أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - شريف حتاتة - استئناس العقول وصنع المشوهين والمجرمين















المزيد.....

استئناس العقول وصنع المشوهين والمجرمين


شريف حتاتة

الحوار المتمدن-العدد: 8154 - 2024 / 11 / 7 - 22:49
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


============
===================================
في السنين الاخيره اصبح في مقدره العلماء منذ بدايه الحمل التنبؤ ببعض الصفات الوراثيه للجنين هذه الصفات تشمل الحاله العامه للجنين وجنسه ذكرا ام انثى والتشوهات او الامراض التي يمكن ان يتعرض لها نتيجه وجود خلل في التركيب الوراثي وهكذا يستطيع الاطباء ان يتدخلوا باجراء عمليه اجهاض منعا للولاده الطفل يعاني من امراض خطيره تعقد او تعجز مدى الحياه.
هذا التطور العلمي سلاح ذو حدين سلاح للخير وسلاح للشر ففي ظل نظام عالمي مبني على الاستغلال والاضطهاد للضعفاء يمكن استخدامه من قبل الاقوياء للتخلص من الذين لا يريدونهم اي إبادة اجناس او اعراق او انواع من البشر يرون ان لهم مصلحه في التخلص من وجودهم كما يمكن تغليب الذكور على الاناث او الاناث على الذكور في تكوين الاسر حسب القيم السائدة في مجتمع معين.
وفي الولايات المتحده حدث تطور اخر تم زرع بويضه ملقحه في رحم امراه سوداء لثالث طفلا بشرته بيضاء هكذا يمكن ان تستخدم العلوم الوراثيه للقيام بالاعمال غايه في الشذوذ تدل على نظره مشوهه للبشر والقيم الانسانيه التي يجب ان تحترم.
ولكن اذا كان يمكن برمجه الانسان وهو لا يزال جنينا في الرحم فان هذه البرمجه يمكن ممارستها ايضا وعلى نطاق اوسع بعد ان يولد ويصبح فردا في المجتمع فإلى جانب المؤثرات التي يتعرض لها الفرد داخل الاسره هناك اجهزه معينه تلازمه يوميا طوال حياته وتلعب دورا خطيرا في تكوينه الذهني والوجداني وحتى الجثماني خصوصا في مرحله الطفوله.
صنع المشوهين والمجرمين:
=================
على راس هذه الاجهزه يوجد التلفزيون الذي اخضع في السنين الاخيره لدراسات مهمه في عدد من البلاد ففي فرنسا مثلا اثبتت هذه الدراسات ان الطفل قبل سن الاثنى عشره يشاهد ما يقرب من 100 الف اعلان تلفزيوني فيؤدي به هذا السيل من الاعلانات الى تمثل مجموعه من القيم والانماط السائده في المجتمع بطريقه غير محسوسه بحيث تصبح جزءا من تكوينه النفسي في الوقت ذاته يتمثل المقاييس المرتبطه بها في نظرته الى الخير والجمال والعدل والحقيقه اي الى القيم الاربع الاساسيه التي تتكون منها الرؤيه الاخلاقيه والجمالية للعالم والتي تظل ثابته الى حد كبير منذ تلك المرحله المبكره.
ان الاعلام التلفزيوني لم يعد يهتم بمدى صدق او كذب الاعلانات التي يذيعها عن المشاهدين فحملات الاعلان عن منتجات التجميل مثلا والكثير منها مشوه للجمال الطبيعي ومضر للصحه لا تعتمد على حقائق مثبته يمكن التاكد منها عن طريق التفكير المنطقي او الدليل العلمي بل يعتمد في تاثيره على الصور والالوان والاخراج الجيد واستغلال الرغبات المدفونه والغرائز الجنسيه وعلى محاوله الاستحواذ على اهتمام ورضا الجنس الاخر او الحصول على النجاح الاجتماعي او الوظيفي او حتى الدراسي والمهني بالاعتماد على الجاذبيه الجنسيه والجثمانية للمراه بالذات والى درجه اقل للرجل.
بهذه الطريقه تثبت حملات الاعلان قيما معوجه وفاسده فالنجاح في مثل هذه الحالات لا ياتي من الجهد او الصبر او القدره على التفكير والابتكار او نوع الشخصيه وانما من عوامل اخرى لا تمت الى كل هذا بصله انها على العكس عوامل تغرس الاساليب الملتوية والمتدنية المرتبطه بتحويل المراه الى اداه للجنس فقط الى سلعه تباع وتشترى في سوق المتعه بدلا من ان تقدر كإنسان يفكر ويعمل ويساهم في بناء الاسره والمجتمع.
هناك مجال اخر يبين خطوره الدور الذي يلعبه التلفزيون في تكوين القيم وهو المتعلق بالرسوم المتحركه الموجهه للاطفال والتي يتم انتاج اغلبها في امريكا واوروبا توجد قله من الرسوم المتحركه تتميز بخواصها الجماليه والشعريه وتؤدي الى اثراء الخيال والفكر في الاطفال اما الاغلبيه الساحقه فهي تصور العالم بطريقه بدائيه مسطحه مفعمه ومختلف صور التمييز والتفرقه بين الناس على اساس الجنس او اللون او المستوى الاجتماعي فالمثل الاعلى عاده ما يكون طفلا ابيض او شخصيه بيضاء البشره ذكوريه متفوقه ومتحركه تبدو عليها علامات الرفاهيه واذا صورت شخصيات بشرتها ملونه او سوداء او من وسط فقير فانها تبدو مخيفه او قبيحه او حتى مجرمه اما الاناث فضعيفات دائما باكيات خائفات عاجزات عن الإتيان بتصرف او فعل ايجابي الا نادرا.
ان الاثر الخطير للتلفزيون على الاطفال يبدو واضحا اذا تعرضنا الى علاقته بالعنف في المجتمع ان الرسوم المتحركه التي يشاهدها الاطفال في امريكا بشكل منتظم تتعرض في المتوسط الى 41 حدثا او فعلا عنيفا خلال كل ساعه عرض هكذا تتم تربيه الاجيال القادمه حتى تكون مستعده لخوض الحروب او شن الاعتداءات والغزوات دفاعا عن مصالح الولايات المتحده في الخليج او القرن الافريقي او جزر الكاريبي او بقاع اخرى من ذلك العالم الذي اصبح يسمونه الجنوب وهكذا يتم اعداد افراد وجنود الاله الحربيه الامريكيه نفسيا منذ الصغر فلماذا نندهش عندما يحدث ما حدث في مدينه ليفربول بانجلترا عندما قتل صبيان لم يتعد سنهما احد عشر عاما طفلا عمره سنتان مقلدين بذلك ما شاهداه في فيلم من افلام الرعب كان اسمه لعب الاطفال.
وقد نشرت جريده يونانيتد ستايتزنيوز انت وورلد ريبورت في عددها الصادر يوم 12 يوليو سنه 1995 تقريرا اعده الاتحاد الامريكي لعلماء النفس ذكر فيه ان الطفل الامريكي يشاهد التلفزيون لمده ثلاث ساعات يوميا في المتوسط وانه عندما يصل الى السنه النهائيه للمرحله الابتدائيه يكون قد شاهد ثمانيه الاف جريمه قتل و 100 الف فعل عنيف وفي هذا الشان اشار الطبيب الفرنسي المسؤول عن مركز العلاج النفسي للاطفال في مستشفى سانت ان بباريس الى ان الاطفال الذين يتعرضون لمثل هذا السيل الجارف من صور العنف يفرغون هذه الشحنه الخطيره في الاحلام المزعجه والكوابيس او يصابون بدرجات مختلفه من القلق العصبي ولكن عند مرحله معينه لا يبقى امامهم سبيل لإفراغ الشحنه الا في اللعب العنيف والتقليد والانتقال الى القيام بأفعال ممائله.
الافلام والرسوم المتحركه والمسلسلات التي تعرض في امريكا وانجلترا وفرنسا وسائر البلاد الاوروبيه الاخرى يستورد التلفزيون المصري منها عددا يزيد او يقل حسب الظروف او تعرض في صالات السينما او يقلدها الانتاج التلفزيوني او السينمائي المصري اما العاب الفيديو الالكتروني فهي وسيله الترفيه الاساسيه التي يلجا اليها المراهقون والمراهقات في الغرب والتي اخذت تنتقل الى البلاد الاسيويه والعربيه ومنها مصر فقد فتحت لها صالات في بعض الفنادق الكبرى وفي اماكن اخرى ووسيله التسليه هذه تركز بشكل اساسي على القصص القصيره المصوره من نوع المغامرات ويعتمد فيها السيناريو في اغلب الاحوال على حروب حقيقيه حدثت في فيتنام او افغانستان او نيكاراجوا او الخليج او الصومال البطل فيها يخوض المعركه تلو المعركه للتخلص من خصم بعد الاخر وخط العنف يتزايد باستمرار لان الخصوم يتزايدون عنفا وخطوره مع تتابع الاحداث يقضي البطل عليهم تباعا بالقتل مستعينا بقوته الجثمانيه وشراسته يخنقهم بالاسلاك او يضربهم بالحجاره الضخمه او النبابيت او بالخناجر والسيوف او المسدسات والبنادق والرشاشات او يفجر فيهم القنابل والديناميت كل عمليه قتل من هذه العمليات لا تطلب من المشاهد سوى الضغط بالاصابع على احد الازرار او المفاتيح في جهاز الفيديو الالكتروني وبهذه الحركه البسيطه يتحول الموت موت الانسان الى مجرد حدث تافه او على الاقل عادي بينما الموت كمناقض المكمل للحياه وكجزء لا ينفصل عنها ظل احد ركائز الفكر والوجدان الانساني والفلسفي خلال الحضارات المتتابعه فاذا تحاول الموت الى شيء بسيط تافه فقد الانسان معنى حياته وقيمتها وفقد معها قمت كإنسان واتغرست في المشاهد المراهق طباع المجرم الذي لا يبالي بحياه الاخرين او حياته.
والمراهق الامريكي عندما يصل سنه الى الثامنه عشرة يكون قد قتل ما يقرب من 40 الفا من خصومه عن طريق الضغط باصبعه على زر الكتروني دون ان يشعر بذره من الندم او تانيب الضمير هكذا تغرس الاجهزه عاده القتل والاستهزاء بحياه الانسان في التكوين النفسي للشباب والشبات انها تصنع الاجرام والمجرمين لان التعود على مشاهد العنف يجعل هذا العنف مقبولا بل يزيد المتعه التي يشعر بها الاطفال والمراهقون والشباب إزاءه.
وتعتمد هذه الالعاب الالكترونيه على خلق عالم خيالي يتمتع فيه البطل بقدرات خارقه لينتقل الاحساس بممارسه هذه القدرات الى المراهق الذي يقف امام الجهاز،هو يضغط على الازرار عندما ينتهي الفيلم او الرسم المتحرك الذي كان يشاهده يعود الى العالم العادي فيشعر بضالته وبانه فقد ما كان يتمتع به من قدرات هكذا تخلق شخصيه مشوهه عاجزه عن ان تحيا في العالم الحقيقي شخصيه تسعى الى البقاء في عالم الخيال حيث تحتفظ بقدراتها غير العاديه الى القيام مثل البطل باعمال خارقه حتى تشعر بالرضاء عن نفسها وعن الحياه انها تصب خيالها واحساسها وطاقتها في هذا العالم العنيف الذي بدونهم لم تعد تشعر بان لها وجودا هكذا يصبح الانتقال الى ممارسه الاجرام طريقا مهدت له مشاهده هذه الالعاب.
استئناس العقول :
=============
تعتمد برمجه الانسان في العصر الحالي على وسائل متطوره في استئناس وتشكيل العقول في الدعايه والاعلان الواسع النطاق واساليب التسويق وتحليل الراي العام
اصبحت وسائل الداعيه والاعلان جزءا لا يتجزا من حياتنا اليوميه تقحم نفسها علينا دون انقطاع وفي اوج لحظات التتبع اهم الاحداث وتتزايد درجه التهذيب والاتقان المرتبطه بها يشارك في تطويرها وتنميه تاثيرها على الناس خبراء وباحثون من كل فروع المعرفه (علماء نفس واطباء نفسانيون علماء اجتماع علماء لغه اخصائيون اجتماعيون ... الخ)
انهم يسعون الى اكتشاف الرغبات المدفونه ونواحي الضعف ومواطن الاغراء المختفيه في نفوسنا والثغرات القابله للاختراق فينا حتى يمكن لهذه الدعايه وهذه الاعلانات التاثير على سلوكنا وافعالنا ويقوم عدد من علماء النفس في بعض شركات الدعايه الامريكيه الكبرى باجراء تجارب على عينات من الجمهور حتى يتمكنوا من الوصول الى معرفه وسائل تحديد الانماط المختلفه من الناس وتصنيفهم الى قلقين او مبادرين او سلبيين او اصحاب وعي اجتماعي يقظ او غافلين كذلك يسعون الى اكتشاف طرق للوصول الى مناطق الحساسيه فيهم وقد وصلت هذه الابحاث الى حد يكاد يفوق الخيال حيث قامت وكاله للاعلام في شيكاغو بامريكا بدراسه التغييرات التي تحدثها الدوره الشهريه في مزاج وجسم النساء كمحاوله للاصول الى التاثيرات التي يمكن ان تقودهن الى شراء مواد غذائيه معينه
ان الغرض من اجراء هذه الدراسات هو الوصول الى اللغه الاعلانيه المناسبه عندئذ يصبح المواطنون والمواطنات مجرد اهداف تطلق نحوهم قذائف اي رسائل الدعايه والاعلان هذه القذائف او الرسائل تمطرنا مئات الالاف من المرات التوجيهات والايحاءات فنحن نقراها في الصحف والاعلانات الملصقه في الشوارع وعلى الجدران او نشاهدها في السينما والتلفزيون او نسمعها في الاذاعات فكيف يمكن للانسان ان يفلت من هذا الطرق المستمره على خلايا المخ والاحساس؟ الا يصيب تشويه في نظراته للاشياء والحياه ؟ ان تشويه قائم باستمرار لا يشعر به الناس الذين يتعرضون له لانهم اعتادوا الصور المرئيه والمسموعه تمر خلال عيونهم واذانهم طوال الساعات.
وفي السنين الاخيره حدثت تطورات علميه مهمه اخذت شكل ما يسمى بالصوره المرئيه والرسائل تحت خط الاحساس التي تؤتي اثرها بطريقه خفيه للغايه يصعب التنبيه اليها لانها تعتمد على الاشارات البالغه الضعف التي لا تصل الى اعتاب الوعد او الاحساس ويعتبر اللجوء اليها خارجا عن القانون لانها توحي بفعل شيء معين او بسلوك معين دون ان تجسده وتمارس تاثيرها على اللاوعي وبذلك تجرد الانسان من ارادته وقدرته على الاختيار لتفعل به ما تشاء فيصبح كالاله يعمل بالتحكم عن بعد ووسائل الدعايه والاعلان المتبعه لبيع السلع غزت المجال السياسي وانتقلت الى الخطب السياسيه وعلى الاخص في فترات الانتخابات حيث يحاول المرشحون بيع افكارهم للناخبين فاصبحت الدراسات التي اجريت في السوق التجاري توجه اساليب الدعايه في السوق السياسي.
ان تكنولوجيه البيع المبنيه على الدراسات الدقيقه للسوق او شكت على ان تصبح علما قائما بذاته وهدف هذا العلم هو تحريك تصرفات جمهره الناس في اتجاه زياده الاستهلاك فالشركات المتعدده الجنسيات التي تسيطر بشكل متزايد على النشاط الاقتصادي تسعى الى تحويل العالم الى سوق ضخم تتهاوى فيه الحدود والجمارك والدعم والوطنيه والثقافات المستمره انها تريد ان تنشر في العالم ثقافه واحده متقاربه وسلوكيات واحده وقيما واحده هي قيم وثقافه وسلوكيات الاستهلاك حتى تضمن بيع السلع التي تنتهجها وتوزعها وتسوقها على اوسع نطاق ممكن حتى ترتع في السوق العالمي دون عقبات.
ان المناهج والاساليب التي تتبعها هذه الشركات لتحقيق اغراضها لا تقف عند حد ففي بعض البلدان مثل فرنسا والمانيا تمت اقامه سوبر ماركتات معمليه تجري فيها دراسات على المشترين من النساء والرجال يقوم بها علماء اجتماع وعلماء نفس يجلسون في اماكن مختلفه خلف الواح من الزجاج من نوع خاص بحيث لا يراهم احد ومن هذه المواقع يسجلون تحركات المشترين وحركه اجسامهم وايماءتهم التفاتاتهم ولفتاتهم ونظراتهم واقدامهم او ترددهم وتعبيرات وجوههم ويوجد معهم جهاز خاص يسجل حركه العيون وهي تنتقل فوق الرفوف ويعمل هذا الجهاز بالاشعاعات فوق الحمراء تصطدم بشبكيه العلم فتسمح بمعرفه السلعه التي توقفت عندها نظره الزبون واسم هذا الجهاز وهو جهاز تسجيل حركه العيون.
إن جماع هذه الملاحظات والأبحاث التفصيلية عن الدوافع ، والأسباب التي تكمن وراء شراء سلعة معينة تسمح بعد ذلك بتصميم المساحات الداخلية للسوبر ماركت على نحو يشجع الاستهلاك، ويدخل في هذا التصميم طول وعرض الممرات التي تفصل بين الرفوف، وطريقة صف السلع والبضائع ، والإضاءة ، والألوان المستخدمة ، والديكور، والموسيقى، وحجم الرفوف. وطريقة توزيع السلع. فمثلا الأجهزة الكهربائية المنزلية توضع عادة عند المدخل لأنها جذابة ، وتتطلب مساحة كبيرة ، وأسعارها مرتفعة نسبيا فتبدو أسعار السلع الأخرى رخيصة عندما يتوغل المشترى إلى الداخل.
كل شئ مصمم وموزع ، بحيث يضطر المشترى إلى السير بسرعة معينة تسمح له بتفقد كل السلع ، وبحيث يضطر إلى التوقف في أماكن معينة يراد له أن يتوقف فيها ، وبحيث تقع نظرته على أكبر كمية ممكنة من السلع حتى يبتاع ، بالاضافة إلى ما جاء من أجله، أشياء هي في الواقع زائدة عن حاجته أو حتى إمكانياته لم ينو شراءها عندما دلف إلى المكان.
وتحركات ، وتصرفات ، وحتى إيماءات الناس في أي مكان.
وكل هذه الوسائل تستهدف فى النهاية الوصول إلى برمجة الإنسان واستئناس العقول ، والأجسام ومراقبة التحركات بحيث يخضع الناس تماما المشيئة من يتحكمون حتى الآن فى مصيرهم المشيئة الأنظمة والحكام الذين تسايرهم الشركات المتعددة الجنسيات المتمركزة أساسا في الولايات المتحدة، وفرنسا ، والمانيا وسويسرا واليابان . وتسعى هذه الشركات إلى التعامل مع العالم كسوق واحد ضخم يضم مئات الملايين بل آلاف الملايين من البشر يعملون ما يطلب منهم ، ويستهلكون ما ينتج لهم، ويفكرون أو لا يفكرون وفقا للثقافة التي تنتشر بينهم عن طريق وسائل الاعلام الحديثة التي تدخل جميع البيوت حاملة صورها وأصواتها عبر أمواج الفضاء.
وإذا فشلت كل هذه الوسائل فى السيطرة على الإنسان ، فهناك الطب النفسى الحديث ليضم جهوده في هذا الاتجاه. اتجاه السيطرة على الإنسان وعقله وتصرفاته .فالمدرسة السائدة فى الطب النفسي هي تلك التي تعتبر مختلف أنواع التمرد على النمط العادى المقنن للتفكير والانفعال والسلوك . أو الشذوذ عنه مرضا يجب علاجه. وفى الولايات المتحدة حتى الآن ما زالت مظاهر العنف والتشرد بين الأطفال والمراهقين تعامل كأنها أمراض يعانون منها كأفراد وليست مشاكل اجتماعية لها جذور في النظام الاقتصادي والاجتماعي في الفقر والبطالة وغموض المستقبل وانعدام الأمان، وانسداد الطرق أمام الطموح ، والآمال المشروعة للكثيرين ، وتحويل كل شئ حتى الأفكار والعقول ، والأخلاق ، والنفوس والأجسام إلى سلع لها ثمن في السوق.
إن النظام العالمي الجديد المبنى على سيطرة الأقوياء على الضعفاء والأغنياء على الفقراء والرجال على النساء، والبيض على الملونين ، والشمال على الجنوب ، والذى يزيد الهوة بين الطبقات الموسرة، والطبقات الفقيرة ، وبين البلاد الثرية والبلاد الفقيرة يحتاج إلى برمجة الإنسان ، وتحويله إلى آداة طيعة مستأنسة.
إن الأغلبية الساحقة من الناس في كل أنحاء العالم يعانون الإرهاق في العمل ، والخوف من البطالة ويخضعون لتأثيرات الإعلام السمعية ، والبصرية ، وعلى الأخص التليفزيون ، هذا التأثير اليومي المستمر الذي يشكل تفكيرهم وقيمهم، ونظرتهم للحياة، ولمختلف الأمور. إن عملية البرمجة الجماعية بواسطة التكنولوجيا الحديثة في الإعلام تبث الطاعة والخضوع، وعندما يتمرد جهاز الإنسان تحت ثقل الضغوط هناك الطب النفسى ليسقيه بالأدوية المسكنة والمهدئة التي يلجأ إليها الملايين في الشمال والجنوب.
ولكن عند الكثيرين وعددهم أكبر مما نظن ، بل يتزايد باستمرار ، فان عملية تحويل النفوس إلى آلات مبرمجة خاضعة للتحكم عن قرب أو عن بعد. وتراكم وسائل الرقابة ، والإخضاع الجسدى والنفسى تواجه بالمقاومة الفردية والجماعية دفاعا عن الإنسان ، وقيم الديمقراطية ، والعقل ، والضمير الحر في كل بلاد العالم .. وتتبلور يوما بعد يوم قوى شعبية دولية ، ومحلية تسعى إلى تغيير النظام العالمى المبنى على إثراء الأقلية الضئيلة وخدمة مصالحها بوسائل التضليل ، والإكراه، والعنف على حساب أغلبية سكان الأرض.
====================================
من كتاب : " العولمة والاسلام السياسى " كتاب الأهالى 2009
=========================================



#شريف_حتاتة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عمل النساء فى مصر
- النساء ومشاريع التحرر والتقدم
- المرأة من العبودية الى العولمة
- العولمة والحرب الصليبية الجديدة
- العولمة والفكر فى مصر
- الاعلام وبرمجة الانسان
- اسلام مجاهدى خلق
- شفافية أم تغطية ؟
- عمل المرأة فى العولمة
- حول الاقتصاد العالمى الجديد
- لحظات من الدفء فى بلاد الثلج
- حديث الهجرة
- أحاديث الترحال
- ليس مهما جواز السفر
- فى سوق الخلفاوى
- هل يمكن أن نصنع مواطنا عالميا ؟
- بنات الباليه المائى وبائع الخس
- دفن - ذات - المرأة فى عيدها العالمى
- بابل
- عودة الحرباية


المزيد.....




- مصدر لـCNN: إيلون ماسك انضم إلى اتصال جرى بين ترامب وزيلينسك ...
- البنتاغون: دخول متعاقدين عسكريين لأوكرانيا هدفه إصلاح الأسلح ...
- إعصار رافايل يضرب كوبا.. مئات المنازل دُمرت وانقطاع الكهرباء ...
- إعلام: مدعي عام الجنائية الدولية سيخضع إلى تحقيق بمزاعم -تهم ...
- فعاليات المؤتمر الوزاري الأول لمنتدى الشراكة بين روسيا وإفري ...
- -بينها استهداف قاعدة بتل أبيب ومطار عسكري-..-حزب الله- ينفذ ...
- برلمانية أوكرانية: الشركاء الغربيون يصفون نظام زيلينسكي بـ - ...
- مشاهد توثق سلسلة انفجارات في أوديسا جنوب أوكرانيا (فيديو)
- زاخاروفا: روسيا ستقضي على التهديدات الصادرة من أوكرانيا
- العراق.. الكشف عن تفاصيل انتحار -جيفارا- بمحيط السفارة الألم ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - شريف حتاتة - استئناس العقول وصنع المشوهين والمجرمين