أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الردود المفحمة .














المزيد.....


مقامة الردود المفحمة .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8149 - 2024 / 11 / 2 - 10:44
المحور: الادب والفن
    


مقامة الردود المفحمة :

أن الدفاع عن النفس بواسطة الكلام يكون أفضل بكثير من الدفاع عن النفس من خلال الضرب والمشاجرات , ويكون الرد القوي المهذب اقوى تأثيرا في الطرف الآخر , ما يجعله يستحي ويعرف مقدار نفسه , حينما يتصرف لغرض الاستهزاء , فحينما سُئلت الكاتبة الانكليزية أجاثا كريستي عن السبب الذي من أجله تزوجت واحدا من رجال الآثار ردت قائلة : لأني كلما كبرت زدت قيمة عنده , وقد أحرج رجلٌ امرأةً سمينة حينما ركبت الباص , فقال متهكما: لم اعلم ان هذه السيارة مخصصة للفيلة , فردت الامرأة قائلة : لا يا سيدي هذه السيارة كسفينة نوح تركبها الفيلة و(الحمير) ايضا , ولا ننسى ان ما يزيد جمالية الخطاب وسرعة الرد هو اخلاق المتحدث , فليس محبباً ان يعمد الانسان الى نفي قيم الآخرين , وتشويه صورهم .

لا بد ان يبتعد العاقل عن إحراج الناس من أجل اسكاتهم واعجازهم , والا كثرت المشادات وازدادت المشاحنات , ما يؤدي الى التباغض والتدابر بين الناس , كما ان العرب استعملوا فن الرد بما يعدُ دفاعا عن النفس , وذلك حينما يتعرض المرء الى موقفٍ استفزازيٍ , فلا يرى سبيلا سوى اسكات الخصم بكلام بليغ موجز يكون اشد تأثيرا على نفس الآخر من الضرب والأذى الجسدي , وكما حصل مع المتنبي حينما اراد احدهم الاستهزاء به والتقليل من شأنه حينما لقيه فقال له : ((لما رأيتكَ من بعيد ظننتك امرأة )) , فرد عليه المتنبي بكلام اقوى وأشد معنىً : ((وانا لما رأيتك من بعيد ظننتك رجلا )) , فاسكتَ الرجل واوقعه فيما اراد ان يوقع به المتنبي , وقد تناول احد الرجال وجبة عند احد الأُمراء وكان يأكل بشراهة فقال له الأميرُ: (( ما لكَ تأكل الخروفَ كأن أُمه نطحتك؟)) , فرد الرجل قائلا : (( وما لكَ تُشفق عليه كأن أُمه ارضعتك؟ )).

تعد الفصاحة وسرعة البديهة من الأركانِ المهمة للثقافة العربية , فقد كانت العرب قديما تُثني على الرجل لفصاحة لسانه وسرعة بديهته , حيث إنه بهذه الامور يصبح ذا قدرة فائقة على التركيز والتفكير العميق , كما انه يستطيع عن طريق هذه المَلكة تجاوز اي موقفٍ صعبٍ ومحرجٍ , كما ان براعة اللسانِ وحكمته تُخلص المرء من امورٍ كثيرةٍ لا يرغب بها , كالنقاش الحاد الذي لا يود الإكمال فيه , او الحديث الذي لا يرى منه طائلا , وقد استعمل العرب قديما هذه الموهبة في مناظراتهم التي كانوا يقيمونها عندما يتحدى اثنانٍ فيبرز ويشتهر صاحب الرد الأقوى ليُصْمِت الطرف الآخر ويعجزه , وقد يحدث لغرض التهكم والمزاح على سبيل الظرافة والطرفة , كما حصل بين احمد شوقي وحافظ ابراهيم في احد مجالس السمر, حينما احبا ان يتبارزا في الشعر, فقال حافظ : (( يقولون إنّ الشوقَ نارٌ وحرقةٌ ...فما بال شوقي أصبح بارداً)) , فرد عليه شوقي بتوقد ذهنٍ وبديهة قائلاً : (( استودعتُ إنساناً وكلباً أمانةً ...فضيعها الإنسان والكلبُ حافظ )) , فكان شوقي أقوى وأبلغ رداً من صاحبه.

تعجبني قصص سرعة البديهة , وتعرف البديهة في اللغة على أنّها السّداد في الرّأي عند المفاجأة , والإنسان صاحب البديهة هو الذي يفهم ما يُقال له من المرة الأولى , وسرعة البديهة هي سرعة الشّخص في التّفكير والإدراك , وعموماً هي صفة اشتهر بها العرب وتاريخنا حافل بنوادرها اخترت منها : (( وقف أعرابي معوج الفم أمام أحد الولاة فألقى عليه قصيدة في الثناء عليه التماساً لمكافأة , ولكن الوالي لم يعطه شيئاً وسأله : ما بال فمك معوجاً ؟ فرد الشاعر: لعله عقوبة من الله لكثرة الثناء بالباطل على بعض الناس )) , وحين رمى الخليفة العباسي المتوكل عصفوراً فلم يصبه , قال وزيره : أحسنت , فرد الخليفة : أتهزأ بي؟ قال الوزير: لقد أحسنت إلى العصفور حينما تركت له فرصة للحياة .

من فنون الرد وسرعة البديهة : عندما التقى الجاحظ بامرأة قبيحة في أحد حوانيت بغداد قال : (( وإذا الوحوش حُشرت )) , فنظرت إليه المرأة وقالت : (( وضرب لنا مثلاً ونسي خلقه )) , وحين أقبل جُحا على قرية فنادى عليه أحد أفرادها قائلاً : (( لم أعرفك يا جحا إلا بحمارك )) , فقال له جحا : (( الحمير تعرف بعضها )) , و رأى رجل امرأة فقال لها : كم أنت جميلة , فقالت لهُ : ليتكَ جميل لأُبادلكَ نفس الكلام , فقال لها الرجل : لا بأس اكذبي كما كذبتُ , وقال كاتب مغرور لبرناردشو : أنا أفضل منك فإنك تكتب بحثا عن المال وأنا اكتب بحثا عن الشرف , فقال له برناردشو على الفور : صدقت , كل منا يبحث عما ينقصه , قال رجل لامرأة : لماذا خلقت النساء في غاية في الجمال وفي غاية الغباء؟
فقالت المراة: في غاية الجمال من أجل أن تحبوهن , وفي غاية الغباء من أجل أن يحبوكم .



#صباح_حزمي_الزهيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة الثرثرة .
- مقامة الرفوف والقيود .
- مقامة الجدل .
- مقامة الأنجذاب الروحي .
- مقامة الكذب .
- مقامة المطر .
- مقامة العقل .
- مقامة الشر .
- مقامة الشماتة .
- مقامة الثقافة .
- مقامة اللاجدوى .
- مقامة السدى .
- مقامة الشجن .
- مقامة التنوير و التعدد .
- مقامة الوعر .
- مقامة لن أنجو .
- مقامة النوى .
- مقامة لبنان .
- مقامة بيبي .
- مقامة الرقية .


المزيد.....




- الحكومة الأوكرانية تلزم ضباط الجيش والمخابرات بالتحدث باللغة ...
- تناغمٌ بدائيٌّ بوحشيتِه
- روائية -تقسيم الهند- البريطانية.. وفاة الكاتبة الباكستانية ب ...
- -مهرج قتل نصف الشعب-.. غضب وسخرية واسعة بعد ظهور جونسون في ...
- الجزائر تعلن العفو عن 2471 محبوسا بينهم فنانات
- أفلام كوميدية تستحق المشاهدة قبل نهاية 2024
- -صُنع في السعودية-.. أحلام تروج لألبومها الجديد وتدعم نوال
- فنان مصري يرحب بتقديم شخصية الجولاني.. ويعترف بانضمامه للإخو ...
- منها لوحة -شيطانية- للملك تشارلز.. إليك أعمال ومواقف هزّت عا ...
- لافروف: 25 دولة تعرب عن اهتمامها بالمشاركة في مسابقة -إنترفي ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الردود المفحمة .