|
-ماذا لو: غواية الأسئلة وأسطورة الأمل في قصيدة ريما حمزة- قراءة تحليلية في قصيدة : ماذا لو دعتك الاسئلة للرقص؟ - للشاعرة : ريما حمزة – سوريا . بقلم : كريم عبدالله – العراق .
كريم عبدالله
الحوار المتمدن-العدد: 8152 - 2024 / 11 / 5 - 20:37
المحور:
الادب والفن
"ماذا لو: غواية الأسئلة وأسطورة الأمل في قصيدة ريما حمزة" قراءة تحليلية في قصيدة : ماذا لو دعتك الاسئلة للرقص؟ - للشاعرة : ريما حمزة – سوريا . بقلم : كريم عبدالله – العراق . لماذا هذا العنوان؟ "غواية الأسئلة": يعكس تكرار التساؤلات "ماذا لو" في القصيدة كنوع من الفخ الذي يقود القارئ إلى محطات تأملية عميقة. الأسئلة ليست مجرد تساؤلات عابرة، بل هي دعوات للغوص في مفاهيم الوجود والخيبة والأمل، ما يجعلها أشبه بغواية معرفية.
"أسطورة الأمل": على الرغم من أن القصيدة تحمل الكثير من الأسئلة المشبعة بالحيرة والقلق، إلا أنها أيضًا تحمل لمحات من الأمل والإرادة، مثل محاولة "ترويض الموجة" و"تجويد الحلم" و"أزهار الأصابع". الأمل هنا ليس مباشرًا ولا سهل المنال، لكنه يبقى جزءًا من الرحلة التي يتحدى الشاعر من خلالها "لو" التي تمثل العجز والخوف من المجهول.
القصيدة توظف اللغة الرمزية بمهارة عالية لتصور واقعًا مليئًا بالأسئلة التي لا تجيب، بل تثير مزيدًا من الأسئلة، ما يعكس من خلال ذلك حالة من التفكك الداخلي والتساؤل الوجودي.
تُعتبر قصيدة "ماذا لو دعتك الأسئلة للرقص؟" للشاعرة السورية ريما حمزة نصًا شعريًا يلتقط ترددات الذات الإنسانية وتفاعلها مع الأسئلة الوجودية الكبرى. القصيدة تبني إيقاعًا محمومًا على هيئة أسئلة افتراضية تبدأ جميعها بـ"ماذا لو"، مما يعكس حالة من البحث الدائم عن المعنى والحقيقة وسط عالم مليء بالضباب والتناقضات.
1. الأسئلة كأداة فنية وفلسفية تبدأ الشاعرة بالتحايل على السائد والمألوف عبر استبدال الجواب بالسؤال، وهي أداة تظهر في العديد من الأدب الفلسفي والوجودي. الأسئلة تبدأ من "ماذا لو لم يكن للشمسِ تأويل؟" وتتسلسل لتطرح مشكلات إنسانية وروحية حادة. الأسئلة المفتوحة تجعلنا نواجه غموض الحياة، وتشير إلى هشاشة الذات أمام الأسئلة التي لا تجد إجابة نهائية، بل تظل تلاحقنا كظل مريب.
"ماذا لو لم يكن للشمسِ تأويل؟" هنا، تتساءل الشاعرة عن فهم الإنسان للوجود والطبيعة. الشمس ليست مجرد مصدر للضوء، بل هي رمز للإشراق والفهم والتوجيه. فماذا لو كانت هذه الرمزية زائفة؟ هل تصبح الحياة مظلمة بلا معنى؟ "ماذا لو غمركَ التيه إلى حريةٍ بلون الريح؟" يسائل النص الإنسان عن الحرية ومواضعها في ظل الفوضى التي قد تجلبها. 2. الشاعرة والبحث عن الأمل في عالم مليء بالتناقضات الشاعرة تتنقل بين مواقف مريرة، كالفقر والخذلان، لكنها تقدم مساحة للأمل والبحث عن الإجابات رغم الأوجاع. تساءلت عن الفقر الذي يعيد ملكه الضائع في "أندلس اللامعقول"، وهو إشارة إلى تكرار الدورات التاريخية وفشل الإنسان في مواجهة الظلم والتهميش.
لكن في المقابل، ترى الشاعرة أن هناك دائمًا مسعى نحو إحياء الأمل ولو على شكل حلم هزيل أو رماد يطمح أن يكون زهرةً.
"احفظ لحلمك تجويده حتى لا يأخذ رمادهُ شكلَ النكتة" يظهر هنا دلالة على أن الأمل، مهما كان ضعيفًا، يجب أن يُصان ولا يترك ليصير هزءًا من ذاته. 3. صورة الذات والعلاقة مع الأسئلة القصيدة لا تقتصر على طرح الأسئلة بشكل مجرد، بل تسلط الضوء على علاقة الذات بهذه الأسئلة. الذات في القصيدة ليست متفرجة، بل هي فاعلة ومتورطة. في بعض الأجزاء، يبدو أن الذات تواجه تحديات وجودية، كما في سؤال "ماذا لو تبرأتَ من رسائلِ حبك؟" الذي يتساءل عن إلغاء المشاعر الإنسانية التي لطالما كانت مصدرًا للقوة والضعف في آن واحد. الشاعرة تجعل الذات نفسها محكومة بهذه الأسئلة، وكأنها تبحث عن تخليص روحي وسط الحيرة الداخلية.
4. الرمزية والعناصر الشعرية توظف الشاعرة العديد من الرموز التي تضيف عمقًا للتساؤلات. نجد في القصيدة إشارات إلى عناصر طبيعية وفكرية:
"الشمس" تمثل الوجود والحقيقة المطلقة. "الريح" تمثل الحرية والاندفاع. "النخيل" في المقطع الذي يتساءل عن إذا ما كان النخيل سيقصُّ شعره أمام غرور الإنسان، يمكن أن يرمز إلى الكرامة والمقاومة. "الزنابق" تشير إلى جمال الحياة والقصيدة التي تتحول إلى كفن أو رمز لموت المعنى. 5. الختام: من الأسئلة إلى الصمت والتأمل القصيدة تنتهي بجملة مثيرة للاهتمام: "ودفنتُ في مرامي كفي لو / وما باحت به من بلوى"، حيث تُظهر الشاعرة كيف أن "ماذا لو" نفسها أصبحت عبئًا ثقيلًا يحمل آلامًا وتداعيات قد لا يكون بمقدور الإنسان تحملها أو إيجاد إجابات لها. ومع ذلك، تبتكر الشاعرة في النهاية حالة من الأمل رغم الألم: "أزهرت أصابعي من كل بهجةٍ شتى". هنا، يتبدى تضارب فلسفي واضح بين الأمل والألم، بين الانغماس في الأسئلة وبين الانفتاح على لحظات البهجة العابرة.
6. الرمزية اللغوية والموسيقية الشاعرة تستخدم أسلوبًا لغويًا يحمل نغمة موسيقية تساهم في خلق إيقاع شعري مُتنقل من سؤال إلى سؤال، ما يعكس حالة من التوتر والترقب المستمر. لغة القصيدة مليئة بالتوازي والتكرار، كما في استخدام "ماذا لو" في بداية كل سطر، ما يخلق انطباعًا بالحركة المستمرة أو الدوام بين السؤال والجواب الذي يظل بعيدًا.
الخلاصة قصيدة "ماذا لو دعتك الأسئلة للرقص؟" هي رحلة داخل الذات الإنسانية في محاولاتها المستمرة لفهم العالم وموضعها فيه. الأسئلة التي تطرحها الشاعرة ليست مجرد استفسارات فلسفية، بل هي دعوة إلى العيش بتوتر مستمر مع الحياة، والمضي في البحث عن الأمل رغم التحديات والخذلان. الشاعرة تُظهر كيف أن الأسئلة، رغم كونها مشحونة بالحيرة والقلق، يمكن أن تفتح أمام الإنسان آفاقًا جديدة من التأمل والبحث، وهو ما يعطي النص طابعًا من التمرد على الجواب النهائي، وإصرارًا على الاستمرار في الرقص مع الأسئلة مهما كانت غامضة أو موجعة. القصيدة : ماذا لو دعتك الاسئلة للرقص؟ - شعر : ريما حمزة ماذا لو لم يكن للشمسِ تأويل، ولهجةُ أجنحتك من شمع؟ هل ستتعاطى الشعر وأنصاف الأمل؟ خذ من العمر ما يكفي لترويض موجة.
ماذا لو غمركَ التيه إلى حريةٍ بلون الريح؟ علامَ ستراهن جراحك وخيولك من مرح أعمى؟
ماذا لو هجمَ الفقرُ على الفقر ليعيد مُلكهُ الضائع في أندلسِ اللامعقول؟ احفظ لحلمك تجويده حتى لا يأخذ رمادهُ شكلَ النكتة.
ثم ماذا لو تبرأتَ من رسائلِ حبّك؟ هل سيقصُ النخيلُ شعره أمامَ مرايا غرورك؟ هاتِ الزنابق وكفّن جسدَ القصيدة أو (…).
ماذا لو لم تصفح بروقك خيانة رعودك؟ جنونك يعدو بفَرسٍ حَرون، فهل ستبيحُ اغتيالَ الشموس؟ وهل ستغني مقامَ الضباب؟
وماذا، ماذا، ماذا لو توّرطتَ بفتنةِ بابِ الخليفة؟ مزادُ الظنونِ نصوصٌ قديمة، فهل ستشرّعُ ذبحَ الحقول؟ وهل ستناجي انعقادَ المطر؟
ودفنتُ في مرامي كفي “لو” وما باحت به من بلوى، فأزهرت أصابعي من كل بهجةٍ شتى، لكنما وا أسفي، رحيقُ كل وردةٍ أزهرت “ماذا لو” عادَ يمرحُ في الآهِ والقصيدة.
#كريم_عبدالله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-صوتٌ غارقٌ في صمت: تجليات الألم والوحدة في صهيل الرباب- قرا
...
-
سيّدةُ وسادةُ الأحلام
-
-أبواب جهنم: صراع القلب بين الحب والفراق- قراءة نقدية في قصي
...
-
-وجوه العشق: تأملات في ضوء الشوق والحنين- قراءة نقدية تحليلي
...
-
في العيون الزرقاء: عذابات الكائنات في زمن بلا ضمير قراءة نقد
...
-
جرس الرعب: صرخات الصمت في ساحة المدرسة قراءة في نصّ : مشهد ا
...
-
-تجليات الفقد: رحلة في غياهب الوجود- قراءة في قصيدة : أصداء
...
-
رحلة إلى أعماق الروح: استكشاف مدن النجاة قراءة في قصيدة : مد
...
-
تجليات البحر والأنثى: قصيدة الحب والاضطراب قراءة في قصيدة :
...
-
قبلة الكمامات: بين الشغف والاحتراز قراءة في: قبلة الكمامات –
...
-
عناق الألم: مشهد من ذاكرة الجرح قراءة في نصّ : بدايةُ حُلُم
...
-
حلمٌ يُعانقُ الهشيم: قراءة في ملحمة الغياب والحنين قراءة في
...
-
-نورسة الحياة: أنشودة الحزن في صباح بلا ألوان- قراءة في قصيد
...
-
الذكريات المكسورة: قراءة في قصيدة ميدوسا وتجليات الحزن والأم
...
-
قراءة تحليلية في قصيدة الشاعرة - منيرة الحاج يوسف : ملاذي من
...
-
سيّدةُ النرجس البريّ
-
قراءة تحليلية في جماليات القصة القصيرة : اللعنة..- للكاتبة :
...
-
قراءة وجودية في : مشاعر الوجود والغياب وتأملات عميقة في معنى
...
-
الرمزية، اللغة، و الموضوعات الرئيسية في قصيدة : من أغاني الش
...
-
قراءة تحليلية في نصّ الشاعرة : ليلى غبرا – سوريا- أنا وأنت .
...
المزيد.....
-
-لون الرمان- وغيره.. أفلام سوفيتية وروسية في برنامج الدورة ا
...
-
-حوريات- لكمال داود تفوز بجائزة -غونكور- المرموقة
-
دعمت كلينتون سابقا وهاريس حاليا.. هل أصبحت الفنانة بيونسيه ف
...
-
هل يمكن العيش بلا أيديولوجيا؟.. الصادق الفقيه: مفتاح الاستقر
...
-
نعاه كاظم الساهر.. كوينسي جونز ترك بصمته على مغنين عرب أيضا
...
-
صحيفة -شارلي إبيدو- تسخر من ترامب وهاريس بـ-كاريكاتير- (صورة
...
-
منح الكاتب الفرنسي من أصل جزائري كمال داود جائزة غونكور عن ر
...
-
“يعرض الآن” مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 31 مترجمة على قن
...
-
شاهد.. النجم البريطاني يسقط في فجوة على المسرح أثناء حفل موس
...
-
منى زكي: تجسيد أم كلثوم تجربة غيّرت حياتي
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|