|
البرغي / قصة
بوجمعة الدنداني
الحوار المتمدن-العدد: 8148 - 2024 / 11 / 1 - 21:57
المحور:
الادب والفن
البرغي قصة تطلب الامر منّي ثلاثة أيام بحثا في قوقل ولمدة ساعة فقط في اليوم وسؤالا وجهته الى بعض الاصدقاء اين يقيم القاضي فرحات. لم تتأخر الإجابة عرفت مكان اقامته الرسمية وعرفت كذلك الاقامات الثانوية التي حصل عليها من السلطة او ممن استفادوا من احكامه. وصلتني تفاصيل كثيرة، لا تعنيني، عن حياته الجنسية وطفولته ودراسته وتحيله على رفاقه. الخصلة الوحيدة التي أكدوا عليها انه كان محراث دراسة. لمدة يومين وانا اراقب خروجه ودخوله زوجته أبناؤه امه ابوه. هو لم يتجاوز الأربعين وانا الان في السبعين. بيننا ثلاثون سنة. عندما وقفت امامه لم يسألني ولم يتركني اتكلم قال وباستغراب الجميع خمس سنوات سجنا صحت ماهي التهمة؟ قال وهو يطوي الأوراق ودون ان ينظر الي، اسال محاميك. سحب من درج مكتبه مفتاحا سلمه الى عون الامن وقال له خذه الى السجن. قال لي المحامي مقالك اثار السلطة عليك، انت صدقت أنك في بلد حر وديمقراطي. عرفت الان منزله وكل المداخل المؤدية اليه وعرفت كذلك مدرسة ابنته وابنه ومقر عمل زوجته وأمه التي تعيش معه وتخرج الى السوق تتهنكر في مشيتها ولا ترد على من يحييها، ووالده ما بين التاسعة والعاشرة صباحا يتمدد على الشازلونق وتضع الخادمة قهوته على طاولة صغيرة امامه ويمسك بالجريدة ويرشق الغليون بين شفتيه ويشعله بتؤدة، واضح انه مبسوط وسعيد في هذه الفيلا الكبيرة وهذه الحديقة الواسعة والمشجرة بأشجار السرو واللوز والخوخ واحواض النعناع. يقول لابنه احواض النعناع اختصاصي أحب الريح الطيبة لا أحد يقترب منها. مع العاشرة تفتح الخادمة الباب تدخل سيارة ليموزين الى حدود الباب الجانبي للمنزل حيث المطبخ وينزل شاب منها شكائر البطاطا والفلفل والطماطم والغلال الموسمية. له بنت وولد وسيارة إدارية تنقلهما الى المدرسة وتعيدهما الى البيت. لا يلعبان في الشارع. انقطاع كامل. شرطي يراقب المنزل من بعيد. من الطوار المقابل، تراه يمشي كأنه يتجول ملّ من مهنته يقف مع صاحب المغازة او يجلس على كرسي مواجها لمنزل القاضي. دائما يتأفف قال مرة في سره حياة كلاب. لا أحد سمع ولا أحد فهم ولا أحد علق. في حدود الواحدة تقف الخادمة امام الباب وتنده عليه يا.. يا ..فيفهم انه المعني وانه حان وقت الغداء .فيقف متثاقلا . رددها أكثر من مرة حياة كلاب. لا أحد فهم ولا أحد سمع ولا أحد علق. كان اليوم باردا ارتديت معطفي وضعت المسدس في جيبي الداخلي احصيتها واعدت احصاءها أكثر من عشرين مرة ست رصاصات. كنت مرتبكا. القتل ليس مهنتي، مهنتي القلم الم يقل البعض للقلم فوهة بندقية. بدأت امشي باتجاه منزل القاضي فرحات. يتعللون بان الخطأ بشري ليكن وإذا ما تعمدوا الخطأ، خطا مقصود تنتفي عنه الحصانة. ان تحاكم انسانا من اجل فكرة هو خطا مقصود. ربما كل هذا الجهاز الذي تحرك، من شرطة ونيابة وقضاء، لم يكن يقصدك انت وانما الفكرة، اقلقته الفكرة فهاجمها فاعترضته انت لأنك التبست بالفكرة او لبست الفكرة. لم تكن انت المقصود. توقفت عن السير. لقد اخطؤوا فهل تخطيء انت. ترددت تراجعت تظللت بشجرة ضخمة. فكرت. هل يستطيع القاضي ان يقول لا صرخ صوت من داخلي نعم يستطيع بل من واجبه ان يرفض هو محرار العدالة. وصلت امام باب الدار لحظات ويخرج تأخر قليلا ولكنه سيخرج. إذا كانوا قتلة فهل ستتحول انت الى قاتل. أقلقني التفكير وبدا ينتابني التردد. إذا كان ذلك هو الطريق الوحيد لانتصار الفكرة ليكن ولأتحول الى قاتل من اجل فكرة تنقذ الاف الأفكار. رايته قادما من بعيد سيصعد في السيارة، فتح الباب تقدمت بوجه مكشوف الى الداخل، نزل من السيارة توجه نحوي بكل ثقة، وقفت وقف قلت له _هل تذكرني _لا قلت كنا اشباحا لا علاقة لنا بجنس البشر، رقم في ملف، اسم لا يعنيك، صفة لا تهمك، المهم ان أخلي المكان انا فلان. حرك شفتيه تعبيرا عن عدم الاكتراث قلت حكمت علي بخمس سنوات سجنا قال لا اذكر ماذا تريد الان قلت انا اعرف انها منظومة كاملة خربانة ولكن لابد لبرغي ما في هذه المنظومة ان يدفع لعل باقي البراغي تدرك خطورة ما تقوم به. سحبت المسدس، أطلقت النار، افرغت فيه الست طلقات. كأنه كان ينتظرني من زمان. كانت طلقات التشفي والحقد والحرية أيضا. لم اقتل فرحات قتلت القاضي. ظلت الرصاصات تصرخ بقوة وهي تخترق جسده. التفت لم ار أحدا يهب لنجدته. تماما كالبرغي الذي أصابه الصدأ ولم يعد يصلح لشيء.
#بوجمعة_الدنداني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قتل القومية العربية
-
الدولة المتدينة
-
اللعين مسرحية
-
الوجه والقفا: قراءة أخرى بعد خمس سنوات عجاف في حكم سعيد
-
الشعب العربي بين الجدار العازل والتهجير القسري
المزيد.....
-
مسلسل ليلى الحلقة 14 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
فنانة مصرية تصدم الجمهور بعد عمليات تجميل غيرت ملامحها
-
شاهد.. جولة في منزل شارلي شابلن في ذكرى وفاة عبقري السينما ا
...
-
منعها الاحتلال من السفر لليبيا.. فلسطينية تتوّج بجائزة صحفية
...
-
ليلة رأس السنة.. التلفزيون الروسي يعرض نسخة مرممة للفيلم الك
...
-
حكاية امرأة عصفت بها الحياة
-
زكريا تامر.. حداد سوري صهر الكلمات بنار الثورة
-
أكتبُ إليكِ -قصيدة نثر-
-
تجنيد قهري
-
المنتدى الثقافي العربي ضيف الفنانة بان الحلي
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|