أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيه القاسم - لذكرى البروفيسورة المستشرقة الروسية أولغا فرولوفا















المزيد.....


لذكرى البروفيسورة المستشرقة الروسية أولغا فرولوفا


نبيه القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 8154 - 2024 / 11 / 7 - 10:05
المحور: الادب والفن
    


كلمة وفاء للإنسانة الرائعة
البروفيسورة أولغا فرولوفا
1931-2018
د. نبيه القاسم



شدّني نصّ الحوار الذي كان د. زهير ياسين شليبَه قد أجراه مع البروفيسورة أولغا فرولوفا، وأعادني سنوات إلى الوراء عندما كنتُ طالبا للقب الدكتوراة في جامعة سانت بطرسبرغ وكانت البروفيسورة أولغا فرولوفا هي المشرفة على إنجاز دراستي للقب الدكتوراه في الأدب العرب الحديث وكان محور دراستي حول "تطوّر الحركة الشعرية العربية الفلسطينيّة في إسرائيل".
وكانت البروفيسورة فرولوفا قد زارت البلاد في شهر تشرين أوّل (أكتوبر) عام 1992على رأس وفد أكاديميّ رفيع المستوى من قبل جمعية الصداقة السوفييتية الفلسطينية، وزارت العديد من المؤسّسات الثقافية والصحفيّة العربية داخل إسرائيل، والفلسطينية في الأراضي المحتلة أيضا، والتقت مع العديد من الشخصيّات الثقافية والأدبية، وأجرت العديد من المقابلات الصحفية، وإحداها كانت مع جريدة الحزب الشيوعي الإسرائيلي جريدة "الاتحاد" نُشرَت يوم 16.10.1992 تحدّثت فيها حول التغيّرات التي حدثت في الاتحاد السوفييتي بعد الانقلاب على النظام الاشتراكي، وعن الوضع الثقافي وحريّة التعبير المُقلَّصة والوضع الاقتصادي الصّعب الذي يُعاني منه معظم الناس في العَهد الجديد، وصدف أنْ نشرَت لي جريدة "الاتحاد" في اليوم نفسه مقالة حول مكانة مجلة "الجديد" التي يُصدرها الحزب الشيوعي وهي مدار أطروحتي للدكتوراه بما نشرته من شعر، وأهمية استمرار صدورها لكونها المنبر الثقافي الأهم لدى الجماهير العربية في إسرائيل.
يومها لم ألتق بالبروفيسورة فرولوفا وباقي أعضاء الوفد وإنْ كنتُ أتابع أخبارَهم.


وكان أنْ حضر وفدٌ أكاديمي برئاسة رئيسة جامعة سانت بطرسبرغ الحكومية الرسمية إلى البلاد، وكان من حظي أنّ الوفد زارني في بيتي في بلدة الرامة الواقعة في منطقة الجليل الغربي شمال فلسطين يوم 2.11.1999، وكان اللقاء مناسبة لتبادل الأفكار وسألتني رئيسة الجامعة:
- لماذا لا تأتي إلينا في روسيا لتدرس للدكتوراة في جامعة سانت بطرسبرغ؟
فقلت لها: ولكنني أنهيتُ دراستي للدكتوراة في الأدب العربي في جامعة تل أبيب ونلتُ شهاد الدكتوراة، وكانت أطروحتي حول "الفن الروائي عند عبد الرحمن منيف"، والمُشرف عليها كان البروفيسور المعروف عراقيّ الأصل بروفيسور ساسون سومخ.
فقالت: وتأخذ عندنا دكتوراة ثانية، ما الضّرر؟
ووعدتُها بالتّفكير في الاقتراح.
كلام رئيسة الجامعة ودعوتها أثارا فيَّ الحنين للسّنوات البعيدة عندما كنتُ أحلم بالدّراسة في الاتحاد السوفييتي بلد تولستوي وبوشكين وغوغول وتورجنيف ودوستويفسكي ومكسيم غوركي الذين كبرتُ على إبداعاتهم العظيمة. وقدّمتُ طلبا للحزب الشيوعي كعضو فيه لنَيل منحة دراسية للقب الدكتوراة في الاتحاد السوفييتي. وقُبِل طلبي ولكن اختاروا لي الدراسة في جامعة برلين في ألمانيا الشرقية، ووافقتُ، وهيأتُ نفسي مع كل الشهادات والوثائق الرسمية، وقبل موعد السّفر بشهر وصلتني رسالة أنْ تقرّر أن تكون منحتي إلى برلين الشرقية للاشتراك في دورة حزبية لمدة ستة أشهر. وطبعا رفضت ذلك ولم أسافر.
دعوة رئيسة جامعة سانت بطرسبرغ أعادت إليّ الحنين القديم لعالم المبدعين الروس الذين شدّوني للأدب الروسي ومَعالم روسيا العظيمة.
بالفعل أخذتُ القرار وقدّمتُ طلبا للدراسة في قسم اللغة العربية في جامعة سانت بطرسبرغ. ودُعيتُ لزيارة الجامعة.
وصلتُ إلى مدينة سانت بطرسبرغ يوم 27.12.1999 وسط تخوّف العالم من بداية الألفية الثالثة وعدم إعداد الحواسيب لهذا التحوّل القادم، وكانت قد انتشرت لأسابيع صعبة ومُرعبة التّنبؤات بتوقّف عمل الحواسيب، وتعطيل كل ما يعمل بتوجيهاتها، وانقطاع التّواصل بين أطراف العالم المختلفة، وكان تخوّف أهل بيتي كبيرا وحاولوا اقناعي بتأجيل السّفر.
وكانت ساعة منتصف الليل يوم 31.12.1999 تقترب، والخوف والقلق يزداد، وأعلنت الساعة منتصف الليل الساعة الثانية عشرة ليلا في مدينة "سيدني" في استراليا، وأضاءت المدينة بكل تألّقها، وانطلقت صفاراتُ البَهجة والفَرح، وخرج الناس للرّقص في الشوارع والساحات.
وفي روسيا كان الفرحُ الأكبر والخبرُ المهم باستقالة الرئيس الروسي "يلتسين" الذي قاد الانقلاب ضدّ الحكم الاشتراكي في الاتحاد السوفييتي عن الحكم. وكانت ليلتي تلك ليلة ليلاء ببداية الألفية الثالثة والقرن الحادي والعشرين وأنا في سانت بطرسبرغ المدينة الجميلة والناس الرائعين ليلة لا أنساها، ليلة شهدت بداية حقبة تاريخية جديدة في تاريخ البلد العظيم روسيا.
وفي الأيام التالية قمتُ بكل ما طلب مني في الجامعة، وأخذت برنامج القبول المُلزم لنَيل شهادة الدكتوراة بالتقدّم لثلاثة امتحانات: اللغة الإنكليزية، الفلسفة. موضوع التّخصص.
وعيّنوا لي موعد كل امتحان. وبالفعل تقدّمتُ للامتحانات ونجحتُ فيها بعلامات عالية، وتمّ قبولي للدراسة.
وكان لقائي بالدكتورة العربية اللبنانية "فاتن نجّار" التي نصحتني باختيار البروفيسورة أولغا فرولوفا لتكون المُشرفة على أطروحتي. والعَقَبَة كانت أنّ فرولوفا اقتربت من سنّ التّقاعد ولا تستطيع قبولَ طلاب جدد.
ونجحت الدكتورة فاتن نجار في الجمع بيننا، وتمّ اللقاء، وتعارَفنا، وقدمتُ لها هدية عددا من كتبي التي كنتُ قد أصدرتها في القصة القصيرة والبحث والنقد الأدبي والتاريخ والقضايا الاجتماعية والسياسيّة، وتحدّثنا كثيرا في مواضيع ثقافية وسياسيّة مختلفة، وعن زيارتها لإسرائيل ومُقابلتها للعديد من الشخصيات الثقافية ومنهم ابن عمي الشاعر سميح القاسم الذي كان يرأس تحرير جريدة "كل العرب" التي تصدر في مدينة الناصرة.
وفي لقاء ثان معها ذكرتُ لها أنّ جريدة "الاتحاد" التي نشرت مقابلتَها يوم 16.10.1992 نشرت في نفس العدد مقالة لي. وأعطيتها صورة لمقابلتها ولمقالتي ففرحت جدا.
وهكذا استطعتُ كسبَ ثقتها ولطفها وقرّرتْ أنْ تقبلني طالبا عندها في الدراسات العليا لنَيل لقب الدكتوراة في الأدب العربي. واتّفقنا أن تكونَ أطروحتي للدكتوراة حول "تطوّر الحركة الشعرية العربية الفلسطينيّة في إسرائيل".
وأخذت اللقاءاتُ بيننا تزداد وتطول، والجلساتُ تمتد لساعات أحيانا، وكانت شديدة الملاحظة والتّدقيق في كل كلمة وعبارة، وتُراجع المصادر للمُعاينة والتأكّد، وتُعطي الملاحظات. وكان يرافقنا الدكتور ايغور الذي يساعدها ويقوم بدور المترجم في الكثير من المناسبات.
على مَدار مدّة دراستي في جامعة سانت بطرسبرغ الحكومية كانت للجلسات المُتعددة مع البروفيسورة فرولوفا وعدد كبير من المحاضرين الروس وبعض العرب الأثر الكبير على تفتّح وتطوّر مَعرفتي وثقافتي واهتماماتي، وقد توطّدت علاقات الصداقة مع العديد منهم.
كما واهتمّت البروفيسورة فرولوفا بترجمة عدّة قصص قصيرة لي اختارتها من مجموعتين لي في القصّة القصيرة هما "آه يا زمن" و "ابتسمي يا قدس" وبمساعدة دكتورة فاتن نجار وغيرها ترجموا احدى عشرة قصة، صدرت عن جامعة سانت بطرسبرغ وأقَرَّتها مادّة للتّدريس لطلاب الادب في اللغة العربية
.

وأذكر الموقف في جلسة الدفاع الأخيرة لمناقشة الأطروحة واتخاذ القرار النهائي يوم 11.10.2001 عندما كان التصويتُ بــ "نعم" بالإجماع، والفرحة التي عمّت الجميع على مَنحي لقب الدكتوراة.
وقد جاء في قرار من بروتوكول لاجتماع المجلس العلمي د 212.232.43
بتاريخ 11.10.2001 تمّ الاستماع إلى دفاع قاسم نبيه عن أطروحة "مسيرة الحركة الشعرية العربية في إسرائيل من 1950-1980" التي قُدِّمَت لنَيل درجة الدكتوراة بتخصّص رقم (0.01.03)- آداب الشعوب العالمية "آداب شعوب آسيا وأفريقيا".
المُشرف العلمي: د. في علم الأدب، البروفيسورة فارالوفا أولغا باريسفنا.
الناقد الرسمي:
1- د. في علم التاريخ، البروفيسور دياكوف نيكالي نيكاليفتش.
2- د. في علم الأدب، المساعد، كيكتيف ميخائيل سرغيفتش.
الهيئة المشرفة: مكتبة أكاديميّة العلوم الروسيّة.
حضر المجلس 16 عضوا، منهم 6 بدرجة دكتوراه دولة في التخصّص الذي ناقشته الأطروحة. وهم: (اختصرت ذكر أسمائهم)
نتائج التصويت: لنيل قاسم نبيه درجة الدكتوراه في علم الأدب:
مع: 16
ضدّ: لا أحد.
ولم يمتنع أحد عن التصويت.
القرار:
تمَّ بناء على دفاع قاسم نبيه عن أطروحته "مسيرة الحركة الشعرية العربية في إسرائيل 1950-1980"، والتّوصيات الرسميّة من النقّاد واللجنة المُشرفة، وأيضا بناء على نتائج التصويت السريّة، تمّ منح قاسم نبيه درجة الدكتوراه في علم الأدب تخصّص رقم "0.01.03"-آداب شعوب آسيا وأفريقيا.
توقيع: السكرتير العلمي للمجلس العلمي: د: ي: ف: كازيلوف، 212.232.43
دكتور في علم الأدب.
دكتور في علم التاريخ.
الخَتم
وزارة التعليم العامّة في روسيا الفدرالية
جامعة سانت بطرسبرغ الحكومية
كلية العلوم الشرقية
***
ولا أزال أذكر واستعيدُ وجه البروفيسورة أولغا فرولوفا الحزين والباسم في اللقاء الأخير يوم حضرتُ لتسلّم شهادة الدكتوراة وهي تُرافقني من مكتب إلى ثان لتجمَع لي كلَّ الوثائق والشهادات، وساعة أمسكت بشهادة الدكتوراة الحمراء وقدّمتها لي في مكتب العميد وكلماتها الحارة:
-يُسعدني جدا أن أقدّم لك شهادة الدكتوراة في الأدب العربي من جامعة سانت بطرسبرغ التي تخرّج منها آلاف الطلاب في مختلف المواضيع، ويُسعدني أنْ كنتَ أنتَ أحدَهم.
وتعانقنا وانسابت دموعُنا.
هذه هي البروفيسورة أولغا فرولوفا الإنسانة العظيمة التي أحبّت شعبَنا العربي والفلسطيني وأحبَّت لغتنا العربية ودرّستها على مَدار سنوات عديدة.



#نبيه_القاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المُبدع الفلسطيني محمود شقير يحلم بعالم أجمل وناس أطهر من ور ...
- دجل منجمين وغباء شيوخ وصمت المثقفين والمسؤولين
- حول رواية -فرصة ثانية- لصباح بشير
- قصة -وأخيرا ماتت أمي-
- أسعد الأسعد و -جَمر الذكريات-
- في الذكرى العاشرة لغياب الشاعر سميح القاسم ومساهمته في تطور ...
- في الذكرة الثالثة والثلاثين لرحيل الكاتب يوسف إدريس
- الرؤية المختلفة لباسم خندقجي في روايته -قناع بلون السماء-
- إلى توفيق زياد في ذكرى غيابه
- محمود شقير في حفل تكريمه لفوزه بجائزة فلسطين العالمية للآداب
- رواية -راكب الريح- والتّألّق في إبداع يحيى يخلف
- عاطف أبو سيف في روايته - مُشاة لا يَعبرون الطّريق-
- معين بسيسو الفاسطيني الذي لم يلق الراية
- أشرف إبريق و -للحديث نظير-
- في رواية -عازفة البيكاديللي- لواسيني الأعرج المكان هو الأساس ...
- واسيني الأعرج في روايته عن مي زيادة
- قصة: أم عوّاد تصفع الضابط وترميه على الأرض
- قصة العم فندي التُركي
- الشاعر حسين مهنا يُراود الموت على سرير أبيض
- الفنان الفلسطيني المبدع سليم ضو، سيرة غنيّة


المزيد.....




- وفاة ريتشارد بيري منتج العديد من الأغاني الناجحة عن عمر يناه ...
- تعليقات جارحة وقبلة حميمة تجاوزت النص.. لهذه الأسباب رفعت بل ...
- تنبؤات بابا فانغا: صراع مدمر وكوارث تهدد البشرية.. فهل يكون ...
- محكمة الرباط تقضي بعدم الاختصاص في دعوى إيقاف مؤتمر -كُتاب ا ...
- الفيلم الفلسطيني -خطوات-.. عن دور الفن في العلاج النفسي لضحا ...
- روى النضال الفلسطيني في -أزواد-.. أحمد أبو سليم: أدب المقاوم ...
- كازاخستان.. الحكومة تأمر بإجراء تحقيق وتشدد الرقابة على الحا ...
- مركز -بريماكوف- يشدد على ضرورة توسيع علاقات روسيا الثقافية م ...
- “نزلها حالا بدون تشويش” تحديث تردد قناة ماجد للأطفال 2025 Ma ...
- مسلسل ليلى الحلقة 14 مترجمة بجودة عالية قصة عشق


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيه القاسم - لذكرى البروفيسورة المستشرقة الروسية أولغا فرولوفا