بن سالم الوكيلي
الحوار المتمدن-العدد: 8155 - 2024 / 11 / 8 - 13:12
المحور:
كتابات ساخرة
في عالم مليء بالمفارقات، يبدو أن إسرائيل قد وجدت لنفسها دور البطولة في مسرحية درامية تتجاوز حدود الخيال. فبينما تتعامل مع الاعتداءات على مواطنيها في أمستردام، نجد أن وزير الخارجية الإسرائيلي غدعون ساعر يوجه أصابع الاتهام إلى العالم، وكأنما يقول: "نحن الضحايا، لكننا نحب أن نكون ضحايا في كل مكان!"
دعونا نتأمل في هذا المشهد. إسرائيل، الدولة التي تتحدى القوانين الدولية وتضرب بعرض الحائط حقوق الشعوب، تجد نفسها في موقف يتطلب منها أن تتقبل نتائج أفعالها. وكأنما تقول: "نحن نحب أن نكون في قلب العاصفة، لكننا نفضل أن نكون الضحايا فقط عندما يتعلق الأمر بمصالحنا."
أليس من المثير للسخرية أن تتحدث إسرائيل عن الاعتداءات على مواطنيها في هولندا، بينما تتجاهل الاعتداءات التي تتعرض لها شعوب أخرى في فلسطين؟ يبدو أن هناك نوعا من النفاق المضحك هنا، حيث يتم استخدام "الضحية" كوسيلة للتلاعب بالمشاعر، بينما يتم تجاهل معاناة الآخرين. فإسرائيل، التي تطالب بالعطف والتضامن في مواجهة العنف ضد مواطنيها، تتجاهل كل يوم الممارسات الوحشية التي يرتكبها جيشها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث تهدم المنازل وترتكب الجرائم بحق الأبرياء. هذه الازدواجية في المعايير تجعل من الصعب التمييز بين الحقيقة والتلاعب السياسي.
وفي الوقت الذي تتحدث فيه إسرائيل عن "نتائج إبادة الشعوب"، يجب أن نتساءل: هل تعي حقا ما تعنيه هذه الكلمات؟ أم أنها مجرد شعارات ترفع في الهواء لتبرير أفعالها؟ يبدو أن إسرائيل قد نسيت أن العالم يتغير، وأن هناك من يراقب ويحلل كل خطوة تخطوها. فالتطورات السياسية والاجتماعية الأخيرة، سواء في المنطقة أو على المستوى العالمي، جعلت من المستحيل على إسرائيل أن تستمر في عرض هذه المسرحية غير المنطقية.
وإذا أردنا التوسع في هذا الموضوع، يجب أن نلفت النظر إلى أن إسرائيل تسعى منذ عقود إلى تصوير نفسها كضحية في معظم الصراعات التي تشهدها، لكن في الواقع هي الطرف المعتدي في العديد منها. من قتل المدنيين الفلسطينيين في غزة إلى اقتلاع سكان الضفة الغربية من أراضيهم، تتكئ إسرائيل على معادلة "الضحية" لتبرير عدوانها المستمر. وتستغل هذا الدور في مواقفها الدولية لكسب التعاطف وحشد الدعم السياسي، متجاهلة في الوقت ذاته معاناة الشعوب التي تسلب حقوقها.
وفي النهاية، يبدو أن هذه المسرحية لن تنتهي قريبا. فبينما تستمر إسرائيل في تحدي العالم، ستظل تعيش في فقاعة من النفاق والسخرية. ومن يدري، ربما سيأتي يوم نرى فيه إسرائيل تتقبل نتائج أفعالها، ولكن حتى ذلك الحين، سنستمر في مشاهدة هذه المسرحية المثيرة للضحك التي تعكس ازدواجية المعايير، وتكشف عن تناقضات السياسة الدولية في التعامل مع القضايا الإنسانية.
#بن_سالم_الوكيلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟