|
مناسبة العلوم والسلام والتنمية هي المنصة الأسمى والمدخل الأفضل لحل مشكلات بلداننا وشعوبنا اليوم
تيسير عبدالجبار الآلوسي
(Tayseer A. Al Alousi)
الحوار المتمدن-العدد: 8150 - 2024 / 11 / 3 - 18:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
— ألواح سومرية معاصرة في عقد السلام وعام السلام كانت هناك مناسبات لتعزيز السير باتجاه السلام وربط موضوعات أبرزها التوكيد على العلاقة بين العلوم والسلام والتنمية.. إذ كانت العلوم ومناهجها العقلانية طريقا وحيدة لتقديم الحلول والبدائل للتحديات التي تفرضها الصراعات والحروب بطريقة عنيفة وراديكالية خطيرة أودت بعالمنا لدمار وخراب بينما جاء العلاقة السامية بين العلوم والسلام لتؤكد مسار التنمية المستدامة وحل المشكلات والاستجابة لأسئلة الواقع ومطالب الإنسان وحاجاته ما يدرأ التوتر والتأزم ويؤكد مسار السلام بمعنى دفنا لتبني الجامعات والمعاهد ومراكز البحث العلمي بوصفها البيت الأول للعلماء وأدوارهم الإنسانية الأسمى وإذاكانت بلدان منطقتنا قد عصفت بها الحروب واختلقت كوارث جمة هي مصدر اشتعال آخر لتلك الحروب الراهنة والمستقبلية أيضا فإن الصائب الصحيح هو أن نتبنى العلم والعلماء ومناهج الإبداع والابتكار لتكون طريقا بهية للسلام ولعلي هنا أقدر عالياي أحد أبرز المشروعات التي ظهرت مؤخرا بمستوى عربي شرق أوسطي هيشبكة الإبداع والابتكار العربية في تطلع نحو مستقبل زاهر يحتضن العلم ومنجز العلماء بطريق السلام فهلا تنبهنا إلى أهمية هذه المناسبة الأممية وقدمنا مساهمتنا المهمة الكبيرة المؤملة؟؟؟ ***
العاشر من نوفمبر تشرين الثاني يوماً عالمياً للعلوم من أجل السلام والتنمية ***
مع مزيد التقدم وتعقيد تفاصيل الحياة المعاصرة بات العلم يحتل موقعاً أكثر أهمية ووضوحاً في لعب الدور الرئيس والأساس في تقديم الحلول لكل التحديات التي تجابه عالمنا وأخطرها تلك التي تفرضها وتوّلدها كوارث الحروب والصراعات المشتعلة.
إنَّ التساؤل المطروح علينا اليوم يكمن في الإجابة عن العلاقة بين العلم والسلام ومن ثمَّ التنمية؛ بخاصة مع تفاقم دور الخرافة في ميادين وأقاليم جغرافية واسعة وبين ملايين ممن أصابتهم الأمية الأبجدية و-أو الأمية الحضارية أو الجهل بها وبقيم التمدن والعقل العلمي..
وهنا تتفرع تساؤلات من قبيل كيف يكون العلم ومنتجوه من العلماء ومراكز البحث العلمي دعاة سلام وسبيلا إليه؟
ولأنَّ العلوم هي الوحيدة الكفيلة بالإجابة عن تلك التساؤلات، فإنّ المهمة القائمة على إيجاد الحلول للتحديات تتركز في الأولوية على التفاعل مع الضغوط التي تدفع نحو مزيد انتكاسات ناجمة عن أزمات الحروب والصراعات ومعالجتها قبل استفحالها أكثر وبهذا تكون العلوم قوة قادرة على لجم عنف الحروب وأفعالها التدميرية التخريبية ومن ثمّ صنع المستقبل بصنع فرص السلام فضاءً أفضل للتنمية ولتلبية الحاجات الإنسانية، وهي بالضرورة قائمة على فرضية تقليل التوترات وإنهاء أسباب الحروب..
ولابد من التذكير ولفت النظر إلى أن قضية إيجاد الحلول لكل التحديات لا تتحدد جغرافيا ببلد أو آخر ولكنها قضية تتسع وتتمدد نحو آفاق إقليمية وعالمية دولية في الأداء الذي يعالج إشكالية التنمية المستدامة. وعلى سبيل المثال فإنّ الاختلال بالحصص المائية ومن ثمّ شحّ المياه وندرتها كالذي يجابهه العراق يمثل مشكلة مركبة اقتصاديا سياسيا وربما سيدفع إذا ما تُرك بلا معالجة إلى الحرب كونه القضية تجمع بين وسائل التكنولوجيا الأحدث في استهلاك المتوافر وبين الحصة المائية التي ينبغي أن تصل من دول الجوار حيث تصبح المعالجة إقليمية وليست محلية محصورة بالحدود الوطنية للعراق.. والعلم وحده هو القادر على إيجاد الحلول والبدائل ومنع نشوب الحروب ومرادفاتها من أزمات معقدة وصراعاتها.. ومثل ذلك سنذكر مثال الغذاء سواء من جهة الزراعة أم من جهة أشكال الصناعات الغذائية وكيف يمكن حل تلك المعضلة ومنع تفاقمها بما يؤدي للحروب سواء في النموذج العراقي أم بنماذج أخرى مثل تلك المعضلة التي تجابه السودان على الرغم من أنها تشكل السلة الغذائية للمنطقة وللبلد لكنها اليوم بحروب داخلية ومرجعيات خارجية تظل بحاجة للعلوم المختلفة في معالجة ما تجابهه بالعقل العلمي لا بمنطق الخطابات الأخرى..
إذن العقل العلمي ومنهجيته (العلمية) حصرا هي السبيل لإحضار الحلول واستدعاء معالجاتها في مختلف الأزمات والحروب التي تجسد مصالح الأقاليم والبلدان ودول العالم ومصائر علاقاتها عندما يتعلق الأمر بالماء والغذاء ومصالح كل طرف فيهما..
وسيكون بالضرورة حال التهديد بتحويل التوترات والخلافات إلى صراعات عنيفة وحروب قائما يتحدى تحقق السلام من دون إشراك العلماء ومؤسساتهم من جامعات ومعاهد ومراكز بحث علمي باختلافها وتنوعها..
وأشدد ثانية على أنّ الافتقار إلى الموارد الكافية وإثارة الخلل البنيوي في الصناعة والزراعة ومسيرة التقدم الأشمل دفع لحروب وربما أشعلت من قبل ظواهر الغزو التي اتسعت لتتحول إلى الاستعمار في عصر لاحق ولتصير ما هي عليه اليوم، الأمر الذي ركّز عليه العلم بإنتاج موارد وتوفير فرص استهلاكها بتكنولوجيا أحدث ومن ثم توفير التنمية المستدامة التي أمكنها حل المعضل المسبِّب للحرب وتأكيد التحول بالعلوم إلى قوة معرفية تستطيع بصورة مباشرة وأخرى غير مباشرة في حماية الكرامة للجميع من دون الحاجة إلى اختلاق صراع أو آخر لكسب لقمة مغمَّسة بالدم!
لقد منع التقدم العلمي التكنولوجي الأحدث الحروب في أوروبا والدول المتقدمة على أساس توفيره تلك الخيرات ومجيئه بالحلول الأنجع التي تدرأ ما يشعل الحرائق ويبقي على أوارها..
وعليه سيبقى تركيز البشرية والمجتمع الإنساني بعموم بلدانه وشعوبه على تقديم الاهتمام بالعلوم والابتداع والابتكار هو سبيل تأمين(المناخ السلمي) وتطمين أسس السلام في عالم يشهد تفاقم النزاعات والصراعات وأسباب إشعال الحرائق والاضطرابات.
إنّ فكرة تشجيع الجامعات ومراكز البحث العلمي وأدبياته وتبني دعم العلماء وأصحاب العقول المبدعة القادرة على الابتكار والتجدد ليست مجرد مبدأ مختص بمعاني التشجيع المباشر والدعم والتبني وإنما هي أداة فعلية سامية للتصدي للتحديات والوصول إلى الاستقرار ومن هنا فإن شرقنا الأوسط وعالمنا وبين كل تلك الجغرافيا المتسعة لعالمنا المعاصر أشير بالضرورة إلى بلد كالعراق ومثيلاته من بلدان المنطقة التي عاشت لردح كبير من الزمن بحروب وصراعات أنهكت القوى ووضعت الشعوب بحال من الإفقار بدل استثمار الثروات ودفعت نحو توالد أسباب الحروب أقول لابد اليوم من الالتفات والاستدارة نحو استعادة احترام مكانة العلم والمعلم ومكانته والارتقاء بدور العلوم ونهج الإبداع والابتكار ليكون سببا أدعى لتبني طريق السلام ومنع الحروب والتوجه لتحقيق تطلعات البشرية وشعوبنا في خيار السلام والتنمية..
ولأن الأمم المتحدة أدركت تلك الحقيقة كان عام السلام وعقد السلام وأسبوع يختص بالعلم والسلام وكان خيار العاشر من نوفمبر تشرين الثاني الذي بدأ عام 1986 ليكون يوما عالميا للعلوم نطوعها سبيلا من أجل السلام والتنمية ليتحول بقرار أممي في العالم 1988 إلى أسبوع دولي للعلم والسلام..
والإشارة لتطويع العلوم والمعارف في دروب صنع السلام إنما يجمع بين العلوم ذاتها وبين (القيم) أو المنظومة القيمية الأخلاقية التي تُعلي الكرامة الإنسانية وتؤكد المساواة والحقوق بما يلبي خدمة أنسنة وجودنا وسلامة العيش الحر الكريم فيه..
ولنتذكر أن الربط بين العلم والمنظومة القيمية الأسمى للإنسانية لن تمر من مجرد مؤسسات جوهرها مبنى ضخم وربح مادي من الأداء العلمي بل يتأتى من روح المنجز العلمي ومساره ودور منجزه القيمي في الوجود الإنساني ما يقتضي الاهتمام أيضا باستكمال تلك المؤسسات الأكاديمية العلمية بالروابط المهنية التي تتبنى الأعضاء واحترام مكانهم ومكانتهم والدفاع عن منظوماتهم القيمية السامية لتبني الربط بين التقدم العلمي التكنولوجي وبين صيانة السلم والأمن محليا أمميا.
إن حرية العلم والعلماء في البحث العلمي وتبني أفضل وسائل تبادل المعلومات بينهم ومد جسور التعاون بمستويات دولية حرة سيكون هو أحد مسارات أو معاني اليوم الدولي للعلوم والسلام وستبقى المبادرات ربما المحلية جزئية بنيوية في هذا الخيار الأممي ولعلي أذكر هنا مبادرة إقليمية بمستوى بلدان العربية شرق الأوسطية عبر المؤسسة العربية للإبداع والابتكار بوصفها أحد أركان المهمة المعنية بالعلم والعلماء وبتحقيق الدور الأبرز لبناء السلام والتنمية..
إننا مطالبون اليوم أكثر مما مضى بتعزيز تلك المبادرات الكبيرة في الاهتمام بالوعي الأعمق والأشمل في تبني جسور الربط بين العلم والسلام في أوسع جمهور من أبناء المنطقة وشعوبها والوفاء بتحقيق السلام والرخاء والرفاه عبر خلق فضاء السلام بديلا للحروب وهو الأمر المتاح فقط عبر زيادة مشاركات مجتمعية في هذا وولوج دروب التفاهم الدولي إقليميا دوليا بما يتيح التعاون ونزع فتيل ما يثير الصراعات المأزومة الكارثية التي آذت بل دمرت وخربت بما ينبغي أن نقول له كفى عبر مهمتنا في تأكيد معاني احتفالية اليوم.
المقال في موقعي الفرعي بالحوار المتمدن
وثائق أممية اليوم العالمي للعلوم من أجل السلام والتنمية (UNESCO 31 C/Resolution 20)
10 تشرين الثاني/نوفمبر
#تيسير_عبدالجبار_الآلوسي (هاشتاغ)
Tayseer_A._Al_Alousi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أقرع نواقيس الانذار ربما المتأخر بعد أن فاتنا أوان حماية بيئ
...
-
ما المهمة المؤملة عراقيا في ظل الحملات الوحشية التي لا ترعوي
...
-
في الأسبوع العالمي لنزع الأسلحة: نزع سلاح الميليشيات مقدمة ل
...
-
اليوم العالمي للأمم المتحدة تجسيد للوحدة الإنسانية وإعلاء لق
...
-
طلبة العراق يواجهون أشكال الامتهان والابتزاز والتمييز
-
العراق بين ثرواته وأسباب إفقار شعبه!؟
-
ما هي التأثيرات المتبادلة بين الانتخابات الكوردستانية والبيئ
...
-
كوردستان تنتخب فليعلو صوت الديموقراطية بأروع التزام باللوائح
...
-
كل التضامن مع شعب لبنان مع كامل الجهود لوقف الحرب ومعالجة آث
...
-
دولة المواطنة: هل هي الخلاص لبلدان الشرق الأوسط؟
-
قرارات تجحف بحق الطلبة وتثير الالتباس وتهدد مستقبلهم
-
الثقافة والقانون وأسس الارتباط البنيوي العضوي بينهما
-
هل يصح أن تلغي الأغلبية الحزبية الأغلبية الديموغرافية وتصادر
...
-
بمناسبة يوم النخلة العراقية في14 آب أغسطس
-
على مشارف العقد العاشرمن عمر الصحافة اليسارية في العراق
-
لماذا نريد يوما عربيا للإبداع والابتكار؟
-
الإبداع والابتكار الأخضر ودوره في حركة التقدم عالمياً
-
في اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص ما استعداداتنا لمج
...
-
اليوم العالمي للعدالة الدولية وما يُرتكب من جرائم بحق شعوب ا
...
-
الرابع عشر من تموز ورمزية إحياء الاحتفال بذكرى تأسيس الجمهور
...
المزيد.....
-
أمريكا تنتقد -عنف- المستوطنين في الضفة الغربية: -العقوبات مم
...
-
-انتحر أحدهم اليوم لدى استدعائه إلى الخدمة-.. من هم -الجنود
...
-
شولتس يدعو دول الناتو لتوريد الأسلحة التي وعدت بها لأوكرانيا
...
-
مصادر عبرية أكدت موعد الهجوم في 1 أكتوبر تحذر من هجوم إيراني
...
-
مسيرة للمثليين في بوينوس آيرس تظاهر المشاركون فيها ضد سياسات
...
-
إسرائيل تؤكد قصف مقر استخبارات حزب الله في سوريا!
-
وزير الدفاع الإسرائيلي يصادق على إصدار 7000 أمر إضافي لتجنيد
...
-
تقرير عبري: تم تحذير مكتب نتنياهو بشأن توظيف المستشار اليعاز
...
-
رئيس وزراء إثيوبيا يستقبل مسؤولا إماراتيا رفيعا
-
المعارضة الجورجية تطالب بإجراء انتخابات جديدة وتتوعد بمظاهرا
...
المزيد.....
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
المزيد.....
|