مختار سعد شحاته
الحوار المتمدن-العدد: 8149 - 2024 / 11 / 2 - 22:15
المحور:
الادب والفن
مدّ الله يده نحوي، كنت غارقًا في حسابات شهري الجديد، وفواتير مؤجلة السداد، وفائدة بنك عمري التي تتراكم بالديون، قال: لا تخف!! فانتبهت، حاولت الابتسام، ونفض غبار البناية التي انهارت في الجوار، ومسح خيط الدم النازف على وجهي، فقال: ابتسم، منذ زمن لم تبتسم أيها الإنسان!
شفتي التي رفعتها إلى أعلى، سقطت من جديد، والكلام الذي انحشر في حنجرتي سال على ذقني، إلا السؤال: منذ متى لم ير الله إنسانٌ؟!
خطونا معًا فوق جثث مقطعة تناثرت حولي، ثم قال: اليوم أعيد خلق هؤلاء من جديد، خالصين من الفصائل وإرهاب القنابل، وصوت الصواريخ، اليوم أعيد تشكيلهم من جديد، ثم ابتسم...
ما أجمل ابتسام الله!
جمعنا الأشلاء، إلا جثة، ترفض أن تلتئم قبل معرفة أسباب الانشطار؟ ولماذا على جثة أخرى فيها رمق، أن تنتظر؟! وما دام الفقراء أمام فوهات البنادق سواسية، فلماذا لا نموت وننتهي من العذاب؟!
فجأة؛ جثةٌ مغبّرةٌ ومقطّعة صرخت: لماذا يخوننا النفطُ يا الله؟! لماذا يعجب العالم الأبيض طابور الجثث البيضاء؟!
يا ربّ أنا اكتفيت اليوم من القنابل، والصواريخ، والمجنزرات، والمسيرات، وقناصة السطوح، وعنترة الملثمين الفارغة، اكتفيت من الموت يا رب، اليوم أحلم لو أعيش!!
يبتلع الغبارُ صدى الصراخ، ويمتص لعب الأطفال، وأنا في يد الله، نسير بين الحطام.
#مختار_سعد_شحاته (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟