـ أرحلي.
قال لي:
ـ سأطلقها بمجرد خروجي من السجن. إذا لن تطلقني، أنا سأطلقها.
ـ طول بالك يا رجل. إنها أم أولادك. تصرفت بشكل خطأ في لحظة ضعف وحالة انفعال.
ـ سأطلقها.
بعد بضعة أشهر تم ترحيلنا إلى سجن تدمر.
هناك تفل وبصاق في وجوهنا. أجبرونا أن نبوس أحذيتهم. ونأكل الطعام من عقب أحذيتهم. طبعًا عدا الضرب والإهانات على الطالع والنازل.
سألته بعد حين من الزمن:
ـ هل ما زلت مصرًا على الطلاق.
ـ لا. بعد الذي رأيته لا يمكن أن أطلق زوجتي حتى لو بادرت بالطلاق. سأذهب إليها وأطلب المغفرة منها.
ما أريد قوله:
لا يوجد رأس كبير في هذه الحياة القاسية. جميع الناس معرضين للذل والخضوع. من منا كان يتوقع ما حدث لصدام حسين أو معمر القذافي ومبارك. ولا استغرب أن يداس رأس ترامب يومًا من الأيام
إنها الحياة.
إنها لعبة خطرة. لعبة اقدار منفلتة من عقالها. ولا يحاول أي إنسان أن يتكبر أو يتجبر على أخيه الإنسان أو على النعمة. ابتداء من لقمة الخبز.
ويا ظالم إلك الله. كما يقول المثل.
عندما تقرأ الأساطير تشعر نفسك أنك أمام كائنات مملوءة بالحيوية والنشاط والرموز والدلالات البعيدة والقريبة المعبرة عن فكر وعقل الإنسان في القديم. ففي هذه القراءة يستمتع المرء ويكبر به الخيال ويتوسع ويمتد إلى الفضاء وينشط عقله في حب المعرفة والاكتشاف ويخرج باستنتاجات متنوعة.
أما عندما تقرأ الرواية الحديثة فأنك تتوه وتضيع في رصد الشخصيات الوارد فيها, وتشعر أنك أمام كائنات ميتة لا حياة فيها, محبطة وفاشلة تصرخ من تحت الرماد أننا رماد. وإذا قرأت عشرة صفحات وقفزت إلى ما بعد خمسين صفحة فلن تضيع سياق العمل لأن أغلب الكلمات الواردة فيه عبارة عن تهويمات وأحجية لا رابط بينهم.
عندما ينتهي المرء من قرءاة الرواية يشعر بالإحباط والقرف لأنها لم يقبض أي شيء مهم.
في كل مرحلة زمنية أنت شخص آخر, صدى صوت على أكتاف الريح.
يعتبر الغجر أن كل الأشياء في الطبيعة هي ملك الخالق وحده, وللإنسانية جمعاء, وبالتالي ليس من حق أحد أن يتهمهم بالسرقة, خاصة وأنهم تعودوا خلال رحلاتهم المتواصلة من مكان إلى مكان على التقاط كل شيء يمكن تناوله أو الاستفادة منه.
والتسول عندهم يعتبر جزء من ذاكرتهم, ولا يعاب عليه, لأن الأرض مقدسة, ولا يجوز فلاحتها.
بصراحة, ووضوح تام. كل فكر, أو ممارسة أو مجرد تفكير, فيه اقصاء للأخر, هو غزو. سواء مسلح أو سلمي.
مشكلتنا, أننا لا نعرف أبعاد ممارساتنا وسلوكنا في مواقع الحياة أو غيرها.
من أجل تقريب الصورة يا ناس:
الجزيرة السورية, فيها عشرات القوميات والأديان والملل. وكل عشرة أشخاص, يظنون أن المحافظة لهم, أرضهم التاريخية. ورثوها عن أباءهم وأجدادهم, الفحول.
والمشكلة, جميعهم عجزة, يخافون من خيالهم. واحد مثل العريف, ابو صلاح, مجرد عريف عاجز ومهزوم, كان يستطيع أن يقودهم مثل قطيع غنم, إلى الخابور, عندما كان عامرًا, ويرميهم فيه, دون أن يصرخوا أو يتذمروا.
عندما أكون معك, انفصل عنك, لالتحم بظلك. بذلك الحلم, الذي ولد قبل أن ألد أو أكون. في ذلك المكان الخفي, المركون في الذات.
العري ليس بالثياب وحده. العري في كل شيء: في الجوع, القهر, التشرد, في القتل, السجن, في العنصرية, في الغاء الاخر المختلف, في استغلال الإنسان, في تدمير تكوينه النفسي والروحي, في تخريب البيئة, في قطع رأس رجل, ورجم امرأة أو اغتصابها.
حياة الإنسان, مشبوهة, مشوهة, وهي سلة متكاملة. لهذا, علينا أن نعري كل وجع وألم, وعيب في النفس الإنسانية التي هي انعكاس لواقعه العام.
الدولة الاستبدادية هي أقرب إلى تكويننا النفسي.
التنظيم الحديدي /النظام الداخلي/ في أي حزب سياسي, خضوع القاعدة الصارم للقيادة, ينسجم تماما مع تكويننا النفسي والعقلي.
بت مقتنعا تماما, ان مخزوننا القديم, يقف عند رأس أنف الإنسان في بلادنا, يحتاج إلى ومضة, شرارة صغيرة, حتى يخرج المارد من قمقمه.
لم نعمل على ترويض تكويننا النفسي, العقلي, معرفته, إلى أين يأخذنا. بصراحة, يوجد حشو كبير في أدمغتنا بزوائد هائلة, طائفة, قبيلة, قومية, عشيرة, ودين. جميع هؤلاء, لا يساعدوننا في الخروج من محنتنا التي نعيش فيها, بله انهم السبب لما نحن فيه.
المدرسة السوفيتية, وربيباتها في العالم, منهم على سبيل المثال, بكداش ويوسف فيصل, خربوا نفوس وعقول أجيال كاملة.
خرجت أجيال متكلسة, مريضة, متفسخة, على كل المستويات. عطلت الإبداع الماركسي في مجال الفكر والفلسفة وعلم الاجتماع والأدب, الذي كان سائدًا في أوروبا
إنها مدرسة مخابراتية بامتياز, علمت اتباعها, الدونية والخضوع, إغلاق العقل, عدم القدرة على الابداع والعطاء, عدم القدرة على الحوار. مجرد منفذين لتوصيات القادة.
النظام السلطوي الدولي عم يعطي درس لكل إنسان يفكر بالثورة على نظامه السياسي, لسان حاله يقول:
بدك ثورة على اسيادك, أنظر إلى سورية, ما يحدث فيها من خراب ودمار؟
اسيادك, زلمنا, عبيدنا. ألم تسمع أن كلب الأمير أمير. هولاء كلابنا, وضعناهم ليعضوكم. ويجب أن لا تتمردوا عليهم.
ما يحدث في بلدنا, تكاتف مخابرات العالم كله من تحت الطاولة على تدميره, وتشريد شعبنا وإغراقه بالجهاديين الوهميين من كل العالم في خطة مدروسة ومحكمة.
عندما أكتب عن الدين أو القومية, ليس للتجريح, ابدًا, ليس هذا هو الغاية. إنما لعقلنة التفكير والرؤية. ليس بيني وبين الدين أية مشكلة. هذا شأن خاص بكل إنسان.
ما يدفعني للكتابة, هي الظواهر السيئة التي أراها في بلاد الغربة. هشاشتنا الاجتماعية, انغلاقنا على الذات, عدم قدرتنا على مجارة الواقع واضحة في الخارج. وعدم قدرتنا على التفكير الحر والمستقل هو الدافع. والتحريض على معرفة أنفسنا والآخر.
نحن بحاجة إلى شغل كثير على أنفسنا, معرفيًا, إنسانيًا.
عندما تتحول الأحزاب السياسية إلى شكل من اشكال العصابة, في الممارسة, في اسلوب القنص. في التكتل العصبوي, والعقلية البدوية القائمة على الغزو والنهب.
ماذا نترجى من هؤلاء الصغار؟
هناك حبيب خالد في ذاكرة الإنسان، هذا لا يموت ابدًا ابدًا، أنه جالس في تكويننا العقلي والنفسي والجسدي والروحي والوجودي. إنه خالد بخلود الكون.
وهناك حبيب يعيش بيننا في الواقع، يذهب أحدهم يأتي غيره.
الحبيب جزء من ذاكرة الأنا.
أنا أو أنت نحب الآخر، لأن جزءً منه فينّا، وجزءً منّا فيه.
إن لم يكن الحبيب حلمًا، ماذا يكون؟
في لحظة الحلم العليا يتلاشى الحبيب، يتبدد، ينتقل من المحسوس إلى المجرد، وتتحول الحياة إلى رموز وأحاسيس متناثرة في الفضاء.
الحالم يستدعي الخلود إلى فراشه، يحاوره ويسكن في ظله، في المكان الآمن والدافئ البعيد عن القيود والحواجز، وثقل الأرض والناس.
الحالم يعيش زمن، هو الزمن المفقود أو المفتقد، يحلق معه وفيه، في الفضاء البعيد، بعيدًا عن المحسوس.
وأكثر الأحلام رشاقة هو الحلم بالأخر الغائب، الحاضر في الزمن
#آرام_كربيت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟