الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024: الولايات المتأرجحة ومعادلة الفوز

إسلام موسى

الحوار المتمدن-العدد: 8150 - 2024 / 11 / 3 - 09:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

أولًا: النظام الانتخابي الأمريكي

يقوم مواطني الولايات المتحدة الأمريكية سواء داخلها أو خارجها بالتصويت كل أربع سنوات لاختيار رئيس ونائب له. حيث تقوم الأحزاب السياسية الكبرى داخل الولايات المتحدة وعلى رأسها الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري بترشيح ممثلًا واحدًا عنها في الانتخابات الرئاسية على المستوي الوطني، والذي بدوره يختار نائبًا له، وتأتي تلك الخطوة بعد سلسلة طويلة من الانتخابات التمهيدية الداخلية داخل كل حزب بين عدد من المتقدمين لنيل شرف تمثيل الحزب في الانتخابات الرئاسية.

حيث يتنافس المتقدمون داخل الحزب الواحد في المراحل الأولى على أصوات ناخبين الحزب الممثلين في الأعضاء العاملين لكل حزب، وبناءً على نتائج الأصوات التي ينالوها من هؤلاء الناخبين يحصلون على عدد من المندوبين المؤيدين لهم في شكل تمثيل نسبي مئوي مساوي لما حصلوا عليه من أصوات الناخبين، ولكي يفوز متقدم ما بترشيح حزبه للانتخابات الرئاسية الوطنية عليه أن يحصل على أغلبية (50+1) أصوات مندوبي حزبه في الخمسين ولاية أمريكية وذلك في طور الانعقاد الأخير للمؤتمر العام للحزب علي المستوي الوطني، وتلك الأصوات النهائية للمندوبين تُحدد بناء على التصويت الكلي الأخير لأعضاء الحزب الذين لهم حق التصويت، فالمندوبون هم مجرد تمثيل نسبي لأصوات الناخبين الكلية، وملتزمون بما اختاره الناخبون داخل الحزب.

تجرى الانتخابات الرئاسية الأمريكية يوم الثلاثاء الأول الذي يلي أول اثنين من شهر نوفمبر، ويتنافس المرشحان الرئيسيان من كل حزب للفوز بأصوات المجمع الانتخابي، حيث يحصل المرشح الذي يفوز بأغلبية الأصوات في كل ولاية على جميع أصوات المجمع الانتخابي لتلك الولاية، باستثناء ولايتين هما نبراسكا وماين. في هاتين الولايتين يتم توزيع الأصوات بنظام نسبي يعتمد على نتائج التصويت في كل دائرة انتخابية، مما يتيح إمكانية تقسيم الأصوات بين المرشحين. يحدد عدد أصوات المجمع الانتخابي لكل ولاية وفقاً لعدد سكانها، ويبلغ المجموع الكلي للأصوات 538 صوتًا على المستوي الوطني للخمسين ولاية، ويتطلب الفوز بالرئاسة الحصول على الحد الأدنى من أغلبية الأصوات المقدر بـ 270 صوتًا.

يعني هذا النظام أن الفوز في بعض الولايات الحاسمة يمكن أن يحدد الفائز بالرئاسة، نظرًا لثقلها الانتخابي، على سبيل المثال، كان للفوز بولايات مثل فلوريدا وأوهايو دور حاسم في انتخابات 2016، مما ساعد دونالد ترامب على الفوز في الانتخابات، رغم عدم حصوله على الأغلبية المطلقة من أصوات الناخبين.


ثانيًا: انتخابات الرئاسة 2016: ترامب وكلينتون

أقيمت الانتخابات الرئاسية الأمريكية في الثامن من نوفمبر من عام 2016م، كانت استطلاعات الرأي المختلفة قبل موعد اجراء الانتخابات تشير إلى تقدم المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون على المرشح الجمهوري دونالد ترامب بفارق بسيط في بعض الولايات وبفارق متوسط في بعض الولايات الأخرى. لكن مع الأسابيع الأخيرة ارتفعت بشكل ما أسهم ترامب في عدد من الولايات المتأرجحة.

فاز ترامب بأصوات المجمع الانتخابي بـ 306 صوتًا مقابل 232 صوتًا لكلينتون، رغم خسارته في التصويت الشعبي، فقد حصل على ما يقرب من 62.9 مليون صوت، بينما حصلت كلينتون على حوالي 65.8 مليون صوت. فقد رجحت عدد من الولايات المتأرجحة من كفة ترامب في حصد نقاطها كاملة، فحصل على أغلبية الأصوات في ولاية بنسلفانيا بفارق بسيط عن كلينتون، أما في ولاية ميشيغان فحقق ترامب فوزًا بفارق ضئيل للغاية حيث حصد 47.5 من أصوات الولاية بينما حصدت كلينتون 47.3 من الأصوات، وفي ولاية ويسكونسن نجح ترامب في الحصول على أغلبية طفيفة متفوقًا على منافسته، أما ولايتي أوهايو وفلوريدا فقد تمكن من حسمهم بفارق مريح.


ثالثًا: انتخابات الرئاسة 2020: بايدن وترامب

أجريت الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2020 في الثالث من نوفمبر من نفس العام، فقد أشارت معظم استطلاعات الرأي التي سبقت العملية الانتخابية بشهور الي تقدم جو بايدن المرشح الديمقراطي على نظيره الجمهوري بفارق كبير على مستوي الأصوات الشعبية، لكن كانت هنالك توقعات من إمكانية حدوث تحول على مستوي الولايات الحاسمة.

رجحت خمس ولايات حاسمة كفة بايدن في انتخابات 2020 وجعلته يحسم السباق الرئاسي، وهي ولايات ( بنسلفانيا، وميشيغان، وويسكونسن، وأريزونا، وجورجيا) وتلك الولايات قد حسمها ترامب في معركته مع كلينتون في 2016، لكنه خسرها أمام بايدن، فقد حسم بايدن ولايتي ويسكونسن وأريزونا بفارق ضئيل للغاية، حيث حصل على 49.6% من الأصوات مقابل 48.9% لترامب، بينما في أريزونا حصل بايدن علي 49.4% مقابل 49.1%.

وقد شهد عام 2020م زيادة في أعداد الناخبين الذين صوتوا مبكرًا أو عبر البريد بسبب جائحة كوفيد-19، مما أثر على نتائج الانتخابات، كما شهدت عدد من الولايات الأمريكية تغيرات ديمغرافية من حيث الرغبة التصويتية فقد قام الكثير من من الطبقات العاملة، والشباب، والأقليات بتغيير أصواتهم لصالح بايدن، ليفوز بايدن في النهاية بأغلبية أصوات المجمع الانتخابي بـ 306 صوت مقابل 232 لترامب.


رابعًا: الولايات المتأرجحة ومعادلة الفوز في انتخابات 2024

تتفق معظم استطلاعات الرأي داخل الولايات المتحدة حتى هذه اللحظة أن عدد الولايات المتأرجحة الحاسمة للسباق الرئاسي الأمريكي هي سبع ولايات وهي كالآتي ( بنسلفانيا، وميشيغان، وويسكونسن، وأريزونا، وجورجيا، ونورث كارولينا، ونيفادا)، وذلك بسبب الفارق الضئيل في نسب استطلاعات الرأي التي أجريت في تلك الولايات بين المرشح الجمهوري دونالد ترامب، والمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، لكني سأستبعد ولايتي نورث كارولينا ونيفادا من الحسابات الحاسمة لهذه الانتخابات بناءًا على التصويت السابق لهاتين الولايتين في أخر استحقاقين انتخابيين كان ترامب حاضرًا فيهما، في 2016، و 2020 حيث صوتت ولاية نورث كارولينا الي دونالد ترامب بشكل متتالي في 2016 و 2020، لذا أعتقد أن تلك الولاية ستميل أيضاً للمرشح الجمهوري دونالد ترامب في 2024، أما ولاية نيفادا فصوتت بشكل متكرر لصالح المرشحين الديمقراطيين كلينتون في 2016، وبايدن في 2020، لذا سأرجح تصويتها للمرشحة الديمقراطية هاريس كمالا هذه المرة أيضًا. وسأركز على الخمس الولايات المتبقيات التي رجحت كفة ترامب في 2016 وعادت ورجحت خصمه بايدن في 2020.

ولحساب فرص كل مرشح في الفوز بالانتخابات القادمة التي سوف تجري في الخامس من نوفمبر من هذا العام بناءًا على تلك الولايات الخمس، يجب علينا ذكر الأصوات المخصصة لكلٍ منهما في المجمع الانتخابي، فولاية بنسلفانيا تمتلك 19 صوتًا، وجورجيا 16 صوتًا، وميشيغان 15 صوتًا، وأريزونا 11 صوتًا، وويسكونسن 10 أصوات. إذا حسبنا أصوات استطلاعات الرأي الحالية زائد إضافة ولاية نورث كارولينا لترامب ونيفادا لكمالا هاريس، ستكون الأصوات كالآتي 235 صوتًا لترامب ويتبقى له 35 صوتًا للفوز، أما كمالا هاريس فلديها 232 صوتًا ويتبقى لها 38 صوتًا للفوز.

المرشح الجمهوري دونالد ترامب لديه خمس سيناريوهات للوصول للحد الأدني لعتبة غالبية الأصوات والفوز بالانتخابات، وسيناريو وحيد للتعادل في الأصوات الانتخابية، سيناريوهات الفوز الخمس هي كالآتي: السيناريو الأول هو الفوز بولاية بنسلفانيا وولاية جورجيا، السيناريو الثاني الفوز ببنسلفانيا بالإضافة لأي ولايتين اثنتين أخريتين، السيناريو الثالث الفوز بجورجيا وميشيغان وأى ولاية إضافية ثالثة، السيناريو الرابع الفوز بجورجيا وأريزونا وويسكونسن، السيناريو الخامس الفوز بميشيغان وأريزونا وويسكونسن، كل هذه السيناريوهات الخمس ستجعل ترامب يحصل على الحد الأدنى بالضبط أو وأكثر بقليل لعتبة الفوز بالانتخابات وهي 270 صوت، أما السيناريو الوحيد للتعادل في الأصوات الانتخابية هو فوز ترامب بولايتي بنسلفانيا وميشيغان فقط، حينها سيصل إلى نصف النقاط المقدر ب 269 صوت.

أما المرشحة الديمقراطية كاملا هاريس فلديها أربع سيناريوهات فقط للوصول للحد الأدنى لعتبة غالبية الأصوات والفوز بالانتخابات، وسيناريو وحيد أيضاً للتعادل في الأصوات الانتخابية، والسيناريوهات الأربع هي كالآتي: السيناريو الأول هو الفوز ببنسلفانيا وجورجيا معاً زائد أي ولاية ثالثة، والسيناريو الثاني الفوز ببنسلفانيا وميشيغان وأى ولاية ثالثة، أما السيناريو الثالث فهو الفوز ببنسلفانيا وأريزونا وويسكونسن معًا، أما السيناريو الرابع والأخير للفوز بالنسبة لهاريس فهو الفوز بولاية جورجيا وولاية ميشيغان زائد أي ولاية ثالثة، تلك السيناريوهات الأربع سيمكنون هاريس من تجاوز عتبة الـ 270 صوت اللازمة للفوز. أما السيناريو الوحيد للتعادل في الأصوات والحصول على 269 صوت انتخابي فهو الفوز بولاية جورجيا وولاية أريزونا وولاية ويسكونسن مجتمعين.

في حالة حدوث تعادل بين اثنين من المرشحين في الانتخابات الرئاسية الأمريكية وحصول كل منهما على 269 صوتًا انتخابيًا، يتم اللجوء إلى مجلس النواب لحسم النتيجة، وذلك وفقًا للدستور الأمريكي، حيث يتولى مجلس النواب التصويت لاختيار الرئيس. حيث يصوت كل وفد من الولايات وليس كل عضو فردي. مما يعني أن كل ولاية تحصل علي صوت واحد فقط. ويتم التصويت بين الوفود البالغ عددها خمسين وفدًا ممثلين عن خمسين ولاية، ويتطلب الفوز بمنصب الرئيس الحصول على 26 صوت وهي أغلبية الأصوات. أما عملية اختيار نائب للرئيس في حالة تعادل أصوات المجمع الانتخابي فهي مختلفة عن إجراءات اختيار الرئيس، فاختيار نائب الرئيس يتم من خلال تصويت أعضاء مجلس الشيوخ البالغ عددهم 100 عضو الذين يقومون بدورهم باختيار نائب للرئيس من بين النواب المتعادلين، حيث يتطلب الفوز بمنصب نائب الرئيس الحصول على الأغلبية المطلقة من الأصوات والتي تساوي 51 صوت من أصوات أعضاء المجلس. وهذا الشكل من التصويت في حالة التعادل على مستوى منصبي الرئيس ونائب الرئيس قد ينتج عنه اختيار رئيس ونائب من نفس الحزب أو اختيار رئيس من حزب ونائبًا له من حزب أخر، مما سيشكل تحديًا كبيرًا في كيفية التعاون بينهما في حالة حدوث السيناريو الثاني.

#إسلام_موسى (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات