أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - غالب المسعودي - الدهشة والتفاهة















المزيد.....

الدهشة والتفاهة


غالب المسعودي
(Galb Masudi)


الحوار المتمدن-العدد: 8153 - 2024 / 11 / 6 - 21:04
المحور: قضايا ثقافية
    


الدهشة من المنجز الذاتي البسيط وقانون عدم المعايرة تعكس جانبًا عميقًا من النفس البشرية في ظل إنجازات تبدو بسيطة أو تافهة، هذه الدهشة هي في حقيقتها سلوك بدائيً تتعلق بالبحث عن الهوية والتقدير الذاتي، هذه السلوكيات يمكن أن تكون مدفوعة بالاحتياجات الأساسية للشعور بالإنجاز والانتماء، في بعض الأحيان تكون هذه الدهشة وسيلة للبقاء على اتصال مع الذات ومواجهة التحديات اليومية،إذا نظرنا إلى الأمر من منظور نفسي، فإن القدرة على الاستمتاع بإنجازات صغيرة يمكن أن تعزز من الشعور بالرضا والسعادة، وتساعد في بناء الثقة الوهمية بالنفس،لذا يمكن ربط الدهشة بآليات دفاعية نفسية متعددة:
الإنكار: قد ينكر الفرد أن إنجازاته صغيرة أو تافهة، مما يؤدي إلى تضخيم الشعور بالدهشة كمحاولة للدفاع عن النفس ضد مشاعر الفشل.
التبرير: يمكن أن يستخدم الشخص الدهشة لتبرير مشاعره تجاه ذاته، حيث يجد في إنجازاته سببًا للشعور بالفخر، حتى وإن كانت هذه الإنجازات بسيطة.
التسامي: قد يسعى الفرد إلى تحويل مشاعر الإحباط أو عدم الكفاءة إلى شعور بالدهشة أو الفخر، مما يساعده على تجاوز مشاعر سلبية.
التحويل: في بعض الأحيان، يقوم الشخص بتحويل مشاعر القلق أو عدم الأمان إلى دهشة من الذات، كوسيلة لتجنب مواجهة مشاعر أعمق.
التحصيل الذاتي: يمكن أن يكون الشعور بالدهشة وسيلة لتعزيز الثقة بالنفس، حيث يسعى الشخص إلى تعزيز إيجابياته حتى في ظل إنجازات بسيطة.
هناك الية مصاحبة لهذا المركب النفسي القلق هي عدم المعايرة والتركيز على الدهشة من الإنجازات التافهة وهذا يعكس خللاً فكريًا مرتبطًا بالعقلية البدائية مما يؤدي الى:
التفكير الضيق: يؤدي الفهم المحدود للعالم والإنجازات الحضارية إلى تركيز الأفراد على الأمور الصغيرة، مما يعكس غياب الوعي بالتحولات الكبرى والإنجازات التي حققتها البشرية.
العجز عن التقدير: عندما يفتقر الأفراد إلى القدرة على تقييم المنجزات الحضارية بشكل صحيح، قد يتحول التركيز إلى الإنجازات التافهة، مما يعكس نوعًا من العجز الفكري عن فهم السياقات الأكبر.
التمسك بالبدائية: هذه الظاهرة تعكس نوعًا من التمسك بالعقليات البدائية، حيث يتم التعويل على التجارب الفردية البسيطة بدلاً من الانفتاح على المعرفة والتراث الثقافي الغني.
البحث عن الهوية: في بعض الأحيان، يسعى الأفراد إلى إيجاد هويتهم في إنجازات بسيطة، كوسيلة للتعويض عن شعورهم بالعجز أمام الإنجازات الكبرى التي قد تبدو بعيدة المنال.
تأثير الثقافة الشعبية: قد تلعب الثقافة الشعبية دورًا في تعزيز الدهشة من الإنجازات التافهة، مما يؤدي إلى تهميش الفكر النقدي والوعي الثقافي.
هناك العديد من الأمثلة التاريخية التي تعكس الخلل الفكري الناتج عن عدم المعايرة مع المنجزات الحضارية والتركيز على الإنجازات التافهة:
العصور الوسطى في أوروبا: بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية، شهدت أوروبا فترة من التراجع الفكري والعلمي. خلال هذه الفترة، كانت هناك ممارسات مثل الخرافات والسحر، مما يعكس تركيزًا على الأمور التافهة وعدم الاستيعاب للمنجزات العلمية التي كانت موجودة سابقًا.
الحضارة الإسلامية والعصر الذهبي: رغم إنجازات الحضارة الإسلامية في العلوم والفلسفة، شهدت بعض الفترات تراجعًا في التفكير النقدي، حيث انشغل البعض بالخلافات الطائفية أو القضايا الدينية البسيطة بدلاً من التعلم من الفلسفات والعلوم الأخرى.
التوجهات الشعبوية في القرن العشرين: في بعض المجتمعات، شهدنا صعود حركات شعبوية تركز على قضايا سطحية ومشاعر فئوية، مما أدى إلى تجاهل المنجزات الثقافية والعلمية الكبرى التي تحققها المجتمعات.
رفض العلوم والتكنولوجيا: في مختلف الثقافات، هناك أمثلة على رفض الابتكارات العلمية والتكنولوجية بسبب التمسك بالأفكار التقليدية أو الخرافات. مثلًا، تم مقاومة تقنيات الزراعة الحديثة في بعض المجتمعات بسبب المعتقدات القديمة.
التركيز على الثقافة الشعبية: في العصر الحديث، يمكن رؤية كيف أن الثقافة الشعبية أحيانًا تروج للأمور التافهة، مثل البرامج التلفزيونية الواقعية، على حساب الفنون والثقافات الرفيعة، مما يعكس تحولات في الاهتمامات العامة.
هناك عدة عوامل تساهم في تعميق الخلل الفكري المرتبط بعدم المعايرة مع المنجزات الحضارية والتركيز على الأمور التافهة:
نقص التعليم: ضعف النظام التعليمي أو قلة الوعي الأكاديمي يمكن أن يؤدي إلى عدم فهم الأفراد للعلوم والفنون والثقافات، مما يجعلهم أقل قدرة على تقدير الإنجازات الكبرى.
الضغوط الاجتماعية: يشعر الأفراد بالضغط للاندماج مع آراء الجماعة أو الاتجاهات السائدة، مما يؤدي إلى تفضيل الأفكار السطحية أو التافهة على التفكير النقدي.
المعتقدات والتقاليد: بعض المعتقدات الثقافية تعيق التفكير النقدي، مما يجعل الأفراد يميلون إلى التمسك بأفكار تقليدية بدلاً من الانفتاح على المعرفة الحديثة.
الخوف من التغيير: الخوف من المجهول أو من التغيير يمكن أن يدفع الأفراد إلى التمسك بالمألوف، مما يؤدي إلى تجاهل المنجزات العلمية أو الثقافية الجديدة.
التحيزات المعرفية: التحيزات مثل تأثير الهالة أو الانحياز التأكيدي يمكن أن تؤدي إلى عدم موضوعية في تقييم الإنجازات، مما يجعل الأفراد يميلون إلى تقدير الأمور التافهة أكثر من الإنجازات الكبرى.
غياب النقد الذاتي: نقص القدرة على التفكير النقدي أو النقد الذاتي يمكن أن يؤدي إلى عدم إدراك الأفراد للقيود الفكرية التي يعيشون بها.
دورالثقافة الشعبوية في تثبيت قانون عدم المعايرة السلبي وكيف يمكن أن تؤثر على الفكر والسلوك:
برامج الواقع: تُظهر برامج الواقع أحيانًا سلوكيات سطحية أو تنافسية، مما يعزز قيمًا مثل المبالغة في الشهرة والمظاهر على حساب القيم الإنسانية الأساسية.
الموسيقى والأغاني: بعض أنواع الموسيقى الشعبية تتناول مواضيع تروج للعنف أو الاستهلاك المفرط أو العلاقات السطحية، مما يمكن أن يؤثر على سلوك الشباب ويعزز ثقافة غير صحية.
الإعلانات التجارية: تروج العديد من الإعلانات لمنتجات غير ضرورية بأساليب مثيرة، مما يدفع الأفراد إلى الاستهلاك بطريقة غير واعية ويعزز ثقافة الاستهلاك المادي.
الأفلام والمسلسلات: بعض الأعمال الفنية تقدم نماذج مشوهة للعلاقات الإنسانية، مما يمكن أن يؤدي إلى توقعات غير واقعية حول الحب والصداقة.
وسائل التواصل الاجتماعي: تعزز وسائل التواصل الاجتماعي أحيانًا السعي وراء "الإعجابات" و"المتابعين"، مما يدفع الأفراد إلى التركيز على المظهر الخارجي وخلق صورة مثالية، بدلاً من الانخراط في نقاشات أعمق.
الثقافة الساخرة: بعض الأعمال الفنية أو البرامج تستخدم السخرية بشكل مفرط، مما قد يقلل من جدية القضايا الاجتماعية أو السياسية ويعزز اللامبالاة.لذا يمكن ربط الدهشة بالمنجز التافه بتأثير الفكر الدوغماتي على الفرد الذي يؤدي الى:
الجمود الفكري: الفكر الدوغماتي يتميز بتمسك الأفراد بمعتقدات معينة دون مراجعة أو نقد. هذا الجمود يمكن أن يؤدي إلى عدم القدرة على تقدير الإنجازات الكبرى، حيث يُفضل التركيز على الأمور السطحية.
التقليل من قيمة المنجزات: الأفراد الذين يتبنون الفكر الدوغماتي قد يرون أن الإنجازات الحضارية المعقدة ليست ذات قيمة بالنسبة لهم، مما يدفعهم إلى الانجذاب نحو الإنجازات التافهة التي تتماشى مع معتقداتهم.
تأثير المعتقدات المسبقة: الفكر الدوغماتي يشجع على قبول المعتقدات المسبقة دون تساؤل، مما يمكن أن يؤدي إلى إعجاب الأفراد بالإنجازات التافهة التي تعكس تلك المعتقدات بدلاً من الانفتاح على أفكار جديدة.
تعزيز الانتماء الجماعي: قد يساهم الفكر الدوغماتي في تعزيز شعور الانتماء إلى مجموعة معينة، مما يدفع الأفراد إلى تقدير إنجازات تلك المجموعة، حتى لو كانت تافهة، على حساب الإنجازات الأوسع نطاقًا.
الهروب من القضايا المعقدة: التركيز على الإنجازات التافهة يمكن أن يكون وسيلة للهروب من القضايا المعقدة أو التحديات الفكرية، مما يعكس عدم الرغبة في مواجهة الواقع.
الاستجابة العاطفية: الدهشة من الأمور التافهة قد تنبع من استجابة عاطفية قوية، وهي استجابة قد تكون أكثر وضوحًا في سياق الفكر الدوغماتي، حيث تُعزز المشاعر على حساب التفكير النقدي.
يمكن أن يكون دور الفكر الدوغماتي عائقًا أمام القدرة على تقدير الإنجازات الحضارية، مما يؤدي إلى الانجذاب نحو الدهشة من الأمور التافهة، كل من الدوغماتية وقانون عدم المعايرة يعكسان تحديات في التواصل والفهم المتبادل بين الأفراد والجماعات.بالتالي ان التفكير النقدي والانفتاح على وجهات النظر المختلفة يمكن أن يساعد في تجاوز هذه العقبات.




.



#غالب_المسعودي (هاشتاغ)       Galb__Masudi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضرورة الدولة فلسفيا
- أساطير و بدايات
- تاريخ الكذب لدى الانسان
- ذهنية التغافل
- السماح بالتعليق والتصويت في الحوار
- روايات بلا احداث نقد وتحليل
- كرسي كرونوس وثقافة الزمن
- بناءالشخصية النمطية في المجتمعات المتخلفة
- النزعات البدائية في الثقافات المعاصرة
- السعادة الوهمية والتلاعب بالعقول
- الذكاء الصناعي بين الوعي والوجود
- البراغماتية والفلسفات التقليدية
- اللغة والتحديات الفيلولوجية
- سماء مقلوبة وبحيرة من سكر (قصة سريالية)
- -زَبَد- أمير على حجر( قصة سريالية)
- -ألوانيا- مدينة تتلاشى فيها الألوان ببطء (قصة سريالية)
- ساعة توقفت في منتصف العقل(قصة سريالية)
- فاتحة موت القمر (قصة سريالية)
- حديقة الفراشات الغاضبة (قصة سريالية)
- احلام في حقيبة مسافر(قصة سريالية)


المزيد.....




- بالأرقام.. تحديث عدد أصوات ترامب والقوة الهائلة بواشنطن
- قلبها ترامب.. أسماء 4 ولايات انتزعها الجمهوريون بالانتخابات ...
- مراسل يوضّح -خطيئة- الديمقراطيين وسبب غطرستهم وظنهم بأن ترام ...
- كوشنر وما قاله عن محمد بن سلمان بمذكراته يبرز مجددا بعد إعلا ...
- الكويت.. فيديو مداهمة أمنية تضبط إيرانيين ومواطن والداخلية ت ...
- /ملخص يومي/.. الهجمات الإسرائيلية على لبنان وجهود التسوية/ 0 ...
- /ملخص يومي/.. الأراضي الفلسطينية تحت النيران الإسرائيلية/ 07 ...
- مقتل عشر أشخاص في الضفة الغربية، والوضع في غزة -يزداد كارثية ...
- ترامب حقق نصراً كبيراً، وهاريس تقرّ بخسارتها، فكيف كانت الان ...
- ماذا سيفعل ترامب في هذه الحقبة القلقة؟


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - غالب المسعودي - الدهشة والتفاهة