محمد حمد
الحوار المتمدن-العدد: 8152 - 2024 / 11 / 5 - 20:37
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مات الضمير الانساني منذ اكثر من عام، بل شبع موتا. وتفسّخ بشكل بائس يثير شفقة الصغار قبل الكبار. وصار يُنظر إليه باحتقار واشمئزاز. فحان موعد تشييعه الى مثواه الاخير. ودفنه في طقوس جنائزية من نوع خاص. كما يليق باي ضمير ميّت ! وانّا للّّه وانّا اليه راجعون. والصبر والسلوان للبشرية المعذّبة في هذا العالم "المعاصر" الذي تسوده شريعة الغاب وتحكمه قطعان من الضباع والذئاب.
فيما مضى، خصوصا في زمن الازمات العصيبة التي تمرّ بها البشرية، كما نرى اليوم من المجازر والجرائم التي ترتكبها دويلة اسرائيل بحق الشعب الفلسطيني واللبناني، كان ضمير الإنسانية يستيقظ، إذا كان غافيا وينتفض اذا كان خاملا. ويرفع صوته حتى يطغي على اصوات المدافع والرصاص ونعيق الغربان. ويكون لتاثيره القوي على الحكام والدول ما يجعل منه صرخة مدوّية تضع حدا لكل التجاوزات والانتهاكات الخطيرة التي تمارس ضد الانسان من قبل "اخيه" الانسان.
اما اليوم، فقد اغلقت الضمائر ابوابها. واصيب اصحابها، العرب على الاخص، بالصمم المزمن. ومن شدّة الخوف من دويلة اسرائيل المارقة ابتلع الكثيرون منهم السنتهم. ووضعوا على عيونهم عصابة سوداء تجنّبهم رؤية حجم وهول الجريمة المستمرة على مدار الساعة. وكأنّ: (نحو ٧٠ قتيلا وعشرات الجرحى الفلسطينيين في قصف اسرائيلي خلال ٢٤ ساعة) يحدث على سطح كوكب آخر. وليس على مرمى حجر من قصورهم المحصّنة وقلاعهم المحاطة بكل وسائل التحذير والانذار المبكّر والمراقبة الشديدة. حتى الفراشات البريئة تخشى الولوج الى حدائقهم الغنّاء !
يبتسمون بخبث وشماتة وهم يرون الفلسطيني و اللبناني قتيلا او جريحا او لاجئا او نازحا في ارض الله الضيّقة عليه، والواسعة عليهم !
وعلى خشبة مسرح "الجريمة بلا عقاب" ينتظرون في ازياء الاعراس نهاية فصل الابادة الجماعية ليعانقوا ويباركوا العدو الصهيوني على (جميل صنعه وحسن نواياه نحوهم) ويدعمون بلا تردّد حقّه، الذي هو فوق جميع حقوقهم، في الدفاع عن نفسه. اما الضحية المضرّج بالدماء، فيطالبونه بضبط النفس والصبر. ويهمسون في إذنه قائلين: "ان الله مع الصابرين". وابصارهم شاخصة نحو "الكعبة" غير المشرّفة في واشنطن...
#محمد_حمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟