أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم عبدالله - في العيون الزرقاء: عذابات الكائنات في زمن بلا ضمير قراءة نقدية تحليلية في قصيدة : اخفضْ عينيكَ – للشاعرة : سونيا عبد اللطيف – تونس . بقلم : كريم عبدالله – العراق .















المزيد.....


في العيون الزرقاء: عذابات الكائنات في زمن بلا ضمير قراءة نقدية تحليلية في قصيدة : اخفضْ عينيكَ – للشاعرة : سونيا عبد اللطيف – تونس . بقلم : كريم عبدالله – العراق .


كريم عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 8148 - 2024 / 11 / 1 - 18:14
المحور: الادب والفن
    


في العيون الزرقاء: عذابات الكائنات في زمن بلا ضمير
قراءة نقدية تحليلية في قصيدة : اخفضْ عينيكَ – للشاعرة : سونيا عبد اللطيف – تونس .
بقلم : كريم عبدالله – العراق .
تستحضر الشاعرة سونيا عبد اللطيف في قصيدتها "اخفضْ عينيكَ" مشهدًا مؤثرًا عن العزلة والفقد، مما يجعل القارئ يتأمل حال الكائنات الحية في زمن قاسٍ بلا رحمة. العنوان نفسه يعكس دعوة للتواضع والحذر، وكأن الشاعرة تطلب من القارئ أن يتفهم وضعه ومحيطه.

1. الفضاء المكاني والزمني
تبدأ القصيدة بمشهد على الرصيف، وهو مكان يحمل دلالات متعددة: الفقر، الإهمال، والفقد. الكرتون المهمل يمثل الضياع والتجاهل الذي يعيشه الكائن الهش، سواء كان إنسانًا أو حيوانًا. يشير هذا الإطار إلى واقع يومي يعيشه الكثيرون، ويجعل من القصيدة تعبيرًا عن الألم الجماعي.

2. التفاصيل الحسية
تستخدم الشاعرة تفاصيل حسية قوية لتجسيد العذاب. العينان الزرقاوان، رمز البراءة والضعف، تطلان فجأة، مما يخلق شعورًا بالقلق والترقب. الألوان المستخدمة، كـ"اللون الداكن" و"الزرقاء"، تتناغم مع مشاعر الحزن والوحدة. مواء الجرو الضعيف يضيف بعدًا عاطفيًا، ويظهر عمق مشاعر الفقد.

3. الرمزية والأبعاد الإنسانية
تتجاوز القصيدة المستوى السطحي لتتناول قضايا إنسانية أعمق. الحديث عن "الأيادي الجوفاء" و"الضباع" ينقل فكرة الاستغلال والقسوة في المجتمع، حيث يرمز الجرو إلى الكائنات الضعيفة التي تعاني من ظلم لا يرحم. الشاعرة تطرح تساؤلات عن الإنسانية، وتهتم بمصير من لا صوت لهم.

4. البحث عن الأمل
رغم ظلال الحزن، تتخلل القصيدة لمحات من الأمل المفقود، حيث تسأل الشاعرة: "فكيف بك أنتَ أيّها الصّغير؟" مشيرة إلى البحث عن العطف والحنان. تطرح فكرة الوطن الذي يحمل الدفء والعدل، وتعكس رغبة الناس في الحصول على حياة كريمة.

5. الخاتمة
تنتهي القصيدة بدعوة للتحذير من الزمن الذي يفتقر إلى الضمير، مما يجعل القارئ يواجه واقعًا مؤلمًا يتطلب الوعي والعمل. تعتبر القصيدة صرخة احتجاج ضد الظلم والتجاهل، وتفتح باب التأمل في وضع الكائنات الحية، سواء كانت بشرية أو غير بشرية.

في النهاية، تظل "اخفضْ عينيكَ" نصًا شعريًا يتناول قضايا معاصرة ووجودية بعمق وشفافية، مما يجعلها تعبيرًا مؤثرًا عن أحوال الكثيرين في زمن بلا ضمير.
ولو حاولنا قراءة هذه القصيدة بطريقة نقدية أعمق , فسيتبين لنا ما يلي :

1. الفضاء المكاني كرمز للمعاناة
تبدأ القصيدة بمشهد قوي على الرصيف، حيث يكون "كرتون مهمل" بؤرة الألم. يمثل هذا المكان، الذي يُفترض أن يكون نقطة تواصل، مسرحًا للانعزال والفقدان. العزل في الفضاء الحضري يرمز إلى تراجع القيم الإنسانية، ويعكس انكسار العلاقات الاجتماعية، حيث يتحول الرصيف إلى ملاذ للكائنات المهملة.

2. تجسيد العواطف من خلال التفاصيل الحسية
تستخدم الشاعرة تفاصيل حسية غنية لنقل مشاعر الحزن والعزلة. العينان الزرقاوان، التي تُعتبر رمزًا للبراءة والضعف، تكشف عن عمق المعاناة. اللون الأزرق، الذي يمكن أن يرمز إلى السماء والبحر، يصبح هنا رمزًا للغياب، مما يثير تساؤلات حول فقدان الأمل. مواء الجرو الضعيف يشكل نداءً صامتًا، يعبر عن الحاجة إلى الحماية والحنان في عالم قاسٍ.

3. الرمزية والاستعارات
تتضمن القصيدة استعارات قوية تعكس القسوة التي تواجهها الكائنات الضعيفة. "أيادي جذوع الأشجار الجوفاء" تمثل قوى الطبيعة أو المجتمع التي تقمع الأرواح الضعيفة. توحي هذه الصورة بالتجاهل الذي يتلقاه الكائن المهمش من محيطه. كما تبرز الشاعرة تناقضات الحياة، حيث يمكن أن تكون الطبيعة، التي يجب أن توفر الحماية، مصدرًا للخطر.

4. الإنسانية في مواجهة اللامبالاة
تظهر الشاعرة وعيًا حادًا بالمآسي الإنسانية، حيث تتساءل "فكيف بك أنتَ أيّها الصّغير؟" وكأنها تدعو القارئ للتفكير في حقوق المخلوقات الضعيفة. هذه الدعوة للتأمل تشير إلى أن الألم الذي يشعر به الجرو يعكس معاناة البشر في زمن تتلاشى فيه الروابط الإنسانية، مما يثير شعورًا بالمسؤولية تجاه الكائنات الضعيفة.

5. البحث عن الأمل والحنان
تطرح الشاعرة رؤية حالمة لوطن يحمل الدفء والعدل، حيث يمكن للجميع أن يجدوا الأمان. تتجلى هذه الرغبة في "القلب الكريم" و"الصدر الرحيم"، مما يعكس حاجة الإنسان إلى الحب والعطف. تعبيرات الشوق لهذه القيم تضيف عمقًا إنسانيًا للنص، وتبرز الفجوة بين ما هو واقع وما ينبغي أن يكون.

6. خاتمة مكثفة: تأمل في الضمير المفقود
تختتم القصيدة بتأكيد أن "هذا العصر يحيى بلا ضمير"، مما يجعل القارئ يواجه الحقيقة القاسية: فقدان القيم الإنسانية في زمن اللامبالاة. يشير الختام إلى ضرورة الوعي والتحرك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الإنسانية المتآكلة، ويظل صدى المعاناة ينبض في أذهان القراء، داعيًا إياهم إلى تحمل المسؤولية تجاه الضعفاء.

خلاصة
تظل "اخفضْ عينيكَ" قصيدة تحمل صدىً قويًا للألم الإنساني، وتعبر عن العزلة والمعاناة ببلاغة فنية مدهشة. من خلال استكشاف عوالم الجرو الضعيف، تفتح الشاعرة أبوابًا للنقاش حول الضمير والموقف الإنساني، مما يجعل النص شهادة حية على التحديات التي تواجه الكائنات الضعيفة في عالم قاسٍ.
القصيدة :
اخفض عينيك

على الرّصيف.. كرتون مهمل..
وصوت أجهل مصدره..
خطواتي تتمهّل..
عينان زرقاوان
تطلاّن فجأة
هنا وهناك.. كانتا توزّعان
النظرات
ومخالب ناصعة.. كانت
تبرز على فترات...
جرو قطّ..
في لون الظّلام
بين الفينة والفنية، يختلس
المواء..
خشية تسمعه الرّيح الصّماء..
فتعيده إلى لبّ الرّحى..
خشية أيادي جذوع الأشجار
الجوفاء
تقبض على روحه
في ازدراء
وبلا رحمة تلقي به..
في القفار..
للضّياع..
للضّباع..
عينان زرقاوان...
لون البحر... أم لون السّماء..
أطلّتا في حلّة دامسة
أرسلتا مواء ضعيفا.. خافتا...
*
كرتون... على الرّصيف..
مواء.. خدش.. حفيف..
لا نمل.. لا دبيب..
ما عدا ارتجاف الطريق..
والشّمس ترسل الفحيح
الكلاب ما عادت الرّفيق..
والصّديق ما عاد الصّديق..
فكيف بك أنتَ أيّها الصّغير؟
أن تجد القلب الكريم
أن تجد الصّدر الرّحيم
يضمّك.. يكفكف دمعك.. إنّ هذا الزّمن عسير..
الكلّ في جلباب صمته
يسير..
الكلّ في ثوب حزنه
أسير..
لا أحد يحمل في جيبه تأشيرة دخول البلد الأمين..
ويحظى بالعيش السّعيد..
الجميع يحلم بوطن فيه دفء.. فيه سكن.. فيه حبّ.. فيه شرف.. فيه عدل.. فيه سلام..
فاخفض عينيك أيّها الصّغير..
هذا العصر يحيى بلا ضمير..
وضع الإنسان فيه.. خطير.. خطير..
فما بالكَ بحيوان...
أهملوه... في كرتون...
وتركوه...
للمصير..

سونيا عبد اللطيف



#كريم_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جرس الرعب: صرخات الصمت في ساحة المدرسة قراءة في نصّ : مشهد ا ...
- -تجليات الفقد: رحلة في غياهب الوجود- قراءة في قصيدة : أصداء ...
- رحلة إلى أعماق الروح: استكشاف مدن النجاة قراءة في قصيدة : مد ...
- تجليات البحر والأنثى: قصيدة الحب والاضطراب قراءة في قصيدة : ...
- قبلة الكمامات: بين الشغف والاحتراز قراءة في: قبلة الكمامات – ...
- عناق الألم: مشهد من ذاكرة الجرح قراءة في نصّ : بدايةُ حُلُم ...
- حلمٌ يُعانقُ الهشيم: قراءة في ملحمة الغياب والحنين قراءة في ...
- -نورسة الحياة: أنشودة الحزن في صباح بلا ألوان- قراءة في قصيد ...
- الذكريات المكسورة: قراءة في قصيدة ميدوسا وتجليات الحزن والأم ...
- قراءة تحليلية في قصيدة الشاعرة - منيرة الحاج يوسف : ملاذي من ...
- سيّدةُ النرجس البريّ
- قراءة تحليلية في جماليات القصة القصيرة : اللعنة..- للكاتبة : ...
- قراءة وجودية في : مشاعر الوجود والغياب وتأملات عميقة في معنى ...
- الرمزية، اللغة، و الموضوعات الرئيسية في قصيدة : من أغاني الش ...
- قراءة تحليلية في نصّ الشاعرة : ليلى غبرا – سوريا- أنا وأنت . ...
- قراءة في قصة -ذاكرة من ألم- (الجزء الثاني) للشاعرة : فاتن حس ...
- قراءة وتحليل في قصة الكاتبة – ليلى المرّاني - جرحٌ في أمومتي ...
- الوجود و الموت في قصيدة : جنائزُنا تبكي علينا – للشاعر : وعد ...
- سيّدةُ الخوف المتوحشة
- سيّدةُ المعجزات


المزيد.....




- الحكومة الأوكرانية تلزم ضباط الجيش والمخابرات بالتحدث باللغة ...
- تناغمٌ بدائيٌّ بوحشيتِه
- روائية -تقسيم الهند- البريطانية.. وفاة الكاتبة الباكستانية ب ...
- -مهرج قتل نصف الشعب-.. غضب وسخرية واسعة بعد ظهور جونسون في ...
- الجزائر تعلن العفو عن 2471 محبوسا بينهم فنانات
- أفلام كوميدية تستحق المشاهدة قبل نهاية 2024
- -صُنع في السعودية-.. أحلام تروج لألبومها الجديد وتدعم نوال
- فنان مصري يرحب بتقديم شخصية الجولاني.. ويعترف بانضمامه للإخو ...
- منها لوحة -شيطانية- للملك تشارلز.. إليك أعمال ومواقف هزّت عا ...
- لافروف: 25 دولة تعرب عن اهتمامها بالمشاركة في مسابقة -إنترفي ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم عبدالله - في العيون الزرقاء: عذابات الكائنات في زمن بلا ضمير قراءة نقدية تحليلية في قصيدة : اخفضْ عينيكَ – للشاعرة : سونيا عبد اللطيف – تونس . بقلم : كريم عبدالله – العراق .