عبد الرضا المادح
قاص وكاتب - ماجستير تكنلوجيا المكائن
الحوار المتمدن-العدد: 8155 - 2024 / 11 / 8 - 02:53
المحور:
الادب والفن
هدأت جلبة الاطفال بعد أن اعياهم التعب، كانوا قد توارثوا ألعاب الأزقة المتربة واضافوا لها شيئا ًمن فطنتهم،
رسموا حلقة باجسادهم عند زاوية جدار، تجاذبوا الحديث عن انتصاراتهم وهزائمهم في ساحات طفولتهم، يُخبـّث هذا ويصفعه ذاك، يكركر هذا ويبكي ذاك، احداث يومية تعيد نفسها في حلقة مغلقة من الزمان، تستعصي الانفاتح على مستجدات الحياة. مزّق أحدهم سكون الروتين بمفاجئة كانت لهم مثاراً للفضول والاستعصاء على الفهم:
ـ هل رأى احدكم جهاز تلفاز؟
ـ لا...!
حدّقت العيون مشدودة ًالى عظَمة الخبر، فقد كان للكلمة الغريبة وقع غير عادي.
ـ وهل رأيته أنت؟
ـ لا...!
تجرأ أصغرهم بعد تردد وخوف، حيث لم يكن واثقا ًمن فهمه للكلمة الجديدة:
ـ أنا سمعت عنه.
ـ وماذا سمعت؟
ـ يقال أنه يمكن رؤيته في الليل...!
ـ صحيح ...! عقّـب صاحب الخبر مندهشا ًلذكاء صاحبه.
سأل أخر متلهفا ً لسماع التفاصيل:
ـ أوصفه لنا...!
ـ طويل القامة.. يصل طوله احياناً أعلى من نخلة، له يدان طويلتان، إذنان كبيرتان، انف طويل، ويقال أنه يسرق الاطفال من الأزقة في الليل ويختفي بلمح البصر...!
أضاف احدهم غامزاً بخبث :
ـ وله خصيتان طويلتان تتدليان حتى ركبتيه...!
ـ هـــــا... هـــا... هـــا... ضـجّ المكان بالضحك.
التفت صاحب الخبر الى الصغير قائلاً:
ـ ياحمار... هذا ليس تلفازاً... أنه الطنطل...!
طأطأ رأسه خجِلاً وسأل:
ـ وما هو التلفاز إذاً...؟
ـ أنه جهاز جديد، صندوق خشبي واجهته من زجاج، يُربط بالكهرباء فتظهر على شاشته أفلام وصور متحركة.
إنبهر الجميع لما سمعوا وعلق احدهم:
ـ يبدو أن التلفاز ممتع، وهل لديكم منه في البيت؟
ـ أثول... قلت أني لم أره... طلبنا من والدي أن يبتاع لنا واحداً فرفض...!
ـ لماذا...!؟
ـ قال والدي أن السيد حرّمه...!
ـ لماذا...!؟
ـ لا أدري...!
ـ ............. !
ضغط على أزرار جهاز التحكم عن بعد، لتستقر الشاشة على فضائية تعرض فلماً للصور المتحركة "الرجل المطاط".
ضحك في سرّه وقال:
ـ لكل زمان طنطل...!
............................
2010.01.28
#عبد_الرضا_المادح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟