|
الانتخابات الأمريكية.. عالم يتطلع وقرار يتراجع
ساميّ البدري
الحوار المتمدن-العدد: 8148 - 2024 / 11 / 1 - 13:31
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
سامي البدري
لنتفق على أن الولايات المتحدة الأمريكية، كدولة عظمى، ترسم وتتحكم بسياسات ومصير أغلب دول العالم، لم يصنعها أو يمنحها رئيس مكانتها هذه، بل من صنعها هم علمائها وقادة فكرها. إذن العلماء والمفكرون الأفذاذ هم من يصنعون أمجاد ومكانة الأمم الكبيرة، أما الرؤساء والسياسيون فهم من يصنعون التاريخ السياسي بكل سوئه… وبعض حسناته، إن كان لهذا التاريخ بعض حسنات. ولعلي لا أجافي الحقيقة إذا ما قلت أن البيت الأبيض الأمريكي، مطبخ حكم أكبر وأعتى دولة في العالم والقرار العالمي، لم يدخله رئيس يصنع أمجاد أو يمارس سياسة (أخلاقية!) منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي، وحتى الحملة الانتخابية الجارية حالياً، والتي ستحسم نتيجتها، بعد بضعة أيام فقط، أي في الخامس من نوفمبر من عام 2024 . السؤال المحير هو من يصنع ويرشح رئيس الولايات المتحدة لمنصبه؟ هل هما فعلاً الحزبين المتناوبين على حكم هذا البلد، الديمقراطي والجمهوري فقط، أم هناك حسابات وظروف وملابسات ومصالح جهات تتدخل في اختيار كل حزب من الحزبين، في اختيار مرشحه لخوض سباق الوصول إلى البيت الأبيض؟ وإذا ما اكتفينا باستعراض هذه العملية، منذ دورة انتخابات عام 2017 ، التي فاز فيها دونالد ترامب، والدورة التي تلتها، والتي فاز فيها جو بايدن، نلاحظ أن الرئيسين لا يمكن أن تكون قيادة سياسية (حكيمة ومتوازنة)، لكلا الحزبين، قد رشحتهما وعملت على إيصالهما لشغل هذا المنصب. فأولاً، الرجلان هرمان لحد ظهور علامات مرض الزهايمر عليهما بالفعل. وثانياً، الاثنان لا يتمتعان بأي كارزما أو حتى لياقة مظهرية لملء متطلبات منصب رئيس أكبر وأقوى دولة محركة وراسمة للسياسة الدولية ومصير دول العالم، هذا الحق الذي أكسبته القوة العمياء وعنتها لها. إذن لم يختار الحزبان أسوأ ما لديهما من شخصيات لحكم الولايات المتحدة، إن كان فيهما الأحسن طبعاً؟ لم يختاران شخصيات من سن ما بعد التقاعد؟ هل يعقل أن ليس بين قيادات الحزبين أو أعضائها الناشطين، شخصيات مؤهلة للحكم وهي في الأربعين أو الخمسين في العمر، وعلى الأقل لتكون لائقة بهذا المنصب الكبير، صحياً ومظهرياً؟ مجموع هذه الأسئلة وغيرها التي تترتب عليها، تقودنا في النهاية للسؤال الأهم والأخطر، ألا وهو.. هل قيادة الحزبين الحاكمين هي وحدها من تقوم بترشيح الرؤساء للبيت الأبيض الأمريكي أم ثمة قوى وجهات أخرى تشترك أو تملي هذا الترشيح، بل وحتى تقرره وتفرضه على واجهة الحزبين الرسمية وإدارتيهما الفاعلة؟ المرشحان في انتخابات نوفمبر لهذا العام، كلاهما غير صالحين، وخاصة أن كلا منهما قد مارس الحكم لدورة انتخابية كاملة، رغم أن مرشحة الحزب الديمقراطي (60 عاماً) مارست السلطة كنائبة للرئيس وليس بصورة مباشرة. فمرشح الحزب الجمهوري، دونالد ترامب (78 عاماً)، حكم الولايات المتحدة الأمريكية لمدة أربع سنوات كاملة بسياسة خارجية فاشلة، حكمها مزاجه المتقلب وتهوراته اللذين أضرا بمصالح الولايات المتحدة قبل باقي دول العالم. أما كمالا هاريس، نائبة الرئيس الحالي جو بايدن، فقد ورثت من رئيسها عجزه وتردده في معالجة القضايا الدولية الساخنة التي كانت تحتاج للحزم والقطع في معالجتها، بدليل عدم ظهور أي صوت لها خلال سنوات حكمها السابقة، قبل ما يعد به برنامج حكمها للسنوات القادمة التي تطمح خلالها لسيادة البيت الأبيض الأمريكي، كمطبخ للسياسة الدولية. تفصلنا بضعة أيام فقط، عن يوم الحسم الرئاسي للبيت الأبيض الأمريكي، وإذا ما فاز دونالد ترامب في هذا السباق فسيسلم السلطة، عجوز خرف ومتهالك (جو بايدن 82 عاماً) لعجوز متصابي، أكثر خرفاً وتهوراً منه. فأين مصلحة الولايات المتحدة وحزبيها الحاكمين في كل هذا، قبل مصلحة الأمن والاستقرار العالميين؟ أما إذا فازت كمالا هاريس، وهي أكثر وهناً وتردداً من رئيسها الحالي، فإنها ستكون لعبة بيد مستشاريها ووكالة المخابرات المركزية، قبل الجهات والقوى الكبيرة والشركات التي لطالما تدخلت وكان لها نصيب كبير في رسم السياسات من خلف زجاج المكتب البيضاوي للبيت الأبيض، إن لم تكن هي المتحكمة في طبخات مطبخه السياسي بالكامل؟ أين مصلحة الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي، قبل مصلحة الولايات المتحدة، في إيصال العجائز إلى سدة الحكم، من دون الشباب ودمائهم الجديدة؟ أين مصلحة الولايات المتحدة في أن يحكمها رجال استنفد تقدم العمر أغلب طاقاتهم، ولم يعودوا قادرين على أكثر من مرافقة أحفادهم في النزه المسائية، في الأيام الدافئة حصراً؟ لأي وقت تدخر الأحزاب الأمريكية قياداتها من الشباب أصحاب الدماء والأفكار الجديدة يا ترى؟ أي لعبة قذرة تحكم وتتحكم بانتخابات الرئاسة الأمريكية، قبل أن تحكم وتسير السياسة الدولية؟ سن التقاعد عن العمل في الولايات المتحدة الأمريكية هو واحد وستون عاماً، فلم يكون بمقدور من يبلغ هذا السن ويتجاوزه بعقدين، إدارة الولايات المتحدة وسياسة كامل العالم، بعد أن يكون قد تقاعد عن العمل في دائرة الضرائب أو البريد أو أي مؤسسة خدمية أخرى؟ الأمر يستوقفنا للتساؤل بالفعل، فمن يصنع أو يفرض شروط صناعة وترشيح الرئيس الأمريكي؟ عدسات الكاميرات رصدت جو بايدن مرات كثيرة وهو يسهو عما حوله ويستدير عن ضيوفه، ليكلم أطياف وخيالات لا يراها غير عتمة خرفه. ومنافسه ترامب، يتصرف كأي مراهق نزق ويتهدد ويتوعد كأحد صبيان حواري التسكع والجريمة… فأي مصلحة لدولة تدير كامل العالم بهما يا ترى؟
#ساميّ_البدري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وفاة جندي كوري شمالي أسير في أوكرانيا- تقارير
-
ترامب يطلب من المحكمة العليا الأمريكية تأخير حظر TikTok
-
طائرة مدنية تقل مئات الركاب.. مسؤول أممي تواجد في مطار صنعاء
...
-
سوريا..القوات المسلحة للقيادة الجديدة تشتبك مع قوات قسد في
...
-
روايات عن أشباح تحوم حول المقر الرسمي لإقامة رئيس الوزراء ال
...
-
الجيش النيجيري يقتل 10 مدنيين عن طريق الخطأ
-
زلزال بقوة 6.3 درجة يضرب سواحل جزر الكوريل الجنوبية الروسية
...
-
البرلمان العربي: حرق الجيش الإسرائيلي لمستشفى كمال عدوان شما
...
-
مقاطع فيديو -صادمة-.. سجين يموت تحت الضرب المبرح من حراس الس
...
-
مصادر طبية: كوادر في مستشفى كمال عدوان استشهدوا حرقا
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|