أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة التسامي .














المزيد.....


مقامة التسامي .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8150 - 2024 / 11 / 3 - 18:33
المحور: الادب والفن
    


مقامة التسامي :

يلفت الشاعر الجاهلي الأعشى ألأنظار الى قيم سامية في المحبوبة حرية بالاهتمام فقد جمع بين الجمال والجلال جمعا رائعا حين قال : (( غراء فرعاء مصقول عوارضها تمشي الهوينى كما يمشي الوجي الوحل .... ليست كمن يكره الجيران طلعتها ولا تراها لسر الجار تختتل )) , كثيرا ما يتحدثون عن جمال الأنثى فيقال هذه عشرينية يافعة كالوردة , وهذه ثلاثينية مشرقة كالشمس , وهذه أربعينية ناضجة كالفاكهة , فالأنثى لا يقاس جمالها بالسنين والأعوام , وهي مثل النبتة كلما سقيتها حباً واهتماماً ازدادت أنوثتها , وجمالها , وأبدعت في الاشتياق والعطاء , والأنثى كالزجاجة تعكس لك جمال الحياة , وهي بدلعها حياة , وبأنوثتها لذة , وبصوتها سعادة , وبنظراتها جمال , تشعر ان هناك علاقة قوية بين الأنثى والورد , وكأن جمال أحدهما لا يكتمل إلا بالآخر , لا تزال الأنثى حياة وجمال هذا الكوكب مهما كثر عدد الذكور, ومهما تربعوا على عرش السلطة تبقى الإناث أرق وأجمل سلطة.

كثيرون قالوا ان للجمال مقاييس مختلفة , وأن الفتاة الجميلة تحمل مهرها على جبينها , فالجمال هو طهارة القلب , ونقاء الضمير, وعفة النظر, والجمال بلا طيبة لا يساوي شيئاً , لا توجد أنثى قبيحة بالمطلق , اذ ان كل أنثى جميلة بطريقة ما , ويعتبر نِصفُ جمَال الأنثىَ فيْ ردودَ افعالهَا , واحمِرارَ الخَديْن , والتماع العَينينْ , وضيّاع الحديثَ فيْ حركة اليدينّ المُتعانِقتين خَجلاً , والأنثى الهادئة الناعمة أكثر ضجيجًا بقلب الرجل .

كلنا تابعنا حمّى السخرية والتهكم عندما شاهدنا صور الرئيس الفرنسي الشاب الذي ولج قصر الإليزيه وهو في عقده الرابع , رفقة زوجته العجوز بريجيت ترونيو , موجة استنكار عارمة صاحبت كل الصور التي يظهر فيها الزوجان على وفاق وانسجام , غير مكثرتين بثرثرة الناس , زواج كما قيل بين تلميذ وأستاذته , استهجنه الكثيرون سواء بوطننا العربي المحافظ أو بالمجتمع الغربي المتفسخ , فما الذي أغرى شابا في عقده الثاني , بمعلمته التي تكبره بخمس وعشرين سنة , وأي قوة امتلكها هذا الشاب جعلت السيدة العجوز تخرّ صريعة بين يديه , قد تخفق كل التحليلات في حسم الموضوع , إن كان فعلا مرتبطا بمشاعر صادقة جمعت الطرفين , وقد نرفض الاقتناع بأن الشاب الوسيم يستطيع تحمل النظر لزوجةٍ شاخ جسمها , وكثرت تجاعيدها , واحدودب ظهرها.

عندما نقلب صفحات ادبنا العربي نجد ان أول نظرة تجذب الحبيب تناولها الأدب الجاهلى , حيث بدعها (امرؤ القيس) فى بيته الشعرى الذى يردده الناس (للناس فيما يعشقون مذاهب) , فكان فتى جميلا ووسيما , وابن ملك ويشتهر بتعدد علاقاته النسائية , وفى النهاية جمعه الحب بعجوز تكبره بأعوام عديدة , وكان حبًا من النظرة الأولى , وكلل فى النهاية بالزواج , وتعجب الناس من العجوز الدميمة التى استطاعت أن توقع أمير العاشقين , ولاموه على ذلك , فرد عليهم ببيته الشهير: (( أحببتها شمطاء شاب وليدها/ وللناس فيما يعشقون مذاهب)) , فأصبح هذا البيت مرتبطا بالحب من النظرة الأولى.

صاغ الرافعي مقالة راقية في فلسفة الجمال والقبح بكتابه وحي القلم , أكّد من خلالها أنّ الأصل في جمال الإنسان جوهره وكنهه , لا صورته وشكله , فالجوهر باقٍ والمظهر زائل , والعين ليست المعيار الأوحد لقياس الجمال أو القبح بل هناك العقل , والقلب , فجواب العين وحدها إنما هو ثلث الحقّ , ومتى قيل : ثلث الحق , فضياع الثلثين يجعله في الأقل حقًّا غير كامل , وروى تلك القصة الجميلة التي ساقها عن زواج مسلم بن عمران بامرأة دميمة , عاش معها أسعد أيام حياته , وأنجب منها أجمل صبيانه , فيقول مسلم متحدثا لأحمد بن أيمن كاتب ابن طولون عن حبه لزوجته الدميمة : إني لا أحب المرأة الجميلة التي توصف , وليس بي هوىً إلا في امرأة دميمة , هي بدمامتها أحب النساء إليّ , وأخفهنّ على قلبي , وأصلحهنّ لي , ما أعدِلُ بها ابنة قيصر، ولا ابنة كسرى.

قديما قال الشاعر بشّار بن برد: (( تعشّقتها شمطاء شاب وليدها… وللنّاس فيما يعشقون مذاهب )) , وقال بهاء الدين زهير: (( قالوا تعشّقتها عمياء قلت لهم… ما شانها ذاك في عيني ولا قدحَا .... بل زاد وَجدي فيها أنها أبدًا… لا تُبصر الشيب في فؤادي إذا وضحَا)) , وذُكر أن بثينة دخلت على عبد الملك بن مروان فقال لها : يا بثينة ما أرى فيك شيئا مما كان يقوله جميل , فقالت: يا أمير المؤمنين إنه كان يرنو إليّ بعينين ليستا في رأسك , قال : فكيف رأيتيه في عشقه , قالت كان كما قال الشاعر: (( لا والذي تسجد الجباه له… مالي بما تحت ذيلها خبر ...ولا بفيها ولا هممت بها… ما كان إلا الحديث والنظر)) , ونختم بما قاله آخرون :
((عشقتها شمطاء شاب وليدها**** وللناس فيما يعشقون مذاهب
لها جسم برغوث وساقا بعوضة**** ووجه كوجه القرد بل هو أقبح
اذا عاين الشيطان صورة وجهها**** تعوذ منها حين يمسي ويصبح
لها منظر كالنار تحسب أنها اذا**** ضحكت في أوجه الناس تلفح )) .



#صباح_حزمي_الزهيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة الردود المفحمة .
- مقامة الثرثرة .
- مقامة الرفوف والقيود .
- مقامة الجدل .
- مقامة الأنجذاب الروحي .
- مقامة الكذب .
- مقامة المطر .
- مقامة العقل .
- مقامة الشر .
- مقامة الشماتة .
- مقامة الثقافة .
- مقامة اللاجدوى .
- مقامة السدى .
- مقامة الشجن .
- مقامة التنوير و التعدد .
- مقامة الوعر .
- مقامة لن أنجو .
- مقامة النوى .
- مقامة لبنان .
- مقامة بيبي .


المزيد.....




- -صُنع في السعودية-.. أحلام تروج لألبومها الجديد وتدعم نوال
- فنان مصري يرحب بتقديم شخصية الجولاني.. ويعترف بانضمامه للإخو ...
- منها لوحة -شيطانية- للملك تشارلز.. إليك أعمال ومواقف هزّت عا ...
- لافروف: 25 دولة تعرب عن اهتمامها بالمشاركة في مسابقة -إنترفي ...
- فنان مصري: نتنياهو ينوي غزو مصر
- بالصور| بيت المدى يقيم جلسة باسم المخرج الراحل -قيس الزبيدي- ...
- نصوص في الذاكرة.. الرواية المقامة -حديث عيسى بن هشام-
- -بندقية أبي-.. نضال وهوية عبر أجيال
- سربند حبيب حين ينهل من الطفولة وحكايات الجدة والمخيلة الكردي ...
- لِمَن تحت قدَميها جنان الرؤوف الرحيم


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة التسامي .