بن سالم الوكيلي
الحوار المتمدن-العدد: 8150 - 2024 / 11 / 3 - 21:37
المحور:
كتابات ساخرة
تعد قضية استخدام سيارات الدولة لأغراض شخصية من الموضوعات الساخنة في النقاشات السياسية والإعلامية بالمغرب. في الآونة الأخيرة، تصدرت رئيسة الجماعة "الشهبة" عناوين الأخبار بعد أن أُثير جدل حول استخدام سائقها سيارة الدولة في موقف غير لائق. هذا الحادث أعاد تسليط الضوء على ظاهرة استخدام سيارات الدولة كوسائل لتحقيق مصالح فردية، وهو سلوك متفش بين عدد كبير من المسؤولين. لكن، هل تعتبر "الشهبة" وحدها في هذا السلوك؟ أم أن هناك قضايا أعمق تعكس واقع الفساد الإداري في البلاد؟
تستخدم سيارات الدولة عادة لتيسير تنقل المسؤولين في أداء واجباتهم. ومع ذلك، يتضح أن العديد من هؤلاء المسؤولين يستغلون هذه السيارات لأغراض شخصية، مما يعكس غياب الوعي بالمسؤولية وأخلاقيات العمل العام. يظهر هذا السلوك عدم احترام للموارد العامة، ويعزز صورة الفساد الذي ينخر المؤسسات الحكومية.
من الملفت أن وسائل الإعلام، مثل شوف تيفي، تبرز حالات معينة دون أن تتناول قضايا أخرى مشابهة. هذه الانتقائية في الانتقادات تثير تساؤلات حول مصداقية الإعلام وقدرته على لعب دور فعال في مكافحة الفساد. فهل يتم استهداف "الشهبة" كمثال لإلهاء الجمهور عن القضايا الأكثر شمولية المرتبطة بالفساد في النظام الإداري؟
إن ما يحدث في المغرب ليس مجرد حالات فردية بل يظهر وجود ثقافة فساد متجذرة تتطلب إصلاحا شاملا. يتطلب تحقيق التغيير الفعلي نظاما من المساءلة والمحاسبة، حيث يجب أن يتجاوز التركيز على الأفراد ليشمل النظام ككل. فبدون آليات فعالة لمراقبة سلوك المسؤولين، سيستمر التهاون بالقيم الأساسية للنزاهة والأمانة.
يتحمل المواطنون أيضا جزءا من المسؤولية في هذا السياق. يجب على المجتمع المدني أن يلعب دورا نشطا في المطالبة بالتغيير والمحاسبة. فكلما كانت الرقابة المجتمعية قوية، زادت فرص الحد من الفساد والممارسات غير الأخلاقية. يجب أن يسعى المواطنون إلى تعزيز ثقافة الشفافية والمساءلة كجزء من عملية الإصلاح.
إن استخدام سيارات الدولة لأغراض شخصية يعكس واقعا مريرا يتطلب معالجة شاملة. لا يمكن أن يعتبر الفساد مجرد مشكلة فردية، بل هو ظاهرة تحتاج إلى تصحيح جذري في الثقافة السياسية والإدارية بالمغرب. من خلال تعزيز قيم النزاهة والشفافية، يمكن أن نبدأ في بناء بيئة سياسية تعمل لصالح المجتمع، وليس لمصالح فردية ضيقة. الوقت قد حان للقول "كفى" للفساد، ولتفعيل آليات فعالة للإصلاح.
#بن_سالم_الوكيلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟